حمل قائد الثورة الاسلامية الإمام الخامنئي الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية، مسؤولية اغتيال عالم الذرة الايراني الشهيد مصطفى احمدي روشن، مؤكداً "إن الجمهورية الاسلامية لن تتوانى عن معاقبة منفذي ومخططي هذه الجريمة".
واقع الامر أن الاستكبار الغربي ــ الصهيوني يطبق منذ سنوات حربه الناعمة االسرية في مواجهة طهران، بعدما اخفقت جميع سلوكياته العسكرية والاعلامية الهوجاء في تثبيط الجمهورية الاسلامية، واجبارها على التراجع عن مواصلة قفزاتها الجبارة في ميادين التقانة النووية السلمية وعالم الفضاء والتسليحات الدفاعية واخيرا وليس آخرا في مضمار التحكم بإحداثيات الحروب الالكترونية ، عقب اصطياد طائرة الـ "اركيو 170 " التجسسية الاميركية في الشهر الماضي قرب الحدود الشرقية للبلاد.
لقد اذاقت ايران الولايات المتحدة والدول الاوروبية والكيان الصهيوني والاطراف الاقليمية المتواطئة معهم، هزائم مرة طيلة العقود الماضية، زادت من تفاقم الازمات والنكسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم الغربي، واظهرت للمجتمع الدولي ان حصيلة التجاذب القائم بين طهران والاستكبار العالمي تتجه لصالح الجمهورية الاسلامية وقوى محور المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط. ويتبدى ذلك و باختصار بالمعطيات الآتية:
1. تهرب واشنطن وتل ابيب من مسؤولية جريمة الاغتيال الاخيرة ، رغم التصريحات الضبابية التي ادلت بها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والناطقان باسم البيت الابيض والخارجية في الولايات المتحدة، والتي ادانت العملية باعتبارها اسفرت عن التصفية الجسدية لانسان بريء مع تقديم العزاء لعائلته، الامر الذي لم يبق سرا في ان العدو الصهيوني هو المتهم الرئيس بارتكاب هذا الاغتيال الغادر، وهو ما دفع مصدر صهيوني للتصريح لموقع (تيك دبكا) بأن الادانة الاميركية للاغتيال، رفعت عن كاهل ادارة الرئيس باراك اوباما المسؤولية، بصورة تسببت في كشف "اسرائيل" وكأنها تقف وراء الاغتيال وبأنها هي المتهمة؟! ويعزز هذا الاتهام للموساد ما اعلنه ايضا وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا بانه يعرف الضالعين في عملية اغتيال الشهيد احمدي روشن، دون الافصاح عن المزيد.
2. فشل التحالف الاميركي ــ الاوروبي في تطبيق الحظر والمقاطعة على الصادرات النفطية الايرانية جراء الانشقاقات الغربية في هذا المضمار، ورفض بلدان معينة في الاتحاد الاوروبي مثل اليونان واسبانيا وايطاليا الانخراط في هذا المخطط الذي سيكلفها ثمنا باهظا،وسيسبب لها اضرارا اقتصادية كبيرة، وهي ليست مستعدة لتحملها كرمى لعيون الاستراتيجية الاميركية ــ الاسرائيلية في سياق حربها الناعمة ضد الجمهورية الاسلامية.
3. اضطرار أمين عام الامم المتحدة وبلدان ومنظمات دولية طالما تغاضت عن الارهاب الدولي الممارس ضد طهران، الى ادانة جريمة الاغتيال الاخيرة. وقد جاء في رسالة السيد بان كي مون يوم الجمعة 13/6/2012 ان "الامم المتحدة اذ تؤكد على وجوب حماية حقوق الانسان، فانها تدين أي اجراء ارهابي ضد أي شخص بغض النظر عن كونه مواطنا عاديا او عسكريا او عالما نوويا."
ويمكن اعتبار هذا الموقف الاممي المطلوب والمتأخر نسبيا ، خير ادانة لتصريحات صدرت تحت قبة الكونغرس الاميركي قبل نحو شهرين تحرض على اغتيال القيادات العسكرية والكوادر العلمية الاستراتيجية في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
4. دعم حركة عدم الانحياز وهي تضم؛ 120 دولة، المواقف المشروعة للجمهورية الاسلامية ولاسيما حقها في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية واصدار الحركة في إطار الامم المتحدة والمنظمة الدولية للطاقة الذرية، بيانا ادانت فيه بشدة جريمة اغتيال الدكتور احمدي روشن ، الشيء الذي يؤكد وقوف القوى التحررية والشريفة الى جانب المكاسب والمنجزات التي حققتها السواعد الايرانية الواعدة، واستنكارها الشديد للممارسات الارهابية الاستكبارية التي تستغل ضعف المؤسسات الشرعية الدولية للعبث بالامن والسلم الدوليين.
5. التصريحات الحازمة لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين في البلاد بان طهران ستنزل القصاص العادل بالمجرمين الذين سخروا انفسهم كأدوات لتنفيذ الاعمال الارهابية القذرة ضد العلماء والخبراء والمبدعين الايرانيين، مؤكدين ايضا على ان الرد سيكون مؤلما على حماة الارهاب الدولي، كما صرح بذلك الجنرال جزائري نائب رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة الذي لم يتردد في القاء مسؤولية هذه الجريمة على اميركا وبريطانيا واسرائيل باعتبار ان هذه الاطراف الثلاثة تناصب ايران والثورة الاسلامية، العداء منذ اكثر من 32 عاما، كما اتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتقصير في اداء واجباتها الاخلاقية عندما اقدمت على كشف قائمة بأسماء العلماء والمدراء العاملين في البرنامج النووي السلمي بالجمهورية الاسلامية، الامر الذي وفر معلومات تجسسية دسمة للاستخبارات الدولية ولاسيما للكيان الصهيوني، ما مهد الارضية لاحقا لاستهداف حياة علمائنا وكوادرنا بين فترة واخرى.
6. على صعيد متصل بعثت وزارة الخارجية الإيرانية مذكرتي احتجاج شديدتي اللهجة الى الحكومتين الاميركية والبريطانية، اتهمت فيهما واشنطن ولندن بدورهما السافر في تنفيذ الجريمة، كما حملت هاتين الدولتين مسؤولية عمليات الاغتيال التي طالت العلماء النوويين الايرانيين . وقد عززت الخارجية هذا الاحتجاج بالشواهد و الادلة الواضحة التي تثبت ضلوعهما في هذه الجرائم.
7. صفوة القول ان الحرب الاميركية ــ الاسرائيلية الناعمة التي اتخذت اشكالا مختلفة حتى الان، تعكس هزيمة الاستكبار الغربي ـ الصهيوني في حربه التقليدية التي رصدت الدوائر الاميركية والاوروبية ومعها بعض الدول العربية الخليجية، لها اموالا وامكانات عسكرية واستخباراتية خيالية ، على مستوى تقويض تنامي دور ايران المضطرد في الساحتين الاقليمية والدولية، اضافة الى فشل الاستراتيجية الاطلسية في اجهاض الصحوة الاسلامية التي تحولت فعلا الى تجارب في الحكم و السلطة كما في تونس ومصر و البقية تأتي.
لكن الغائب عن اذهان صناع القرار وراسمي المخططات الجهنمية، هو ان الجمهورية الإسلامية دولة عصرية حديثة. وقد صارت لها باع طولى في غالبية تفاصيل التطورات العلمية و التقنية والامنية، وهو ما سيمكنها من قلب الطاولة على رؤوس زعماء الارهاب الدولي في هذه الحرب ايضا، مثلما نجحت في احباطها للمؤامرات الاستكبارية السابقة.
..................
انتهی / 101