وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : إسلام تایمز
الأحد

١٥ مايو ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
259963

ليست صرخة وجع ... بل صرخة فشل!

بعد فشل الأدوات الرخيصة والتدخلات المبطنة اخرج الجميع ما في جوفه وظهرت الحقائق لتنتقل اللعبة من تحت الطاولة إلى فوقها, فيخرج الملك السعودي ببيانه الأخير ويُندد حسب قوله "بآلة القتل السورية" متغافلا عن حقيقة الوضع وملبيًا للرغبات الغربية عامة وخصوصًا الأميركية منها.

ابنا : بدأ الربيع العربي فوقف زعماء ورؤساء حكومات العالم العربي إلى جانب الأنظمة وعملت على حمايتها وبالتالي كانت تحاكي بذلك المصالح الغربية المبطنة لبقاء تلك الانظمة بغض النظر عن تصريحات الغرب الرنانة لحماية الشعوب و الديمقراطية, ولطالما كانت الديكتاتوريات العربية الحليف الأول للإدارات الغربية وهي بمثابة الولد المطيع الذي لا يرفض طلبا للإدارة الأميركية.

كسائر الملوك والأمراء والزعماء العرب كان ولم يزل الملك السعودي ومعه الاسرة الحاكمة في المملكة الحليف الأقوى للإدارة الأميركية ووقف إلى جانب الديكتاتورية ودعم حسني مبارك وزين العابدين بن علي طوال مراحل مواجهتهم للثوار وقتلهم لأبناء شعبهم على الطرقات وفي المنازل إلى حين سقوطهما.

ولم يتوان الملك السعودي عن تقديم الدعم لحلف الأطلسي في تدخله بالأحداث الليبية وتدميره لها ولشعبها بحجة المساعدة من اجل الحرية ولكن الهدف الأساسي هو السيطرة وحماية النفط والشركات النفطية لدوله المنشأة في ليبيا. عندما وصلت رياح الثورة إلى دول الخليج العربي كان التدخل السعودي العسكري المباشر في اليمن والبحرين من أجل ضربها خوفًا من وصول رياحها إلى المملكة والإطاحة بعروشها.

رغم هذا كله خرج الملك السعودي ببيانه الأخير حول الأحداث في سوريا وشدد فيه على ان "ما يحدث في سوريا من قمع للمتظاهرين لا تقبل به السعودية وأكبر من أن تبرره الأسباب وأن كل عاقل يدرك أن سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى ليس من الدين" ودعا القيادة السورية إلى "تفعيل الحكمة والقيام بإصلاحات غير مغلفة بالوعود وأن ما يحدث لا يمكن ان تقبل به المملكة".

وفي بيانه أيضًا رأى الملك السعودي أن "سوريا اليوم تقف أمام خيارين لا ثالث لهما إما اختيار الحكمة أو الانجراف إلى أعماق الفوضى لا سمح الله" كما دعا النظام السوري إلى "إيقاف آلة القتل وتحكيم العقل".

بعد الدور الذي قامت به المملكة العربية في خدمة الإدارة الأميركية طوال أعوام طويلة ما عاد يهم الكثيرين من الشعب العربي إذا قبلت بتصرف نظام ما او قوى سياسية أخرى ام لم تقبل وما عاد يصدق أحد من الجماهير العربية رأي المملكة بالدين بعد أن خرقت تعاليم الإسلام مرات عديدة في الوقوف ضد الشعوب المقاومة للإحتلال الصهيوني الذي أفسد المقدسات الدينية وبعد أن وقفت ضد حق شعبها بالتحرر والعيش بسلام.

على الرغم من هذا كله فإن للبيان الملكي السعودي الذي تكلم عن الدين متناسيًا لعمليات القتل الهمجية التي تقوم بها المجموعات التخريبية في سوريا أسباب ودلالات سياسية أكثر من أنه مجرد صرخة وجع من أجل الشعب السوري واحترامًا للدين كما حاول أن يوحي الملك في بيانه.

إن التوقيت الذي اختاره الملك السعودي والذي جاء في الوقت الذي تخطى فيه النظام السوري ارتباكه وأطبق بقوة على المخربين المدعومين من الخارج يدل على انصياع المملكة إلى أوامر الإدارة الأميركية التي قررت أن تستعمل كل الضغوطات الممكنة لضرب النظام في سوريا بعد أن عجزت المجموعات التخريبية التي تدعمها من إفشال المحاولات الأمنية السورية على فرض النظام وقد ظهر هذا في التحول الأميركي نحو التدخل المباشر في اللقاءات التي عقدها عدد من المسؤولين الأميركيين مع بعض المعارضين السوريين.

كما أن الملك السعودي وجد في الطلب الأميركي بالتدخل المباشر والعلني في الموضوع السوري الفرصة للإنتقام من نظام الرئيس الأسد الذي ضرب تفاهم س-س (السوري – السعودي) في الموضوع اللبناني وإطاحته عبر حلفائه بحكومة الرئيس سعد الحريري.

لكن ما يمكن استنتاجه سياسيًا من البيان الأخير للملك السعودي وزيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو لسوريا والتدخل المباشر للإدارة الأميركية عبر مسؤوليها في الأحداث السورية هو أن النظام السوري ما زال قويًا ومتماسكًا ويحظى بتأييد غالبية شعبه وإلا لبقي التدخل الخارجي مبطنًا عبر الدعم غير المعلن للمجموعات الإرهابية التي تفتك قتلا ووحشية وبأسلوب بعيد كل البعد عن الحضارية بالجيش وقوى الأمن السوريتين.

يبقى الرهان على وعي الشعب السوري صاحب كل الحق في المطالبة بالإصلاحات وهو يعلم أن الرئيس بشار الأسد وعلى الرغم من كل أخطاء نظامه السابقة والحالية في البعض منها بسبب الضغوط التي يمر بها قد وفى بوعده وبدأ بتنفيذ هذه الإصلاحات، وهذا الشعب يعلم بأن الضغوطات الخارجية ليست إلى جانبه ولا تهتم بحريته وبالديمقراطية بل بالأمن والمصلحة الإسرائيليتين فلو أراد الرئيس الأسد لأسكت كل هذه التحركات والتدخلات عبر إعلانه فك الإرتباط بالسياسة الايرانية وتوقيف دعمه لحركات المقاومة في كل من العراق وفلسطين ولبنان ولكنه لا يقبل بهذا لأنه يرى مصلحة شعبه ووطنه في مقاومة وممانعة الإحتلال الصهيوني ومن خلفه الإدارة الأميركية ولأنه يعلم أنه بدعمه لهذه المقاومات لتحرير أراضيها والمقدسات الإسلامية والمسيحية هو تنفيذًا لتعاليم الدين الإسلامي...

انتهی/137