وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الثلاثاء

٢٥ سبتمبر ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
351335

في ذكری‌ ميلاد الإمام علي الرضا (ع) - 1

خلاصة من حیاة الإمام علي بن موسی‌ الرضا عليه السلام

ولد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في 11 ذي القعدة سنة 148 هجرية في المدينة المنورة.

ابنا: ولد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في 11 ذي القعدة سنة 148 هجرية في المدينة المنورة.

عاش مع والده 35 سنة شاركه في محنته وعاش معه مشاركاً له آماله وآلامه، وكان يرى أباه يتنقل من سجن الى آخر في عهد هارون وقبله من الحكام الى ان استشهد مسموماً.

وخلّف الإمام الكاظم عليه السلام ابنه الإمام علياً الرضا عليه السلام فكان كأبيه في خصائصه وكان أعلم أهل زمانه في أجواء ازدياد عدد العلماء والفقهاء والفلاسفة، وقد نشط البحث والتأليف والتدوين وتصنيف العلوم والمعارف، ونشأت المدارس والتيارات الفلسفية والفكرية، وكان الإمام علي الرضا  عليه السلام يتقدم العلماء في مناظراته مع المفسرين والفلاسفة وعلماء الكلام، وكانت له ردود على الزناقة والغلاة استطاع من خلالها تحجيم أفكارهم وشبهاتهم.

وقد جمع له المأمون العباسي علماء سائر الملل والأديان مثل: الجاثليق، ورأس الجالوت، ورؤساء الصابئين، وأصحاب زرادشت، ونسطاس الرومي، فسألوه فقطعهم واحداً بعد واحد.

وكتب الرسالة الذهبية إلى المأمون فكتبها بماء الذهب، وهي رسالة شاملة لجميع أسس الاسلام من الحلال والحرام والفرائض والسنن.

ويقول محمّد بن عيسى اليقطيني: لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام جمعت من مسائله ممّا سئل عنه وأجاب عنه خمس عشرة الف مسألة.

استقبله في نيشابور عشرون ألفاً من الفقهاء والعلماء والرواة وأصحاب الحديث.

وكان مرجعاً علمياً للامة وهذه المرجعية هي الأساس في مرجعيته الاجتماعية والسياسية.

ونكتفي بنقل آراء ثلاثة من الباحثين في حقّه:

* يوسف بن إسماعيل النبهاني: أحد أكابر الأئمة ومصابيح الأمة، من أهل بيت النبوة، ومعادن العلم والعرفان والكرم والفتوة، كان عظيم القدر مشهور الذكر وله كرامات كثيرة.

* جمال الدين الاتابكي: كان إماماً عالماً سيد بني هاشم في زمانه وأجلّهم، وكان المأمون يعظّمه ويبجله ويخضع له ويتغالى فيه حتّى إنّه جعله وليّ عهده من بعده.

* الذهبي: كان عليّ الرضا كبير الشأن، أهلاً للخلافة.

موقف الإمام عليه السلام من الثورات المسلحة

في عهد الإمام عليه السلام انطلقت أقوى وأكبر الحركات الجهادية المسلحة عدّة وعدداً بقيادة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل، وهو إبن طباطبا، وكان شعاره متمثلاً بدعوته الناس إلى: "البيعة إلى الرضا من آل محمد، والدعاء إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسيرة بحكم الكتاب".

وشعار "الرضا من آل محمد" لايصرح بذكر اسم الإمام عليه السلام، لكي لايتحمل الإمام المسؤولية أمام السلطة، أو عدم تحمّل مسؤولية الأخطاء  وللحيلولة دون اعتقاله أو قتله.

وقد اشترك فيها أخوة الإمام عليه السلام ومنهم: إبراهيم وزيد.

إضافة إلى جمع من أحفاد الإمام الحسن، وأحفاد جعفر بن أبي طالب.

ولاية عهد الإمام علي الرضا عليه السلام

قد أدرك المأمون دور الإمام الرضا عليه السلام في القيادة غير المباشرة لهذه الحركات الجهادية المسلحة، فالتجأ إلى المصالحة مع الإمام عليه السلام بتعيينه ولياً للعهد.

وجّه المأمون العبّاسي دعوته إلى الإمام علي الرضا عليه السلام، وطلب منه المسير من المدينة المنوّرة إلى خراسان فاستجاب الإمام عليه السلام لذلك مكرهاً.

وعن أبي الصلت الهروي قال: إنّ المأمون قال للرضا عليه السلام: يابن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحقّ بالخلافة منّي.

فقال الرضا عليه السلام: "بالعبودية لله عزّ وجلّ افتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّ وجل".

فقال له المأمون: إنّي قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك.

فقال له الرضا عليه السلام: "إن كانت الخلافة لك وجعلها الله لك، فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسك الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك".

فقال له المأمون: يابن رسول الله، لابدّ لك من قبول هذا الأمر، فقال: "لست أفعل ذلك طائعاً أبداً". فما زال يجهد به أيّاماً حتّى يئس من قبوله.

فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك، فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.

فقال الرضا عليه السلام: "والله لقد حدّثني أبي عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله: إنّي أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسمّ مظلوماً، تبكي عليّ ملائكة السماء وملائكة الأرض، وأُدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد".

فبكى المأمون، ثمّ قال له: يابن رسول الله، ومن الذي يقتلك، أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حيّ؟

فقال الرضا عليه السلام: "أما إنّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت".

فقال المأمون: يابن رسول الله، إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ليقول الناس: إنّك زاهد في الدنيا.

فقال الرضا عليه السلام: "والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ وجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإنّي لأعلم ما تريد"

فقال المأمون: وما أُريد؟ قال: "لي الأمان على الصدق"؟ قال: لك الأمان.

قال: "تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة".

فغضب المأمون، ثمّ قال: إنّك تتلقاني أبداً بما أكرهه، وقد أمنت سطواتي، فبالله أقسم لأن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.

فقال الرضا عليه السلام: "قد نهاني الله عزّ وجلّ أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك، على أنّي لا أولّي أحداً، ولا أعزل أحداً، ولا أنقض رسماً ولا سنّةً، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً" فرضي منه بذلك، وجعله ولي عهده على كراهة منه عليه السلام لذلك.

وقال عليه السلام لمن سأله عن قبول ولاية العهد: "قد علم الله كراهتي لذلك، فلمّا خيّرت بين قبول ذلك وبين القتل، اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أنّ يوسف عليه السلام كان نبيّاً رسولاً، فلمّا دفعته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز قال له: اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أنّي ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان".

وكان إعلان البيعة للإمام الرضا عليه السلام بولاية العهد في السادس من شهر رمضان 201ﻫ ، وبالفعل توقفت الحركات الجهادية المسلحة عن العمل العسكري في الفترة القصيرة التي عاشها الإمام عليه السلام وليّاً للعهد.

وفي ذلك صرّح المأمون قائلاً: "قد كان هذا الرجل مستتراً عنّا يدعو إلى نفسه، فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعرف بالملك والخلافة لنا".

وقال أيضاً: "وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال أن يتفتق علينا منه ما لا نسدّه ويأتي علينا منه مالا نطيقه".

وقد كانت خطوة المأمون باستدعاء الإمام عليه السلام إلى عاصمة الدولة العباسية خطوة ممهدة لبقية الحكّام لاتخاذ الأسلوب نفسه، فقد استدعوا بقية الأئمة عليهم السلام وهم: محمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري عليهم السلام، وجعلوهم تحت الإقامة الجبرية ليمكن مراقبتهم عن قرب، ومنعهم من الاتصال بقواعدهم الشعبية، والحيلولة دون إشرافهم على سير الحركات المسلحة التي تتبنى الجهاد العسكري كوسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإضعاف الحكومة أو تقويضها.

دوافع المأمون من تولّي الإمام عليه السلام

1- تهدئة الأوضاع الداخلية المضطربة بسبب تعدد الثورات المسلحة التي يقودها العلويون وغيرهم، اضافة الى ضعف الحكومة بسبب الصراع على السلطة داخل البيت العباسي.

2- إضفاء الشرعية على الحكومة القائمة بسبب وجود الإمام عليه السلام في البلاط الحاكم وتوليه لولاية العهد.

3- منع الإمام عليه السلام من الدعوة لنفسه.

4- إبعاد الإمام عن وكلائه وقواعده الشعبية.

5- تشويه سمعة الإمام عليه السلام لكي يتهمه الآخرون بأنّه طالب سلطة.

6- تفتيت جبهة المعارضين أو تحييد أنصار الإمام عليه السلام.

7- إيقاف خطر وجود الإمام عليه السلام في المدينة، فالمسلمون ينظرون إليه بإنّه أحقّ بالحكومة من المامون، فمجرد وجوده يوجه الانظار لامامته الدينية والسياسية.

قبول الإمام عليه السلام بولاية العهد

قبل الإمام عليه السلام بولاية العهد مضطراً تحت التهديد لا خوفاً على حياته وإنّما لحاجة الأمة لإرشاداته وتوجيهاته قبل أن يتهيأ البديل له للتصدّي للامامة وهو الإمام الجواد عليه السلام، وقَبِل ذلك بشرط عدم التدخل في شؤون الدولة لكي لا يتحمل تبعات أخطاء المأمون أمام المسلمين.

وقد حقّق جملة من النتائج الإيجابية ومن أهمها:

1 ـ إعتراف المأمون والمنابر الإعلامية لدولته بأحقية أهل البيت عليهم السلام بالخلافة.

2 ـ ترويج المنابر الإعلامية لمقام أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم ومظلوميتهم.

3 ـ توظيف المنابر الإعلامية لصالح الإمام ومنهج أهل البيت عليهم السلام.

4 ـ حرية الإمام واتباعه في الدعوة والتبليغ والعمل الإصلاحي.

5 ـ نشر الآراء الصائبة داخل البلاط الحاكم، وتأثر بعض الوزراء والقضاة بمنهج أهل البيت عليهم السلام.

6 ـ توحيد الجبهة الداخلية أمام المؤامرات الخارجية.

7 ـ إعادة بناء وتنظيم ال