وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالات
السبت

٢ يوليو ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
251131

الامام الحسین(ع) فی رؤیة دعبل الخزاعی و الشریف الرضی

الحسین في رؤية دعبل الخزاعی :

تائية دعبل من أشهر قصائد الشعر العربي لما فيها من صدق العاطفة وقوّة السبك ودوّي الصرخة بوجه الظلم والظالمين.

فهو بعد أن يذكر منازل هذا البيت الكريم وما كان فيها من وحي ينزل على النبي الأعظم، وما يكتنفها من صلاة وتقى وصوم وصلوات وتطهير وعلم ورشاد، ثم ما حلّ بهذا البيت من قتل وتشريد، ويقف عند الحسين(ع)، يخاطب فاطمة(ع) صاحبة العزاء، ويبثّ إليها شكواه:

أفاطِمُ لو خلِلتِ الحسينَ مُجدّلاً

إذن للطمتِ الخدَّ فاطِمَ عنده

نفوس لدى النهرينِ من أرض كربلاء

توفّــوا عِطاشًا بالفـــراتِ فليتــني

 

 وقد مات عطشانًا بشطّ فراتِ

وأجريتِ دمعَ العينِ في الوجناتِ

معرّسهم فيها بشطِّ فراتِ

تـــوفيـــــت فيهـــم قبل حيـــنَ وفاتـي

والتوجّه إلى فاطمة بنت رسول الله(ص) في الخطاب بذكر ما نزل بالحسين يلقي في الأذهان رسالية القضية ويزيدُ المشاعر التهابًا لأنه يجمع بين عاطفة الولاء لابنة الرسول وعاطفة الانشداد بالحسين.

ثم يعقد مقارنة فيها لوعة وعبرة بين ظروف آل أمية وما كانوا ينعمون به من أمن ومن قصور وحجرات وما كان آل بيت رسول الله يعانونه من تشريد وقتل وسبي!!

بنات زياد في القصور مصونَةٌ

 وآل رسول الله في الفلوات..

ديارُ رسول الله أصبحنَ بلقعًا

 وآل زيادٍ تسكُنُ الحُجَراتِ

 

وآل رسول الله تَدْمَى نحورُهُم

 وآل زيادٍ آمنوا السرباتِ

وآل رسول الله تُسبى حريمهم

 وآل زيادٍ ربَّةُ الحجَلاتِ

هذه المقارنة لها معناها الكبير في عاطفة كل «إنسان»، إنها تعني أن جبهة الحقّ رغم عظمتها ومكانتها ومنزلتها وسموّها قد تُمنى في هذه الدنيا بظلم الظالمين، فتعاني من القتل والتشريد، لكن ذلك لا يقلل من منزلتها، بل يزيدها رفعة وشموخًا.

ولذلك فإن هذه القصيدة تتناغم مع عواطف كل الرساليين حين تتفاقم عليهم نوائب الطغاة والظالمين.

وأذكر أن الشيخ محمد الغزالي رضوان الله عليه كان يحفظ هذه التائية عن ظهر قلب، وكان يرددها، وكان يقول: إني أردد هذه التائية كلما رغبت في أن أحزن، ثم يبدأ بتلاوتها بصوت حزين:

مدارس آيات خلت من تلاوة

 ومنزل وحي مقفر العرصاتِ

ويستمرّ في إنشاد الأبيات حتى يصل إلى:

بنات زيادٍ في القصورِ مصونة

 وآل رسول الله في الفلوات

فينفجر في البكاء.. وكان هذا ديدنه حتى فارق الحياة والتحق بالرفيق الأعلى رضوان الله تعالى عليه.

دعبل إذن ينظر إلى الحسين بأنه صوت المظلومين الخالد بوجه الظالمين، وأنه الذي وضع الحدّ الفاصل المميّز بين الحق والباطل، وأن دعاة الحقّ هم أصحاب الكلمة الباقية في البشرية مهما اشتدّ عليهم الظالمون.

الحسين في رؤيةالشریف الرضی :

في زيارة للشريف إلى الحائر الحسيني طفحت مشاعر الشريف برائعة خالدة في رثاء جدّه.

بدأ قصيدته بلوعة على ما حلّ في كربلاء وقال:

كربلا لازلت كــربًا وَبَــلا،

كم على تُــــــربك لمّا صُرّعوا،

 

 ما لَقي عندك آل المصطفى

من دمٍ سال ومن دمع جـــرى

 

كربلاء لا تزال تضجّ بذكريات ما حلّ بآل محمد(ص).. وبذكر عبارة «آل المصطفى» أراد الشريف أن يجعل من كربلاء ساحة تاريخيّة لكل المسلمين، فآل المصطفى موضع احترام وتقديس كل المسلمين: ]قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[.

يتذكر الشريف الدماء الطاهرة التي سُفكت ويقرنها بالدموع التي سُفحت، فآل البيت منهم من قضى نحبه، ومنهم من عانى لوعة المأساة.

وبعد أن يستذكر بعض مشاهد كربلاء يتوجّه إلى رسول الله(ص) يقصّ عليه بعض تلك المشاهد المفجعة، وكأنه لا يجد من يواسيه في همومه أفضل من النبي الأكرم، لأنه هو صاحب العزاء الأول يقول:

يا رسول الله لو عاينتهم،

لــرأت عينــاك منهــم منظرًا

 

 وهُمُ ما بين قتلَى وسِبا...

للحشى شجوًا، وللعين قـــذا