ابنا: تعود حرب لبنان الأولى إلى أجندة الإسرائيليين بعد 30 عاما في ظل تصعيد النقاش حول احتمالات حرب مقبلة محاولين دراسة أهدافها وطرق تنفيذها ويتضح مما كشف أن الخلافات سادت في قيادة الجيش الإسرائيلي منذ الساعات الأولى للحرب وحتى نهايتها وفيما الأصوات الأعلى اليوم تحذر من تكرار خطأ هذه الحرب، هناك من رأى أنها ما زالت تثبت نجاحها وأهميتها بوضع حد لإطلاق الكاتيوشا على البلدات الواقعة في شمال الدولة العبرية، علما أن الفيلم الذي أصدره الجيش والذي يثير نقاشا إسرائيليا تضمن مقاطع ووثائق عسكرية يكشف عنها لأول مرة ومقابلات أجريت آنذاك كانت قد أخفيت عن الرأي العالم لما فيها من معارضة وانتقادات لهذه الحرب، في هذه الوثائق الحرب نفذت من دون تخطيط وبخلافات بين متخذي القرار.
وقد استغل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي، الجنرال بيني غانتس النقاش حول هذه الحرب ليعلن ان الأوضاع الحالية تغيرت وبأن عدم الاستقرار في المنطقة قد يؤدي إلى حرب مختلفة بات جيشه على استعداد كامل لها وبشكل مخطط، على حد قوله.
الصحافي عمانوئيل روزين من القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بث تقريرا عن خفايا الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982، كشف فيه النقاب عن أن صناع القرار في تل أبيب، من المستويين الأمني والسياسي، كانوا يكذبون على نظرائهم في الإدارة الأمريكية في الصباح، والظهر، والمساء والليل، مشددًا على أنه يعتمد في تقريره على أرشيف الجيش الإسرائيلي، الذي سمح له بالاطلاع على البرقيات السرية التي كانت تتبادلها تل أبيب وواشنطن، مشيرا إلى ان الإدارة الأمريكية، وبعد أنْ اكتشفت بأن الإسرائيليين كانوا يكذبون عليها بشكل منهجي، لم تفعل شيئا، ولم تُوبخ قادة دولة الاحتلال، أو حتى الاحتجاج على هذا الكذب، وخلص في تقريره إلى القول: إننا كنا نكذب على الأصدقاء في أمريكا، وأقول اليوم إن هذه السياسة ما زالت متبعة لدى قادة تل أبيب، ومن غير المستبعد، بحسب المحلل روزين، أن تقوم إسرائيل بالكذب على الولايات المتحدة في المواجهة القادمة، التي قد تخوضها، ذلك لأن رد الفعل الأمريكي على الكذب الإسرائيلي لم يأت بتاتًا، على حد قوله.
وبحسب الأرشيف العسكري لدولة الاحتلال، فقد بدأت العلاقة بين إسرائيل وقوى مسيحية لبنانية عام 1975، حين طلبت هذه القوى من تل أبيب المساعدة في خضم الحرب الأهلية التي كانت تعصف بالبلد.
رئيس الوزراء في حينه، إسحاق رابين، استجاب للطلب، وعلى مدى الأعوام التي سبقت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 بلغت قيمة المساعدات الإسرائيلية 118 مليون دولار، إضافة إلى تدريب نحو 1300 عنصر من الكتائب في قواعد خاصة داخل إسرائيل، وكان لدى القوات اللبنانية أساليب عدة لشراء زملائهم الإسرائيليين. سريعاً أدركوا أن وزير الأمن آنذاك، ارييل شارون يحب الطعام الفاخر، فعمدوا عند كل زيارة له إلى استقدام أنواع فاخرة من الجبن والطعام البحري من باريس، إضافة إلى لحوم الضأن ومقبلات أخرى.
وخلال كل زيارة لشارون، قال المحلل السياسي في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، شيمعون شيفر، كانت هناك مائدة دسمة تستمر ساعات، لكن في المجال العسكري، لم تكن هناك أي جدوى ترجى من القوات، ذلك أن معظم طلبات إسرائيل لمساعدتها في القتال رُفضت بحجة أنهم غير مستعدين لذلك من الناحية العملياتية.
وأوضح شيفر إنه وفيما كانت العلاقة بين إسرائيل والقوات تتوثق، كانت هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي تستكمل خطة الحرب على لبنان، في كانون الأول (ديسمبر) عام 1981 صدق شارون على الخطة، وفي كانون الثاني (يناير) 1982 زار بيروت سراً والتقى بشير الجميل وقيادة القوات.
وعندما عاد من الزيارة قال شارون لقد ربطت أرجلهم، كل شيء جاهز من أجل الحرب، وهو سيكونون شركاءنا فيها، على حد قوله.
ولفت المحلل الإسرائيلي، الذي اعتمد على الأرشيف الرمي للجيش، النقاب عن أنه في الأيام الأولى من حزيران (يونيو) 1982، كان شارون في زيارة سرية إلى رومانيا، حين جاءه نبأ محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، شلومو أرغوف، كان ذلك بالنسبة إلى رئيس الوزراء آنذاك، مناحيم بيغين وشارون ذريعة للدخول إلى لبنان.
غداة عودة شارون، عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعاً في السادس من حزيران (يونيو)، وقررت فيه تنفيذ عملية الصنوبر الكبير، أيْ اجتياح لبنان، للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تُسيطر على مناطق واسعة من الجنوب اللبناني.
وساقت الصحيفة العبرية قائلةً إنه في جلسة الحكومة في 15 حزيران (يونيو)، التي نوقش خلالها احتلال الجزء الغربي من بيروت، أوضح بيغين أن هذه المهمة ستلقى على القوات اللبنانية. وفي جلسة ثانية، بعد يومين، قال شارون للوزراء: إذا تطلب الأمر الدخول إلى بيروت، فإن من سيدخل أمامنا وخلفنا ويطهر المدينة من المخربين هم القوات اللبنانية.
................
انتهی/182