وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

١٦ أبريل ٢٠١٢

٧:٣٠:٠٠ م
309247

أفضلیة فاطمة الزهراء علیها السلام في کتب أهل السنة(القسم الاول)

الحمد للّه‏ ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمّد المصطفى الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين .

وبعد: فإنّ من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الفريقين مسألة التفضيل بين قرّة عين‏الرسول فاطمة الزهراء البتول ،وبين عائشة بنت أبي بکر زوج النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .

وقد أجمع أهل الحقّ قاطبةً ـ تبعا للنصوص المستفيضة المتکاثرة ـ على أفضلية البَضْعة الطاهرة الزکية عليها أفضل الصلاة وأزکى التحية ، کما ذهب إلى ذلک ـ أيضا ـ محقّقون من أهل السنّة والجماعة؛ کالإمام مالک ، وأبي بکر بن أبي داود ، وتقي الدين السُّبْکي وغيرهم .

والخلاف في هذه المسألة قديم يرجع عهده إلى القرون الأُولى من تاريخ الإسلام ، فلذلک عُني به العلماء حتّى ذکروه في مسائل العقيدة ، ومنهم من عَمِلَ فيه تأليفا خاصّا(1) .

وکان ممّن تکلّم في هذا الباب فأفاد وأجاد شيخنا العلاّمة المحدّث المجاهد السيد عبدالعزيز بن محمّد بن الصدّيق الحسني الغماري المغربي رحمه اللّه‏ تعالى المتوفّى سنة (1418ه) حيث تعقّب في کتابه (السوانح) کلامَ القاضي أبي بکر بن العربي المالکي المعافري في (أحکام القرآن) و (تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي) وبين خطأه في ما ذهب إليه في هذه المسألة ، کما خطّأه في مسائل أُخرى.

وقد رأينا ـ لمزيد الفائدة ـ تجريد هذا البحث القيم وانتزاعه من کتاب (السوانح) وإعداده للنشر لينتفع به أرباب العلم وروّاد الفضيلة إن شاء اللّه‏ .

قال أبو بکر ابن العربي المالکي المعافري في (أحکام القرآن)(2) في تفسير قوله تعالى: وَتَبَتَّلْ إِلَيهِ تَبْتِيلاً . . . ومنه مريم العذراء البتول ، أي التي انقطعت عن الرجال .

وتسمّى فاطمة بنت رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها في الفضل والدِين والنسب والحسب ، وهذا قولٌ أحدثته الشيعة ، وإلاّ فقد اختلف الناس في التفضيل بينها وبين عائشة ، وليست من المسائل المهمّة ، وکلتاهما من الدِين والجلال في الغاية القصوى ، وربّک أعلم بمن هو أفضل وأعلى (انتهى) .

قوله: «اختلف الناس في التفضيل بينها وبين عائشة» يقال عليه: وليس کلُّ خلافٍ جاء معتبرا          إلاّ خلافا له حظٌّ من النظر

فلا يختلف لخلاف الناس وقولهم ، مع ورود النصّ عن الرسول المعصوم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في تفضيل فاطمة عليهاالسلام على نساء العالمين ، ممّا لايبقى معه قول ولا خلاف ، ويمحق کلّ تقوّلٍ بالباطل ، واختلاف .

فإن قال الناصبي الزنيم: وأين النصّ في ذلک؟ والدليل على ما هنالک ؟

قلنا له: خُذْ ما يملأ فمک حجرا ، ويقطع الوتين منک غيظا ، ويفتّت قلبک حسرةً ، ويمزّق الکبد إرْبا إرْبا ، حتّى لاتعُد بعد ذلک إلى إظهار سخيمتک بمحض الهوى والخذلان من غير أن تستند إلى حجّة أو برهان ، وإن کنت لاترجع عن غيک وفاسد عقيدتک ، لأنّ اللّه‏ تعالى طبع على قلبک ، وختم على سمعک وبصرک ، فسينتفع بذلک المؤمن المهتدي ليزداد إيمانا وهدايةً ، وحبّا في جانب آل بيت النبوّة والرسالة ، وکفى بذلک أجرا وثوابا .

وإليک هذه التحفة الغالية ، والدرّة الثمينة قبل سرد الأدلّة القاطعة ، والبراهين النيرة الساطعة .

قال شيخ الحفّاظ وأميرهم ـ جعل اللّه‏ مأواه الجنّة ـ في (فتحه)(3) الذي فتح اللّه‏ به کلّ مغلق:

وقيل: انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة عليهاالسلام.

وهذا إجماع صحيح في نظري ، فإنّه لاينبغي لمؤمنٍ ولامؤمنةٍ إذا قضى اللّه‏ ورسوله أمرا أن يفتحوا بابا لردّه تحت ستار وقوع الخلاف فيه ، ولايفعل ذلک إلاّ مُهَلْهَل الإيمان(4) سخيف العقيدة ، ضعيف العلم ، عظيم الجهل ، لأنّ الخلاف نتيجة النظر وإعمال الفکر في مسألة لم يتّضح دليلها ، وتجاذبتها القواعد ، فيرجّح کلّ ناظر ما أدّاه إليه نظره وفکره .

وکيف يقع هذا في مسألة ثبت النصّ فيها جليا ، وحکم فيها الرسول المعصوم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الذي لايؤمن أحد إلاّ بالإذعان لحکمه ، والاتّباع لقوله ، والقول بغير قوله والخروج عن نصّ حکمه تقدّم بين يدي اللّه‏ ورسوله الذي نهانا اللّه‏ تعالى عنه في کتابه ، فکن من هذا على بالٍ ، واحفظه ينفعک في محلٍّ آخر إن شاء اللّه‏ تعالى .

والآن هاهي النصوص التي هي في المسألة کعِقْدٍ من الفصوص ، تزين به صدر عقيدتک ، وتجعله في جِيدها تثبيتا لمحبّتک ، وبرهانا على إخلاصک وولائک .

(فَصٌّ)

فيه نَصٌّ على أنّ فاطمة عليها الصلاة والسلام سيدة نساء العالمين.

وذلک ورد من طرقٍ، وسأسوق ‏إليک ذلک بدون إسنادٍ، لظهور مخرجه وصحّته ممّايکون معه ذکر الإسناد غيرمفيد، لأنّ‏الفائدة من الإسناد هي التوصّل ـ بالوقوف عليه ـ إلى معرفة صحّة أو ضعف المستند ، فإذا قام ما يغني عنه من عَزْو الحديث إلى الصحيحين مثلاً أو ذکره مع بيان حاله من صحّةٍ وضعف؛ حصل المراد ، وکانت في ذلک الکفاية ـ کما هو معلوم ـ وعلى هذا العمل استقرّ عمل الحفّاظ ، فاحفظه .

الحديث الأوّل: عن عائشة: أنّ النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال ـ وهو في مرضه الذي توفّي فيه ـ: «يافاطمة ، ألا ترضين أن تکوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الأُمّة ، وسيدة نساء المؤمنين» .

رواه الحاکم في (المستدرک)(5) وقال: هذا إسناد صحيح ولم يخرّجاه ، وأقرّه الذهبي.

الحديث الثاني: عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد» .

رواه أبو عمر بن عبدالبرّ في (الاستيعاب)(6) : حدّثنا عبدالوارث بن سفيان ، حدّثنا قاسم بن أصبغ ، حدّثنا أبو قلابة عبدالملک بن محمّد الرقاشي ، حدّثنا بدل ابن المحبّر ، حدّثنا عبدالسلام ، سمعت أبا يزيد المدني يحدّث عن أبي هريرة ، فذکره .

الحديث الثالث: عن عبدالرحمن بن أبي ليلى مرفوعا: «فاطمة سيدة نساء