ابنا: اشار البيان الى ان القضاء تصرف اليوم في عدد من القضايا التي نظرها ينمّ عن عدم صلاحية القضاء الحالي ليكون حصناً لحقوق وحريات المواطنين، إذ استمر القضاء في نظر أحكام محاكم السلامة الوطنية في مراحل التمييز والاستئناف، في موقف غريب جداً.
إذ هاهي الحكومة التي أصدرت مرسوم السلامة الوطنية، وشكلت المحاكم العسكرية بموجبه واتخذت الإجراءات ضد المعارضة مستندة عليه، تذعن لمدافعين عن الضحايا التي أصمت المحاكم آذانها عن سماعها في الدفع بعدم دستورية المرسوم، و تتقدم بطلب عرض المرسوم على المحكمة الدستورية.
وذلك يعني أنها ادركت عدم دستورية المرسوم، لأن من يتقدم بالطلب يجب أن يكون جاداً في الطلب ويقر بما يطلب بالحكم بعدم الدستورية، لأن الرقابة اللاحقة على الدستورية ليست كالرقابة السابقة التي تكون لمجرد التثبت من خلو القاعدة القانونية من عيوب الدستورية، فأدوات الرقابة اللاحقة وإثارة المسألة الدستورية بشأن قاعدة قانونية قائمة أو أنتجت آثار توجب إيمان من حركها بعدم دستورية القاعدة ولا بد أن تنتهي بطلب الحكم بعدم الدستورية.
ولفت الى انه وبعد ذلك فإن إصرار المحاكم على اعتبار الأحكام الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية أحكاماً سليمة والتعامل معها على ذات القواعد، ومع ما أثبته تقرير لجنة تقصي الحقائق من غياب أبسط الحقوق للمتهمين في الاتصال بمحاميهم والدفاع عن أنفسهم، فضلاً عن صدور جميع الأقوال والاعترافات تحت وطأة التعذيب أو التهديد به، سيما بعد أن أثبت التقرير أن التعذيب سياسة ممنهجة، كل ذلك مؤشر على أن القضاء ما زال مستمراً على منهجه، ولا يؤمل حفظه لحقوق المواطنين تجاه عسف الدولة.
وسجلت الوفاق تعجبها من تعامل محكمة التمييز مع قضية المحكومين بالإعدام بنقض الحكم وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف العليا، في حين أنه يجب التعامل على أساس البطلان المطلق لتلك الأحكام الصادرة من محكمة السلامة الوطنية غير الدستورية بطلب الحكومة الحكم بعدم دستوريتها، وإعادة كافة الإجراءات للضحايا مستوفية معايير المحاكمة العادلة.
وإهدار كافة الأوراق والأدلة في الدعوى وبحيث تقدم من جديد، واعتبارهم بريئون براءة أصلية، وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف العليا مع بطلان الأحكام السابقة إنما يعد تفويتاً لضمانات المتهمين بدء من التحقيق والمحاكمة على درجتين، ولا يمكن أن يصدر عن قضاء نزيه.
واشار البيان الى نموذج قضية الأطباء، والتي افتقدت معايير المحاكمة العادلة، وتعالج كل من المحكمة والنيابة العامة العدالة الزائفة - التي وصفتها المنظمات الحقوقية- بصورة تبرز المعايب بصورة أكبر، وبدلاً من أن تلغى جميع الاتهامات، فإن النيابة العامة تريد أن تقدم أدلة جديدة، وتتمسك بسلامة الحكم مع تنازلها عن الاعترافات، في تصرف يثير التساؤل بشأن فهم مبدأ تساند الأدلة الذي يبطل الحكم بسقوط أي دليل في الجنائي.
ومع استمرار المحكمة في الإجراءات وكأن الحكم صادر قد صدر صحيحاً من محكمة مختصة شابته بعض العيوب التي يمكن تداركها في الاستئناف، في حين أن جميع الاجراءات السابقة على اتصال محكمة الاستئناف به إجراءات باطلة صادرة من جهات غير مختصة تنزل بالأحكام إلى درجة الانعدام.
وتابعت الوفاق بقلق شديد قضية المواطنين البحرينيين المتهمين بتشكيل خلية لتدمير الجسر وعدد من المنشآت الحيوية كما ادعت الاجهزة الامنية، في تكريس واضح للوضع الذي أشار إليه السيد/ بسيوني في تقريره.
فقد صدرت الانتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة هذه المرة من القضاء العادي، جرياً على عادته في القضايا ذات البعد السياسي، بدء من الاعتقال التعسفي، بطريقة كشفت الصور ما تم تدميره في الاعتقال، وفي ذات الوقت وبالآلية ومن قبل ذات الجهات التي ذكرها التقرير، كما حرم المتهمون من أبسط حقوقهم في الاتصال بالمدافعين عنهم في مرحلة التحقيق.
وقد تواردت المعلومات عن استمرار ذات المعاملة التي ذكرها تقرير السيد/ بسيوني مع المتهمين، حيث صدرت اعترافات وأقوال تحت وطأة التعذيب والتهديد به، ودون إرادة حرة، مع تجييش الرأي العام ضد المتهمين، وتسخير الأدوات الإعلامية في أوضاع شبيهة لم يردعها صدور تقارير دولية وأممية وأخرها تقرير بسيوني، وكل ذلك لم يغير شيء ما يؤكد مطالب المعارضة وبرنامجها في وثيقة المنامة.
....................
انتهی/212