ابنا: بطبيعة الحال فإن مملكة آل سعود، رغم تسيبها في هذه الكارثة الإقتصادية للعديد من دول العالم المنتجة للنفط، لم تتحمل نتيجة مثل هذه السياسة، فسكان جزيرة العرب لا تزيد نسبتهم عن 2 بالمائة من مجموع شعوب الدول المنتجة إلى منظمة أوبك – بينما يزيد إنتاج السعودية الرسمي ( دون احتساب ما تصدره بصورة غير رسمية ) أكثر من 40 بالمائة من إجمالي صادرات منظمة الاوبك.
يضاف إلى ما تقدم أن سياسة آل سعود النفطية لا تأخذ بعين الإعتبار مصلحة الدول الأخرى المصدرة للنفط أو مصلحة شعب الجزيرة العربية، المالك الشرعي لهذه الثروة النفطية، بل مصلحة العائلة الحاكمة وحلفائها الغربيين الذي يدعمون بقاء هذه العائلة متسلطة على رقاب الشعب و على ثرواته الوطنية فليس من مصلحة شعب جزيرة العرب أن يتم استنفاد ثرواته النفطية بهذه الصورة المفرطة، التي ستؤدى إلى استنزاف هذه الثروة خلال عقود قليلة ، وحرمان الأجيال القادمة من أي ركيزة اقتصادية للبلاد.
وتزداد بشاعة هذه الجريمة التي يرتكبها آل سعود ضد مستقبل الشعب عندما ندرك الصورة التي يتم بها تبديد عائدات النفط على رفاهية أمراء آل سعود وملذاتهم، دون الالتفاف إلى ضرورة بناء قواعد صناعية وزراعية للبلد تكون عونا للأجيال القادمة في مرحلة ما بعد العصر النفطي.
يبقي أن نفند آخر مزاعم آل سعود حول « فوائد» إغراق الأسواق العالمية بنفط الجزيرة العربية، وتخفيض أسعاره إلى ما دون الحد الأدنى لمنظمة أوبك فالذريعة التقليدية لآل سعود هو أن هذه السياسة سوف تصرف الدول الصناعية الكبرى عن السعي والاستثمار في مجال البحث عن مصادر بديلة للنفط، فالحقيقة التي يدركها الجميع وفي مقدمتهم الدول الصناعية، أن البحث عن مصادر بديلة للطاقة لم يتكلل خلال العقود الأخيرة لأية نتائج إيجابية، وأن مساعي تلك الدول للبحث عن مصادر بديلة للطاقة لم تتوقف ولم تتأثر بانخفاض أسعار النفط وتوفره السهل في الأسواق العالمية. وأن نتائج مثل هذه الأبحاث تنتمي إلى عالم المستقبل البعيد وغير المنظور.
أما القناعة التي خلص إليها جميع العاملين في مجال البحث عن مصادر بديلة للنفط فهي أنه قبل استنفاد كامل المخزون النفطي على كوكبنا، لن يكون هناك بديل أرخص أو أكثر أمنا من النفط. لقد جاءت نتائج كل الأبحاث والتطورات العملية على الصعيد العالمي لتكذب افتراءات آل سعود ومبرر اتهم المتهافتة لإغراق العالم بفائض النفط السعودي وبتخفيض أسعاره وكان أول المتضررين من هذه السياسة المنحازة للغرب هو الشعب السعودي وبقية الشعوب في الدول المنتجة للنفط، أما المستفيدون من هذه السياسة فهم أمراء آل سعود الذين يعقدون الصفقات السرية ويتقاضون العمولات بمئات الملايين من الدولارات ويتآمرون مع شركة "آرامكو" على اقتسام عائدات النفط وتمرير السياسة النفطية التي تخدم المصالح الغربية، وتحديدا الولايات المتحدة على حساب شعب الجزيرة العربية المحروم من أبسط حقوقه الأساسية ومن ثرواته النفطية.
- دولة آرامكو
ما تزال شركة "آرامكو" منذ عقود طويلة، تشكل دولة داخل الدولة، وتعتبر من أهم مراكز صنع القرار في مملكة آل سعود، ليس على الصعيد الإقتصادي فحسب بل وعلى الصعيدين السياسي والعسكري أيضا.
ورغم أن شركة "آرامكو"، قد تنازلت شكليا عن قسم كبير من حقها في أسهم هذا المشروع الضخم لصالح دولة آل سعود ، إلا أن حجم هذا التنازل وشروطه وسعره ما تزال من أسرار العلاقة الغامضة التي تربط بين آل سعود وشركة ارامكو .
تحتكر شركة ارامكو حقوق استخراج وتكرير وتسويق النفط المستخرج من مملكة آل سعود وتقدر بعض المصادر حجم التوظيفات السنوية لشركة ارامكو في السعودية بحوالي عشرين مليار دولار.
واللجوء إلى التقديرات في هذا الموضوع الخطير ناجم عن عدم توفر أرقام رسمية معلنة حول حجم تلك التوظيفات، حيث إن عقود التوظيفات للشركة يتم إبرامها بعقود سرية بين العائلة الحاكمة وشركة "آرامكو".
ومنذ مطلع الثمانينيات تم توقيع، اتفاق بين "آرامكو" و آل سعود لإ نجاز مشروع عملاق وقد اعتبرته أوساط عديدة «أكبر مشروع نفطي عالمي» ويتعلق بجمع ومعالجة الغاز المرافق للبترول المستخرج من آبار السعودية، وقدرت بعض الأوساط كلفة ذلك المشروع بعشرين مليار دولار وهو يمنح ارامكو حق التحكم بكميات النفط والغاز المستخرجة من الحقول السعودية، حيث يشترط أن لا يقل الإنتاج الخام للمملكة عن 8,5 مليون برميل يوميا من أجل استخراج كمية من الغاز تكفي لتغذية المجمعات البتروكيميائية.
وهي فروع لشركة "ستاندرد اويل اوف كاليفورنيا" وقد منحها عبد العزيز آل سعود عام 1933 امتياز التنقيب عن النفط في جزيرة العرب، وفي عام 1943، تم تحويل هذا الفرع في السعودية إلى شركة باسم "اربيان أميركان اويل كومباني" واختصار.
"ارامكو"
التي تديرها وتشرف عليها وتملك غالبية أسهمها شركة ارامكو وقد تم تخطيط ذلك المشروع والمباشرة بتنفيذه بناء على توصيات خاصة من المستشارين الأميركيين الذين أصبحوا يشكلون قيادة الظل لمملكة آل سعود.
وتحتفظ الولايات المتحدة بحصة الأسد من السوق السعودي، حيث إن 20 بالمائة من المستوردات المدنية السعودية مصدرها الولايات المتحدة، ولكن عند إضافة المستوردات العسكرية السعودية، والتي لا تسجل عادة في الإحصاءات الرسمية، رغم أن قيمتها تقدر بعشرات المليارات سنويا، فان حوالي 60 بالمائة من إجمالي واردات المملكة السعودية تأتي من الولايات المتحدة، وهو ما يفسر حرص الأميركيين على مواصلة رفع سقف الإنتاج النفطي السعودي، لتغطية الأثمان المتزايدة للصادرات الأميركية للسعودية.
أكثر من 250 شركة أميركية، ومنها شركات صناعية عملاقة تتقاسم معظم العقود، في القطاعات المفصلية كالدفاع والكهرباء، والبترول، والغاز وصناعة الحديد، والبتروكيماويات.
وتعتبر "آرامكو" هي الذراع التنفيذية للولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي، فهي تشبه أخطبوطا أسطوريا تمتد أذرعه العديدة لتمسك المفاصل الإقتصادية الهامة كافة للقطاع العام. كما أنها تدير عشرات الشركات والمؤسسات الكبرى في القطاع الخاص.
ومنذ مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي، توسعت المملكة في مجال استيراد الأسلحة لتطوير أجهزة الأمن الداخلي وجهاز الحرس الوطني الذي يقوده ولي العهد السعودي "عبد الله بن عبد العزيز" وذلك بحجة زيادة التهديدات على أمن مملكة آل سعود، وقد حلت السعودية في هذا المجال محل إيران الإمبراطورية فاحتلت المكان الأول بين زبائن الولايات المتحدة من مستوردي السلاح الأميركي.
وتحتل السعودية المكان الأول في العالم من حيث مستوى النفقات على الأمن بالنسبة لكل فرد حيث تنفق مملكة آل سعود على الأمن ما يعادل 2600 دولار لكل فرد من السكان في مقابل 520 دولارا للفرد في الولايات المتحدة.
.................
انتهی/212