وفقاً لما أفادته وکالة أهل البیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أصدر المجمع العالمي لأهل البیت(ع) بیاناً تضمن شجباً لفتوی مفتي دیار السعودیة «عبد العزیز بن عبدالله آل الشیخ».
استنکر المجمع في هذا البیان جماعة الوهابیین و أکد علی أنهم لایمثلون الدین الإسلامي وأن الدین الذي یبلغ له في المملکة العربیة السعودیة لایمثل الإسلام الأصیل، بل هو قراءة مزیفة بعیدة عن القیم الإنسانیة وأضاف: "إن فتوی تهدیم الکنائس التي وردت في سیاق هذه الفتوی تتنافی الأوامر الإلهیة، وسنة النبي الأکرم(ص) وسیرة خلفائه ... إن صحفات تاریخ الإسلام ملیئة بشواهد متعددة للتعایش بین النبي الأکرم(ص) وأهل الکتاب في مکة والمدینة".
کما حذر الدول الغربیة من دعم الوهابیین و آل سعود معلناً: "نحذرکم بأنکم لو سکتم تجاه هذه الفرقة المنحرفة وغیر الإسلامیة، ولم تواجهوا نشاط داعمیها لأسباب سیاسیة وإستعماریة، فستصل النوبة إلی بیوتکم حیث لاتجدوا فیها أمنا وأمانا وسیعمد هؤلاء الأشخاص ــ الذین إعتبروا أنفسهم دعاة للإسلام بلا حق ــ إلی قتلکم وقتل أبنائکم کما فعلو ذلك بالمسلمین المضطهدین في العراق والباکستان".
والیکم نص هذا البیان:
بسم الله الرحمن الرحیم
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِّين ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِم
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقسِطِين. (الممتحنه ـ 8)
منذ أکثر من مئتي عام والعالم یشهد تسویق توهمات وتخیلات باسم الشریعة الإسلامیة تطلقها فرقة مبتدعة ظهرت بقوة السلاح والمال وإستغلال جهل وتعصب بعض المسلمین وقد ساهم اتباع هذه الفرقة ـ التي عرفت بعناوین من قبیل «الوهابیة» و «التکفیریّة» ـ في إصدار فتاوی مخالفة للإسلام، تؤدي إلی مقتل الأبریاء، وتهدیم الأماکن المقدسة، وإحداث حالة الکراهیة للدین وانعدام الأمن في الکثیر من البلدان.
ولعل آخر ما صدر من توهمات هذه الفرقة المبتدعة، فتوی شاذّة لاتتطابق المعاییر الإسلامیة أصدرها مفتي الوهابیة في المملکة العربیة السعودیة «عبدالعزیز آل الشیخ» حیث أفتی بضرورة تخریب أماکن العبادة لأتباع الدین المسیحي.
ومن هذا المنطلق یلفت المجمع العالمي لأهل البیت(ع) ـ وهو مؤسسة دولیة تضمّ المئاة من النخب الفکریة للعالم الإسلامي ومن بلدان مختلفة ویمتاز بمرجعیة فکریة وثقافیة بین الملایین من المتدینين في أنحاء الدنیا« الأنظار إلی جملة ملاحظات:
1. ینبغي أن یعلم الجمیع ــ وقبل کل شيء ــ أن جماعة الوهابیین لایمثلون الدین الإسلامي وأن الدین الذي یبلغ له في المملکة العربیة السعودیة لایمثل الدین الإسلامي الأصیل، بل هو قراءة مزیفة بعیدة عن القیم الإنسانیة حیث إستطاع آل سعود الترویج لها في بدایات القرن الماضي بعد أن هیمنوا علی الحجاز بقوة السلاح والعنف، ودعم القوی الإستعماریة، واستمر هذا المنهج إلی یومنا هذا علی أرض الحرمین الشریفین المقدسة.
2. إن فتوی تهدیم الکنائس التي وردت في سیاق هذه الفتوی تتنافی الأوامر الإلهیة، وسنة النبي الأکرم(ص) وسیرة خلفائه ولذلك رفضها لایمثل شیعة أهل البیت(ع) وحسب بل یتبرأ اهل السنة أیضا من مثل هذه الفتوی. إن صحفات تاریخ الإسلام ملیئة بشواهد متعددة للتعایش بین النبي الأکرم(ص) وأهل الکتاب في مکة والمدینة. لم یتوقف الأمر عند النبي الأکرم(ص) بل إستمرّ هذا في عهد أهل بیته والخلفاء الراشدین ومن حکم العالم الإسلامي بعد ذلك. فلم تصدر مثل هذه الفتوی التي تحدد اتباع الأدیان الإلهیة في أداء مناسکهم.
3. بغض النظر عن رأي الصحابة والتابعین، فلو تفحصنا واقع علماء المسلمین خلال الــ 1400 سنة الماضیة لما وجدنا فتوی کالتي صدرت عن الوهابیین الیوم؛ لا عن فقهاء مذهب أهل البیت(ع) ولا عن أئمة المذاهب الأربعة لأهل السنة. ولهذا یمکن القول أن مفتي الوهابیة قد تفوّه بفتوی لیس بها مثیل في الحلقات الفقهیة المعروفة في العالم الإسلامي في مکة المکرمة والمدینة المنورة والکوفة والبصرة ونیشابور وبلاد الشامات و... ولم تصدر عن أي مرکز علمي کبیر للمسلمین من قبیل الأزهر أو النظامیة والمستنصریة والزیتونة والحوزات العلمیة في النجف الأشرف وقم وإصفهان.
4. لقد تعدی هذا المفتي الوهابي حدوده فلم تکن فتواه محدود بحدود المملکة العربیة السعودیة بل سرّی الفتوی إلی جمیع الجزیرة العربیة، هذا في حین یتهم هذا الرجل الآخرین بالتدخل في الشؤون الداخلیة للعربیة السعودیة.
إن هذه الفتوی التي صدرت في لقاء مفتي الدیار السعودیة مع وفد کویتي یعتبر تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلیة والدینیة لبقیة دول المنطقة کالکویت والبحرین والیمن وعمان وقطر والإمارات العربیة المتحدة، ومنطلقاً للفتنة في هذه البلاد.
5. إن ما ینبغي الإنتباه إلیه بشکل کبیر هو أن تطاول الوهابیین لایحدّ بأهل الکتاب وحسب، فلقد عمد أتباع نظام آل سعود الوهابیین وقبل هذا التاریخ وفي سنوات حکمهم الأولی علی أرض الوحي بتخریب مراقد ذریة الرسول الأکرم الشرفاء وأصحاب رسول الله(ص) في البقیع وأهانوا مقدسات المسلمین وجمیع الفرق الإسلامیة. کما عمدوا حدیثاً إلی إغلاق مساجد وحسینیات أتباع أهل البیت(ع) في السعودیة بالذات، وأجبروا المصلین علی أداء الصلاة في الشوارع والأزقة.
وفي یوم 23 /فبرایر/ 2006 حوّل اتباع الوهابیة مرقدي الإمامین العسکریین(ع) إلی رکام ما سبب لوعة وفاجعة مؤلمة لمحبي أهل البیت(ع)، ثم أرسل آل سعود قواتهم إلی البحرین فدمروا العشرات من المساجد ودور العبادة في هذا البلد المظلوم وقام مرتزقتهم بإحراق المصاحف والکتب الدینیة في المساجد والمحافل.
وکان آخر جریمة للوهابیین بحقّ الأماکن المقدسة هو هجومهم علی مسجد الإمام الرضا(ع) في "بروکسل" عاصمة بلجیکیا والتي حدثت قبل إسبوعین (12 آذار 2012) حیث أحرق بیت من بیوت الله تعالی وإستشهد إمام ذلك المسجد.
6. إن السؤال الغریب الذي یتبادر إلی الأذهان هو: لماذا یصمت علماء الإسلام صمتاً مریراً مقابل هکذا الفتاوی؟ ألیس من الواجب بالنسبة لعلماء المسلمین في مصر والعراق وتونس وسوریا ولبنان والیمن وشبه القارة الهندیة إتخاذ موقف قبال هذه الفتاوی الشاذة والمسیئة للإسلام؟ إن مما لا شك فیه أن سکون هؤلاء العلماء قبال هذه البدعة الجدیدة یجعلهم مسؤولون أمام الله تعالی ونبیه الکریم(ص) فقد ورد عن الحبیب المصطفی(ص): "إذا ظهرت البدع في أمتي فلیظهر العالم علمه، فمن لم یفعل فعلیه لعنة الله".
7. وکلمة مع المنظمات الدولیة والمدافعة عن حقوق الإنسان والدول الغربیة والمسیحیة: لو لم تدعموا الوهابیین التکفیریین بأشکال مختلفة یوم کانوا یقتلون المسلمین في العراق والباکستان وإیران لما هاجموکم أنتم بالذات الیوم. ولو إنکم کنتم تصدقون برفض الهجوم علی مساجد الشیعة في السعودیة والبحرین والباکستان ودور عبادتهم الأخری، لما أفتوا الیوم بهدم کنائسکم ودور عبادتکم.