ابنا: قال «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (07/09/2012) في مسجد الإمام الصادق (ع) بـ"الدراز" إن في تثبيت الأحكام السياسيَّة الجائرة بالسِّجن والسِّجن المؤبَّد للرُّموز الأبطال لغةٌ مباشرةٌ وقويَّةٌ ومثيرةٌ ودافعةٌ للشعب بالاستمرار في حراكه الإصلاحيّ، وكأنَّ هذه الاستثارة وهذا الدفع من أجل حصد أرواح عددٍ أكبر من أبناء الشعب وسجن أعدادٍ أضخم وإيقاع دمارٍ أوسع وترويعٍ أشدَّ إشباعاً لرغبة الانتقام وشهوة التعدِّي.
وفي مايلي نص الخطبة:
تثبيتُ أحكام السِّجن المؤبَّد:
ثبَّتت محكمة الاستئناف العليا أحكام السِّجن والسِّجن المؤبَّد التي أصدرتها محكمة ما يُسمَّى بالسلامة الوطنيِّة في حقِّ عددٍ من أبطال هذا الشعب ورموزه السياسيين والقضيَّة التي لا ثابت غيرها في حقِّهم والقضيَّة التي لم تستطع المحاكم أنْ تُثْبِتْهَا بحقٍّ بشأنهم هي تعبيرهم عن رأيهم السياسيّ ومطالبتهم العلنيَّة بحقوق الشعب.
والأحكام المُشَار إليها كانت ولا تزال محلَّاً للنَّقد والشجب والتنديد والاستنكار والمطالبة بالالغاء من دولٍ ومنظمَّاتٍ حقوقيَّةٍ دوليَّةٍ ودبلوماسيين وحتَّى من لجنة تقصّي الحقائق التي تمَّ اختيارها وتشكيلها من جانب السُّلطة وأعلنت موافقتها على تقريرها.
وجاء تثبيت هذه الأحكام الجائرة ذات الخلفيَّة السياسيَّة البحتة ليكشف عن عددٍ من الحقائق الثَّابتة:
• أنَّهُ لا تراجع من السُّلطة عن باطلٍ إلى حقّ.
• أنَّ تعدُّدَ المحاكم وعنواينها ولافتاتها وكذلك عناوين السُّلطات لا يعني شيئاً فهوقرارٌ سياسيٌّ واحد يمتثل له الجميع ويُنَفَّذُ من قبل الجميع.
• أنَّ السُّلطة لا بديل عندها عن خيار القبضة الأمنيَّة المشدَّدّة وأنَّ الخيار أمنيٌّ لا غير والتعبير عنه بصورٍ مختلفة وفي جميع مفاصل الدولة ومرافقها.
• أنَّ الدولة مستعدَّةٌ لأنْ تشتري الذِّمَم الرَّخيصة وتُسرف في البذل من مال الشعب لتجنيد أيِّ وسيلةٍ إعلاميَّةٍ خارجيَّةٍ مستعدَّةٍ للمساومة على دماء ومظالم شعبنا ومناصرة أو تجنيد أيِّ جهةٍ يمكن لها أن تقول كلمةً مؤثِّرَةً في الكشف عن سياستها القائمة على العنفِ والمستخفَّة بحقوق الإنسان.
أمَّا أنْ تستجيب لأيِّ صوتٍ منصفٍ لهذا الشعب مؤيِّدٍ لحقوقه من مُطالبٍ بالإصلاح أو ناصحٍ به من الدَّاخل أو الخارج فــلا. وبالنسبة لرأي الجماهير الحرَّة العريضة من هذا الشَّعب الكريم فالسُّلطة لا ترى له أيَّ وزن وتضرب به عرض الحائط وكأنَّ ما تسمعه من احتجاجات هذه الجماهير وصرختها المُدَوِّيَة لا يزيد على طنين الذباب.
• أنّ كلَّ ما يُسرَّبُ أحياناً أو يُشاع أو يبدو أنَّهُ تحضيرٌ أوليٌّ لنوعٍ ممَّا يُقال عنه بأنَّه حوارٌ فإنَّما هو لذرِّ الرماد في العيون ولأغراضٍ التفافيَّةٍ وإعلاميَّةٍ مؤقَّتة.
وفي تثبيت الأحكام السياسيَّة الجائرة بالسِّجن والسِّجن المؤبَّد للرُّموز الأبطال لغةٌ مباشرةٌ وقويَّةٌ ومثيرةٌ ودافعةٌ للشعب بالاستمرار في حراكه الإصلاحيّ، وكأنَّ هذه الاستثارة وهذا الدفع من أجل حصد أرواح عددٍ أكبر من أبناء الشعب وسجن أعدادٍ أضخم وإيقاع دمارٍ أوسع وترويعٍ أشدَّ إشباعاً لرغبة الانتقام وشهوة التعدِّي [1].
ولا يمكن لهذا الشَّعب إلَّا أنْ يُطالب بالإفراج عن المساجين، وليس من صوتٍ مخلصٍ لهذا الوطن إلَّا ويجبُ أنْ يرتفعَ بالمطالبة بالإفراج عن المساجين [2].
والسُّلطةُ أوَّلُ من تعرف بأنَّه إذا كان تثبيت الأحكام الجائرة الصَّادرة عمَّا يُسَمَّى بالسَّلامة الوطنيَّة والتي أقرَّتها محكمة الاستئناف قد أقلق الدُّول الصَّديقة والحليفة لها كما تقول تلك الدُّول فإنَّ ما عليها هذا الشَّعب الأبيّ هو أنَّه ممتلئٌ ألماً وغيظاً وغضباً من هذه الأحكام وأنَّه شاعرٌ بالاستهداف العامّ، والاستخفاف العامّ، والتهديد العامّ، وإرادة تكميم الأفواه، وإجهاض المطالب الحقَّة العادلة، وأنَّه لا بُدَّ أنْ يعبِّر عن رأيه الرَّافض لهذه الأحكام المُسَيَّسَة ومناهضة حالة الإذلالِ والإجحافِ المُمارسة في حقَّه بكلِّ الأساليب السلميَّة المتحضِّرة المُتاحة والتي اعتادت هذه الجماهير أنْ تواجه بها السُّلطة، والتي اعتادت السُّلطة أنْ تواجه هذه الجماهير لمطالبتها بحقِّها بالقوَّة والبطش بالغازات الخانقة والرصاص المطاطيّ والانشطاريّ والحيّ، وبالاقتحامات العدائيَّة الواسعة، والاستباحة للمناطق الآمنة والسِّجن والقتل [3].
وغريبٌ هو أمر السُّلطة، ففي الوقت الذي تتعامل فيه مع المرأة المعاملة مع الحيوان وتُمعن في الاستخفاف بقدرها وقيمتها وتجرُّها مطروحةً على أرض الشارع كما في بعض الحالات، وتُكدِّسُ عدداً من النِّساء تكديسَ الأغنام في تراكمٍ بصورةٍ مُذِلَّة كما في حادث المركز التجاريِّ للعاصمة، وتدخل عليها جلاوزة النِّظام وهي في خلوةِ الفراش بلباس النَّوم، وتذيقها وجباتٍ من التعذيب القاسي في التوقيف والسُّجون، في الوقت الذي تتلقَّى فيه المرأة كلَّ هذا الاستخفاف والمهانات والإذلال من السُّلطة نسمع من السُّلطة نفسها ومن أبواقها دعوى الانتصار للمرأة والمرأة الشيعيَّة بالخصوص وإنقاذها من عبوديَّتها للرجل بإنقاذها من هيمنة الدِّين وأحكام الشريعة الإسلاميَّة الظالمة في نظر السُّلطة، ولكن لا عجب ولا غرابة من متناقضات السياسات الدنيويَّة المتناقضة أصلاً مع أصول الكون والحياة والفطرة والعقل والضمير [4].
المرأة اليوم في البحرين أوعى وأوعى وأوعى من أنْ تستغفلها السُّلطة، ومن أنْ تنال منها التجاوب والانسجام مع خططها الخبيثة.
ومعروفٌ كلُّ المعرفة ماذا تريد السُّلطة بإثارة موضوع الأحوال الشخصيَّة، معلومٌ ما تحمله هذه الإثارة لموضوع قانون الأحوال الشخصيَّة في شقِّه الجعفريّ في هذا الظرف بالخصوص من استهدافٍ خبيثٍ لإحداث الفرقة في صفوف المعارضة والانشغال عن مسألة الحقوق السياسيَّة والتشويش على المطلب الإصلاحيِّ العامّ واسترداد حقوق وكرامة وحريَّة الشَّعب.
يريدون لنا أنْ ندخل في الحديث عن موضوعاتٍ أخرى وننسى الموضوع الأساس، موضوع الإصلاح الجدِّي الجذريِّ الذي لا بُدَّ منه ولا رفع لليدِ عنه، ولنْ يُستغفل الشَّعبُ بشأنه، ولن يتوانى في السَّعي لتحقيقه.
لِيَيْأَسوا، لنْ يصرف الشَّعب عن مطلبه الأساس صارف، لا الألاعيبُ السياسيَّةُ القذرة ولا الإعلام المُضادّ ولا المال ولا القوَّة ولا شيءٌ آخر مِمَّا يمتلكون بقادرٍ على أنْ يُنسي الشعب أو يستغفله أو يُثنِيَهُ عن الإصلاح الجدِّي الجذريّ الذي لا أمن للشَّعب ولا حياةً كريمة ولا استقرار ولا حريَّة بدونه على الإطلاق.
لن ننثني عن مطلب الإصلاحِ ولن نألوا جهداً في هذا السبيل وعلى الشعب أنْ يصمُد، أنْ يُواصل، أنْ يُقاوم، أنْ يُناهض، أنْ يُصرّ، أنْ يُعاند، حتَّى تحقيق مطالبه العادلة [5].
-----------------
[1] هتاف جُموع المصلِّين: "اللهُ أكبر...اللهُ أكبر...النَّصر للإسلام" و" نُطالب بالإفراج عن المساجين".
[2] هتاف جُموع المصلِّين: "نُطالب بالإفراج عن المساجين".
[3] هتاف جُموع المصلِّين: "هيهات منَّا الذِّلَّة" و"لنْ نركع إلَّا لله".
[4] هتاف جُموع المصلِّين: "هيهات منَّا الذِّلَّة".
[5] هتاف جُموع المصلِّين: "اللهُ أكبر...اللهُ أكبر...النَّصر للإسلام" و" معكم معكم يا علماء".
...............
انتهی/212