ابنا: الدولتان هما: مصر..و(السعودية)، مصر لعدد سكانها، وموقعها، وأهميتها القيادية للأمة، وهو ما فقدته منذ نكص السادات عن الجمهورية الأولى، جمهورية ثورة يوليو..ليؤسس الجمهورية الثانية..الصديقة لأمريكا، المنفتحة اقتصاديا، الصديقة للكيان الصهيوني..والتي مضى بها بعيدا حسني مبارك الذي خرّب مصر تماما، وها هم المتآمرون على شعب مصر وثورته يعملون بضراوة على حرف الثورة، وإفراغها من أهدافها، للعودة بها ضعيفة، تابعة، أسيرة حاجتها وفقرها وتخلفها، وضياعها، وفاقدة لوزنها، وقيمتها.
الدولة الثانية هي السعودية لثرائها الفاحش، وإن كان هذا الثراء لا ينعكس على شعب شبه جزيرة العرب، ولا على العرب أجمعين الذين لم ينالوا من النفط سوى النقمة، هذه الثروة المبددة التي كان يجب أن تكون نعمة، وعامل تطوّر وتقدم للعرب أجمعين!
لا مصر الكبيرة..ولا (السعودية) المنهوبة الثروات..أنجزتا مشروعا نوويا، سلميا، أو عسكريا دفاعيا.
السعودية تحديدا لا يعنيها الدفاع عن العرب كأمة، ولو عناها الأمر لاختطت الأسرة المالكة الحاكمة طريقا آخر غير ما عرفناه وعهدناه عنها من تآمر على كل محاولة للنهوض والتقدم في بلاد العرب، ولا سيما على المشروع القومي الناصري.
ما سربته صحيفة هآرتس يوم 30 أيّار الماضي عن لقاء دينس روس مع الملك عبد الله السعودي عام 2009، والذي أخبر أثناءه المبعوث الأمريكي، بأن (المملكة) ستسعى لامتلاك السلاح النووي في حال امتلكته إيران، لا يبعث على الراحة، والطمأنينة، ولا يدعو للترحيب به لأنه لن يتحقق أبدا، فهو دعوة وتشجيع لأمريكا للعدوان على إيران، وأمريكا المتحكمة بأحوال المملكة خير من يعرف هذا الأمر، وتلويح (المملكة) لا يؤخذ عندها على محمل الجد، فالمملكة تصنع الشيبس، وتصدّر التمر، والحق حتى نكون منصفين أنها تصدّر بعض أنواع العصائر، وأن كنت لا أعرف من أين يحصلون على التفاح الذي يحولونه عصيرا!..إذا ما تجاوزنا عن النفط المهيمن عليه أمريكيا حتى آخر قطرة في الآبار المحفورة عميقا في صحارى العرب المحرومين من استغلال ثرواتهم للتطوّر، والبناء، وصناعة المستقبل!
مصر أيّام جمال عبد الناصر وضعت نصب عينيها امتلاك الطاقة النووية، وكان لديها مشروع تعثّر بسبب التآمر عليه، و..بعد رحيل ناصر صاحب الرؤية القومية الشاملة، ابتليت مصر بسادات الانفتاح، وأوراق الحل في يد أمريكا بنسبة 99'، الذي أقلع عن كل مشاريع القوة، بعد أن عبر القناة إلى سيناء بالجيش الذي أعاد بناءه جمال عبد الناصر بقيادة أعظم جنرالات الجيش المصري: الفريق أوّل محمد فوزي، الفريق عبد المنعم رياض، الفريق الشاذلي بطل العبور..رحمهم الله جميعا..وغيرهم من الرجال العظام الذين طمحوا لتحرير سيناء، واستعادة ما فقدته الأمة من أرض في هزيمة حزيران 67، وإضعاف الكيان الصهيوني، ووضع سد في وجهه، ومحاصرته، وخنقه بقوّة الأمة، وعزيمة ملايينها المتحدة حول أهداف تنهض بها، وتخرجها من حالة الضعف والتبعية والمهانة.
تلوّح المملكة بأنها ستعمل على امتلاك السلاح النووي في حال امتلكته إيران، وهو ما نقلته التايمز عن مسؤول من الأسرة الحاكمة، بأن المملكة سوف تطلق المسار المزدوج لبرنامج امتلاك السلاح النووي في حال امتلكته إيران..وهنا نتساءل: ولكن لماذا لم تلوّح وتسعى لامتلاك القدرات النووية وهي تعرف أن الكيان الصهيوني يمتلك مئات الأسلحة النووية في ترسانته، ومنذ نهاية الخمسينات؟!
هذا يعني أن (إسرائيل) ليست خطرا على (المملكة)، وأن إيران هي الخطر، ولذا فعلى أمريكا أن (تزيح) الخطر القريب من (المملكة)..فأمريكا ولي الأمر..والحامي، وهي تضع تلويحات السعودية لخدمة العمل على وقف البرنامج النووي الإيراني، بل والعدوان على إيران بحرب قد تحرق (المنطقة)!
قبل أيّام تسلم الكيان الصهيوني الغواصة الثالثة من نوع دولفين من ألمانيا، وهي بحسب تصريحات لمسؤول ألماني بصدد تسلّيم الغواصة الرابعة والتي تساهم ألمانيا بـ 135 مليون يوروا من تكلفة بنائها!.
بالمناسبة: الرئيس الألماني زار رام الله يوم الأسبوع الماضي، وبعدئذ توجه إلى قرية من قرى نابلس وافتتح هناك مدرسة ثانوية بنيت على حساب جهة ألمانية، ومعا هو وزوجته قصّا الشريط الحريري..وقد تبارى قادة السلطة في شكر المبجل رئيس ألمانيا على دعمه للشعب الفلسطيني في بناء دولته!!
الغواصة الألمانية مهيأة لحمل رؤوس نووية، والغواصات الأربع ستجوب البحر المتوسط وفي جوفها الصورايخ النووية الكفيلة بتدمير مدن كثيرة في الشرق الأوسط، سواء في بلاد العرب..أو إيران، وهي ستبقى خطرا دائما في مياه المتوسط وسنبقى كعرب تحت رحمة أصحاب (الخيار شمشون) ..أي خيار تهديم المعبد على رؤوس الجميع، وفقا للخرافة اليهودية عن شمشون الذي قصّت الفلسطينية دليلة في (غزة) شعره، مصدر قوته..وهو نائم، فكان أن استيقظ وهدم أعمدة المعبد وهو يصيح: عليّ وعلى أعدائي يا رب!
بالمناسبة: كيف هدم المعبد بعد أن فقد قوته التي كانت تتركز في شعره الذي قصته دليلة؟!
الخرافة لا تصمد أمام الأسئلة..والقوة لا يمكن تحييدها إلاّ بقوة تعادلها، أو تتفوّق عليها..ولو امتلك العرب، العرب العرب، القوّة النووية لما فكر الكيان الصهيوني بالخيار شمشون..ولهذا بالضبط فهو معني بأن لا يمتلك لا العرب..ولا العجم (الفرس) السلاح النووي الذي يحيّد أسلحته حتى لو كانت في أعماق البحار، فهو يريد احتكار التفوّق باستمرار، ودائما وأبدا.
إذا كانت إيران تطمح لامتلاك القدرات النووية، فلماذا لا تمتلكها السعودية الثرية..ولو السلمية منها؟ وهل مسموح أمريكيا لها بامتلاك القدرة النووية السلمية؟!
السعودية لن تدخل في سباق التسلح النووي، لأنها كما كتب بعض صحفييها، وكما هو واقع الحال ليست في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، ولن تكون، فهي مطمئنة لذلك الكيان بدليل أنها غير قلقة من أسلحته النووية المتوفرة منذ خمسين عاما على بعد أميال قليلة منها!
السعودية فقط تريد التحريض على إيران، وهي في كل سياساتها منذ سنوات لا هم لها، ولا شغل..إلاّ التحريض على إيران، ومحاولة زرع الفتنة بين المسلمين والعرب طائفيا.. بماذا نُفسّر دورها الديمقراطي في سورية؟!
السعودية يمكن أن تدخل مع إيران في سباق من نوع واحد أحسب أنها ستتفوّق به حتما: سباق الهجن!
وهل سباق الهجن قليل الأهمية.وخاصة (النوق العصافير) التي على ظهورها غلمان يجلبون من دول شرقي آسيا ليكونوا (جوكيه) خفافا يُراهن أصحاب السمو والسعادة عليهم في حفلات السباق المبهجة والمثيرة!
...................
انتهی/182