وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

٢٧ فبراير ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
299283

بمناسبة ذكري ميلاده المبارك (ع)

قبسات من سيرة الامام الحسن العسكري(ع)

نبارک صاحب العصر والزمان والامة الاسلامية بمناسبة‌ ذكري میلاد الامام الحادي عشر من أئمة أهل البيت(ع) الامام حسن العسكري(ع) الذي كان علما للزهد والعلم.

ابنا:‌ الإمام الحسن بن عليّ العسكري هو المعصوم الثالث عشر والإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بعد رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) .نشأ وتربّي في ظلّ أبيه الذي فاق أهل عصره علماً وزهداً وتقويً وجهاداً . وصحب أباه اثنين أو ثلاثاً وعشرين سنة1 وتلقّي خلالها ميراث الإمامة والنبوّة فكان كآبائه الكرام علماً وعملاً وقيادةً وجهاداً وإصلاحاً لاُمّة جدّه محمّد (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) .

وقد ظهر أمر إمامته في عصر أبيه الهادي (عليه السلام) وتأكّد لدي الخاصة من أصحاب الإمام الهادي والعامة من المسلمين أنّه الإمام المفترض الطاعة بعد أبيه (عليه السلام) .

تولّي مهامّ الإمامة بعد أبيه واستمرّت إمامته نحواً من ست سنوات2، مارس فيها مسؤولياته الكبري في أحرج الظروف وأصعب الأيّام علي أهل بيت الرسالة بعد أن عرف الحكّام العباسيون ـ وهم أحرص من غيرهم علي استمرار حكمهم ـ أنّ المهدي من أهل بيت رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) ومن ولد عليّ ومن ولد الحسين (عليه السلام) فكانوا يترصّدون أمره وينتظرون أيّامه كغيرهم ، لا ليسلّموا له مقالد الحكم بل ليقضوا علي آخر أمل للمستضعفين .

لقد كان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) استاذ العلماء وقدوة العابدين وزعيم المعارضة السياسية والعقائدية في عصره ، وكان يشار إليه بالبنان وتهفو إليه النفوس بالحبّ والولاء كما كانت تهفو الي أبيه وجدّه اللّذَين عُرف كل منهما بابن الرضا (عليهما السلام)3، كل هذا رغم معاداة السلطة لأهل البيت (عليهم السلام) وملاحقتها لهم ولشيعتهم .

وقد فرضت السلطة العبّاسيّة الإقامة الجبرية علي الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) وأجبرته علي الحضور يومين من كلّ اُسبوع في دار الخلافة العبّاسية.

مراحل حياة الامام العسكري(ع)

تنقسم حياة الإمام العسكري (عليه السلام) الي مرحلتين متميزتين :

المرحلة الأُولي : هي الأيام التي قضاها الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في ظلال إمامة أبيه الإمام الهادي (عليه السلام) والتي تقرب من (22 سنة) حيث تنتهي باستشهاد أبيه سنة (254ه ) .

ولا نملك صورة تفصيلية عن هذين العقدين من الزمن فيما يخص حياة الإمام الحسن العسكري سوي بضعة حوادث تتلخص في صور من خشيته للّه‏ منذ صباه وعلاقته الحميمة بأخويه محمّد والحسين ثم رزءه بأخيه محمّد، ثم زواجه ونصّ الإمام الهادي علي إمامته، ثم تجهيزه لأبيه حين وفاته صلوات اللّه‏ عليه .

ولا بد لنا أن نلمّ بأحداث عصر الإمام الهادي (عليه السلام) ومواقفه منها كي نستطيع أن نخرج بصورة واضحة عن الظروف التي أحاطت بالإمام العسكري (عليه السلام) في المرحلة الثانية من حياته كي يتسني لنا تقويمها ودراسة نشاطاته (عليه السلام) في عصر إمامته الذي لا نجد عصراً أقصر منه ولا أشد حراجة بالنسبة للإمام نفسه ولشيعته ولأهدافه .

المرحلة الثانية : هي أيام إمامته حتي استشهاده والتي تبدأ من سنة (254ه) وحتي سنة استشهاده (260ه) وهي مرحلة حافلة بأحداث مهمة علي الرغم من قصرها .

وقد عاصر فيها كُلاًّ من المعتزّ (255 ه ) والمهتدي (256 ه ) والمعتمد (279 ه )

وتبرز مدي أهميتها حينما نتصوّر أهمية مرحلة الغيبة التي كان لا بد للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أن يقوم بالتمهيدات اللازمة فيها لنقل شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من مرحلة الحضور الي مرحلة الغيبة التي يُراد من خلالها حفظ الإمام المعصوم وحفظ شيعته وحفظ خطّهم الرسالي من الضياع والإنهيار والاضمحلال، حتّي تتهيّأ الظروف الملائمة لثورة أهل البيت الربّانية علي كل صروح الظلم والطغيان وتحقيق جميع أغراض الرسالة الإلهية الخالدة علي وجه الأرض من خلال دولة العدالة العالمية لأهل البيت (عليهم السلام) .

انطباعات عن شخصية الامام العسكري(ع)

احتلّ أهل البيت (عليهم السلام) المنزلة الرفيعة في قلوب المسلمين لما تحلّوا به من درجات عالية من العلم والفضل والتقوي والعبادة فضلاً عن النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) في الحث علي التمسّك بهم والأخذ عنهم .

والقرآن الكريم ـ كما نعلم ـ قد جعل مودّة أهل البيت وموالاتهم أجراً للرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) علي رسالته كما قال تعالي : ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي )4 .

غير أنّ الحكّام والخلفاء الذين تحكّموا في رقاب الأُمّة بالسيف والقهر حاولوا طمس معالمهم وإبعاد الأُمّة عنهم بمختلف الوسائل والطرق ثم توّجوا أعمالهم بقتلهم بالسيف أو بدس السمّ .

ومع كل ما فعله الحكّام المنحرفون عن خطّ الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) بأهل البيت (عليهم السلام) ، لم يمنعهم ذلك السلوك العدائي من النصح والإرشاد للحكّام وحل الكثير من المعضلات التي واجهتها الدولة الإسلامية علي إمتداد تأريخها بعد وفاة الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) وحتي عصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) .

وقد حُجبت عنّا الكثير من مواقفهم وسِيَرهم إما خشية من السلطان أو لأنّ من كتب تأريخنا الإسلامي إنّما كتبه بذهنية اُموية ومداد عبّاسي لأنه قد عاش علي فتات موائد الحكام المستبدّين .

ونورد هنا جملة من أقوال وشهادات معاصري الإمام (عليه السلام) وانطباعاتهم عن شخصيّته النموذجيّة التي فاقت شخصيته جميع من عاصره من رجال وعلماء الأُمّة الإسلامية .

مظاهر من شخصية الامام العسكري(ع)

لقد مثّل الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) الرسول الأعظم محمّداً (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) في مكارم أخلاقه إذ كان علي جانب عظيم من سموّ الأخلاق ومعالي الصفات، يقابل بها الصديق والعدو، وكانت هذه الظاهرة من أبرز مكوناته النفسية ، ورثها عن آبائه وجده رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) الذي وسع الناس جميعاً بمكارم أخلاقه ، وقد أثّرت مكارم أخلاقه علي أعدائه والحاقدين عليه ، فانقلبوا من بغضه الي حبّه والإخلاص له ونذكر بعض فضائله من خلال البحث .

سماحته وكرمه

نقل المؤرخون نماذج من السيرة الكريمة للإمام العسكري (عليه السلام) نذكر بعضاً منها :

1 ـ روي الشيخ الكليني والشيخ المفيد عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسي بن جعفر (عليه السلام): قال : ضاق بنا الأمر فقال لي أبي : امضِ بنا حتي نصير الي هذا الرجل ـ يعني أبا محمّد ـ فإنه قد وصف عنه سماحة .

فقلت : تعرفه ؟

قال : ما أعرفه ، ولا رأيته قط .

قال : فقصدناه .

فقال لي أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا الي أن يأمر لنا بخمسمائة درهم مائتي درهم للكسوة ومائتي درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة .

وقلت في نفسي ليته أمر لي بثلاثمائة درهم ، مائة اشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة ، فأخرج الي الجبل .

قال ـ أي محمّد بن عليّ ـ فلما وافينا الباب خرج غلامه ، فقال : يدخل عليّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه ، فلما دخلنا عليه وسلمنا ، قال لأبي : ياعليّ ما خلفك عنا الي هذا الوقت، قال : ياسيدي : استحييت أن ألقاك علي هذه الحال ، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة، وقال: هذه خمسمائة درهم، مائتان لِلكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة للنفقة وأعطاني صرة وقال : هذه ثلاثمائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج الي الجبل ، وصر الي سوراء.