اذا سلمنا اولاً ان الشرق الاوسط مستهدف، بل مقحم عمليا بمشروع الفوضى الاميركية منذ حرب تموز 2006 وحتى يومنا، فإن من السهولة بمكان تفسير تفشي الانفلات الامني في العديد من بلدان العالم العربي والاسلامي.
فبإلقاء نظرة خاطفة الى سيرورة هذه الفوضى، نرى ادواتها ـ وللاسف الشديد ــ افرادا أشبه بالحجارة الصماء التي لا تعي ولا تفهم، مع ان بعض الحجارة تعد منبعا للحياة و السعادة والازدهار كما ورد معنی ذلک في القرآن الكريم.
لقد ابتلي المسلمون والعرب طيلة العقدين الماضيين بمصيبة اتخذت صبغة دينية، ترفع دون أدنی وعي عقائدي راية السلفية الجهادية وطالبان والقاعدة وجند الشام وفتح الاسلام واسماء اخرى ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
والواضح ان كل هذه الاطر باتت في حلف وثيق مع الاستراتيجية الارهابية الاميركية التي انهزمت في سلوکیاتها الاحتلالية وغزواتها الخرقاء في العراق وافغانستان وباكستان، وها هي اليوم تستخدم اناسا محسوبين على الاسلام لكنهم في الواقع اسارى الضلالة و العمی والانحراف ، واتباع لفتاوى وعاظ السلاطين وحكام البترول والمال، ممن يزين لهؤلاء المخدوعين السذج تفجير انفسهم لقتل الابرياء والآمنين كما حصل بالامس في حي الميدان بالعاصمة السورية دمشق، في مشهد هو نسخة طبق الاصل لمئات العمليات الانتحارية التي سادت ومازالت في البلدان الثلاثة آنفة الذكر.
وما دمنا نتحدث عن نظرية فوضوية تقودها الادارة الاميركية بالتواطؤ مع اوروبا وبعض الاطراف الاقليمية وتحديدا السعودية وقطر ومن ورائها اسرائيل المجرمة، فان من الواجب على القوى الحية الامينة على الاوطان والمقدرات والمبادئ، مکافحة هذا التهديد الاستكباري الغادر، واخذ الاحتياطات اللازمة لئلا تتحول منطقة الشرق الاوسط الى مرتع للمتشددين والتكفيريين من الجهلاء الذين لايجدون حرجا في ان يكونوا وقودا حارقة لفائدة حرب اميركية ـ صهيونية من نوع جديد، حرب لا تفقه منطق الدين والاسلام والعقيدة، وتنعدم فيها معاني البصيرة والادراك والرشاد.فقد كشفت الاعمال الارهابية التي شهدتها ــ وربما ــ ستشهدها سورية بتفاصيل اكثر دموية في المستقبل، النقاب عن الوجهة الحقيقية للازمة الراهنة في هذا البلد، الامر الذي يجعل مساندة دمشق المقاومة، من اجل تقويض هذه المؤامرة الاميركية ــ التكفيرية، وظيفة شرعية ومهمة إنسانية لابد منها.
.........................
انتهی / 101