لن أسمَح بعَودَة حزب البعث العربي الاشتراكي للعمَل السياسي في العِرَاق لسَبعَة أسباب:
أوَّلاً ) لأنَّ حزب البعث وَمِن خِلال التجربَة وَمسيرته في العقود الماضيَة لَم وَلَن يَقبل بشريكٍ في السُلطَة وَإنما يطمَع دائماً وَأبداً بأن يكون حزباً أوحداً وَديكتاتوريّاً.. وَتشهَد إنقلاباته وَتصفيّاته لكُلِّ شركاءهِ مِنَ الأحزاب الاُخرى أثناء فترة العمَل السياسي للحزب.
ثانياً ) في حال تولّي حزب البعث العربي الإشتراكي السُلطة يكون العِرَاق مُلكاً وَمباحاً لكُلِّ الدول العربيَّة مِن خِلالِ تغلغلهَا في الحزب وَبإمكان جميع حُكُومَات تِلكَ الدول التأثير عَلَى سياسة وَتقرير مصير العِرَاق بواسِطَة نفوذ بَعض العرب أو البعثيين في الحزب (القائِد) في العِرَاق. عَلَى سبيلِ المِثال لا الحصر: تستطيع حُكُومَة أو جهات في لبنان بالتأثير عَلَى سياسة العِرَاق بواسِطَة البعثيين اللبنانيين سِيَّمَا وَأنَّ مِثل عبدالمجيد الرافعي اللبناني هُوَ نائب أمين سِرّ الحزب (أو عضو قيادة قومية سابقاً) وَكذلك الحال في اليمن وَأنَّ العضو القومي الآخر قاسم سلام هُوَ أميناً عامّاً مُساعداً لحزب البعث، وَهناك أعضاء قيّادة قوميَّة في الأردن وَالجزائر وَدول اُخرى.. وَكُلّ عربي يَستطيع أن يتدخل في شؤون العِرَاق مِن خِلالِ حزب البعث العربي... بينمَا لا يَستطيع العِرَاقي أو سيكون رأيّه مُستهجناً وَغريباً إذا تدخل في شؤون الدول العربيَّة وَحتى لو تولّى رئاسة الحُكُومَة في لبنان – مثلاً – مَن هُوَ غير مُناسِب سوى أن يَكون مُديراً لخمّارةٍ أو ملهى ليلي أو نادي قمار أو شبكة دعارة. أو أن يعتلي ولاية العهد في الأردن زعطوط عُمُره 15 سنة !! وَما شابه ذلِك في دولٍ اُخرى.
ثالثاً ) وليسَ مِن باب المُقارَنة بَينَ حزب البعث وَغيره مِنَ الأحزاب الحاكِمَة في العِرَاق وَلَكِن لَيسَ مِنَ العقلِ وَالمنطق وَالقانون أن يُعالَج الخطأ بالخطأ أو بمَا هُوَ أسوَأ.. وَلَم تكن تجربَة حزب البعث ناجحة في العِرَاق؟ بل كانت وَكتحصيل حاصل سلبيَّة وَعَلى وجهِ الخصُوص إعتداء العِرَاق – ابان حُكمه - عَلَى إيران ثمَّ غزوه للكويت وَفي الحالتيَن أو الحربيَن كانتا بدعمٍ وَتشجيع مِن بعض الأنظِمَة العربيَّة.. فضلاً عن كون تِلكَ الحربيَن المُدمرتيَن وَغير المُبرّرتيَن كانتا سَببَان في تدمير العِرَاق وَإرجاعه لعهد ما قبلَ الصناعة.
رابعاً ) تجربَة حزب البعث في العِرَاق كانت فاشلة وَقاهرة وَخلقت فوارق طبقيَّة ظالِمَة؟ وَمثلاً لا حصراً.. كيف يَستطيع الضابط أن يعمَل وَهناك مَن هُوَ أدنى منه رتبة وَلكنه أعَلَى درجة حزبيَّة يُحاسبه أو يبتزه في الاجتماعات الحزبية وَهكذا في الدوائِر الاُخرى سواء كانت عسكريَّة أو أمنيَّة أو مدنيَّة قد يكون فيها عامل أو موظف مَسؤولاً حزبيّاً لمُديرهِ!؟ وَبلاشك فأنَّ المَصالِح الشخصيَّة وَالمزاجات النفسيَّة غالباً ما تؤثر في التعاملات الرسميَّة وَعَلَى المَصالِح العامَّة للوَطن وَالمُواطِن سِيَّمَا في ظلِّ نظام أو حزب فاسِد كحزب البعث العربي الاشتراكي.
خامساً ) حزب البعث وَخصُوصاً في فترة تولّي صدام حسين نائباً ثمَّ رئيساً للعِرَاق مِن 1968 إلى 2003 إنتهى فيها البعث كحزب في العِرَاق وَبقى حزب الفرد الواحد أو الولاء لشخص صدام حسين وَالَّذِي إنقلبَ حتى عَلَى رئيسهِ أحمد حسن البكر فضلاً عن جميع منافسية أو مَن كانوا أكفأ منه مِثل عبدالخالق السامرائي، وَأمَّا الَّذِينَ لَم يُؤيّدوا مُؤامَرة صدام ضِدّ البكر فتمَّ تصفيَّتهم بذريعة تآمرهم مثل عدنان الحمداني وَمحمد عايش وَمحمد محجوب وَآخرين.. وَأمَّا الَّذِينَ كانَ يخشاهم فدبَّر لَهُم صدام فخاً (مُؤامَرة مِن تدبيرهِ أيضاً) وَتخلَّص منهم مِثل ناظم كزار وَمحمد فاضل وَغيرهُمَا في مُناسَبَات اُخرى مِثل حردان عبدالغفار وَصالح مهدي عماش.
سادساً ) البعثيون وَمنهم بالطبع القادة كانَ أكثريتهم وحوشاً كاسرة عَلَى عامَّة الشعب العِرَاقي بَيدَ أنهم صاروا كالأرانب وَالفئران وَقد هربوا مِن قوّات الاِحتلال الأميركي وَالمتحالف معه للاِختباء في الأحراش وَالجحور وَالبالوعات!! فهَل يتم مُكافئة اُولئِكَ الخونة وَالجبناء بعودتهم إلى العمَل السياسي في العِرَاق؟
سابعاً وأخيراً ) وليسَ بآخرٍ- إذا كانَ حزب البعث أو البعثيون لَم يَسمحوا لغيرهم مِنَ الأحزاب بالإشتراك معهم في السُلطة سابقاً، وَكانَ كُلّ منتمي لغير حزب البعث - أثناء تولّي الأخير السُلطة - يواجه عقوبة الإعدام!؟ فعَلَى أيِّ أساس منطقيّ أو عقليّ أو شرعيّ أو قانونيّ أو أخلاقيّ يُسمَح بعَودَة هكذا حزب إلى العمَل السياسي؟ فضلاً عن كونه حزب تآمري وَلَن يَقبل – كمَا أسلفت – أن يَكونَ شريكاً إلاَّ لتكتيكٍ ظاهِري يقود أو يُؤدّي في الباطِن إلى إنقلاب عاجل أو آجل عَلَى جميع شركاءه. وَمَعَ ذلِك فأنا ضِدّ الإنتقام أو تصفية الحسابات أو حتى مُحاكمَة قادة الحزب وَالجيش في النظام العِرَاقي السابق وَلكن بنفس الوقت أنا ضِدّ أن يعودوا إلى السُلطَة.. فالعفو عنهم وَجمع شملهم بعوائلهم وَأطفالهم هُوَ أقصى ما يُمكِن تقديمه إنسانيّاً لَهُم وَعليهم أن لا يَطمَعوا بأكثر مِن ذلِك.
.................
انتهی / 113