وفقاً لما أفادته وکالة أهلالبیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أقام الیوم رجل الدین البارز البحریني «سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم» صلاة الجمعة بجامع الإمام الصادق(ع) قال في خطبتها: «مسؤولية كل مسلم يهمه أمر الإسلام أن يعمل جاهداً على درء الفتنة الطائفية واحداث أي عرقلة ممكنة في طريقها».
کما أکد هذا العضو البحریني للمجمع العالمي لأهل البیت(ع) علی استمرار الاحتجاجات إلی النیل علی الحریة وقال: « الشعب الذي يصر على الحرية رغم الألام العنيفة لا تملك أي سياسة أن تتجاوز مطلبه ولا أن تدوس إرادته».
و فیما یلي نص الخطبة الثانیة للشیخ قاسم للیوم الجمعة 10 ربيع الأول 1433هـ. 3 فبراير 2012م. في جامع الإمام الصادق(ع) بالدراز قرب العاصمة "منامة" بالبحرین:
وماذا للشعب؟
إن الحماية الجسدية، والحماية القانونية، والحماية القضائية، والحماية المالية، والحماية الاعلامية وكل حماية ممكنة أخرى لقوات الامن بل للسياسة المرسومة لإسكات الشعب وإلغاء إرادته واخضاعه واذلاله بامكاناته وثروته، ولا كلام لنا في حماية قوات الأمن واستيفائهم كل حقوقهم واحترامهم واكرامهم إذا كانت هذه القوات من أجل حفظ الأمن للوطن والمواطن، وحماية سياسة عادلة وقوانين منصفة وعقلائية وتصب في مصلحة البحرين واهلها جميعا.
ولكن الكلام فيما توظف من اجله هذه القوات وما تمارسه على الأرض، والإعلان عن كل هذه الحمايات الحكومية واعتمادها من الواضح جداً أنه اعلان لهذه القوات ـ وفي هذه الظروف بالخصوص ـ بأن تنطلق في تعاملها مع كل المقدرات للناس كيفما تشتهي وترى أمنة مطمئنة من كل محاسبة وعقوبة من الجانب الرسمي، وهو إذنٌ صريحٌ لها بأن لا تحمل هم ما تفتك وتنتهك وتفسد فلا رقيب ولا حسيب ولا توقع إلا للجوائز والمكافآت والترقيات.
وماذا للشعب مع هذا الذي لقوات الأمن؟، غازات سامة، شوزن، رصاص مطاطي، هراوات، دوس بالسيارات، رصاص حي، ركل، صفع، قتل، اماتة، مع هذه القائمة قوانين تعسفية قائمة على الإنفعال وروح الإنتقام والقهر والإذلال، حرمان حتى من لقمة العيش، هجوم اعلامي شرس لا اعتبار فيه للحرمة الدينية ولا الكرامة الإنسانية وحق الوطن، قضاء الآصل فيه أن المواطن المستهدف جانٍ ولا يثبت براءته الدليل.
هذه لغة من يقول هذا فراق بيني وبينك ولا تلاق، لغة لا حقوق ولا اصلاح، لغة نابٍ وغاب، وهي لغة سجلت فشلها بصورة متكررة في أكثر من ساحة عربية في العام المنصرم، ودفعت بالأوضاع إلى درجات عالية من التأزم بين الحكومات والشعوب واوصلتها إلى حد الإنفجار، وهل يراد لهذا البلد هذا المصير؟
هذه اللغة تزيد في قناعة الشعب بضرورة الإصلاح، وتجعل مسألة السكوت على الفساد المتوسع والتدهور في الحقوق والحالة الأمنية المخيفة للمواطن من الأمر المستحيل.
لكل قصد مقدماته التي تدل عليه، ولكل هدف استعداداته وكثيراً ما كشفت الظواهر النيات، الحكومة التي تهدف للإصلاح وتنوي العدل واحترام حقوق المواطنين والإعتراف بقيمتهم ودورهم في رسم مستقبلهم واختيار خط حياتهم لا تحتاج أن تخيف وترعب، وأن تزيد من قسوة التعامل مع الشعب، وتطلق لقوات أمنها اليد الحرة في التصرف في مصير الناس وحياتهم، وتطمئنها بأنه لا عقوبة ولا حساب، وتضاعف من أسباب حمايتها إعداداً لخوضها معارك شرسة باغية ضد الشعب، كل ذلك إنما هو من مقدمات يتخذها من يختار الظلم على العدل، والاستمرار في الفساد بدل الإصلاح، ويقدم الحرب على السلم، والتصفية على الإبقاء، فهل تتجه السياسة هذا الإتجاه وتؤكد على ذلك بصورة عملية مشددة؟
نية العدل والإصلاح والتراجع عن الخطأ والإعتراف بالحق مقدماتها ظواهرها امراتها تختلف كل الإختلاف عما يسمعه الشعب من الإعلام الرسمي من وعيد وتهديد واستعدادات وما يمارس من اجراءة على الأرض من السلطة.
وما نتيجة الإستمرار في الخطأ، والتنكر لحق الشعب ومعاداته، والاستعانة على ذلك بسياسة الحصار والإضعاف والبطش والقمع وتخريب البنية الإجتماعية وإثارة الفوضى واشعال الفتن؟ احتراق الوطن، رعبٌ عام، خصام دائم، شقاء للجميع، نهايات كارثة لا يخرج من نارها خارج ولا تستثني أحدا.
خيار من هذا، خيار العقلاء، خيار المجانين؟ الجواب ليس بالشيء الصعب أو الذي يتردد فيه. الإصلاح لا غيره الحل، ومن طلب الحل في البطش بالشعب فقد طلب ما يستحيل معه الحل.
نعرف أن انتاج القوانين المتجاهلة لحقوق الإنسان، الشديدة في القسوة على المواطن، المستجيبة لرغبة الإنتقام، المتجاوزة لقيم الدين واحكام الشريعة، الشاذة عن كل القوانين هي من اسهل الأمور اليوم في ظل الوضع القائم وغياب المعارضة، ونعلم أن امكانات استعمال القوة المفرطة ضد الشعب متوفرة، وأن الدعم الإعلامي الأثم متيسر، وأن أموراً آخرى مساعدة قائمة بقوة...
لكن لابد أن يعلم الجميع إلى جنب ذلك أمورا آخرى:
أن قمع الشعوب، والإسراف في القتل، والتنكيل بالناس محاولة فاشلة إذا أريد منها اسكات الشعوب عن المطالبة بالحق، وأن ردت الفعل على هذه المحاولة عكسية، ومن شأن هذه المحاولة أن تزيد من درجة الصمود والإصرار عن المطالبة بالحق وتوسع المطالب كما اثبتت كل تجارب الساحة العربية من قريب ولازالت تؤكد على ذلك، والبحرين ساحة من هذه الساحات التي لم يرتد بها القمع لحظة عن المطالبة بالحق، هذا أمر.
والآخر، أن سياسة القمع والتوحش في التعامل مع مطالب الشعوب آسلوب لا يمكن أن يثبت مع الزمن لأنه اسلوب استثنائي شاذ غاشم لا يمكن أن تقبله بيئة مجتمع انساني يشعر بانسانيته.
وآخر، أن الأثار المدمرة لاسلوب العنف وبما يولد بطبيعته من ردات فعل مجانسة تطال المجتمع كله وتمثل كارثة للجميع، فهل يخطط أن يقع الجميع في الكارثة؟، إنها ليست معادات لفئة من الشعب وإنما هي المعادات لكل الشعب.
أنه لابد من التفتيش عن حل آخر، ولو فتشتم عن حل في كل مكان ولو قلبتم كل الأمور فلن تجدو حلاً غير القبول بالإصلاح الجدي الحقيقي المقبول الذي شدد عليه الشعب.
وأين نية الإصلاح ورجال هذا الوطن الأوفياء، وعلماءه الأجلاء المجاهدون، ونساءه الشريفات الصابرات، وشبابه الغيارى قابعون في السجون، يدفعون ضريبة ثقيلة لمطالبتهم بالحق، وحميتهم الدينية والوطنية، وتقديرهم لانسانية الإنسان، وهم اليوم يعيشون معركة المعدة الخاوية من أجل استرداد حريتهم وحرية هذا الشعب، ويستصرخون الضمير العالمي من اجل ذلك.
الشعب الذي يصر على الحرية رغم الألام العنيفة التي يعانيها صابراً من اجلها، لا تملك أي سياسة أن تتجاوز مطلبه في الحرية ولا أن تدوس إرادته، السجناء من أبناء هذا الشعب وهم في العذاب يقفون المواقف البطولية من اجل الحرية، أهالي الشهداء فقدوا أحبتهم وهم مستعدون لتقديم المزيد من اجل الحرية، المفصولون من الأعمال وقد ضيقت عليهم معيشتهم يرفضون أن يكون ثمن العودة لأي وظيفة وأي منصب فيه خدش الحرية، الأطباء والمربون الخاضعون للمحاكمات لا يرضون بديلا عن الحرية ويرفعون عقيرتهم بالمطالبة بها، المهددون من منتسبي الجمعيات السياسية لا يلويهم التهديد والوعيد عن الإصرار بالمطالبة بالحرية، صغير هذ الشعب وكبيره ذكره وانثاه الكل ينادي بالحرية.