وفقاً لما أفادته وکالة أهل البيت (ع) للأنباء _ ابنا _ قال آية الله "عيسی أحمد قاسم" في خطبة الجمعة (30/03/2012م) بجامع الإمام الصادق (ع) بـ"الدراز" أن صوت شعبنا لن يخفت، مطالبته بحقه لن تتوقف، انطلاقته لن تتراجع، اندفاعته لن تخف، كبرياءه لن تكسر، وإرادته لن تفل، صموده لن يلين، مطالبه لابد أن تتحقق، سعيه لابد أن يفلح ويتحقق الأمل...
وفيما يلي نص هذا الخطبة:
تمترس فاشل:
بدل أن يستجيب الحكم للمطالب الشعبية العادلة، ويستجيب للاجماع الشعبي العريض الذي يقف وراءها، صار يبحث عن كثير من التحسينات أمام حركة الشعب للتمترس وراءها، وكل تحسيناته تتساقط أمام لغة الحق التي يتمتع بها الشعب، واصراره على الوصول إلى اهدافه المشروعة، وارادته الحديدية، وآساليب مقاومته السلمية، وسخائه بأغلى التضحيات من اجل دينه وحريته وكرامته وحقوقه الثابتة التي لا جدال فيها.
وإن أي تحصن وتمترس يتخذ لإحباط مطالب الشعب سوف لن يصمد إن شاء الله أمام وعي الشعب وإرادته وتصميمه.
تمترس الحكم ببطش القوة الغاشمة حتى بالغ في ذلك واسرف، بالعقوبات الجماعية التي لا حساب فيها لكبير أو صغير أو مريض، بالتيئس بالتخوين بالتهديد بالتسقيط، بالوعود الكاذبة، بالمواعيد الزائفة، بالمحاربة في اللقمة وفصل الوف الموظفين والعمال والطلاب ـ بدعوى عمالة الأعداد الجماهيرية الواسعة للأجنبي والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، وهو الشيء الذي ارتكبه النظام نفسه بالاستعانة بالجيوش المجاورة لقمع الشعب، والشعب من كل ذلك بريء براءة الذئب من دم يوسف ـ، بشراء الإعلام الخارجي المناهض للحق وبثمن باهض من أموال الشعب، بمزيد من التنازلات لدول قريبة وبعيدة وعلى حساب الشعب وعزة الشعب واستقلال البلد، لإعلام داخلي بالغٍ في الزيف والبهتان، بأخطر ورقة تهدد أمن المجتمع كله وعلى مدى طويل وتشعل فتنة لا تكاد تنطفئ وهي ورقة الطائفية، بورقة الإختلاف في الانتماءات الفكرية والسياسية.
والورقتان الأخيرتان تستهدفان ثقة المجتمع بعضه ببعض، وتفتيت اللحمة الوطنية، وعزل المعارضة، وأن يسود الشك المتبادل بين مختلف الفئات الإجتماعية، وتتحارب القوى المختلفة، لتكون الحكومة هي الطرف القوي الوحيد الذي يحكم السيطرة على جميع الأطراف الآخرى، وتتم له الهيمنة الغاشمة على الأوضاع، ويسد الطريق للإصلاح والتغيير.
وكم تتحمل الأدوات الحكومية ـ من خطباء وكتاب وغيرهم ـ من مسئولية ثقيلة بين يدي الله سبحانه فيما يؤدونه من دور تخريبي من بث الفرقة، وتشتيت الكلمة، وزرع الفتنة، واشعال نار الحقد، وايقاد نار الحرب بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد والأمة الواحدة، تأمراً على الجميع وكيداً بهم، ومناصرةً للظلم وتثبيتاً له وتوسيعا من رقعته، وحرصاً على الدنيا وتزلفاً للقوة الغاشمة وطلباً للمال.
وكل الجهود التخريبية للحكومة وعملائها، وإن استطاعت أن تزرع روح الشك في مساحة من المجتمع وأن تظلل جزءً من الرأي العام، إلا أن الحركة الشعبية قد بنت جداراً وطنياً متيناً، وجبهة قوية مقاومة تصر على الوصول إلى حقوق الشعب المسلوبة ، وتمتعه بحقه الثابت في الحرية والكرامة وتقرير المصير، بمن في هذه الجبهة القوية الصامدة من رجال ونساء، واسلاميين وغير اسلاميين، وشباب وكبار، وتوجهات مختلفة وحدهم جميعاً ظلم السلطة الذي ينال الجميع، واستبدادها واستئثارها بالقرار والثروة، والمبالغة في البطش وسفك الدماء وازهاق الأرواح، والاستخفاف بحرية الإنسان وكرامته، والإصرار على تهميش الشعب والتعامل معه تعامل السيد مع العبيد.
سيبقى هذا الجدار الوطني الذي انبنى سميكاً متيناً مقاوماً على سماكته ومتانته ومقاومته، وستزداد الجبهة الوطنية الصلبة قوةً وتماسكاً وصلابة، أمام كل المحاولات للسلطة واقلامها المأجورة واعلامها التخريبي المستهدفة لإحداث الخلخلة فيها، وفتح بعض الثغرات في جدارها السميك لتتخلص من ضغط مقاومتها وتفشل الحراك الشعبي القادر.
ستبقى هذه الجبهة الوطنية الواعية المتراصة عنيدة على محاولات التفتيت وستواصل مقاومتها حتى ينال الشعب حقوقه الكاملة.
ستبقى هذه الجبهة واعية لكل ألاعيب السلطة واعلامها التخريبي، رافضةً لأي استجابة لمطالب السلطة في تفتيتها للحمة هذا الشعب.
وستبقى جماهير الشعب المجاهدة على جهادها وتراصها وبذلها وتضحيتها حتى تحقيق النصر، دون أن ترتد بها عن طريقه كل المحاولات، وإن النصر لأتٍ بإذن الله.
قضية التعويضات:
لقد اتلفت السلطة أرواحاً كثيرة ولازالت تتلف الأرواح، وأموالاً وممتلكاتٍ شعبية هائلة ولازالت تتلف مزيداً من الأموال والممتلكات. تلك الأرواح وتلك الأموال والممتلكات تصدى الرصد لبعضها ولم يتصدى لبعض آخر لسبب وسببٍ آخر.
أرواح المواطنين ليست معروضة للبيع في سوق التجارة، ولا يعوض عنها المال، ولا يصح أن تطمع المتبادلة عنها به القاتل في مزيد من القتل والاستخفاف بحرمة الدماء، والسلطة التي تتحدث مضطرة عن التعويضات بالطريقة التي تخطط لها لازالت على عدم احترامها لحق الحياة للمواطن، ولازالت تزهق أرواح الناس وهم في بيوتهم بالغازات السامة أمنين، وتعرض أخرين للموت في المسيرات السلمية.
فما قيمة الحديث عن التعويضات في ظل هذا الوضع المستهتر بالحرمات، والإصرار على سفك دماء الأبرياء؟ وماذا يوجع السلطة أن تقتل وتعوض عن الارواح الغالية بشيءٍ من مال الشعب الذي بيدها لا من مالها؟
لابد في القتل من تسمية القاتل والأمر بالقتل، وبعد ذلك يرجع الأمر إلى ولي أمر الدم ليختار ما خيره الله فيه.
الأموال المنهوبة والمسروقة والممتلكات التي اتلفها رجال السلطة لابد من تعويضها، حتى لا يزداد التمادي في الإستيلاء الظالم على أموال المواطنين والإتلاف لممتلكاتهم بروح من الاستخفاف وألامبالاة، وأن يكون التعويض مكافئً عادلا "ففرق بين أمرين".
ونرجع لمسألة النفوس والأرواح، فإنها لن تصان إلا بالإنتقال إلى وضعية سياسية عادلة يحترم فيها حق الشعب وكلمته، ويخاف فيها الظالم من عاقبة ظلمه، والقاتل القصاص العادل منه، وتكف فيها يد المسئولين عن النهب والسرقة والفتك بالأرواح تحت وطأة لغة العدل وعدم المحاباة.
صوت هذا الشعب اقوى:
سيبقى صوت هذا الشعب مجلجلاً عاليا، رافعاً ظلامته بكل قوة كما هي تضحياته وبذله في سبيل قضيته، وسيبقى كل ذلك اقوى من كل المحاولات التي تعمل على طمس هذه القضية، وتضييع حق هذا الشعب، واجهاض حراكه، وابقائه تحت المحنة والعذاب، وإذلال السلطة وقسوتها.
إن الضغوط الممارسة على اهمال القمة العربية في بغداد لقضية البحرين من جدول اعمالها ما هي إلا واحدة من محاولات وخطوات عملية عدة متكررة لتغييب هذه القضية عن الأنظار وطمس معالمها، واعطاء الفرصة السانحة المفتوحة للحكم هنا بالتصرف المطلق الغاشم لإسكات صوت الشعب بكل الأساليب القمعية والوحشية.
صوت شعبنا لن يخفت، مطالبته بحقه لن تتوقف، انطلاقته لن تتراجع، اندفاعته لن تخف، كبرياءه لن تكسر، وإرادته لن تفل، صموده لن يلين، مطالبه لابد أن تتحقق، سعيه لابد أن يفلح ويتحقق الأمل.
وإن القمة العربية وإن اهملت ذكر القضية البحرينية ومحنة هذا لشعب ومطالبه العادلة، والإفراط في القوة التي تمارسه السلطة والعقوبات الجماعية التي تنفذها في حقه اسكاتاً لصوته الحر الذي لن يخفت، إلا أن رفعها لشعار الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحق الشعوب في العدل والحرية والكرامة يدين اغلب انظمتها، ويعترف بمشروعية حركة الشعوب المطالبة بالحق والحرية، ويفتح الباب واسعاً أمام الربيع العربي ليستكمل مهماته الضرورية في الساحة العربية ويعم كل شبر منها بالإصلاح والتغيير، فلشعوب أن تقول للأنظمة من فمك ادينك.
فبوركة الحركة التحررية للشعوب، والإعتماد على الله وما النصر إلا من عنده، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
...............
انتهی/212