لم تتعرض الطبقة العاملة في كل أنحاء العالم لظلم وأذى وعدوان في البلدان الرأسمالية، مثلما تعرض له العراقيون على يد سلطة البعث. رفعت الأحزاب الشيوعية شعار (يا عمال العالم اتحدوا ) .عاش تضامن عمال العالم لا كثر من سبعين عاما، لكن العراقيين سرعان ما تناسوا ظلم البعثيين وأذاهم، فتفرق شمل ضحايا البعث، وأصبحوا فرقا وأحزابا وجماعات، فرقتهم شهوة السلطة والمال والمناصب !. قبل أسابيع قليلة اعتقلت قوات الأمن العراقية شخصين من تنظيم القاعدة، احدهم من ديالى كان يقتل ضحاياه بعد توثيق أياديهم وإجبارهم على شرب التيزاب، الآخر من الصويرة كان يملك مقصلة في داره يقتل ضحاياه بواسطتها .قال بيان القوات الأمنية ان الاثنين ينتميان لدولة العراق اللا إسلامية، اجزم أن للاثنين ماضي بعثي وفي دوائر صدام الأمنية وهم جزء من المخطط البعثي . هؤلاء ومن يستنكر اعتقال المتامرين من البعثيين، ومن يخرجون بتظاهرات منددة باعتقالات البعثيين، من ساسة الصف الأول وأتباعهم إنما يريدون ان يحصروا خيارات أغلبية العراقيين بين الموت بأحواض التيزاب والإعدام بالمقصلة، أو شرب التيزاب ولأغلبهم سجل حافل بمثل هذه الجرائم والممارسات البشعة . قال قائل منهم: " البعثيون السابقون لا يشكلون خطورة على الوضع الحالي لأنهم كبار في السن)!. قال آخر: "أنهم أفرادا لايشكلون خطورة على الوضع الأمني " تظاهرات خرجت في الانبار وصلاح الدين .محافظ الموصل النجيفي قال: "منع التجوال في الموصل جاء ليمنع أهل الموصل من الخروج بتظاهرات" . رئيس البرلمان طالب بوقت سابق بإقليم للسنة، ثم عاد وشكا من الحيف الذي لحق بأهل السنة، المطلك يستنكر الاعتداءات على مخيم اشرف ويستنكر اجتثاث البعثيين في جامعة تكريت واعتقال البعثيين, طارق الهاشمي أعرب عن استنكاره للاجتثاث وذهب بعدها مباشرة لزيارة السلطان العثماني الملا اوردغان .قالت الأخبار انه ذاهب ليقدم واجب العزاء بضحايا الزلزال، من له معرفة بسيطة ببواطن الأمور في العراق يقول عكس ذلك، والله اعلم !!. كل هؤلاء يعرفون: ان أربعة ضباط بعثيين فقط هم من قاموا بانقلاب العام 1963، وثلاثة آخرون هم من قاموا بانقلاب العام 1968. الانقلابات ليست بعيدة عن ارث البعث وتفكيره وممارساته . كل من ذكرناهم وغيرهم الكثير من قادة السنة الحاليين يتزاحمون فيما بينهم للفوز بزعامة السنة، كل ما يصرحون فيه له علاقة بالصراع على الزعامة وله صلة بدول عربية وإقليمية وله علاقة بما يجري من ثورات عربية . المشكلة التي يعانيها الساسة السنة هي:شعورهم بعدم وجود قائد سياسي، أو ديني يركنون إليه ويستمعون لتوجيهاته ونصائحه .نتيجة لوجود فراغ قيادي بين صفوفهم، رشحوا أياد علاوي العلماني الشيعي ليكون زعيما لقائمتهم، التي ضمت أغلبية سنية مطلقة بالإضافة إلى افرد من الشيعة، ممن كان لهم تاريخ بالعمل مع النظام السابق أو حزب البعث !. في العراق عشرات الآلاف من البعثيين من مستوى عضو فرقة فما فوق، اغلبهم يعيشون داخل العراق، يعمل بعضهم كقادة في الأجهزة الأمنية .لم يسأل المعترضون على الاعتقالات الأخيرة أنفسهم السؤال التالي. لماذا اعتقلت الأجهزة الأمنية فقط615 عنصر من البعثيين وتركت الآخرين ؟ ان أغلبية من اعتقلوا كانوا من الشيعة، لكننا لم نسمع عن تظاهرات خرجت في محافظات شيعية ضد الاعتقالات، سمعنا عن أفراح عمت الأوساط الشيعية، لكننا سمعنا عن خروج تظاهرات في المحافظات السنية .هذه التظاهرات والأزمة الحاصلة بسبب الاعتقالات تعيدنا إلى مربع تسميات إعلام صدام "المحافظات البيضاء"، التي لم تخرج ضد نظام صدام، و"المحافظات السوداء", التي خرجت بانتفاضة العام 91 على نظام صدام . هذه المعادلة تعيدنا لشرخ يؤدي إلى تصدعات طائفية جديدة في الجسد العراقي . بعدها ربما يصدق القائلون: عن محافظات كانت مستفيدة من نظام صدام ومحافظات متضررة !!. توقيت اصطناع الأزمات، مهمة في العمل السياسي، مهم جدا فرز من ارتفعت أصواتهم وأعربوا عن مخاوفهم من مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي، هم من كانوا يطالبون حتى الأمس القريب بانسحاب كامل للقوات الأمريكية من العراق في الموعد المحدد نهاية العام الحالي. كانوا (وطنجيه) لكن عندما أصبح الانسحاب على وشك الحدوث اصطنعوا الأزمات وبان المستور !. هؤلاء الساسة أنفسهم أظهرتهم الفضائيات مرارا وتكرارا، وهم يصرّحون تصريحات نارية ويلومون الأجهزة الأمنية بعد كل حادث إرهابي .هم أنفسهم من أثاروا ضجة على اعتقال البعثيين . ما الذي تفعله الأجهزة الأمنية كي يقبل هؤلاء القادة عنها !؟. العمل الأمني عمل مهني، يجب ان يكون بمعزل عن الأزمات والتجاذب السياسي . ليس العيب في صالح المطلق وغيره ممن يصطنعون الأزمات .العيب كل العيب فيمن تجاوز على الدستور واصدر عفوا عن صالح المطلق وجماعته من الاجتثاث، ليعيده مؤهلا للعملية السياسية . تعهد صالح المطلك والمجتثون معه في الحفاظ على العملية السياسية وتنكروا للبعث، لكن بعد أول (خضة) بان المطلك ومن على شاكلته على حقيقتهم . "قيادة قطر العراق لحزب البعث " .استنكرت ببيان رسمي ما سمته "اعتقالات بحق رفاقنا في داخل العراق". أليس عيبا ان تتطابق صيحات المطلك ورهطه مع بيان القيادة القطرية لحزب البعث،مع ذلك يبقى المطلك في داخل العملية السياسية؟. لقد أثبتت سياسة السنوات السابقة في تأهيل البعثيين فشلها، واثبت هؤلاء بالبرهان القاطع أنهم لا يؤمنون بقيم العراق الجديد ولا بالديمقراطية، ولا يقبلون بأقل من كل كعكة السلطة !. معادلة ظالمة تلك التي يسوقها البعض حين، يكتب ان المؤامرة البعثية ان نجحت سيقع ظلمها على أركان الحكومة. نحن لسنا أكثر ديمقراطية من ألمانيا، التي أزالت مؤخرا قبر رمز من رموز النازية لأنه أصبح مزارا، الأفكار النازية محظورة في كل بلدان العالم الغربي .هل نحن أكثر ديمقراطية من الغرب لنسمح ونؤهل البعثيين ونترك ضحايا البعث يئنون للآن!؟. العمل الجدي واجب في اتحاد كل ضحيا البعث السابقين في كتلة واحدة، ضد من يريد إعادة أو تأهيل البعثيين . العمل على إعادة تفعيل قوانين هيئة المساءلة والعدالة أكثر من ضروري.البحث عن شخص قوى قادر على المجابهة مثل المرحوم على اللامي ليرأس الهيئة ضرورة وطنية . العراق رحم ولود، وهو قادر على ولادة الأشخاص الاستثنائيين. غير ذلك سيكون أحسن خياراتنا محصورا بين شرب التيزاب، أو الموت بأحواضه !. العقرب تلسع حتى من يريد إخراجها من النار انتهی/214
المصدر : عراق القانون
السبت
٢٩ أكتوبر ٢٠١١
٨:٣٠:٠٠ م
275476
ليس العيب في صالح المطلق وغيره ممن يصطنعون الأزمات ،العيب كل العيب فيمن تجاوز على الدستور واصدر عفوا عن صالح المطلق وجماعته من الاجتثاث، ليعيده مؤهلا للعملية السياسية .