لقد كانت جيوش السلطان العثماني محمد الفاتح تحاصر بيزنطة ونخب بيزنطة من فلاسفة ومثقفين ورجال دين وقادة مجتمع، كانوا مشغولين في جدل فارغ، يتزاحمون للإجابة على سؤال أثاره تافه.كم عدد الملائكة الذين يمكن ان يقفوا على رأس الدبوس دون ان يتزحلقوا؟النتيجة تزحلق البيزنطيون ودخلت جيوش محمد الفاتح مدينتهم!.ما أشبه ماضي البيزنطيين بحاضر اغلب بلدان العرب؟.في العصور المتأخرة من حكم الدولة العثمانية، كانت اغلب الشعوب التي تقع تحت حكم العثمانيين تموت جوعا في حين كانت قصور السلاطين العثمانيين تغص بالألماس والمجوهرات، في تلك الحقبة لم نسمع عن شعر أو أدب أو نثر أو فن راقي، بل سمعنا عن تهافت شعراء تلك المرحلة وتسابقهم في وصف المخدة!. لا غرابة في ان يتطابق عيش السلاطين العثمانيين بعيش أمراء النفط ، ولا غرابة في تطابق التهافت!.من ضمن اغرب الغرائب في هذا الوقت ان يتسابق بعض "علماء الدين" والمشايخ لإطلاق فتاوى مخزية ومعيبة لمن يعيش في عصرنا هذا ويتمتع بمنجزات التكنولوجيا . يطلون على الفضائيات، ويدخلون مواقع التواصل الاجتماعي، ويتكلمون بالمحمول، يعيشون في عصر القفزات التكنولوجية، ويتكلمون عن التبرك ببول النبي(ص).من أين لهم الحصول على بول النبي ص وهو المتوفى منذ أكثر من 1400 سنة ؟ .يريدون العودة بنا إلى قرون سحيقة.بالأمس القريب ثارت ضجة في السعودية حول أحقية من يجب ان يبيع الملابس الداخلية على "الحريم" في السعودية.هل يحق للرجال السعوديين والبنغال والمقيمين من جنسيات أخرى بيع السعوديات ملابسهن الداخلية أم لا ؟.انشغل السعوديون بذلك الجدل مغيبين تماما عما يجري في منطقتهم الشرقية، وما يجري بالقرب منهم من ثورات لشعوب عربية تجاورهم، ومغيبين عما جرى من مناورات إيرانية ليست بعيدة عنهم .لم تهدأ ثورة "لبسان الحريم" حتى انشغل السعوديون برجل دين وهابي شغل الإعلام حينما قال ان تصميم مطار جده يشبه المرأة الحامل، بعدها شغلوا الإعلام بقصة الشاب السعودي حمزة كاشغري، الذي أراد ان يجرب حظه في ترديد أفكار فلسفية لفلاسفة ماتوا قبل ان تقوم دولة ال سعود. جرب قول الفلسفة، التي لامست الكفر في زمن الانشغال التام بالفتن "ولبسان الحريم" كل ما يريده ال سعود وما حولهم من أنظمة بائسة ان لايتعدى تفكير المواطن الخليجي ابعد من الحلال والحرام، ولا يلتفت إلى قضايا سياسية واجتماعية تهمه.لقد نجح وعاظ السلاطين في السعودية وبعض بلدان الخليج في حصر تفكير اغلب الخليجيين بالقشور، وتوجيه أحقادهم على المسلمين من أصحاب المذاهب الأخرى . ينغمسون بجدل من يبيع الحريم ملابسهن الداخلية، في حين يجهل اغلب السعوديين: كم هي واردات النفط السعودي؟.كم يصرف منها للميزانية وكم يذهب لجيوب الأسرة المالكة، كم يدفع منها لإثارة الفتن والاضطرابات في البلدان الأخرى، كم منها في بنوك الدول الأجنبية؟.بعضهم يجهل إلى أي مرحلة وصل البرنامج النووي الإيراني!!.يريد فقهاء السلاطين إشغال المواطن العربي بعداوات وفتن مذهبية وطائفية، كي يبقى الجائع جائعا والجهل سائدا,، والأمير والحاكم متخما، ينتهي الحال بالمواطن للتسول، أو الموت جوعا، وطبقة الحكام والسلاطين والأمراء ورجال حاشيتهم ووعاظهم يتنعموا بخيرات شعوبهم.أي من ال بيت النبي ص و خلص أصحابه وأصحاب المذاهب وفقهاء العصر الإسلامي الأول ملك ما يملكه رجال المؤسسة الدينية السعودية؟.هل عاش ابن عباس عيشا مرفها مثل ال الشيخ والقرضاوي؟.هل يغفر الله لمن يحلل الحرام للحاكم ويحرمه لعامة الشعب؟.حينما يسأل كل شيوخ الفضائيات من عامة الناس عن قروض البنوك يفتون بحرمتها، لكنهم لا يفتون بحرمة صناديق الاستثمار الحكومية!. عندما يشترى بها مخازن كبيرة مثل هاردوز، الذي يبيع الخمر ولحم الخنزير، الذي اشترته دولة قطر.لم نسمع من القرضاوي فتوى أو رأي حول تلك الصفقة!.هل سيسكت القرضاوى لو اشترى العراق مخزن هارودز؟.لم نسمعهم يفتون بحرمة شراء أسهم من بنوك عالمية تتعامل بالربا, ولا بشراء أندية تباع فيها الخمور، اشترتها حكومات خليجية أو أمراء خليجيين .كل هذا مسكوت عنه من قبل وعاظ السلاطين، لأنهم يطبقون الحلال والحرام على عامة الناس فقط، ويحللون ما حرم على الملوك والأمراء والسلاطين. يلهون الناس بجدل فارغ كجدل أهل بيزنطة أيام زمان، شعوبهم جائعة، بحارهم وحدودهم ملتهبة، البلدان النووية تحصارهم وستحاصرهم من كل جانب، وهم مغيبون بالفتاوى والفتن والجدل الفارغ!.انتهی/ 113
المصدر :
الثلاثاء
٢١ فبراير ٢٠١٢
٨:٣٠:٠٠ م
298197