ولد (عليه السلام) للنصف من ذي الحجّة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين1.
وكانت ولادته (عليه السلام) في قرية (صريا) التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال2.
نسبه الشريف
هو أبو الحسن عليّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين السبط بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو العاشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
اُمّه أُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية3 وعرفت باُمّ الفضل4.
بشارة الرسول(ص)
وبشرّ الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) بولادته في حديث طويل حول الأئمة (عليهم السلام) بقوله:« ... 5.
کنيته و ألقابه
يكنّي الإمام (عليه السلام) بأبي الحسن ، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) يقال له أبو الحسن الثالث .
أمّا ألقابه فهي : الهادي ، والنقيّ وهما أشهر ألقابه، والمرتضي ، والفتّاح والناصح ، والمتوكل، وقد منع شيعته من أن ينادوه به لأنّ الخليفة العبّاسي كان يُلقّب به6.
الشيعة و إمامة الجواد (ع)
بعد التحاق الإمام الرضا (عليه السلام) بالرفيق الأعلي ، كان عمر الإمام الجواد (عليه السلام) سبع سنوات، وهذه الإمامة المبكرة كانت أوّل ظاهرة ملفتة للنظر عند الشيعة أنفسهم فضلاً عن غيرهم . واحتار بعض رموز الشيعة فضلاً عن غيرهم، بالرغم من التمهيد لهذه الظاهرة من قبل الإمام الرضا (عليه السلام) قبل إشخاصه إلي خراسان وبعده .
من هنا اجتمع جملة من كبار الشيعة في بيت عبدالرحمن بن الحجاج يتداولون في أمر الإمامة ، وكان من بين هؤلاء المجتمعين ، الريّان بن الصلت ، وصفوان بن يحيي ، ومحمّد بن حكيم ، وعبد الرحمن بن الحجاج ويونس بن عبدالرحمن ، فجعلوا يبكون... ، فقال لهم يونس : دعوا البكاء من لهذا الأمر يفتي بالمسائل إلي أن يكبر هذا الصبي ـ يعني أبا جعفر (عليه السلام) ـ ، وكان له ست سنين وشهوراً.... فقال الريان بن الصلت:
إن كان أمر من اللّه جلّ وعلا ، فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند اللّه فلو عمَّر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو بعضه ، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه ...»7 .
ويتّضح من النصّ السابق تأكيد الريّان علي مفهوم الإمامة باعتبارها منصباً إلهياً كالنبوة من حيث الاختيار والانتخاب لهذا المنصب . فإنّه بيد اللّه سبحانه ، قال تعالي : (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )8 وليس للناس فيها أمر واختيار .
مظاهر من شخصية الامام علي بن الهادي (ع):
لقد تحلّي الإمام الهادي (عليه السلام) بمكارم الأخلاق التي بُعث جدّه الرسول الأعظم لتتميمها9، واجتمعت في شخصيته كل عناصر الفضل والكمال التي لا يسعنا الإحاطة بها ولا تصويرها، ولكن هذا لا يمنع أن نشير الي جملة من مكارم أخلاقه التي تجلّت في صور من سلوكه. وإليك بعض هذه المكارم التي نصّت عليها كتب السيرة والتاريخ.
الکرم
كان (عليه السلام) من أبسط الناس كفاً ، وأنداهم يداً ، وكان علي غرار آبائه الذين أطعموا الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً10 ، وكانوا يطعمون الطعام حتي لا يبقي لأهلهم طعام، ويكسونهم حتي لا يبقي لهم كسوة11.
وقد روي المؤرّخون بوادر كثيرة من برّ الإمام الهادي (عليه السلام) وإحسانه إلي الفقراء وإكرامه البائسين ، نقتصر منها علي ما يلي :
1 ـ دخل أبو عمرو عثمان بن سعيد ، وأحمد بن إسحاق الأشعري ، وعليّ بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري ، فشكا إليه أحمد بن إسحاق ديناً عليه ، فقال: يا أبا عمرو ـ وكان وكيله ـ ادفع إليه ثلاثين ألف دينار ، وإلي عليّ بن جعفر ثلاثين ألف دينار ، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار.
وعلّق ابن شهرآشوب علي هذه المكرمة العلوية بقوله : « فهذه معجزة لا يقدر عليها إلاّ الملوك ، وما سمعنا بمثل هذا العطاء »12.
2 ـ وقال إسحاق الجلاب: اشتريت لأبي الحسن (عليه السلام) غنماً كثيرة يوم التروية ، فقسمها في أقاربه13.
الزهد
لقد عزف الإمام الهادي (عليه السلام) عن جميع مباهج الحياة ومتعها، وعاش عيشة زاهدة إلي أقصي حدّ ، لقد واظب علي العبادة والورع والزهد ، فلم يحفل بأي مظهر من مظاهر الحياة ، وآثر طاعة اللّه علي كل شيء ، وقد كان منزله في المدينة وسرّ من رأي خالياً من كل أثاث ، فقد داهمت منزله شرطة المتوكل ففتّشوه تفتيشاً دقيقاً فلم يجدوا فيه شيئاً من رغائب الحياة ، وكذلك لما فتّشت الشرطة داره في سرّ من رأي، فقد وجدوا الإمام في بيت مغلق ، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس علي الرمل والحصي ، ليس بينه وبين الأرض فراش14 .
ارشاد الظالين
واهتمّ الإمام الهادي (عليه السلام) اهتماماً بالغاً بإرشاد الضالين والمنحرفين عن الحقّ وهدايتهم إلي سواء السبيل ، وكان من بين من أرشدهم الإمام وهداهم، أبو الحسن البصري المعروف بالملاح ، قال: دلني أبو الحسن ـ وكنت واقفياً ـ فقال لي: إلي كم هذه النومة أما آن لك أن تنتبه منها؟!» ـ فقدح في قلبي شيئاً وغشي عليّ وتبعت الحقّ15.
العبادة
إنّ الإقبال علي اللّه والإنابة إليه وإحياء الليالي بالعبادة، ومناجاة اللّه وتلاوة كتابه هي السّمة البارزة عند أهل البيت (عليهم السلام).
أما الإمام الهادي (عليه السلام) فلم يرَ الناس في عصره مثله في