قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
((وإذ إبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة "124".((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)) المائدة "67".
((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) المائدة "3".
نبارك للأمة الإسلامية ذكرى عيد الغدير الأغر الذي هو أكبر عيد عرفه الإسلام والمسلمين وأقر به الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآل وسلم) ، فهو عيد الولاية والإمامة وعيد إكمال الدين وإتمام النعمة كما جاء في الآيات القرآنية المجيدة ، ومن ينكر هذا العيد فإنه كافر مطلق ، كما جاء في الآية "67" من سورة المائدة حيث قال الله سبحانه وتعالى "إن اله لا يهدي القوم الكافرين" ، فمن ينكر بيعة الغدير فهو كافر مطلق.
والإمامة والولاية الربانية كما نراها في الإسلام هي أكبر من النبوة ، كما جاء في سورة البقرة ، فقد كان إبراهيم نبيا ولكن الله بعد أن إبتلاه بالرسالة توجه بالإمامة في آخر المطاف ، فسأل الله سبحانه وتعالى قائلا "ومن ذريتي" ، فقال الله سبحانه وتعالى إلى نبيه "لا ينال عهدي الظالمين".
فالإمام لابد أن لا يكون ظالما قبل الإمامة وبعد الإمامة ، والإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يكن مشركا ولم يكن ليعبد الأصنام ، فقد ولد في الكعبة وسجد لله سبحانه وتعالى عندما جاء إلى الدنيا ، وآمن بالرسالة المحمدية وإتبع الرسول إلى آخر حياة الرسول وجاهد الكفار والمشركين والمنافقين وبقي أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عادلا لم يظلم أحدا ، لذلك إنتخبه الله سبحانه وتعالى إماما ووليا للأمة بعد الرسول ، فنزلت الآيات الكريمة في حقه ، وهناك أحاديث وروايات جاءت في حقه ، منها لا يعادي ولا يبغض علي إلا كافر أو منافق أو ولد زنا.
وهنا نذكر لكم بعض الأحاديث والروايات ومنها: ((يا علي لا يحبك إلا مؤمن صالح ولا يبغضك إلا كافر منافق))
وقال النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يا علي : ((لا يبغضك من قريش إلا سفاحي ، ولا من الأنصار الا يهودي ، ولا من العرب إلا دعي ، ولا من سائر الناس إلا شقي ، ولا من النساء إلا سلقلقية ، وهي التي تحيض من دبرها ، ثم أطرق مليا ، ثم رفع رأسه فقال: معاشر الأنصار ، إعرضوا أولادكم على محبة علي ، قال جابر بن عبد الله: فكنا نعرض حب علي (عليه السلام) على أولادنا ، فمن أحب عليا علمنا أنه من أولادنا ، ومن أبغض عليا إنتفينا منه)).
وعن المفضل قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول لأصحابه : من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لأمه ، فإنها لم تخن أباه. وعن أبي رافع ، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :"من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما لزنية ، وإما إمرؤ حملت به إمه في غير طهر)).
ولذلك فإننا يا ربنا ويا رسول الله إننا نقر بالإمامة والولاية لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بعد رسول الله ، وإننا نقر بولايته وولاية الأئمة الإثني عشر من ولده كما جاء في خطبة الغدير التي نتمنى من المسلمين والمؤمنين أن يقرأوها كاملة حتى يتعرفوا على حقيقة عيد الغدير الذي هو أكبر عيد ضمن الأعياد الإسلامية.
وإننا نجدد العهد والميثاق على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وإن ثباتنا على ولايته وثباتنا على إتباع نهجه ونهج الأئمة الطاهرين والسير على خطى ثورة عاشوراء هو الطريق الوحيد لإنتصار الثورة الشعبية في البحرين ، وشعبنا المؤمن الموحد سيواصل مسيره ونهجه حتى يسلم الرآية إلى الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) ، وشبابنا وأطفالنا ونساءنا ورجالنا كلهم جنودا للإمام المهدي وهم الممهدين لظهوره وقيامه ،وإن شعبا يسير على نهج أمير المؤمنين وسيد الشهداء والأئمة الأطهار ويسير على خطى الإمام المهدي وينتظر ظهوره وخروجه ، فهو شعب لا يقهر ولا يموت وإن النصر آت أت وقادم.
أما فيما يتعلق بالأحداث السياسية الجارية على الساحة في البحرين فإننا نشير بإختصار لهذه الأحداث:
أولا : إن إعلان الحكم القطري والحكم الخليفي عن إكتشاف خلية مسلحة هو إعلان واهي ، وإن هذا يأتي في ظل مؤامرة ضد إيران من أجل تهيئة الأجواء لتوجيه ضربة عسكرية لها ، فلما فشلت مؤامرة توجيه التهمة لإيران بإغتيال السفير السعودي وتفجير السفارة في واشنطن وإفتضح أمرها ، جاءت هذه الفبركة المخابراتية بإتهام مجموعة من الشباب البحارنة المتواجدين في قطر بأن لهم نية لتفجير السفارة السعودية أو غيرها ، فإن ذلك يدل على أن السلطة تسعى قبل 23 نوفمبر وهو اليوم الذي من المفترض للإعلان عن تقرير بسيوني أن تفبرك مسرحيات جديدة ضد قوى المعارضة وضد ثورة شعبنا السلمية والحضارية.
إن هذه المؤامرة لها تحليلين إما جاءت من قبل خط رئيس الوزراء ليخرب مؤامرة أمريكا في الإعلان عن النسخة الجديدة للمشروع الإصلاحي المعدل والمطور ،لأن هذا المشروع من الممكن أن يؤدي إلى تحجيم دورهم القادم في عملية أي إصلاح ، والتحليل الثاني يأتي في سياق الضغط على قوى المعارضة والشعب من قبل السلطة الخليفية وأمريكا لإرغامهم على الموافقة على المشروع الأمريكي القادم الذي يراد منه إجهاض الثورة وإعدامها وتهيئة الأجواء لإعدام الشرفاء الثلاثة في البحرين بتاريخ 28 نوفمبر القادم.
إن مسرحية المؤامرة الأخيرة بالإعلان عن كشف خلية مسلحة يأتي لإجهاض الثورة الشعبية السلمية الحضارية ويأتي بعد أن قام شعبنا بإحراج الحكم الخليفي الديكتاتوري الذي هو النظام الإرهابي الذي يمارس إرهاب الدولة المدعوم من البيت الأبيض والعرش السعودي.
إن واشنطن والحكم السعودي قد إرتكبوا جرائم حرب ومجازر إبادة وإنتهاكات صارخة بحق شعبنا بإطلاق يد العنان للجيش والحرس الوطني والقوى الأمنية والمرتزقة والميليشيات الخليفية المسلحة مدعومة بقوات الإحتلال السعودي لإرتكاب جرائم إرهاب ضد شعبنا الأعزل والمطالب بحقوقه السياسية بصورة سلمية.
إننا نعلن بأن مؤامرة كشف خلية مسلحة وإتهام إيران وحزب الله هي إتهامات واهية لحرف الأنظار عن المطالب الجوهرية التي طالب بها شعبنا وهي حق تقرير المصير ورحيل السلطة الخليفية عن البحرين بصورة سلمية لأن السلطة أثبتت عدم قدرتها على القيام بإصلاحات سياسية حقيقية ، فآل خليفة لا يؤمنون بالديمقراطية وتداول السلطة والمشاركة الشعبية ، فهم قبائل وعشائر بدوية جاؤا من نجد وأثبتوا خلال أكثر من قرنين من الزمن أنهم قراصنة ومجرمين وإنهم ليسوا على إستعداد على التنازل عن السلطة وإقامة ملكية دستورية حقيقية على غرار الملكيات الدستورية العريقة كما في بريطانيا ودول أوربية أخرى.
إن المشروع الأمريكي الصهيوني في الشرق الأوسط يريد الإلتفاف على حركة الشعوب وربيع الثورات العربية بمختلف الذرائع ، إلا أن الله سبحانه وتعالى سيقلب المعادلة لصالح المظلومين والمضطهدين ، ولن تذهب دماء شهداءنا هدرا ، وإن ما وصلت له البلاد من قمة في الظلم والقمع والتنكيل والإرهاب دليل على إقتراب نهاية عمر السلطة الخليفية ، فشعبنا وعلى الرغم من المحاكمات اليومية للشباب والنساء والإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ، سوف ينتصر على الظلم والطغيان ونهاية الطاغوت بات قريبة جدا ، وإن الثورة الشعبية العارمة سوف تستمر بسلميتها ودفاعها المقدس ومقاومة المحتلين السعوديين ومقاومة إرهاب السلطة الخليفية ومرتزقتها بمختلف الفعاليات الثورية حتى يسقط الحكم الخليفي وإقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي.
إن الحديث عن خلايا وشبكات وتنظيمات ومؤامرات هي مسرحيات وسيناريوهات معروفة من قبل شعبنا خلال أكثر من ثلاثين عاما ، والأزمة السياسية هي أزمة مطلبية تحولت إلى ثورة شعبية تطالب الآن بسقوط الطاغية حمد ونظام حكمه لأنه أصبح ديكتاتورا غادرا ، وأن نظام حكمه فقد مصداقيته وقدرته على حفظ أمن المواطنين وعدم صلاحيته لتحقيق إصلاحات سياسية حقيقية.
إن مطالب ثورتنا في البحرين مطالب شعبية لها تاريخ نضالي وجهادي طويل وقد طالبنا ومنذ أكثر من ستين عاما بالتحول للديمقراطية والشراكة الحقيقية ، وإن الثورة التي تفجرت في 14فبراير 2011م جاء نتيجة الإنقلاب على مشروع الإصلاحات الأمريكي الأول من قبل الديكتاتور ونظام حكمه.
فقد كان الإتفاق في ميثاق العمل الوطني في 14 فبراير 2001م أن تتحول البحرين من إمارة إلى ملكية دستورية ، إلا أننا أفقنا على إنقلاب صارخ على نضال شعبنا وجهادة وإنتفاضته في التسعينات وحكم البلاد بصورة ملكية شمولية مطلقة عبر دستور فرض بالقوة في 14 فبراير 2002م وبصلاحيات واسعة للطاغية حمد ، وأصبح الشعب مهمشا من المشاركة السياسية ، بينما كان القرار بعد عملية الحوار في عام 2000م هو تحول البحرين الى مملكة دستورية حقيقية ينتخب فيها الشعب حكومته وفق مبدأ التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية.
إن المعارضة بكل تياراتها الوطنية المختلفة ومعها الجماهير ناضلت ولأكثر من ستين عاما مطالبة بأن تكون هناك حكومة منتخبة وبرلمان كامل الصلاحيات التشريعية والرقابة ويتشكل عبر عملية إنتخابية حرة ونزيهة ودوائر إنتخابية عادلة وإستقلال القضاء.
ومنذ حركة النضال الوطني في الخمسينات وإلى الآن لا زالت السلطة الخليفية مصرة على البقاء في ظل حكم شمولي مطلق لا يؤمن بالمشاركة السياسية وتداول سلمي للسلطة ، ولا زالت تمارس أبشع أنواع الإرهاب والقمع والتنكيل ، زادت بعد ثورة 14 فبراير بإرتكاب الطاغية حمد ونظام حكمه جرائم حرب ومجازر إبادة ضد شعبنا ، وإرتفاع وتيرة الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وهتك الأعراض والحرمات وإعتقال النساء.
ولذلك فإن حركة شباب ثورة 14 فبراير وجماهيرها الثورية أصبحت على قناعة تامة بضرورة إسقاط النظام الخليفي الإرهابي وعدم القبول بتسطيح المطالب وعدم القبول بشرعية الحكم الخليفي والتعايش معه ، فشعبنا بات يدرك تماما إستحالة الحوار مع القتلة والمجرمين والساقطين خصوصا مع فرعون البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ، وشعارات شعبنا اليومية في المظاهرات والمطالبة بسقوط الطاغية حمد وحكم آل خليفة دلالة واضحة على أن الشعب لا يريد البقاء تحت مظلة الحكم الخليفي الغادر.