وفقاً لما أفادته وکالة أهلالبیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أقام رجل الدین البارز البحریني «سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم» صلاة الجمعة الیوم بجامع الإمام الصادق(ع) وأدان فیها بشدة تعدي الحکومة الخلیفیة علی النساء المؤمنات الصالحات في البحرین.
کما عبّر هذا العضو البحریني للمجمع العالمي لأهل البیت(ع) عن هذه الممارسات بـ "الحماقة السیاسیة" التي تحولت البحرین إلی بلد الفضائح والانتقام.
و فیما یلي نص الخطبة الثانیة للشیخ قاسم، لیوم الجمعة 1 ذو القعدة 1432هـ 30 سبتمبر 2011م ، في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز قرب العاصمة "منامة" بالبحرین:
بلغ السيل الزبى
والزبى جمع زبية، وهي الربوة لا يبلغها الماء، والسيل هنا سيل الشر، سيل البغي، سيل العدوان والفضاضة والإنحدار الخلقي، وضياع القيم، والإستخاف بالمقدسات والحرمات، وتجاوز الشرع والعرف والذوق الإنساني والدساتير والقوانين، وكل ما هو اخلاقي وحياءٌ حميد.
والروابي التي لا ينبغي أن يطالها عدوان، ولا يمس شرفها وحريتها وكرامتها في أي مجتمع مسلم ومن حكومة مسلمة، قرآن مجيد هو فوق كل كتاب، مسجد لعبادة الله عز وجل، وحسينية تحمل رسالة الحسين (عليه السلام)، وحرائر مؤمنات صالحات، ودماء زكية.
وليس شيء من هذه المقدسات والحرمات، ومن الدماء والأموال في هذا الوطن إلا وتعدت عليه السياسة، وناله بغي عظيم منها، وجرأة على الله ورسوله والدين الكريم.
الصورة المعروضة عما ارتكبته حماقة السياسة وجاهليتها وطيشها وغرورها في حق الحرائر الكريمات، من بنات هذا الوطن في "سيتي سنتر" جارحة جرحاً لا ينسى، مقرحة قرحاً لا يداوى، صارخة بأن وراءها جاهلية سوداء، وسقوطاً خلقياً ذريعا، وسخرية ممعنة بهذا الشعب وهزءاً به، وحقدا على بناته وأبنائه[1].
نعم إن كانوا يريدون إذلالانا فهيهات منا الذلة[2]. ( ... انقطع التسجيل الصوتي ... ).
حرائر مؤمنات في بلد الإيمان، على مشهد من المتفرجين مرميات ركاماً بعضهن على بعضن في الأرض، مكبلات الأيدي إلى الخلف، صارخات مستغيثات بلا مغيث، دون هذا المنظر بشاعة وقسوة منظر الإماء في يدٍ غير رحيمة، ومنظر الأغنام ساعة ذبحها، ففي أي بلدٍ مسلمٍ يكون هذا؟ وفي ظل أي ضمير انساني يكون هذا؟ وعلى يد كل من هذا؟
الجواب تنطق به الصورة، ويعلمه كل الشعب.
وإذا كان هذا هو حال المكشوف، وما تشهده الأعين من غلظة وفضاضة وعنف ضد النساء، وسحق لكرامة المواطن في الأسواق، فما حال ما يجري من كل ذلك في السجون؟
كان الله في عون هذا الشعب، وفرج الله عنه،
إذا كانت هذه السياسية الإرهابية الممعنة في القسوة والإذلال من اجل أن تتراجع المطالب الشعبية خطوة للوراء، فإن المطالب في نفسها غير قابلة للتراجع، ومثل هذه الأساليب إنما تزيد من الإيمان بالتمسك بها، وتجعلها ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل[3].
لم يعد الإصلاح الحقيقي المضمون أمنية من أماني الشعب، وإنما قد تأكد له أنه ضرورة من ضرورات وجوده، والضرورة لا يمكن التخلي عنها بحال.
لقد بذل الناس الكثير واعطوا اثماناً غالية من اجل الإصلاح الذي يمثل حلاً واضحاً كافيا، فلم يعطوا كل ذلك من اجل الحوارات المستغفلة لقتل الوقت، ولا من اجل تحسين لقمة العيش على اهميته، واطلاق سراح السجناء على ضرورته فحسب[4]، وإلا لما عرض الناس أنفسهم للسجن ابتداءً، ولا شحو بها على ضيق معاناتهم من أول الأمر، ولم يعطوا كل ما اعطوا من اجل اصلاح شكلي سطحي يبقي عمق المشكلة والمآساة على ما هو عليه، تأسيسا لجولات آخرى من المتاعب والخسائر والآلام[5].
اعطوا ويعطون من اجل أن يروا أنفسهم في وطنهم أحرارا، يشاركون بغير منٍ في رسم مستقبل بلدهم ومسار سياسته، ويتمتعون بخيراته في قسمة عادلة لا ضيزا، ويقتسمون المواقع الإجابية فيه على حدٍ سواء، لا تمييز بينهم إلا على أساس الأمانة والكفاءة، وكل ذلك يحتاج إلى دستور صالح رشيد جديد.
وإذا كان العنف والإنتهاك الصارخ لحرمة الحرائر بالصورة الفضة المخزية، لزرع روح الرعب في نفوس الرجال والنساء، فقد كفاكم ما جربتم من القسوة البالغة ضد أبناء الشعب طوال سنين، مما لم يثلم في عزيمتهم، وإنما كان دائماً يزيدهم اصراراً على المضي إلى الأمام.
وإذا كان هذا الإستفزاز من اجل أن يخرج الشعب عن سلميته، لتجدوا مبرراًً لتصفياتٍ داميةٍ واسعةٍ لأبنائه وبناته، فإن الشعب باقٍ على التمسك بخطه السلمي إيماناً منه بوجاهة هذا الخط، وحرصاً منه على مكتسبات الوطن، وإبقاءً منه على ما يعيد لأبناء هذا الوطن اللحمة القوية المتينة بينهم، ولا يسمح بزيادة الشروخ وبعثرة المجتمع المسلم وتمزقه إلى شراذم[5].
والأسلوب السلمي هو الأقرب لأخلاقية الشعب وطبيعة تحركه الذي لا يستهدف خراباً ولا فسادا، وإنما كل هدفه الإصلاح[6].
الجريمة في حق الحرائر ثبت عارها، وعارها باقٍ لا يقبل أن يمحى، فلا تضيفوا لها جريمة أخرى، ولا لعارها عارا آخر بإبقاء حرة واحدة منهن أو ممن قبلهن وراء القضبان، ولا تحاكمهن وهن البريئات المجني عليهن وأنتم المعتدون[7]، واتقوا الله في الدماء والأعراض والأموال والحرمات.
ألستم بكل هذه التعديات، وبتحويل البلد إلى بلد محاكمات يومية، واحكام انتقامية، وسجون مظلمة، وساحة رعب عام، لا تظهرون إلا أنكم لا تريدون إلى هذا البلد إلا شر مصير واسوء عاقبة؟.
أما ما عرضته الصورة المسربة من فضيحة اخلاقية ووصمة عار، لعملية انتهاك موغلة في الإستخفاف بكرامة المرآة وحرمة الإسلام، فقد سجل احراجاً لكل من له شيءٌ من الحياء ممن جند نفسه لنصرة البطش ضد هذا الشعب.
ثم انه من متابعة سلسلة الأحكام الإنتقامية المتلاحقة التي لا توقف لها، صارة طائفة من الشعب تفهم أنها محكومٌ عليها كلها بالأجرام والسجن والسجن المؤبد والإعدام، هذه هي القاعدة وإن كان لكل قاعدة استثناء، لكن الإستثناء هنا في نظر الحكم ليس للبراءة وإنما من باب إما مناً وإما فداءا[8].
وهذا