ابنا: دخلت الاحتجاجت الشعبیة ضد الكبت والتمييز الطائفي والاجتماعي في السعودیة مرحلة جدیدة ومهمة باعتقال الشیخ النمر، ویذهب بعض المراقبین الی القول بان هذه المرحلة تعد تحدیاً جدیاً لآل سعود.
ویخشی آل سعود من وصول دومینو احتجاجات الصحوة الاسلامیة الی السعودیة ولذلك فهم یلجأون ویستخدمون مختلف السبل لقمع اي احتجاج او اعتراض في اي منطقة ولا یسمحون بولادة الحركات الاحتجاجیة، ولذلك شاهدنا وبعد احداث تونس ومصر، بان یباد ملك السعودیة وفي خطوة غیر مرتقبة ومفاجئة الی زیادة الدعم الحكومي للمواطنین وزیادة بعض التسهیلات الخاصة بالعلاجات.
وظن آل سعود بانهم من خلال هذه الحركة الفاشلة امكانية التصدي للاحتجاجات الشعبیة بطریق تقدیم الاموال للمواطنین، وظنوا ایضاً بانه یمكن اسكات وقمع الاحتجاجات عن طریق القیام ببعض الاصلاحات الصوریة، في حین ان المطالبات الشعبیة لا تدور حول المحور المادي او المالي.
ان عسكرة الاجواء واجراء بعض البرامج الترفیهیة من قبل آل سعود دفع بحركة الصحوة الاسلامیة بان تسیر ببعض البطئ غیر ان النقطة المهمة والاساسية هنا هي ان الانتفاضة والحركة الشعبیة ضد ممارسات آل سعود، انطلقت من واقع الاجواء البولیسیة والقمعیة والامنیة، وان هذه الحركة بدأت تنضبح اكثر فاكثر یوماً بعد آخر من اجل تحقیق الاهداف المنشودة.
ویشعر آل سعود بخوف وقلق كبیرین من انطلاقة الانتفاضة الجماهیریة في البلد المجاور لهم اي البحرین، واذا بادروا بارسال قواتهم الی هذا البلد بهدف قمع انتفاضة الشعب البحریني اولاً وثانیاً الظهور امام الآخرین بمظهر القوي وهي رسالة تم توجیهها الی الشعب السعودي ومفادها: بان المسؤولین السعودیین لا یتوانون من القیام باي عمل من اجل استمرار حكومة آل سعود حتی لو وصلت هذه الاعمال الی ارتكاب ابشع الجرائم.
اما الیوم وبعد مضي 24 شهراً علی انتفاضة شعب البحرین والممارسات القمعیة التي تمارسها القوات السعودیة في هذا البلد وفي المنطقة، نجد اندلاع وانطلاقة حركة تحرریة قویة في المناطق الشرقیة من السعودیة، اذهلت كبار المسؤولین في عائلة آل سعود وجعلتهم یتخبطون باتخاذ القرارات العمقیة والهمجیة.
ورغم ان ماكنة القمع في السعودیة قد تحركت مع انطلاقة الاحتجاجات الشعبیة في القطیف والعوامیة مما ادی الی استشهاد 6 من المواطنین وجرح العشرات منهم، غیر ان المحتجین اكدوا بان ممارسات القمع والبطش والاعتقال والاغتیال لم تعد تجدي النظام السعودي نفعا، وان المحتجین لم یعد یبالوا بهذه الاجراءات.
ومن هنا وجدنا نظام آل سعود یقوم باعتقال الشیخ النمر الذي شكل الذراع الاساسیة للاحتجاجات الشعبیة، وظن آل سعود بان اعتقال هذا الشیخ سیؤدي الی انحسار وتراجع الاحتجاجات الشعبیة، غیر ان اعتقال وتعذیب هذا الشیخ اعطا دفعاً جدیداً وروحاً قویة لمواصلة الاحتجاجات وازدیاد غضب الجماهیر في السعودیة.
ویری المراقبون في طريقة تعاطي الاجهزة الامنیة السعودیة مع المحتجین یشیر الی عملیة التطهیر العرقي والمذهبي.
ومما لاشك فیه ان الممارسات العمقیة والبولیسیة لآل سعود ضد الشیعة هي لیست بالأمر الجدید وان المسؤولین السعودیین طالما اعلنوا علانیة وبصراحة عدائهم الشدید للشیعة حتی ان بعض افراد هذه العائلة یصف قتل الشیعة بأمر الجهاد في سبیل الله.
وبعد سقوط نظام ضدام حسین في العراق عام 2003م اغتنم آل سعود الفرصة وقدموا الدعم المالي واللوجستي الواسع للوهابیین والسلفیین المتطرفین والتكفیریین وللمجموعات الارهابیة بخاصة القاعدة للقیام بعملیات ارهابیة في مناطق واسعة من العراق سيما الشیعیة منها.
ودعم آل سعود للمجموعات الارهابیة في العراق لم یعد ادعاءاً فقط بل توجد هناك الكثیر من الأدلة التي تؤكد دور آل سعود في العملیات الارهابیة التي تتم في العراق.
كما ان حمایة السعودیة في الآونة الاخیرة لطارق الهاشمي نائب رئیس الجمهوریة العراقیة والملاحق قانونیاً بتهمة دعمه للعصابات الارهابیة یمكن وصفه بانه افضل وثیقة لممارسات نظام آل سعود في دافعهم واحتظانهم للارهاب والارهابیین.
وبعیداً عما یجري في العراق، فان الدور یأتي علی الیمن والجمیع یعلمون كیف ان الجیش السعودي قام بغزو الیمن للقضاء علی الحوثثین وارتكب في عملیاته العسكریة ابشع الجرائم التي یندی لها جبین الانسان.
والبحرین هي الاخری لم تجد نفسها مصانة من ممارسات آل سعود، وشاهدنا وبعد مضي اسبوعین علی انطلاقة الاحتجاجات الشعبیة في هذا البلد، كیف بادر النظام السعودي بارسال قواته بهدف التصدي لاهل البحرین، وتولت السعودیة قیادة قوات درع الجزیرة لمواجهة الاحتجاجات الشعبیة في البحرین وبذلك تكون السعودیة قد انطلقت باعمالها الاجرامیة للقضاء علی شیعة هذا البلد.
ولم یعد الحدیث یدور الیوم عن المذابح التي ترتكب ضد الشیعة لتصفیتهم في البلدان الاخری، بل ان شرارة الاحتجاجات في المناطق الشرقیة من السعودیة التي تشكل الشریان الحیاتي لعائلة آل سعود، قد اندلعت ولا یمكن اطفائها ابداً.
ان شیعة السعودیة وفي هذه المرحلة، قد كشفوا حقیقة النظام السعودي وازاحوا القناع عنه، ووقف العالم علی ما یرتكبه هذا النظام من عملیات تطهیریة عرقیة ومذهبیة ضد ابناء شعبه.
ویری المراقبون في تأخر نجاح الانتفاضة الشعبیة في السعودیة سیؤدي الی نضجها السیاسي، وهذه الحالة ستشكل جرس انذار جدي لآل سعود وان ایامهم ستكون معدودة وبصورة عامة اذا لم یعید آل سعود النظر سریعاً في ممارساتهم ضد شعبهم والشعوب الاخری والدول المجاورة فان مصیرهم الحتمي هو الانهيار التدریجي.
.............
انتهی/182