وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : المنار
الأربعاء

١٢ أكتوبر ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
271700

السيناريو الأميركي لإغتيال السفير السعودي: صب النار على صفيح ساخن

لقد اثبتت إيران خبرتها وكفاءتها العالية في إدارة الازمات وفي لعب ادوار مخابراتية عالية المستوى، فهل تحتاج الى مجازفة تقوم اساساً على شخص يحمل الجنسية الأميركية وتتعامل مع مهربي مخدرات مكسيكيين؟.

 

إتهامات صادرة من مهرب ومدمن على المخدرات تحاول توريط إيران بملف محاولة إغتيال السفير السعودي في واشنطن ...مؤامرة يبدو أنه تم التخطيط لها بهدف تبرير المغامرات القادمة وفبركة تحاول حرف الرأي العام عن مشاكل دول الخليج [الفارسي] واليمن فضلا عن التغطية على المشاكل الداخلية في امريكا.

إتهام سخيف ومفضوح ..أقرب إلى سيناريو على الطريقة الأميركية ..وصف خرجت به الدوائر الرسمية الإيرانية للإتهام الأميركي الموجه لطهران بالتخطيط لإغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير .

الناطق بإسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية كاظم جلالي قال في تصريح له لمراسل المنار في طهران حسن حيدر إن" واشنطن تتبنى كذبة كبيرة وتقوم بتوجيه الإتهام في منتصف الليل للطرف الأخر الذي ربما لا يستطيع أن يرد عليها في هذا الوقت المتأخر ومن ثم تقوم بحملة إعلامية كبيرة للترويج لها ،فلنفترض أن إيران تريد إغتيال السفير ماذا ستجني ؟ وما مصلحتها ؟ لا شيء .. هذه حرب نفسية .مراكز صنع القرار الإيراني إعتبرت هذه الإتهامات محاولة لتوسيع دائرة الإستهداف لمحور الممانعة وإيجاد جبهة إقليمية معادية لإيران وتعزيز الجهود لإستعدائها ، بالإضافة لصب النار على صفيح ساخن لخدمة مصالح أميركية .

النائب في البرلمان الإيراني مهدي سنائي قال في تصريح للمنار إنه"من الغريب أن نرى توحيد الصف العربي والإسرائيلي من قبل واشنطن لإيجاد عدو مشترك للدول العربية وهو إيران وللكيان الصهيوني وهو إيران ، هذه لعبة سياسية وتهدف لإخراج الصهاينة من أزمتهم .بدوره إعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن "العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية تقوم على الاحترام المتبادل، وإن مثل هذا الاتهام الذي لا أساس له لن يؤدي إلى أي نتيجة".من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بعد جلسة لمجلس الوزراء"نحن لا نسعى إلى المواجهة، فسياستنا تقوم على التعاون والتفاعل. ولكن إذا فرضوا المواجهة على الأمة الإيرانية، فستكون عواقب هذا الأمر أشد قسوة عليهم"، بحسب وكالة الأنباء الطلابية.ومن ناحيته، قال نائب قائد الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، إن "المزاعم الأميركية عن ضلوع بعض أعضاء الحرس الثوري في الخطة الإرهابية المفبركة (التي تستهدف) دبلوماسياً من بلد عربي في واشنطن، سخيفة ولا أساس لها من الصحة".التضامن الدولي أتى سريعاً من الحلفاء الأوروبيين التقليديين، فلندن سارعت إلى تهنئة السلطات الأميركية على "إحباط المؤامرة لمهاجمة دبلوماسيين"، فيما رأت باريس أن "القضية بالغة الخطورة".

من جهتها نقلت واشنطن القضية إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بموازاة دعوة البيت الأبيض إلى عقوبات وإجراءات دبلوماسية لعزل إيران، وعدم استبعاده أي خيار من على الطاولة.

وغداة توجيه وزير العدل الأميركي إريك هولدر ومدير مكتب التحقيق الفدرالي روبرت مولر، التهم إلى كل من منصور أربابسيار (56 عاماً) الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية، وغلام شاكوري العضو في (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري في إيران، أُخذت الشكوى الأميركية في مجلس الأمن بمنتهى الجدّية؛ لكونها تتهم إيران لأول مرة بممارسة "إرهاب" على أرض الولايات المتحدة. لكن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين وصف "المؤامرة" بأنها "تبدو غريبة جداً".الشكوى الأميركية استُبقت برسالة إيرانية غاضبة وجّهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيسة مجلس الأمن الدولي مندوبة النيجر جوي أوجو. في رسالته عبّر مندوب إيران الدائم محمد خزاعي، عن غضب حكومته الشديد من هذه "الفبركة التي تخلق سوابق خطيرة في العلاقات الدولية". وإذ أدان الإرهاب بكافة أشكاله، لأن إيران كانت من ضحاياه باغتيال العلماء على أرضها، فضلاً عن التفجيرات التي تضرب أجزاء منها، اتهم النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة بالضلوع فيها.وتوقع دبلوماسيون في نيويورك أن تعرض سوزان رايس ومساعدوها على أعضاء مجلس الأمن القرائن الاستخبارية بشأن خطة العملية الإرهابية الإيرانية "المزعومة"، حسب تعبير وسائل الإعلام الأميركية.

أما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، فقد وصفت خلال مؤتمر صحافي "المؤامرة" بأنها "عمل متهور"، وأن بلادها تنظر في "عمل للرد عليه"، وأنها تُجري لقاءات مع دبلوماسيين أجانب بشأن الردّ الذي يجب ـــــ بحسب رأيها ـــــ أن يتضمن فرض عقوبات على المزيد من أفراد الحرس الثوري الإيراني بين أمور أخرى "لتحميل إيران المسؤولية"، مشددة على أنه "يجب محاسبة إيران على أعمالها".بدوره، قال نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن من الأهمية بمكان "توحيد العالم من أجل عزل طهران"، مضيفاً أن هذه العملية "تجاوزت كل الحدود".ولقد استدعى الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس السفير السعودي إلى مكتبه، حيث وصف"مؤامرة الاغتيال" بأنها "انتهاك فاضح للقانونين الأميركي والدولي". وأعرب عن تضامنه مع السعودية وضمانه لأمن الدبلوماسيين الأميركيين، حسب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني. وقال البيت الأبيض إنه لا يستبعد "أي خيار من على الطاولة" في التعامل مع إيران، لكنه قال إن السياسة الأميركية تركز على تشديد العقوبات على إيران.وأبلغ كارني الصحافيين بأن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها وفي الأمم المتحدة "لمواصلة عزل إيران".وفي السياق، قال رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، إنه يتعين على إدارة الرئيس أوباما اتخاذ إجراءات ضد إيران "تجعلها تشعر بالألم".وقال مسؤولون أميركيون إن من المحتمل أن يكون هناك مسعى لمجموعة جديدة من العقوبات على إيران بسبب هذه القضية. أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، فقال: "في ما يتعلق بهذه القضية، فإنها مسألة قضائية ودبلوماسية".أما الموقف السعودي الذي لم يذكر طهران بالاسم، فأكد على لسان مصدر مسؤول أن "المملكة العربية السعودية تدين وتستنكر بشدة المحاولة الآثمة والشنيعة لاغتيال السفير لدى الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تتفق مع القيم والأخلاق الإنسانية السوية ولا مع الأعراف والتقاليد الدولية".بدوره، ندد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، بـ"المؤامرة" الإيرانية لاغتيال السفير السعودي، وقال إنها ستضر بشدة بالعلاقات بين طهران ودول الخليج.

الحكاية الرسمية التي أعلنتها الحكومة الأميركية تحت عنوان "الحلف الأحمر"

محاولة إيرانية لإغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، وعمل إرهابي في الولايات المتحدة، وتفجير السفارتين السعودية والاسرائيلية في الأرجنتين. بدأت القضية التي تحمل اسم "عملية الحلف الأحمر" في أيار (مايو) الماضي، عندما تواصل مواطن ايراني - أميركي يحمل اسم منصور أربابيسار (56 عاما) مع مخبر أميركي في وكالة مكافحة المخدرات، وطلب مساعدته في دعم مجموعة تهريب مخدرات مكسيكية لاغتيال السفير السعودي. وكان المخبر متخفياً بشخص يعمل مع شبكة تهريب مكسيكية، وعند هذه النقطة تم إعتقال المواطن الإيراني، من قبل السلطات المكسيكية وتسليمه الى الولايات المتحدة حيث إعترف بالتفاصيل المزعومة واعترف منصور أربابيسار أن مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الايرانية، بينهم نسيبه وهو عنصر في الجيش الايراني يدير الخطة.

هذه هي خلاصة الرواية الرسمية التي أعلنتها وزارة العدل، وتبنتها الحكومة السعودية، ثم تداولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع، فهي قضية كبيرة وحساسة الى أبعد الحدود، وقد تصل الى مديات خطيرة، خصوصاً وان الولايات المتحدة اشارت الى انها ستضعها على جدول أعمال مجلس الأمن، وهذا يعني أنها قد تأخذ بعداً دولياً تترتب عليه قرارات صارمة.

الرواية  لا تبدو مقنعة لعدة إعتبارات:

أولاً: يسود عليها طابع الخيال الأميركي في العلاقة النسيجية بين مهربي المخدرات والعمليات الإرهابية، كما يتأكد ذلك من خلال التسمية (عملية الحلف الأحمر) وهو ما جرت عليه الثقافة الامنية الأميركية. في مقابل ثوابت تتمسك بها الأجهزة الايرانية، وهي عدم الاستعانة بأشخاص من خارج جهاز المخابرات في اي عملية خارج إيران.

ثانياً: إن الإجهزة المخابراتية في إيران، تنظر بريبة لأي مواطن ايراني يعيش ولو لفترة وجيزة خارج أراضيها، فكيف الحال بمواطن ايراني يحمل الجنسية الأميركية حتى تكلفه بعمل خطير كهذا؟.

ثالثا: يأتي في الرواية ذكر نسيب منصور أربابيسار، وهو عنصر في الجيش الإيراني مشترك في إعداد الخطة، في حين أن المعروف أن قيادات الحرس الثوري ودوائر المخابرات لا تولي الجيش أهمية كبيرة في الشؤون العسكرية، فكيف تعتمد على احد افراده في قضية مخابراتية كهذه؟.

رابعاً: بالنسبة لدولة مثل إيران لها خبرتها في إدارة الأزمات الدولية، كيف تفكر بهذه الطريقة البسيطة، فتكلف المجموعة ذاتها في إغتيال سفير في الولايات المتحدة، وتفجير سفارتي دولتين في الأرجنتين، مع أن اي دولة متخلفة مخابراتياً لو قررت ذلك، فانها ستنيط التخطيط والتنفيذ بمجموعات منفصلة كل واحدة لها اختصاصها.

خامساً: ماذا ستحقق إيران من وراء هذه العملية؟ وهل وصل العقل الإيراني الى مستوى من البساطة بحيث يجازف هذه المجازفة الكبرى دون ان يحسب حساباً لما يترتب عليها؟

إن إيران اثبتت خبرتها وكفاءتها العالية في إدارة الازمات وفي لعب ادوار مخابراتية عالية المستوى، والدليل على ذلك نفوذها الواسع في العراق، وقدرتها في التأثير على ملفات مهمة في لبنان وفلسطين ودول أخرى، فهل تحتاج الى مجازفة تقوم اساساً على شخص يحمل الجنسية الأميركية وتتعامل مع مهربي مخدرات مكسيكيين؟.

لا تبدو الرواية الأميركية مقنعة، لكنها بلحاظ الثقافة الأميركية والتجربة الأمنية مع مافيات المخدرات، تبدو مألوفة عندها، وهذا ما جعلها تصاغ بهذه الطريقة. ويبدو أنها استغلت حادثاً عابراً تورط فيه منصور أربابسيار في عملية تهريب او ما شاكلها فأرادت توظيف القضية بما يخدم معركتها مع إيران.

أما بالنسبة لتوقيت الإتهام يتزامن مع عقوبات دولية جديدة على إيران والتي تنظر اليها طهران على أنها تهدف لإثبات الوجود الأوروبي في الملف النووي ومحاولات للفت الأنظار بإتجاه الجمهورية الإسلامية التي أعلنت على لسان قادتها أنها بالحصار تحقق إنتصارات وبالعقوبات تتقدم وتتطور ..

علاقات طهران الرياض الفاترة بسبب التباين في التعاطي مع ملفات المنطقة وخاصة في سورية والبحرين قد تتأزم بأياد أميركية تقوم إيران إنها لن تنجح في ضرب إستقرار الخليج لأن أي