وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : فجر البحرین
الخميس

٢٥ أغسطس ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
261959

في خطبة الجمعة الیوم ؛

ردّ الشیخ عیسی قاسم علی رسالة وزیر العدل البحریني

هذا المنبر ومنذ أن كان منبراً للجماعة، ومنذ افتتاح هذا المسجد المبارك، قد أخذ على نفسه أن يكون للدين لا إلى أي جهة آخرى، وللإصلاح لا الإفساد، والوحدة لا التفرق، والحق لا الباطل، والهدى لا الضلال، وهذا العهد لا يمكن رفع يد عنه إلا بالتخلي عن قيم الدين وحكم الشريعة، ولا يفعل ذلك إلا خاسر...

وفقاً لما أفادته وکالة أهل‏البیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أقام رجل الدین البارز البحریني «سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم» صلاة الجمعة الیوم الجمعة 25 شهر رمضان بجامع الإمام الصادق(ع) وردّ فیها رسالة وزیر العدل الخلیفي إلیه قائلاً: «منبر الجمعة هو منبر رسول الله (ص) وهو راصدٌ ومراقبٌ اسبوعٌ لحركة المجتمع بكل أبعادها، لتدارك أخطاء هذه الحركة، وما قد يعرض عليها من انحراف أو قصور أو تقصير أو تذبذب أو تردد، وتصحيح كل المسارات، ورد الأمور إلى نصابها، لا يستثنى من ذلك أمر اقتصاد أو اجتماع أو سياسة أو غير ذلك».

کما قال هذا العضو البحریني للمجمع العالمي لأهل البیت(ع): «أنا خجلٌ أمام جميل هذا الشعب، ولهذا الشعب علي حقٌ ثابت اليوم وقبل اليوم، اعترف من نفسي أني أقل من أن أبلغ وفاءه».

و فیما یلي نص الخطبة الثانیة للشیخ قاسم، لیوم الجمعة 25 شهر رمضان 1432هـ 26 أغسطس 2011م. في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز قرب العاصمة "منامة" بالبحرین:

منبر الجمعة منبر رسول الله (ص):

منبر الجمعة اصلا إنما هو منبر رسول الله (صل الله عليه وآله) ثم اوفيائه، وليس لأحد أن يعتلي هذا المنبر في عيبتهم فضلاً عن حضورهم، إلا بإذن صاحب المنبر الأصلي في الشريعة الكاشفة عن إذن الله مالك الأمر كله، المنبر منبر رسول الله (صل الله عليه وآله) ولا إذن لأحد أن يصعد منبر رسول الله وإن كان في غيبته وغيبة الأئمة من ولده (صل الله عليه وآله وسلم) إلا بأن يعرف أن له إذناً في ذلك وإلا فلا[1].

ولهذا المنبر وظيفته الشريعة التي تُتلقى من القرآن وسنة الرسول (صل الله عليه وآله) وسيرة المعصومين من بعده (عليه وعليهم السلام) قولاً وفعلاً وتقريرا، ولا مصدر آخر لهذه الوظيفة في الإسلام.

ومما لا يمكن أن يعترض عليه مسلم يحسن شيءً من الإسلام أن وظيفة هذا المنبر في سيرة رسول الله (صل الله عليه وآله) تبليغ الإسلام كما يريد الله عز وجل، لا كما يهوى الناس، وباعث روح التوحيد لله عز وجل في العقول والأرواح والنفوس، واخلاص العبادة والطاعة له بلا شريك، والتمكين للعدل في الناس، ومطاردة الظلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستنهاض الأمة للعمل بدين الله وتطبيق منهجه في الأرض، والتوحد في سبيله، والتعاون على البر والتقوى، ومواجهة المنكرات والمظالم، والعمل على احقاق الحق وإبطال الباطل.

منبر الجمعة في الإسلام راصدٌ ومراقبٌ اسبوعٌ لحركة المجتمع بكل أبعادها، لتدارك أخطاء هذه الحركة، وما قد يعرض عليها من انحراف أو قصور أو تقصير أو تذبذب أو تردد، وتصحيح كل المسارات، ورد الأمور إلى نصابها، لا يستثنى من ذلك أمر اقتصاد أو اجتماع أو سياسة أو غير ذلك.

ومن كان يقوم بكل ذلك وبصورة بعيدة عن الخلل والخطأ نهائياً هو من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم من أقامه مقامه في الدين وسياسة المسلمين كعلي أبن أبي طالب (عليه السلام)، ولا يبلغ مبلغ رسول الله (صل الله عليه وآله) ولا المعصومين عموماً أحد على الإطلاق، وهم القدوة والمنار وبهم يستضاء ويهتدى.نعم، منبر الجمعة منبر رسول الله (صل الله عليه وآله)، وهو لكل ذلك، وليس منبراً سلبياً لا يهم من أمر المسلمين شيء، ولا ما يعتري الدين من سوء، والأمة من خلل، وما يحدث فيهاً من مظالم، وما يتهدد وجودها من اخطار، وما يراد بها من شر. وهو ليس لعون الظالم على المظلوم، واقرار البغي وأي لونٍ من ألوان الفساد في الأرض أو الإخلال بموازين القسط في الناس، ثم أنه ليس للفوضى وتأجيج الفتن، وإثارة النعرات، وتفتيت المجتمع، وافتعال الأزمات، واحداث المشاكل، وبغي الكلمة، وسلاطة اللسان، ولغته ليست لغة الشتم والسب والنيل من كرامة الناس بالباطل.

لغته احق لغة، وأكرم لغة، وانزه لغة، واعف لغة، وازكى لغة، واقوى لغة في الهداية و الإرشاد والإصلاح[2].

أما عن هذا المنبر من منابر الجمعة، فالتراجع خطبه المتقدمة التي زادت على 450 خطبة فيما اظن، فالتراجع هذه الخطب وقبلها خطب آخرى في الجماعة، وكلمات تضاف إلى ذلك في المناسبات، فاليراجع كل ذلك بدقة وامانة وموضوعية ونزاهة للحكم له أو عليه بمقاييس الإسلام لا بغيرها، وعلى مدى محاولة اقترابه أو ابتعاده عن هدى دين الله وهدى رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم)، وأنا اقبل النتيجة بكل ترحاب[3].

هذا المنبر ومنذ أن كان منبراً للجماعة، ومنذ افتتاح هذا المسجد المبارك، قد أخذ على نفسه أن يكون للدين لا إلى أي جهة آخرى، وللإصلاح لا الإفساد، والوحدة لا التفرق، والحق لا الباطل، والهدى لا الضلال، وهذا العهد لا يمكن رفع يد عنه إلا بالتخلي عن قيم الدين وحكم الشريعة، ولا يفعل ذلك إلا خاسر[4].

ولا اظن أن شيءً من خطب هذا المنبر تسجل شهادةً على خلاف ذلك، واعجب كيف يقال بأن هذا المنبر للفتنة والتأزيم، وتفريق صفوف المسلمين، وهو الذي ما فتئ يدعوا بقوة لوحدة المسلمين وتراحمهم، ونصرة المسلم أياً كان مذهبه، واحترام الآخر، ورعاية حق الإنسانية لأي انسان، ومقابلة الكلمة الهابطة بالكلمة المترفعة، وعدم هدر قطرة دمٍ من غير حق، أو اتلاف ما هو بمقدار فلسٍ واحدٍ من ثروة الوطن، والحرص على حقوق أهل كل الطوائف ومختلف اطياف هذا الوطن، وتركيز الشعارات على القضايا دون الأشخاص والذوات، وعدم الإستبدال عن الخط السلمي بأي خطٍ آخر.

أليست كل هذه دعوات تطرح هنا؟ أليست هذه الكلمات يؤكد عليها هنا؟ لماذا الزيف، لماذا الإفتراء، لماذا الكذب، لماذا المؤامرة؟[5]. أليس كل هذا من خطاب هذا المنبر، ومنه ما هو قريبٌ جداً، وفي الجمعة السابقة؟

أمورٌ ثلاثة سيبقى هذا المنبر بعيداً كل البعد وكذلك كان:

• أن يحقق رغابات السياسة.

• أن يكون شيطاناً اخرس.

• أن يكون فتنة وفوضى [6].

أمرٌ واحدٌ فحسب يلتزمه هذا المنبر، وهو أن يكون للدين وصالح المسلمين والوطن[7].

ثم إن مرجعيتي فيما يجوز وما لا يجوز في أمر الجمعة وفي كل أمر اخر، هي مرجعية كل مسلم اليوم فيما يجب، وذلك أن يكون المرجع هو الكتاب والسنة بصورة مباشرة أو عن طريق أهل الفتية من العدول على ما هو التفصيل في بابه، ولا أعرف أن لي أو لأحدٍ من المسلمين مرجعاً غير ذلك من وزارة أو غيرها في تلقي أمر الدين وحكم الشريعة[8].

ففرضني جاهلاً بوظيفتي الشرعية ـ وأنا اجهل الكثير ـ، لكن علي أن أرجع في تلقي هذه الوظيفة إلى من ترتضيهم الشريعة مرجعاً لها فيه، وهم الفقهاء العدول لا غير[9].

أقولها نصيحةً جلية لا غبار عليها، واعلنه حقاً ثابتاً لا مراء فيه، أن لابد من اصلاح عام وسياسي بالخصوص يرضي الشعب، وهو أوله ـ والإصلاح السياسي أول الإصلاح العام ـ، إذ لا حل يغني عن هذا الحل، ولم يعد بالإمكان التنكر له، ولا مهرب لأي نظامٍ سياسيٍ يبحث عن البقاء في الأرض اليوم بدونه، وكل محاولة للهروب منه يائسة، والتبكير واقٍ، والتأخير مجازفة.

العقل والدين والحكمة ومصلحة الوطن، وسلامة المجتمع، وبقاء الأخوات مع الإصلاح والمبادرة به، ولا ينافيه إلا ما يتنافى مع كل ذلك، والتأخر به سوء تقدير، والمطالب بتسويفه غير مصيب للرشد، فاقد للإخلاص للإنسان للوطن.

وأخير