ابنا: أحيت اليابان الذكرى السنوية الـ 67 لقيام الأميركيين بضرب مدينة هيروشيما بالقنبلة الذرية، وقد اقيم بهذه المناسبة حفل تذكاري في المدينة حضره عشرات الالآف من المشاركين وتخللته تظاهرات خرجت للاحتجاج على استخدام الطاقة النووية.
وقرعت الأجراس في المدينة في الساعة الثامنة والربع صباحا، وهي الساعة التي القت فيها قاذفة قنابل أميركية تدعى (اينولا غاي) القنبلة الذرية التي أهلكت 140 ألفًا من سكان هيروشيما في السادس من آب/ أغسطس 1945.
ودعا عمدة هيروشيما «كازومي ماتسوي» في كلمة القاها بالمناسبة إلى تحرير العالم من شبح الأسلحة النووية، وقال "أناشد الحكومة اليابانية استحداث سياسة جديدة للطاقة تحفظ سلامة وأمن الشعب".
كما دعا ماتسوي إلى توفير المزيد من الدعم للناجين من التفجير الذري الذين يعانون من مشكلات صحية تسبب بها الإشعاع الذي تعرضوا له في ذلك اليوم.
من جانبه، قال رئيس الحكومة اليابانية «يوشيهيكو نودا»، الذي حضر الحفل، إنه ينبغي عدم نسيان دروس هيروشيما.
تفاصيل هجوم اميركا بالقنبلة الذرية على هيروشيما:
في 16 من يوليو 1945م أثناء الحرب العالمية الثانية، وصلت رسالة إلى الرئيس الأميركي (ترومان) أثناء اجتماعه مع قادة الحلفاء في مؤتمر "بتسدام"، تفيد بأن القنبلة الذرية "قنبلة اليورانيوم" قد أصبحت جاهزة للاستخدام بعد اختبارها بنجاح في منطقة "ألا مجوردوي نيو مكسيكو".
ولم يبق أمام الرئيس الأميركي سوى اتخاذ القرار. وفي اجتماع دار بينه وبين قادة الجيش، تم الاتفاق على ضرب اليابان في أوائل شهر أغسطس.
ورأى بعض الحاضرين أنه من باب الرحمة إبلاغ اليابان مسبقاً بموضوع القنبلة حتى تبدأ في إخلاء المدن فلا يصاب عدد كبير من الأهالي.
لكن فيما يبدو أن معظم الحاضرين كان ينقصهم الرحمة، حيث تم الاتفاق بين الأغلبية على أن تكون الضربة مفاجئة، لأنه ربما تستطيع اليابان ضرب الطائرات الأميركية وإخماد عملية إلقاء القنبلة. من ناحية أخرى رأى الحاضرون أنه لو فشل انفجار القنبلة لأي سبب من الأسباب، سيسخر العالم من القدرة الأميركية، بينما تحقق اليابان انتصاراً جديداً.
كما تم الاتفاق على أن تكون مدينة هيروشيما هي هدف القنبلة، لأنها من الناحية الأولى يعيش بها عدد ضخم من السكان يبلغ 245000 مواطن، كما أن بها قاعدة حربية هامة تضم حوالي 100000 جندي علاوة على عدد كبيـر من المقاتلات.
وفي الميعاد المحدد للعملية ـ يوم 6 من أغسطس 1945م، خرجت الطائرات الأميركية وألقت بالقنبلة على هيروشيما لتتسبب بذلك في كارثة من أسوأ الكوارث التي شهدها العالم.
وكان الانفجار مروعاً للغاية، أدى إلى سحق المدينة تماماً. وقد وصل ارتفاع سحب الدخان الناتجة عن الانفجار إلى 10000 متر فوق سطح المدينة!.
ألقى الأميركيون قنبلتهم الذرية على هيروشيما في الصباح، حيث كان معظم سكان المدينة في الشوارع متجهين لأعمالهم، مما أدى إلى قتل أكبر عدد من اليابانيين بمنتهى القسوة والوحشية حيث انفجرت القنبلة في اتجاههم مباشرة، فمن كان منهم في مركز الانفجار، سحق تماماً وتبخر في درجات الحرارة العالية، أما من كان خارج مركز الانفجار، فكان أسوأ حالاً، حيث أصيب بحروق شديدة، كان يصعب معها التعرف على الرجل منهم من المرأة!.
ويذكر بعض الناجين من الحادث أنهم رأوا الأنهار في المدينة وقد صارت محملة بجثث الضحايا التي راحت تطفو على سطح المياه!.
أما الأهالي في منازلهم، فلم يكونوا أسعد حالاً، فسرعان ما التهمت النيران منازلهم الخشبية، ذات الطراز المعروف، فتحولوا معها إلى رماد.
ولم تستطع أي جهة مسئولة في المدينة أن تفعل أي شيء أو تنقذ أي مصاب. فقد أدى الانفجار إلى دمار أكثر من 80% من المباني، أي حوالي 68000 مبنى، بما في ذلك المستشفيات ومراكز الأدوية والمطافئ، وقُتل العاملين بتلك الجهات.
وبعد مرور حوالي ساعتين على الانفجار، سقطت أمطار سوداء شحميه في أماكن متفرقة من المدينة، كانت بفعل اختلاط أبخرة الماء مع المواد المشعة.
على الرغم من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، رفضت حكومة اليابان باسم الإمبراطور (هيرو هيتو) الاستجابة للإنذار الذي وجهه لها الرئيس الأميركي (ترومان) بالاستسلام.
فأعطى (ترومان) أوامره بإلقاء قنبلة أخرى [قنبلة بليتونيوم] على مدينة "ناجازاكي"، أدت إلى مقتل أكثر من 24000 من السكان.
وفي النهاية لم تجد اليابان أمامها سوى الاستسلام بعد الخراب الذي لحق بها. فاستسلمت للحلفاء في 14 من أغسطس 1945م.
لم تقتصر أضرار القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما على وقت حدوث الانفجار، بل امتدت الأضرار إلى سنين طويلة في مستقبل الأجيال، بسبب استمرار التأثيرات الضارة الناجمة عن التلوث الإشعاعي.
فمن لم يقتلوا ساعة الانفجار، مات معظمهم بعد ذلك بسبب تأثيرات الإشعاع الضارة، حيث أصيبوا بإسهال مستمر وفقدان للشهية ونزيف دموي من الأنف والأذن والفم مع سقوط شعر الرأس، حتى انتهى بهم الأمر إلى الموت.
حتى من جاءوا إلى هيروشيما في الليلة التالية لانفجار القنبلة لإنقاذ الضحايا، لم يسلموا كذلك من أمراض الإشعاع.
ومع نهاية سنة 1945م بلغ عدد الموتى 140000، وعلى مدى الخمس سنوات التالية مات 60000 آخرون، بسبب التأثيرات المباشرة من تعرضهم للإشعاع في يوم 6 من أغسطس ـ يوم إلقاء القنبلة.
وحتى وقتنا الحالي، لا يستطيع أحد أن يقول: إن الموت والمرض بسبب قنبلة هيروشيما قد توقف! فلا يزال آثار الإشعاع يستمر تأثيره على الأجيال، وتتسبب في الإصابة بالسرطانات، كسرطان الدم، وإصابة المواليد بعيوب خلقية.
وقد قامت إحدى الجامعات اليابانية بدراسة آثار الإشعاع الناجم عن قنبلة هيروشيما، فاتضح للباحثين أنه بين كل 4 مواليد من أبناء الجيل الأول لضحايا الكارثة، يصاب واحد منهم بعيوب خلقية.
ولا يستطيع أحد في الوقت الحالي أن يقرر إلى أي حدٍ من الأجيال سيستمر توارث آثار الإشعاع؟
"تقول سيدة نجت من تلك المذبحة "كان عمري 12 عاماً، وكان ذلك اليوم صحواً... فجأة رأيت صاعقة من البرق أو ما يشبه عشرات الآلاف الصواعق تومض في لحظة واحدة، ثم دوّى انفجار هائل، وفجأة ساد المكان ظلام تام، عندما أفقت وجدت شعري ذابلاً، وملابسي ممزّقة، وكان جلدي يتساقط عن جسدي، ولحمي ظاهر وعظامي مكشوفة.
الجميع كان يعاني من حروق شديدة، وكانوا يبكون ويصرخون ويسيرون على وجوههم وكأنهم طابور من الأشباح.
لقد غطّى مدينتنا ظلام دامس بعد أن كانت منذ قليل تعجّ بالحياة، فالحقول احترقت ولم يعد ثمة ما يذكرنا بالحياة".
................
انتهی/212