ابنا : وقد استهل مقالته بالسؤال التالي:ما هي فرصة أن تجتاح تركية سورية من أجل إنهاء النظام العلوي المخيف؟ لم يثنِ شيء تركية عن غزو الجزيرة اليونانية قبرص بدعوى حماية الأقلية المسلمة. لم تُعلّق عضويتها في الناتو واستمرت في كونها مدماكاً أساسياً في السور المواجه للجدار الحديدي السوفييتي.
وتركية خاضت حرباً مع سورية على لواء الاسكندرونة وألحقت خسائر فادحة بالسوريين. ولم تتورع عن الإغارة على معاقل الأكراد بطائرات الفانتوم التي حدّثتها الصناعات الجوية (الإسرائيلية). وكل هذا جرى في ظل السلطة العلمانية، التي رفعت راية إنهاء الخلافة. فكم بالأحرى الآن عدم وجود معوقات أمام تركية فيما سياسة السلطة هي تجديد الخلافة.
فرصة أن تغزو تركية سورية بحجة حماية المدنيين السنة تزداد، كلما اتسعت الاضطرابات في سورية. وكلما تقلّص التورط الأميركي في العراق، كلما تعاظم موقع تركية كقوة عظمى بشرية في حلف الناتو.
ومن الصعب جداً رؤية إدارة أوباما، أو الدول الأوروبية الغارقة بالمهاجرين الأتراك، تفعل شيئاً ما لمنع القوة العظمى الإسلامو-تركية من تصدير الثورة الإسلامية إلى سورية العليلة، رغم موقعها في الناتو. بل العكس، قد نرى الناتو يدعم الخطوة التركية لإسقاط الرئيس الأسد و"تحرير" "الشعب" السوري، وقد نرى الناتو يوفّر التغطية الجوية لعضوٍ منه يعمل على إنهاء المجازر في دمشق وحمص وحماة.
فهل يمكن لإسرائيل أن تعارض هكذا خطوة؟ بديهي لا. في ظاهر الأمور ستضطر إسرائيل إلى مباركة الإنقلاب الذي يزيل الجنون الأسدي عن حدودها ويستبدله بدولة "مسؤولة" عضو في الناتو. إلا أنه في الحقيقة خطوة كهذه ستشكّل الخطر الأكبر على إسرائيل، عدا عن التهديد النووي الإيراني.
تركية ليست دولة فاشلة نصف مواطنيها الـ 17 مليون يتضورون جوعاً. تركية هي دولة عظمى إقليمية بكل معنى الكلمة، ميزانيتها العسكرية تتصاعد واقتصادها ينمو بسرعة وعدد سكانها 60 مليون نسمة اختاروا الاسلام كطريقة حياة وكأيديولوجية ترفض مطلقاً وجود سيادة يهودية.
دون الاستخفاف بالثورة الاجتماعية (في إسرائيل)، الجار الجديد المتوقع هو خطر أكبر بكثير من ارتفاع الأجور في رامات أفيف.
ترغب اسرائيل ان تُقدم تركية على اجتياح سورية ما لذلك من منفعة كبرى لها على صعيد خلخلة خط الممانعة الممتد من ايران الى سوريا الى فلسطين وانتهاء بلبنان. اسرائيل تريد ان تغرق تركية في الرمال السورية لترتاح من محاولات نزع الشرعية عنها كونها دولة احتلال.
انتهى/114