وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
السبت

٣١ ديسمبر ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
285602

بمناسبة ذکری میلاده المبارك

نبذة عن الامام موسی الکاظم(ع)

یعتبر الإمام موسی الکاظم علیه السلام من العترة الطاهرة الذین قرنهم الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) بمحكم التنزيل وجعلهم قدوة لأُولي الألباب وسفنا للنجاة وأمنا للعباد وأركانا للبلاد.

الإمام موسي بن جعفر المعروف بالكاظم الغيظ سابع أئمة المسلمين بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأحد أعلام الهداية الربّانية في دنيا الإسلام وشمس من شموس المعرفة في دنيا البشرية التي لا زالت تشع نورا وبهاءً في هذا الوجود.

إنّه من العترة الطاهرة الذين قرنهم الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله وسلم) بمحكم التنزيل وجعلهم قدوة لأُولي الألباب وسفنا للنجاة وأمنا للعباد وأركانا للبلاد.

إنّه من شجرة النبوة الباسقة والدوحة العلوية اليانعة ومحطّ علم الرسول وباب من أبواب الوحي والإيمان ومعدن من معادن علم اللّه‏.

ولد الإمام موسي بن جعفر في نهاية العهد الاُموي سنة ( 128 هــ)1 وعاصر أيّام إنهيار هذا البيت الذي عاث باسم الخلافة النبويّة في أرض الإسلام فسادا.

وعاصر أيضا بدايات نشوء الحكم العبّاسي الذي استولي علي مركز القيادة في العالم الإسلامي تحت شعار الدعوة الي الرّضا من آل محمّد (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم)2.

وعاش في ظلّ أبيه الصادق (عليه السلام) عقدين من عمره المبارك وتفيّأ بظلال علوم والده الكريم ومدرسته الربّانية التي استقطبت بأشعتها النافذة العالم الإسلامي بل الإنساني أجمع .

فعاصر حكم السفّاح ثم حكم المنصور الذي اغتال أباه في الخامس والعشرين من شوال سنة ( 148 هــ )3 وتصدّي لمنصب الإمامة بعد أبيه الصادق (عليه السلام) في ظروف حرجة كان يخشي فيها علي حياته.

لقد بقي هذاالإمام العظيم ثابتا مقاوماً علي خط الرسالة والعقيدة لا تأخذه في اللّه‏ لومة لائم حتي قضي نحبه مسموما شهيدا محتسبا حياته مضحّيا بكل ما يملك فيسبيل اللّه‏ وإعلاءا لكلمة الله ودين جدّه المصطفي محمّد (صلي الله‏ عليه وآله وسلم) في الخامس والعشرين من رجب سنة ( 183)5 أو ( 186 ه 4.

فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد فيسبيل اللّه‏ ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.

نشأة الامام موسی الکاظم(ع)

هو سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الكبير القدر العظيم الشأن، الجاد في العبادة المشهور بالكرامات، الكاظم الغيظ والعافي عن الناس، العبد الصالح وباب الحوائج الي اللّه‏ كما هو المعروف عند أهل العراق.

1 ـ الأب : هو سادس أئمة أهل البيت بعد الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) أبو عبدالله جعفر ابن محمّد الصادق معجزة الإسلام ومفخرة الإنسانية علي مرّ العصور وعبر الأجيال، لم تسمع الدنيا بمثله فضلاً ونبلاً وعلما وكمالاً.

2 ـ الاُم : لقد كانت اُم الإمام موسي الكاظم (عليه السلام) من تلكم النسوة اللآتي جلبن لأسواق يثرب وقد خصّها اللّه‏ بالفضل وعناها بالشرف فصارت وعاءً للإمامة والكرامة وتزوّج بها أبو عبداللّه‏، فكانت من أعزّ نسائه وأحبّهن إليه، وآثرهن عنده.

واختلف الالمورّخون اختلافاً كثيراً في نسبها فقيل انّها أندلسية، وتكنّي لؤلؤة5 وقيل إنّها رومية6، وقيل إنّها من أجلّ بيوت الأعاجم7، وكانت السيدة حميدة تعامل في بيتها معاملة كريمة، فكانت موضع عناية وتقدير عند جميع العلويات، كما أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) كان يغدق عليها بمعروفه، وقد رأي فيها وفور العقل والكمال، وحسن الإيمان وأثني عليها ثناءاً عاطراً، فقال فيها: «حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب، مازالت الأملاك تحرسها حتي اُديت إليّ كرامة من اللّه‏ وللحجة من بعدي...»8، وقد غذّاها الإمام الصادق بعلومه حتي أصبحت في طليعة نساء عصرها علماً وورعاً وإيماناً، وعهد إليها بتفقيه النساء المسلمات وتعليمهن الأحكام الشرعية5، وأجدر بها أن تحتل هذه المكانة، وأن تكون من ألمع نساء عصرها في العفّة والفقه والكمال.

3 ـ الوليد المبارك : امتدّ الزمن بعد زواج الإمام بها، وسافر الإمام أبو عبداللّه‏ الي بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، فحملها معه، وبعد الانتهاء من مراسيمه قفلوا راجعين الي يثرب، فلمّا انتهوا الي «الأبواء»9. أحسّت حميدة بالطلق فأرسلت خلف الإمام تخبره بالأمر، لأنه قد عهد إليها أن لا تسبقه بشأن وليده، وكان أبو عبدالله‏ يتناول طعام الغداء مع جماعة من أصحابه، فلما وافاه النبأ المسرّ قام مبادرا إليها فلم يلبث قليلاً حتي وضعت حميدة سيدا من سادات المسلمين، وإماما من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .

لقد أشرقت الدنيا بهذا المولود المبارك الذي ما ولد ـ فيعصره ـ أيمن، ولا أكثر عائدة ولطفا علي الإسلام منه.

لقد ولد أبرّ الناس، وأعطفهم علي الفقراء، وأكثرهم عناءا ومحنة في سبيل الله وأعظمهم عبادة وخوفا من اللّه‏.

وبادر الإمام أبو عبدالله فتناول وليده فأجري عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في اُذنه اليمني، وأقام فياليسري.

وانطلق الإمام أبو عبد الله عائدا الي أصحابه، وقد علت علي ثغره ابتسامة فبادره أصحابه قائلين:

أسرّك الله، وجعلنا فداك ،يا سيدنا ما فعلت حميدة ؟

فبشرهم بمولوده المبارك، وعرّفهم عظيم أمره قائلاً :

«قد وهب الله‏ لي غلاما، وهو خير من برأ الله».

أجل انه خير من برأ الله‏ علماً وتقويً وصلاحاً، وتحرّجا فيالدين وأحاط الإمام أصحابه علما بأن وليده من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين فرض الله طاعتهم علي عباده قائلاً لهم:

«فدونكم، فوالله‏ هو صاحبكم»10.

وكانت ولادته في سنة ( 128 ه )11 وقيل سنة ( 129 ه)12 وذلك في أيّام حكم عبد الملك بن مروان.

4 ـ حب وتكريم : وقطع الإمام موسي شوطا من طفولته وهو ناعم البال يستقبل الحياة كل يوم بحفاوة وتكريم، فأبوه يغدق عليه بعطفه المستفيض ، وجماهير المسلمين تقابله بالعناية والتكريم ، وقد قدمه الإمام الصادق (عليه السلام) علي بقية ولده، وحمل له من الحبّ ما لا يحمله لغيره، فمن مظاهر ودّه أنه وهب له قطعة من أرض تسمي البسرية، كان قد اشتراها بستةٍ وعشرين ألف ديناراً13.

وتكلّم الإمام موسي وهو طفل بكلام أثار إعجاب أبيه فاندفع أبوه قائلاً:

«الحمد لله‏ الذي جعلك خلفا من الآباء، وسرورا من الأبناء، وعوضا عن الأصدقاء»14.