بصراحة يمكن القول ان معظم الانظمة في البلدان العربية المطلة على الخليج الفارسي هي ليست بمستوى القيام بدور محلي قوي ناهيك عن امكانية اضطلالها بدور أقليمي عبر الاستقواء باموال البترول من جهة، والارتماء في الاحضان الاميركية – الاطلسية من جهة اخرى.
فمن المعروف ان هذه الانظمة تتجاذبها تناقضات قبلية وسياسية حادة متوارثة ، تضعها في موضع الاستناد الى جرف هار قابل للانهيار والاضمحلال في أية لحظة. وازاء ذلك يخطئ البعض من هذه الانظمة وبخاصة السعودية وقطر، ان هي اعتقدت بأنها في مكانة تؤهلها للتحكم بالمشهد السياسي والاقتصادي والفكري في العالمين العربي الاسلامي، لاسباب كثيرة أهمها:
- ان هذه الانظمة متهمة اكثر من سواها بانتهاك حقوق الانسان وضربها عرض الحائط اية مطالب داعية الى اطلاق الحريات والديمقراطية واحترام التطلعات المشروعة لمواطنيها، بل اكثر من ذلك فانها تتواطأ معاً بشكل مسعور لكم افواه الأصوات المظلومة في أي من بلدان مجلس التعاون، كما هو الحال في البحرين، حيث حشد هذا المجلس قوات مدججة باحدث الاسلحة الثقيلة والخفيفة أسماها (درع الجزيرة) بقيادة السعودية لقمع الثورة الشعبية البحرينية، والاستمرار في اضطهاء أهل هذه الديار بكل قسوة ووحشية وضرارة، ما أثار انزعاج حتى الغربيين انفسهم ودفعهم الى مطالبة حكام المنامة الى ضرورة الاحتكام لصوت العقل والمنطق وعدم الامعان في استخدام العنف والعسف بحق المواطنين العزل في البحرين.
- صحيح أن البلدان الخليجية تستظل بواجهة مجلس التعاون، ورغم مساعيها للظهور أمام المنطقة والعالم بمظهر الاتحاد والمتلاحم، بيد أن الواقع يخالف هذا المشهد الشكلي، اذ ان انظمتها ما فتئت تعيش بعقلية أهل البادية ، حتى يود بعضهم غزو بعض، والاستيلاء عليه، تحت تأثير عمليات الغواية والتحريض التي تنفذها الأطراف الغربية والصهيونية لكي يسيطر كل من لديه الاستعداد والرغبة على الاخرين . ولعل نموذج قطر خير دليل يؤكد هذه المقولة، وان تصريحات رئيس وزرائها ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني التي تسربت مؤخرا تميط اللثام عن جنوح هذه الجزيرة الصحراوية القاحلة نحو العمل على اسقاط النظام في السعودية، وقيام الدوحة بحمل راية الحركة الوهابية غطاءً لتحركاتها السياسية المقبلة اقتداء بما طبقة آل سعود منذ العام 1925 م حتى يومنا هذا.
- ان الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي تتصارع فيما بينها على مسائل حدودية لم يتم ايجاد حلول قطعية بشانها وبالتالي فان هذه الخلافات ستظل تقض مضاجع حكامها خاصة وأن معظم المناطق المتنازع عليها زاخرة بالنفط والغاز، الأمر الذي يجعل من هذه المناطق مناطق قابلة للاشتعال مع أول صاعق يمكن أن يلهب في نفوسهم حمية الجاهلية والعصبية القبلية والتقاتل من اجل البقاء.
- اخيرا وليس آخرا احتضان الانظمة في هذه المنطقة الحساسة من العالم، قواعد ومقاراً عسكرية للقوات الاميركية والاوروبية منذ ايام الحرب الظالمة التي فرضها نظام صدام البائد على الجمهورية الاسلامية الايرانية (1988-1980) وقد تزايدت هذه المراكز العسكرية والاستخبارية بوتيرة ملفتة للاستغراب في السنوات القليلة الماضية وهو ما حول منطقة الخليج الفارسي الى ساحة مفتوحة للاستكبار الغربي – الصهيوني لا تهدد فيها مصالح ايران والدول العربية الواقعة فيها وحسب ، بل وتهدد ايضاً مصالح دول العالم باسرها باعتبار ان اكثر من 15 مليون برميل من النفط تشحن يوميا من هذه المنطقة عبر مضيق هرمز باتجاه انحاء الكرة الارضية.
ان منظومة مجلس التعاون يصدق عليها قول القرآن الكريم (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون)، فقد رهن قادة هذا المجلس مصائر بلدانهم ومقدرات شعوبهم للطاغوت وقد نهوا عن فعل ذلك . كما أن بعضهم يمني النفس بأن يكون زعيما عالمياً بفعل المال والاعلام لكن الحقيقة الساطعة هي أن كل ما يراه انتصارات ونفوذا ليس سوى سراب وخدعة . فالتقارير الواردة من وراء القارات والمحيطات تقول أن واشنطن والعواصم الاوروبية تستخدم قطر والسعودية و النظام في الاردن و من لف لفها ، كحصان طروادة ، في سبيل اختراق العالم الاسلامي حتى "اذا تحققت" أهدافها السلطوية والاستغلالية في المنطقة فان هذه الدويلات الهشة ستكون اول من يسحق في خضم حملات الغزاة الغربيين والتصدي الاسطوري الذي سوف يبديه ابناء الامة في مواجهة العدوان الاستكباري المفترض.
.................
انتهی / 101