وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : عراق القانون
الأحد

٤ مارس ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
300736

ما الذي دعى عراب الإرهاب لرفع بيرق الإستسلام

المقدمة:عندما كتب السيد خالد وليد، المحرر في صحيفة "نقاش" ألاردنية بتاريخ 2- 29 - 2012، مقاله بعنوان: "الذوبان يبدأ: العلاقة الباردة بين العربية السعودية والعراق بدأت تسخن"، فأن الكاتب أخطأ في اصابة كبد الحقيقة حينما ذكر أن السبب الرئيسي لخطوة السعودية في اعادة علاقاتها مع العراق هو: "أن دوافع المملكة العربية السعودية في عودة علاقتها الجديدة مع العراق، وفقا لما ذكره المحلل السياسي، اسامة مرتضى لصحيفة نقاش الاردنية، هو مخاوف المملكة من ان علاقاتها مع العراق قد ازدادت سوءا في حين أن علاقات العراق مع قطر قد تحسنت،" واضاف المحلل السياسي المحلي، اسامة مرتضى، لموقع نقاش، إن "هذا هو ما جعل المملكة العربية السعودية تتخذ هذه الخطوة الاستباقية. وقد حدث ذلك في سياق التنافس القائم بين هذين البلدين (قطر والمملكة العربية السعودية)." (1).فباعتقادنا لو ان ألاخ الكاتب قد اجهد نفسه قليلا في البحث عن الاسباب الكثيرة التي دعت النظام السعودي ليقرر مثل هذه العودة المفاجأة والتي لا تخلوا من ريبة!! لكان قد توصل الى نتيجة عادلة وعلم (ان لم يكن قد علم بعد) ما عاناه العراقيين من تأمر الارهاب السعودي على الشعب العراقي في تصديره الانتحاريين من السلفيين والوهابيين الى العراق في محاولة لقتل شعبنا وبهدف اسقاط الحكومة الشيعية، ولكان قد برهن ألاخ المحررعلى حياديته ومهنيته وعدالة موقفه من قبل شعبنا العراقي البطل. ولكن ما ذكره الكاتب من تفسيره لعودة السعودية غير المتوقعة لمصالحة العراق، مفسرا ذلك: "بسبب تنافس قطر مع المملكة السعودية من اجل (الفوز) بصداقة العراق؟؟!!"، فان ذلك بالتأكيد لم يكن سببا حكيما أو مبررا لتبني موقفا أخويا من قبل النظام السعودي الذي اتسم بالعدوانية دائما ضد العراق.والدراسة البحثية هذه هي محاولة لتحليل الواقع لما تعيشه المملكة اليوم من معضلات ومحاولة تسليط الضوء على ما تعانيه من ظروف لا تحسد عليها منذ الانفجار البركاني للربيع العربي، وتداعياته التي هي من بين الاسباب التي جعلت المملكة تضطر الى اتخاذ خطوة التقارب مع العراق، وان كان ذلك قد جاء وكما يقول المثل العراقي الشعبي، (بعد خراب البصرة)...!فالربيع العربي لم ينته بعد. فهو غضب عقود من القمع والفساد والاستبداد لا تزال تنوء بحملها المعارضة في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي لم يخمد اوارها بعد. ولكن كما الانتفاضة التي تتشكل في لحظة ثورية، كانت قوى الثورة المضادة هي الاخرى قوية وخبيثة ومستميتة. حيث ان تلك ألأنظمة الراسخة أطلقت مجموعة من التدابير الرامية الى سحق الربيع العربي أو التقليل من تأثيره المحتمل على الاوضاع الراهنة السياسية والاقتصادية. فالنظام السعودي والمعروف تقليديا بحذره الشديد , لم يبالي في شق الكفن والقيام بالتدخل علنا في تلك الاحداث لدعم انظمة مصر والبحرين والاردن والمغرب. وبالتأكيد لم يكن للنظام السعودي تأثير يذكر على الاحداث الساخنة وكما كان يتوقع، اذ لم تشفع له الاموال الطائلة التي انفقها من اجل هدفه الفاشل ذاك. فرياح الاجتياح ثورة مستمرة في الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية تواجه ضغوطا هائلة على توازناتها التقليدية الحاكمة. وبالتالي فمن الأهمية بمكان فهم إمكانيات وحدود قدرة النظام الملكي على التكيف مع هذه التحديات المتزايدة.فهناك عوامل عدة تشير إلى أن الاضطرابات الاجتماعية في المملكة ستظل محدودة إلى جيوب صغيرة في المستقبل القريب. و مع ذلك، فإن العديد من العوامل الكامنة وراء عدم الاستقرار تنمو أكثر وضوحا.ماالذي يجري في المملكة؟ جاء فيه:Bruce Riedel" برجنيف في الحجاز"" في مقال كتبه بروس ريديل وبعنوان: "العائلة المالكة السعودية خائفة جدا، جدا. فأزمة القيادة قادمة لا محالة. والملك معتل الصحة وخليفته، ولي العهد الأمير سلطان، في حالة صحية أسوأ من ذلك. وألامير المتشدد نايف بن عبد العزيز، يهيئ لاستلام العرش. فكما أنها واحدة من الملكيات المطلقة في الماضي، يبدو أن العائلة السعودية اليوم تمثل جميع ما يقاتل من اجله الربيع العربي: مجتمعات مغلقة مع توزيع الثروة بشكل غير متكافئ، أقليات مكبوتة تعيش داخل حدود مصنعة؛ وتعاطفا إسلاميا قويا عبر أراضي المملكة، وصراع كامن على السلطة بين السنة والشيعة أصبح جزءا من نسيج البلاد، ناهيك عن سلسلة من الدول المجاورة التي تكافح لدرء الثورات التي يمكن أن يكون لها تأثير العدوى وبسهولة."وأضاف الكاتب:" كما ويجب علينا الحرص على عدم جعل مملكة آل سعود خارج الموضوع. فهم من بين أكثر دول العالم الناجين، والذين أثبتوا جدواهم. فمملكتهم الأولى استمرت من 1744، عندما تحالفوا مع مؤسس الحركة الوهابية، محمد بن عبد الوهاب حتى 1818، حينما قام الجيش العثماني المصري بتدميرهم. والمملكة الثانية سيطروا فيها على نجد، والواقعة في وسط شبه الجزيرة العربية،من 1824 حتى -1891. أما المملكة الحالية فقد بدأت حينما سيطر ابن سعود على الرياض في 1902، وتم تعزيزها بعد الحرب مع اليمن في 1930. فآل سعود هم:فتيان العودة". (2).كما وان "مارتن اندايك" نائب الرئيس ومدير صحيفة الواشنطون بوست للعلاقات الخارجية، يذكر في مقاله الاسبوعي في العدد الصادر في نيسان - 4 - 2011 وبعنوان (مشكلة أوباما مع المملكة العربية السعودية) قائلا: "هناك، في المملكة العربية السعودية، ربما لم يعد ملكها المريض عبد الله (87) عاما بقادر على الحصول على نوم كافي نتيجة تلك الاحداث المرعبة. وكيف يمكن ان يغمض له طرف وهو يرى لهيب عدم الاستقرار والاضطرابات تلعق كل الحدود من حوله. ففي الجنوب، اليمن ينهار، لصالح أعداءه في تنظيم القاعدة. وفي الشرق، حيث كانت الغالبية الشيعية في البحرين في حالة من التمرد من اجل حقوقها الدستورية، إلا أن عبد الله أرسل قواته المسلحة لقمع التظاهرات السلمية لمنع إيران من إقامة "مخلب قط" على الجانب العربي السني في الخليج [الفارسي]. وفي الشمال، يرى الملك عبد الله ان الشيعة في العراق تهيمن على الحكومة. وفي الغرب، فإن غالبية الفلسطينيين تطالب الملك الأردني ان يجعل من الاردن بلدا دستوريا. وفي الوقت نفسه، يجد ملك السعودية ان الرئيس المصري حسني مبارك، والذي قد كان الدعامة السنية الأخرى للاستقرار الإقليمي، وقد أطيح به.فهناك أزمة في السياسة الاميركية في الشرق الاوسط. فلأسابيع، كانت إدارة الرئيس أوباما منشغلة في محاولة لتجنب وقوع كارثة انسانية في شمال أفريقيا. ولكن، على الجانب الآخر من المنطقة، وفي شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، كانت هناك مسألة ذات أهمية استراتيجية وحيوية تنتظر اهتماما عاجلا من قبل واضعي السياسات الدولية."(3).فتأريخيا، اعتمد ملوك السعودية في أوقات الشدة، على الادارات الأميركية لضمان أمنهم الخارجي. ولكن في هذه اللحظة و الأزمة على اشدها، يكاد عبد الله ان يصاب بالانهيار وهو يرى أن الرئيس أوباما يشكل تهديدا لأمنه الداخلي. فهو يخشى انه في حالة  توسع نطاق التمرد، فسوف يطالبه اوباما بترك منصبه، تماما كما فعل مع حسني مبارك، وقد كان هو الاخر صديقا ولأمد طويل للولايات المتحدة. ونتيجة لكل ذلك، يجد عبد الله نفسه بالتالي مضطرا لبذل ترتيبات من اجل دعوة القوات الباكستانية لدخول مملكته عند الحاجة لقمع المظاهرات الشعبية ضده. لقد كان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أول رئيس دولة أجنبية أعلن عن حضوره من الباكستان الى المملكة العربية السعودية للاشتراك في تشييع جنازة ولي العهد الأمير سلطان الذي توفي في خريف 2011. وقد رافق الرئيس الباكستاني، رئيس هيئة أركان الجيش، الجنرال أشفق برويز كياني، الذي يعتبر السلطة الحقيقية في البلاد. إذ لم يكن الأمر مفاجأة أن يحضر زرداري وكياني وباندفاع لتقديم تعازيهم لعائلة آل سعود. فبين الباكستان والمملكة العربية السعودية علاقة حميمة ومنذ فترة طويلة. وهذه العلاقة العسكرية الاستراتيجية العميقة ولعقود من الزمان تعتبر من التحالفات الأكثر ديمومة في العصر الحديث. واليوم، قد يكون لديهم شراكة غير المعترف بها نوويا لتزويد المملكة برادع نووي في غضون فترة قصيرة، إذا دعت الحاجة من أي وقت مضى. وحري أن نفهم العلاقة السعودية - الباكستانية لنفهم مستقبل كلا البلدين، ونفهم التوازن النووي في كل من الشرق الأدنى وجنوب آسيا، وكذلك الأزمة في باكستان والمملكة العربية السعودية اليوم.(4).والحقيقة أن المملكة العربية السعودية تجنبت إلى حد كبير موجة الثورة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط. كما وأنها نجحت في الحد من إلاصلاحات لأن لديها العديد من الركائز الشرعية الداخلية. ولكنها، لا تزال تواجه تحديات عدة، أبرزها ازدياد أعداد الشباب، كما وأن البطالة المتفشية بين الشباب كبيرة في البلاد.وهناك أيضا معارضة القوى التي تؤثر على الإصلاح في المملكة العربية السعودية: فوجود علماء الدين، الذين هم أبعد ما يكونوا عن الحيادية، فضلا عن ضغوط حركة الصحوة الاسلامية ألاكثر راديكالية ضد النظام في حثه ليكون أكثر حزما في تطبيق الشريعة الإسلامية. كما وهناك أيضا مجموعة صغيرة من النخبة، الذين شجعهم مناخ التغيير للضغط من اجل الاصلاحات.(4).وعلى ما يبدوا أن هناك مخاطر محتملة لآل سعود عند دعمهم المؤسسة الدينية وبشكل أكبر مما ينبغي. فكثيرا ما كانت العلاقة متوترة بين السعوديين ورجال الدين، ولا سيما من قبل أجنحة مجتمع علماء الدين ألذين يعتبرون ألاكثر راديكالية، وقد قاموا في الماضي بدعم التشدد، والتشكيك في مصداقية دور العائلة المالكة. ومن الملاحظ، أن في العاصمة رياض، هناك قلق حول احتمال تجدد موجة الإرهاب المحلي. ففي الوقت الراهن، وعلى الرغم من أعتبارالرياض تنعم بالديمقراطية، ولكن بقدر ما لا يزال التهديد قائما.كما وأنه تاريخيا أيضا، أن النظام الملكي السعودي كان يلجأ الى نظريتين لإدارة الأزمات المشروعة: أولهما استخدام الهبات السخية و"شراء ذمم" السكان، والثانية: هي التركيز على مساحات اجتماعية وتربوية كبيرة من اجل علماء الدين. وقد استخدمت الاستراتيجية الأخيرة كاحدى الوسائل الهامة منذ أزمة المسجد الحرام عام 1979. ونتيجة لذلك، فالتركيز على محور التعليم والمواد الدينية، كان على حساب العلوم والرياضيات، وغيرها من المواضيع والتي تؤثر على التوازن بين العرض للعمالة والطلب في المملكة. و كان رد فعل النظام الملكي السعودي للربيع العربي من خلال العودة إلى التوازن التقليدي، في اختيار العلماء وتوزيع المال على الجمهور. في الوقت نفسه، لم يبالي النظام في ان يبالغ في ردة فعله وعلى وجه التحديد من خلال تصرفه خارج المملكة في ارسال القوات المسلحة السعودية الى البحرين لقمع الانتفاضة السلمية هناك، ليبرهن لنفسه وعلى ما يبدو، سيطرته داخليا، بعد ان اقتصرت الاحتجاجات الصغيرة على المناطق الشيعية في شرق المملكة.ويذكر "مايكل دوران"، أحد المحاضرين في الندوة التي أقامها (مركز سابان في بر