ابنا : ورغم القرصنة الامريكية المفضوحة لانجازات الشعب العربي في اكثر من موقع فلقد استطاعت كل من مصر ولبنان ان "تقرص" تل ابيب في الصميم من جسمها المتصدع .
هكذا فسر المراقبون عملية اقتناص العميل (الاسرائيلي) في القاهرة ايلان غرفل على يد المجلس العسكري ووصفوها بمثابة الصاعقة التي ضربت على راس الافعى الاسرائيلية المخابراتية لتجعله يترنح منذ توليه مهام سلفه المتبجح داغان .
تماما كما كان لوقع خطوة تشكيل حكومة نجيب ميقاتي المفاجئة في لبنان اثر الصدمة على تحالف مثلث جيفري – بندر – الحريري ما اضطره لفقدان توازنه والجوء الى العنف الداخلي محاولا الرد بجر البلاد لحرب مذهبية لطالما ظلت مستحيلة في قاموس المتنبهين في محور المقاومة والممانعة اللبنانية .
من هنا جاء تعليق صحيفة يدعوت احرنوت اللاذع تجاه هذا الحدث اللبناني بمثابة الوصف الدقيق للخسارة الكبرى التي لحقت بالجهود الامريكيكية – الاسرائيلية ضد قوى المقاومة في لبنان عندما قالت وبالحرف الواحد : " الكلاب تعوي وقافلة حزب الله تسير " .
ان عملية اعتقال جاسوس الموساد ايلان غرفل لا تعد نسفا لكل الجهود الامريكية والاسرائيلية لمنع عودة مصر الى حضنها العربي والاسلامي فحسب بل انها جاءت لتؤكد للاسرائيليين كما للامريكيين من جديد بان عقيدة المجلس العسكري المصري ورغم تشكيك المشككين لا تزال هي هي عقيدة الجيش العربي المصري كما هي عقيدة كل الشعب المصري رغم فلول الثورة المضادة الداخليين منهم والخارجيين : بان العدو الرئيس والاساس والوحيد لمصر هو الكيان الصهيوني ولا غير .
ومن يحاول حرف البوصلة باتجاه الاشقاء او الاصدقاء لن يحصد سوى السراب .
هذا بينما شكلت عملية انبثاق حكومة ميقاتي رغم الحصار والتحديات الكبرى التي لاحقت محور المقاومة خلال الاشهر الماضية ليس فقط بمثابة "ضربة معلم" من جانب فريق الاكثرية الجديدة وتاكيدا لنجاح سياسة ثنائي الوعد الصادق عون – نصر الله بل وقدرتهما هذه المرة على " قطع تذكرة ذهاب بلا عودة للحريرية السياسية عن حكم السراي " كما عبر جنرال التغيير والاصلاح في احتفال جماهيري في كسروان .
لكن ذلك ليس هو كل مشهد الربيع العربي البتة .
نعم لان ثمة من لا يزال يراهن على امكانية التسلل الى الجسم العربي المنتفض على مثلث التبعية والاستبداد والفساد , من خلال هجوم امريكي اسرائيلي مضاد يحاول توظيف الساحة السورية ضد محور المقاومة والممانعة عبر استخدام طريقة " ما يفل الحديد الا الحديد " وذلك عبر التجييش المستمر لنشاط الحراك السوري المعارض باتجاه فرض عزلة اقليمية ودولية على الرئيس بشار الاسد في محاولة الاساس فيها هو كسر ظهر المقاومة في المنطقة قبل اي شئ آخر .
لكن هؤلاء البؤساء والاشقياء الاجانب المضطربين والمتخبطين ومن يراهن عليهم من تابعيهم الصغار نسيوا او تناسوا بان اللعب بالنار السورية بامكانه ان يحرق المنطقة كلها وتاليا ان يعجل في وضع النهاية المحتومة لدويلة الكيان الصهيوني المصطنع الامر الذي سيغير من وجه المنطقة ويعيد صياغة جغرافيتها السياسية على غير مراد رواد الثورة المضادة .
حتى الاستعانة بالموقف التركي و محاولة توظيف "اخلاقيته" و"انسانيته" او ركوب حصانه بمثابة "القوة الناعمة" المواكبة للتجييش الامني والعسكري الميداني او حتى اللعب على الوتر المذهبي ضد ايران سيكون في الحالتين سيف ذو حدين .
فتركيا غير قادرة على تغيير المزاج السوري العروبي والثوري التاريخي لمجرد ان مظاهرات مناهضة للنظام السوري تستمر بالخروج من بعض المدن او الارياف السورية ولو استمرت لاشهر طويلة .
ولا اجماع العرب المزعوم حول ضرورة ابعاد ايران عن ربيع الثورات العربية او فصلها عن التلاحم مع سوريا بقادر ان يغير من حقيقة ان ما حصل ويحصل في الشارع العربي انما هو بالاساس فعل مناهض للاستعمار والصهيونية بقدر ما هو مناهض للاستبداد والفساد يسيران بخطين متلاحمين .
وبالتالي فان تركيا لن تستطيع ان تستحصل دورا فاعلا في المعادلة العربية لمجرد انها اتخذت موقفا اخلاقيا وديعا تجاه الثورات العربية , ولا من تبدل او انقلب من العرب على اشقائه او جيرانه يستطيع ان يستعيد زمام المبادرة في الساحة العربية لمجرد انه وقف او يقف في الظاهر ضد هذا الحاكم العربي المستبد او ذاك .
فالادوار والاحجام والنفوذ في افئدة وقلوب الناس وكذلك في ميادين تحريرها وتحررها انما تقاس وتعد بمقدار المسافة الفاصلة من فلسطين ودقة توجيه بوصلة اللاعبين نحو القدس وصلابة موقف الصمود بوجه الضغوط والتحديات التي تلقيها معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية من دول الهيمنة وعتاة الحروب الاستعمارية من بقايا عهد الاستعمار والتبعية على اللاعبين الاقليميين .
ومن ثم فليكن معلوما بانه لا احد يستطيع استرجاع دوره بالرغبات , ولا احد يستطيع اسئجار دور غيره بالبترو دولار مهما صرف منها , ولا احد يستطيع استحصال دور منافس لمجرد ابراز عواطف نبيلة هنا او هناك .
فالسياسة اقسى من كل ذلك بكثير .
ان ما صنع من خرائط نفوذ او ادوار انما جبل بدماء الاستشهاديين والثبات على المواقف بعرق الجبين والدفاع عن الحق بعين اليقين , ومثل كل ذلك لا يباع ويشترى في سوق النخاسين .
يقول شاؤول مفاز : " في الحرب المقبلة سيكون للصواريخ التي ستتساقط على المدن الاسرائيلية تاثير الشلل وان الجبهة الداخلية ستكون بمثابة الجبهة الامامية "
ويضيف : " عندما تعرف اسرائيل كيف تكون مستعدة بشكل مناسب لهزة ستعرف عندها كيف تكون مستعدة للحرب في الجبهة الداخلية " !
واذا ما اضفنا قلق داغان وتهيبه من سيناريوهات حرب يمكن ان تندلع في اية لحظة خطأ في التقدير ما قد يرفع درجة التوتر الى خارج السيطرة الاسرائيلية .
واضطرار العدو للقيام باضخم مناورة للكيان منذ زرعه على ارض بلادنا الغالية فلسطين بما يسميه نقطة تحول 5 في هذه اللحظة التاريخية وهي المناورة التي يفترض انها تحاول محاكاة نزول الف صاروخ يوميا على مدن الاحتلال وانها ستشمل فلسطين المحتلة كل فلسطين .
عندها وعندها فقط نستطيع ان نفهم هول المنازلة الكبرى التي يهرب منها قادة العدو ويحاولون تاجيلها كلما اقتربت ساعتها من خلال الهروب الى الامام والتسلل الى داخل جبهتنا الداخلية تحت يافطة "دعم ومساندة" ربيع الثورات العربية , لذا لزم الانتباه والتنبيه .
انتهی/137