وفقاً لما أفادته وکالة أهلالبیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أقام رجل الدین البارز البحریني «سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم» صلاة الجمعة الیوم بجامع الإمام الصادق(ع) أكد فیه علی أن الشعب البحریني الأبي لایتحمل تعطل الإصلاح واستمرار الفساد والإفساد في البلد.
کما تساءل هذا العضو من الجمعیة العلیا للمجمع العالمي لأهل البیت(ع) حول موقف القوی العظمی والدول الغربیة تجاه حرکات تحرریة في العالم.
و فیما یلي نص الخطبة الثانیة للشیخ قاسم، الیوم الجمعة 4 شهر رمضان 1432هـ. 5 أغسطس 2011م. ، في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز قرب العاصمة "منامة" بالبحرین:
ما بقي تحمل
ما بقي عند هذا الشعب تحمل أن يتعطل الإصلاح أو أن يستمر الفساد والإفساد والتردي والتدهور، وتعطل الأول واستمرار الثاني مشنقة للوطن في نهاية كارثية يجب على الجميع ألا توقعه فيها، والمسئولية مسئولية من ينادي بتعطيل الإصلاح لا من ينادي بتفعيله وتعجيله.
وما بقي عند هذا الشعب تحمل أن يساوي صوت مواطن واحد اصوات عشرين وثلاثين مواطن، وأن يكون صوت كل واحد من العشرين والثلاثين بنسبة واحد على عشرين أو ثلاثين من الصوت الواحد، وتطبيق هذا المبدأ يحتاج إلى شعب من نوعية آخرى لا يمكن لهذا الشعب أن يكون واحداً من مصاديقها، وقد شح مصداق هذه النوعية من الشعوب في الأرض[1].
وما بقي عند هذا الشعب تحمل أن يعاقب الألوف من أبناء الوطن بالتعطل والحرمان من الكسب الحلال وتحصيل اللقمة بشرف، وأن يجوع عشرات الألوف من نساء واطفال وعجزة لمشاركة في مسيرة أو اعتصام، وذلك ليحتل بعد فراغ مواقعهم في الوظائف والمراكز مستوردون من الخارج بأعلى الأجور من ثروة هذا الوطن المظلوم.
وما بقي عند هذا الشعب تحمل أن تفرغ كراسي الدراسة الجامعية من أبنائه وبناته ليخسروا مواهبهم الذهنية العالية، وتتشكل منهم طبقة متدنية الثقافة ضحلة المعرفة،،
ولا أن تكون حياة الشرفاء من رجاله ونسائه وشبابه وناشئته في السجون والمعتقلات وعذاباتها واهاناتها، ولا أن تصادر حرية دينه، ويزاحم في مواقع عبادته، وينازع على اوقافه، ويعاقب على أداء شعائره،، ويهزأ به ويندد، وتطاله ألسن السوء بالكلمة السخيفة، ولا أن يقصى من رسم مسار وطنه وتقرير مصيره كإقصاء العبيد، أو يعامل معاملة القاصر الذي لا رآي له في أمر نفسه ويختار غيره له، ولا أن تنتهب ثرواته في البر والبحر على مرئ ومسمع منه ويصمت على ذلك ويمتص آلمه، لا شيء من ذلك ومن الكثير الآخر المفزع السيء الذي يصبغ اوضاع هذا الوطن صار قابلاً لصبر الشعب عليه وتجرع مرارته.
لقد صار من الضروري في وعي الشعب وشعوره وإرادته أن يتغير الوضع، ويعم الإصلاح ويجد ويتجذر ويستمر، ويقوم على اساس متين من اصلاح السياسة وارضية دستور عادل من وضع الشعب يعالج بقواعده الصريحة وبنوده الواضحة منبع الفساد وترشح هذه المشكلات.
الغرب مع من؟
الغرب أمريكا وأوروبا مع من؟ مع الحكومات التابعة، مع الحركات المتحررة، مع الشعوب التواقة للإستقلال، مع خصوص الحركات الإسلامية منها مع الشعوب التواقة للإستقلال؟ هذا السؤال مسبوق بسؤال وفي جواب ذلك السؤال الجواب.
ماذا يريد الغرب ـ أمريكا وأوروبا ـ؟ وماذا تريد كل الدول الكبرى المستكبرة؟ كل اولئك يبحث عن عملاء، عن عبيد، عن ثروات الشعوب، عن مواقع جغرافية مؤثرة، عن فرص استعمار واستغلال، عن تدخل مربح في شئون الغير، عن سيطرة وهيمنة وتحكم في مصير الأمم والشعوب.
وإذا كان الأمر كذلك وهو ليس إلا كذلك، فالغرب وكل الدول الإستكبارية وكل الطواغيت إنما هي مع الحكومات التابعة التي لا تبخل بشيء من ثروات الأوطان وعزتها وكرامة انسانها وقيمه ودينه، في سبيل دعم بقائها بقوة الأجنبي بعد أن تعادي اطماعها بينها وبين شعوبها وتتنكر لمصلحة الأوطان[2].
مصلحة الأجنبي إنما تلتقي مع حكومات تبيع كل شيء من اجل بقائها ولو ليوم واحد في الحكم، ولا يمكن أن تتلاقى وتتوافى مع توجه أي حركة تتشبث بحرية قرارها وعزة وطنها وأمتها ـ من أي وجهة نظر كانت هذه الحركة ومن أي انتماء[3] ـ ما دامة تصر على الإستقلال فالغرب ليس معها.
وأما تصادم اولئك الطامعين الذين تحركهم روح الإستعمار والإستغلال والأستعباد والإستكبار مع الحركات الإسلامية الصادقة فأساسي ودائم، لما يعرفونه من عزة الإسلام وقوته وصلابته ومبدأئيته ومقاومته واخلاصه ونقائه وثوريته ونزاهته واعلائيته، الإسلام يعلوا ولا يعلى عليه، والإستعمار إنما يبحث عمن يعلوا عليه[4].
والتلاقي بين أي حركة حرة والنظم الإستكبارية كما قد يقول به البعض في المثال الليبي، حيث تتجه إرادة الشعب هناك إلى ما تتجه إليه إرادة الإستكبار في اسقاط النظام ولو كان ذلك من منطلقين مختلفين، لا يدوم هذا التلاقي الذي قد يقول به البعض ـ لا يدوم ولا يطول ـ، ولابد أن ينقلب في فرض تمسك الحركة بالحرية والإستقلال والمصلحة الوطنية إلى صراع شرس مرير، وإن كان بآساليب متنوعة يمارسها الغرب بمهارة وفن، حتى يتكشف أمر هذا الصراع ويعلن عن نفسه على مرئ من الدنيا ومسمعها.
اليأس من دعم القوى الإستكبارية لقوى التحرر في العالم، لا يقل عن اليأس من استجابة الحكومات التابعة لها لكلمة الحق والعدل والمطالب المنصفة للشعوب إلا بما اقتضاه الإضطرار واستدعته الضرورة الخانقة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] لم يبقى شعب بمستوى أن يقبل أن يكون صوت الثلاثين من أبناء مواطنيه بقيمة صوت واحد، فتش كل الأرض لن تجد شعباً يقبل بهذه المعادلة*.
*هتاف جموع المصلين: هيهات منا الذلة.
[2] ليس بعد أن تأخذ اطماع الحكومات الجائرة إلى معادات مستقرة مع شعوبها إلا أن ترتمي في احضان الأجنبي لتجد الدعم لها من قوته، ليستعمل أوطان الآخرين بقرة حلوب لمصالحه*.
*هتاف جموع المصلين: الموت لأمريكا.
[3] فلتكن الحركة قومية أو تكون وطنية أو تكون علمانية أو تكون اسلامية.
[4] هتاف جموع المصلين: لبيك يا اسلام.