في تسجيل بثته القناة الفرنسية الثانية لحوار دار بين مندوب روسيا في مجلس الامن فيتالي تشوركين ورئيس وزراء ووزير خارجية قطر حمد بن جاسم ، حيث وجه الأخير لمندوب روسيا قائلا : احذرك من اتخاذ اي فيتو بخصوص الازمة في سوريا ، فعلى روسيا ان توافق القرار والا فأنها ستخسر كل الدول العربية" وهنا جاء رد السفير الروسي وبكل هدوء اعصاب :" اذا عدت لتتكلم معي بهذه النبرة مرة اخرى لن تكون هناك شيء اسمه قطر بعد اليوم ثم اضاف ، انت ضيف على مجلس الامن فأحترم نفسك وعد لحجمك وانا اساسا لا اتحدث معك ، انا اتحدث بأسم روسيا العظمى مع الكبار فقط ".
وانا هنا أجزم أن كل مواطن يعيش في الاقليم العربي بعد سماعه لهذا الخبر قال في قرارة نفسه او بشكل علني : " لا فض فوك يافيتالي" ، فالسفير الروسي تكلم بلسان حال الكثير من الشعوب العربية قبل ان يتكلم بلسان روسيا الاتحادية ، إذ ان هذه الشعوب عانت كثيرا من تدخلات هذه الدويلة في شؤون بلدانها ، حتى اخذ الكثير يتسائلون عن سر بروز الدور القطري بين ليلة وضحاها , فمن دولة مغمورة يكاد ان يكون وجودها في الخارطة الدولية نسيا منسيا الى دولة تدس انفها القبيح في كل أمر حتى بتنا نسمع باسمها في كل المحافل الدولية السياسية منها والاقتصادية وحتى الرياضية والثقافية ،ناهيك عن الدورالخبيث لواجهتها قناة الجزيرة التي أمست هي من يصنع الحدث وتؤثر بشكل لافت في القرارات الأقليمية وحتى الدولية !.
وبالعودة إلى كلام السفير الروسي والذي جاء منطقيا ومتطابق مع القوانين الفيزيائية في قياس حجم جسم ما ، فقطر لا تملك ما يؤهلها لان تكون لها ريادة وقيادة شعوب المنطقة قياسا بدور مصر والعراق وسوريا ولأسباب كثيرة ، إذ ماهو حجمها الاستراتيجي, وماهو عمقها الحضاري, وماهو دورها الثقافي والإبداعي, وماهو ثقلها البشري ومساحتها الجغرافية ؟؟!!
والمهم والأهم ،، ماهو ارث قطر الديمقراطي الذي تتشدق به اليوم والذي جعلها تقدم نفسها كراعية للديمقراطيات والمدافعة عن حقوق الانسان في المنطقة ،ونحن نعلم جيدا ان قطر ومعها دول الخليج العربي ترزح تحت سلطة العائلة الواحدة ، وهذه العائلة هي من يحكم منذ أن كانت آماراتهم وممالكهم تحكم بالانظمة القبلية التي تسير بمنهج الأعراف البدوية السائدة والى يومنا هذا (!).
وبعيدا عن عنتريات حكام قطر والتي ذكرتنا بالفأر الذي توهم بظله الكبير معتقدا ان هذا الظل إنما هو حجمه الحقيقي ، فحكامها اصبحوا كمن يرتدي ثوبا اكبر من مقاسهم حتى بدوا كالمهرجين أمام الملأ، ومع تقديرنا وإحترامنا للشعب القطري الذي لا يمثله (حمد وموزته الصفراء) فهي في النهاية إن علت أو هبطت وإن شرقت او غربت تبقى مجرد كيان صغير غير فاعل، لإننا نعلم جيدا بأن من يدير شؤونها ومؤسساتها المختلفة هي العمالة الاجنبية الوافدة ، وبحسب تقرير موقع المنظمة العالمية الصادر في عام (2007) يبلغ العدد الإجمالي لسكان قطر (مواطنين ومقيمين) بحدود مليون ونصف المليون نسمة، وتشكل العمالة من بينهم نسبة 72% (الآسيوية فقط ) ، ناهيك عن الموظفين والخبراء والمستثمرين الغربيين، بمعنى ان قطر هي ورشة عمل آنية أكثر منها دولة لديها مقومات تكفل بقاءها على المشهد السياسي والاقتصادي ، واعتقد ومن خلال كل التجارب السابقة أن دورة الاستراتيجيات السياسية المتقلبة ستعيد هذه الدويلة الى حجمها الطبيعي من مبدأ: البقاء للأقوى إن لم يكن من مبدأ ( لايصح الا الصحيح) .
البكاء على ديمقراطية سوريا
قبل ان اتكلم عن الدور القطري السلبي من احداث سوريا أود أن ابين نقطة غاية الاهمية وهي انني لست صديقا للطغاة او مدافعا بأي شكل من الاشكال عن الأنظمة الدكتاتورية القمعية والتي لم تقدم لشعوبها غير القهر والبؤس وكتم الأنفاس، والشعب السوري هو شعب عانى كثيرا من هذه الانظمة ورزح لعقود من الزمن تحت ربقة الدكتاتورية وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها ، وعليه من حق السوريين ان ينعموا بنعمة الحرية وبدون منة من أي طرف كان .
لكن السؤال المطروح هو : هل ان خلاص سوريا على يد جماعات وتنظيمات إرهابية متطرفة لها أجندات خارجية هو الحل الأمثل لها ولشعبها ؟؟!!
فالذين يتباكون اليوم على سوريا وشعبها عليهم أن يفهموا بإن هذا البلد من الغباء ان يحكمه الظلاميين من أصحاب الجلابيب القصيرة واللحى الطويلة ، فسوريا دولة متعددة الاديان والمذاهب والقوميات ( كما حصل في تجارب سابقة غير بعيدة مكانا وتاريخا) .
فالعرعور وبقية جوق الارهابيين بنيتهم إعادة سوريا الى العصور الحجرية وفي احسن الاحوال للعصور البرونزية، وآثار ما نقوله موجودة في المدن التي سقطت بيد ثوار ( السلف الصالح) ، فالخطف والذبح وفرض الشريعة والجزية على غير المسلمين قد اصبحت حديث الساعة بين السوريين انفسهم ومن يحاول ان ينكرها فكانما ينكر الشمس في رابعة النهار.
وعلى من يطالب غيره بتوفير المناخات الديمقراطية ويتشدق بحقوق الانسان ويتباكى على دماء الابرياء عليه أولا ان يوفر المناخ الديمقراطي لشعبه ، فهل يعلم الجميع ان من يطالب مجلس الامن بالتحرك ضد سوريا بزعم الديمقراطية هي دول لازالت تمنع المراة من قيادة السيارة وتمنعها من دخول ملاعب كرة القدم وتسلبها حق الترشح وحتى التصويت بالرغم من عدم وجود اي مناسبة انتخابية تذكر (!), ولازالت قوانينها المضحكة والمخزية تـُشرع من قبل هيئات مغلقة غير منتخبة متكونة من أفراد العوائل الحاكمة، ولازالت تحرم وتمنع الحرية والتعددية السياسية بزعم انها بدعة وضلالة (!) ،والانكى من ذلك ان هذه المحميات والاقطاعيات البترولية هي نفسها من قمع ثورة شعب البحرين السلمية اليوم وتباكت على سقوط نظام صدام بالامس وساهمت بشكل وبأخر في تأجيج الفتنة الطائفية التي حصلت في العراق.
فهل تتفقون معي بأن مطالبة هذه الدول التي لازالت تعيش على هامش التاريخ وتغوص في الخرافة رغم اموال البترودولار هي مجرد نكتة مضحكة؟!
................
انتهى /113