ابنا: قال العلامة الغريفي في حديثه ليلة الجمعة 15 مارس 2012، ان شعبًا، هذه جماهيره، وهذه جاهزيته، وهذه قبضاته، وهذه إرادته، وهذه صرخاته، وهذه هتافاته، وهذه شعاراته، وهذه مسيراته... شعب لا يقهر، شعب لا يهزم، شعب لا يركع... شعب لن يكون الرِهان عليه – بعد الاعتماد على الله تعالى – رهانًا خاسرًا، ورهانًا فاشلًا...
حديث ليلة الجمعة 15 مارس 2012 م : وقفة تاريخية لجماهيرنا الوفية - كلمة أخيرة
وقفة تاريخية لجماهيرنا الوفية:
بكلِ فخر واعتزاز وإكبار نثمِن الجماهيرنا الوفية هذه الوقفة التاريخية، وهذه الهبة المشرفة، حيث انطلقت مسيرة التاسعِ من مارس معبرةً عن إصرار وصمود، واستعداد للحضورِ في كل الساحات وفي كلِ الأوقات...
مشاهد رائعة وعظيمة...
شيوخ وعجزة وكبار في السِنِ ومعوقون يتسابقون بكلِ شوق وعزيمة للالتحاق بهذه المسيرة غير عابئين بالنصب والتعب والجهد والإرهاق والإعاقة، لأنَّهم آمنوا بقضيتهم، وبمطالبهم، وحقوقهم، وبمواقفهم...
أطفال صغار صغار في أعمارهم، لكنهم كبار كبار في هِممهم، وعزائمهم، وطموحهم، تراهم يتهافتون ملبِين النداء بلا خوف ولا وجل، مرددين مع الكبار شعارات العزة والكرامة.
مِن كل الأعمال، مِن كل المكوِنات؟، من كل الانتماءات التحموا في صف واحد في مسيرة العزة والكرامة والإباء...
وإن للمشاركة العلمائية طابعًا لافتًا مما أكد القيمة الشرعية والوطنية لهذه المسيرة المباركة.
وأما المرأة فكان لها حضورها المشرِف، واللافت، والكبير، لتسجل بذلك روعة موقف، وصمود إرادة، وعنفوان عزيمةٍ، وصرخةَ شعبٍ، وكبرياء أمةٍ، وشموخ أمانٍ، وعنوان إباءٍ...
كما نقدر بكل حبٍ كلَ الأريحيات النبيلة التي برزت واضحةً وكبيرةً لدى أهالي "الدراز" والمناطق الواقفة على خط المسيرة، الذين تنافسوا بكلِ شوقٍ في تقديم كلِ ألوان الكرم والضيافة للمشاركين الزاحفين من كلِ مناطق البحرين...
ان شعبًا، هذه جماهيره، وهذه جاهزيته، وهذه قبضاته، وهذه إرادته، وهذه صرخاته، وهذه هتافاته، وهذه شعاراته، وهذه مسيراته... شعب لا يقهر، شعب لا يهزم، شعب لا يركع... شعب لن يكون الرِهان عليه – بعد الاعتماد على الله تعالى – رهانًا خاسرًا، ورهانًا فاشلًا... كانت مسيرةُ التاسع مِن مارس طوفانًا بشريًا هزَّ كلَّ الحسابات....
كيف تعاطى الخطاب الرسمي، والإعلام الرسمي، والصحافة الرسميَة، والمنابر الموالية مع هذا الحدث الاستثنائي؟
هناك صيغتان لهذا التعاطي:
الصيغة الأولى: حاولت امتصاص التأثير الكبير للحدث.
حاولت أن تمتص الزخم المدوِي الذي أحدثته هذه المسيرة الجماهيرية الناجحة وفق كلِّ المعايير...
فصدرت كلمات تبارك هذا المشهد، وتعتبره مفخرة لأهلِ البحرين، ونموذجًا للممارسة الديمقراطية الصحيحة، وطريقةً حضاريةً في التعبير عن الرأي، ومنهجًا سليمًا فيه خير البلاد وأهلها...
هذا ما عبر عنه البيان الصادر عن الديوان الملكي حيث أشاد بما حدث في تجمع الفاتح وأيضًا ما حدث في تجمع المحافظة الشمالية – حسب تعبير البيان – وبعيدًا عن محاسبة ما جاء في هذا البيان مِن مقارنةٍ غير منصفةٍ جدًا بين بضعة مئاتٍ خرجوا في مسيرة "المحرق"، ومئاتِ الآلافِ شكلوا طوفانًا بشريًا في مسيرة التاسعِ مِن مارس... دعونا من هذا فأي مسيرة وطنيةٍ صادقةٍ يجب أن نحترمها مهما كان حجمها...
إلا أن السؤال المطروح:
إذا كان ما جاء في بيان الديوان من اعتبار ما حدث في تجمع المنطقة الشمالية – حسب تعبير البيان – مفخرةً للبحرين، ونموذجًا للممارسةِ الديمقراطية، وطريقةً حضارية في التعبير عن الرأي، ونهجًا سليمًا... فما هي استجابة النظام لمطالب هذه المسيرة؟ وهل هي استجابة تشكل فخرًا لهذا الوطن، ونموذجًا ديمقراطيًا، وطريقةً حضاريَّة، ونهجًا سليمًا؟
نترك الجواب للنظامِ، والسلطةِ، وللديوان..
الصيغة الثانية: مارست التزوير من أجل طمأنة الشارع الموالي:
وأما الصيغة الثانية في التعاطي الرسمي – خطابًا، وإعلامًا، وصحافةً، ومنابر موالية – مع المسيرة التاريخية فقد اتسم بالتخبط والارتباك، فيبدو أن الصدمة كانت قاسيةً وعنيفةً، مما أفقد التعاطي كل صواب فراح يهلوس، ويطلق الكلماتِ بلا حساب، ويتهم، ويكذب، خوفًا من أن تنهار كل القناعات المؤسس لها زورًا وبهتانًا ومن أجل طمأنة الشارع الموالي...
اسمعوا ما جاء في صحيفةٍ محلية بالحرف الواحد: (وكشف النواب أن سكرتيرًا في السفارة الأمريكية سعى إلى التحشيد في مظاهرة يوم الجمعة، وعقد الكثير من الاجتماعات لأجل هذا...).
ووفق إحصائيات هذه الصحيفة، أنَ فتاوى "عيسى قاسم" وألفاظ الترهيب الديني التي استخدمها، وإثم من لا يشارك كأثم تارك الصلاة، إلى جانب حشد الأطفال...
رغم كل هذا – لم يتجاوز عدد المتظاهرين (60 ألفًا) في حين تجاوزت حشود الفاتح (200 ألف)...).
وحينما نسجل هذه الكلمات لسنا مذعورين، ولا خائفين ولا قلقين، ولا نجد فيها قيمةً تستحق الذكر، وإنَّما للتدليل على حجم الهلوسة التي أصابت هؤلاء فراحوا يهذون كهذي المجانين، هكذا كان زحف الجمعةِ صاعقًا، نسأل الله لهم العافية والسلامة وأن يفيقوا من هذا الهذيان، وأن يراجعوا كل الحسابات...
وأخيرًا نتساءل: هل استطاعت مسيرة التاسعِ من مارس أن توصل رسالتها إلى من يعنيهم الأمر؟
نعتقد جازمين أن الرسالة قد وصلت إليهم بكل وضوح، وأنهم قرأوها واستوعبوها جيدًا،...
رغم القيمة الكبيرة في أن تصل الرسالة إلى من يعنيهم الأمر... ورغم القيمة الكبيرة في أن يقرأوها جيدًا... وأن يستوعبوها جيدًا.. ولكن تبقى القيمة الأكبر: ماذا بعد القراءة والاستيعاب؟
لهذا حديث آخر إن شاء الله..
كلمة أخيرة:
مضى أكثر من شهرٍ والناشط الصامد "عبد الهادي الخواجة" يواصل إضرابه عن الطعام متحديًا كل ما يهدد حياته مِن أخطار، ما دام مؤمنًا كلَ الإيمان بعدالة قضيته، وما دام واثقًا كل الثقة أنه يعبِر عن إرادة شعب، وعن مطالب شعب، وعن معاناة شعب...
إننا نثمِن مواقفَ إخوتنا الصامدين في السجون، خصوصًا الرموز، بما يحملون من تحدِي وعنفوان في مواجهة كل أشكال المعاناة، وفي رفضِ كلِ المساومات والإغراءات، وكان لمواقفهم المشرِفة كل الأثر، فقد ملأوا شعبنا صمودًا، وإصرارًا، وثباتًا... فلهم من هذا الشعب كل التحية والإكبار والوفاء والحب...
إننا نطالب بالإطلاق الفوري للناشط "عبد الهادي الخواجة"، وإلا فتتحمل السلطة مسؤولية ما يحدث له... وكذلك نطالب بإطلاق بقية الرموز والسجناء، وبإيقاف كل ألوان العنف الموجه ضد أبناء هذا الشعب.. ولا خيار إلا التغيير السياسي الحقيقي، وقد قالت الجماهير الحاشدة كلمتها الواضحة الجريئة في مسيرةِ التاسع من مارس...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
...............
انتهي/212