الأحادیث الدالة علی مسح الأرجل في کتب أهل السنة
1 ـ «عن عباد بن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يتوضّأ ويمسح بالماء علي رجليه»29 .
قال إبن حجر عن رجال سند هذا الحديث: (رجاله ثقات)30.
وروي هذا الحديث في كنز العمال نقلاً عن سنن إبن أبي شيبة ومسند أحمد وتاريخ البخاري ومسند العدني، ومصباح السنة للبغوي، ومسند الباوردي والمعجم الكبير للطبراني، وجامع أبي نعيم31.
في هذا الحديث الذي أذعن إبن حجر (الرجالي المعتمد لدي أهل السنة) بوثاقة رواته، حكي تميم وهو من الصحابة: صورة وضوء رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) وجعل منه المسح علي الأرجل.
سؤال: ألا يفهم معني الغسل من كلمة بالماء الواردة بعد كلمة (يمسح)؟
جواب: تقدّم أن المسح والغسل مفهومان متباينان، وقد جعل الحديث المسح بالماء علي الأرجل من الأجزاء الواجبة في الوضوء.
2- «حدثنا إبن عيينة عن عمرو بن يحيي عن أبيه عن عبد اللّه بن زيد أن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) توضأ فغسل وجهه ثلاثاً ويديه مرتين، ومسح برأسهِ ورجليه مرّتين»32 .
ورواة هذا الحديث من الثقات أيضاً، وذلك لأن إبن عيينة من أئمة الحديث المعروفين لدي أهل السنة، وأن عمرو بن يحيي33، ويحيي34 من الثقات، وقد أخرج إبن حجر وهو من أئمة الرجال طرقاً كثيرة علي وثاقتهما.
وفي هذا الحديث يحكي الصحابي عبد اللّه بن زيد صورة وضوء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) وفيه المسح علي القدمين.
ومن الجدير ذكره أن إحدي الروايات المنقولة عن البخاري في غسل الأرجل مروية عن هذا الصحابي أبي عبد اللّه بن زيد، ونلاحظ في كتاب (المصنّف) لإبن شيبة رواية بسند صحيح ينقل فيها عن هذا الصحابي مسح القدمين عن النبيّ الأكرم (صلّي اللّه عليه و آله) .
3- «حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مسلم بن يسار عن عمران قال: دعا عثمان بماءٍ فتوضأ ثم ضحك، فقال: ألا تسألوني ممّا أضحك؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ما أضحكك؟ قال: رأيت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) توضأ كما توضأت فمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ومسح برأسه وظهر قدميه»35.
ورواة هذا الحديث من الذين تمّ توثيقهم في الكتب الرجالية المعتبرة لدي أهل السنة، فقد نقل الذهبي وهو من علماء أهل السنة الكبار توثيق ومدح الرجاليين الكبار لكلٍّ من (محمد بن بشر36، وسعيد بن أبي عروبة37، وقتادة38، ومسلم بن يسار39، وعمران)40.
والملفت للإنتباه أن إحدي الروايات التي تقدّم نقلها عن البخاري في غسل الأرجل رويت عن حمران هذا وهو الراوي الخامس في سند هذا الحديث، حيث نقل هناك غسل الأرجل عن عثمان أيضاً في بيان صورة وضوء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) .
4- «الطبري بإسناده: ثنا هشيم قال: ثنا يعلي بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) أتي سباطة قوم فتوضأ ومسح علي قدميه»41 .
في هذا الحديث يعدّ هشيم42، ويعلي بن عطاء43، وأبوه (عطاء العامري)44 من المقبولين أيضاً.
5- هناك روايات عديدة حول وضوء الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال فيها (عليه السلام): إن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، كان يتوضأ مثل هذا الوضوء، نكتفي منها بذكر هذين الحديثين:
«حدثنا عبد اللّه حدثني أبو خثيمة وثنا إسحاق بن إسماعيل قالا: ثنا جرير عن منصور عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: صلينا مع عليّ (رضي اللّه عنه) الظهر فانطلق إلي مجلس له يجلسه في الرحبة، فقعد وقعدنا حوله، ثم حضر العصر فأتي بإناءٍ فأخذ منه كفاً فتمضمض واستنشق ومسح بوجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح برجليه، ثم قام فشرب فضل إنائه ثم قال: إني رأيت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) فعل كما فعلت»45 .
ورواة هذا الحديث من الثقات المعتبرين أيضاً، ونذكر هنا خلاصة لأقوال علماء رجال أهل السنة بحقّهم:
نقل المزي عن يحيي بن معين بشأن (إسحاق بن إسماعيل):
إسحاق بن إسماعيل: (لا بأس به، صدوق)46 .
وكذلك نقل عن محمد بن سعد بشأن (جرير): (كان ثقة كثير العلم يرحل إليه)47.
ونقل إبن حجر عن داود بشأن (منصور): «كان المنصور لا يروي إلا عن ثقة، قال العجلي: كوفي ثقة ثبت الحديث»48 .
وقال إبن حجر بشأن (عبد الملك بن ميسرة): «قال إبن معين وإبن خراش والنسائي: ثقة»49 .
وقال بشأن (نزال بن سبرة): (قال العجلي: كوفي تابعي ثقة)50 .
6- «حدثنا عبد اللّه حدثني أبي، ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير عن عليّ (رضي اللّه عنه) قال: كنت أري أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتي رأيت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يمسح ظاهرهما»51 .
رواة هذا الحديث من الثقات أيضاً، ونذكر هنا خلاصة لتوثيق علماء الرجال لهم:
قال الذهبي عن (وكيع): الإمام الحافظ، محدّث العراق، قال محمد بن سعد: (كان وكيع ثقة مأموناً عالياً رفيعاً كثير الحديث)52.
وقال الذهبي بشأن (الأعمش):(ثقة حافظ)53.
وقال الذهبي بشأن (أبي إسحاق (السبيعي): (ثقة حجة بلا نزاع)54.
وقال إبن حجر بشأن (عبد خير): (قال العجلي: كوفي تابعي ثقة)55.
7- نقل الحاكم النيسابوري في كتاب (المستدرك علي الصحيحين)56 في الجزء الأوّل، الصفحة 241، روايات باسانيد متعددة، يروي فيها الصحابي (رفاعة إبن رافع) عن النبيّ الأكرم (صلّي اللّه عليه و آله) وهو يعلم شخصاً جاهلاً كيفية الوضوء، موضحّاً له أن الوضوء بمسح الأرجل هو الوضوء المطلوب والصحيح.
ونكتفي من تلك الأحاديث بحديثٍ نقله الذهبي في التلخيص وقد حكم بصحته علي شرط البخاري ومسلم57:
«الحجاج بن منهال ثنا همام ثنا إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة ثنا عليّ بن يحيي بن خلاد عن أبيه عن عمّه رفاعة بن رافع، إنه كان جالساً عند رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إذ جاءه رجل فدخل المسجد فصلي فلما قضي صلاته جاء فَسلّم علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) وعلي القوم، فقال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) وعليك، إرجح فصلَّ، فإنّك لم تصلَّ، قال فرجع فصلي، فجعلنا نرمق صلاته ولا ندري ما نعيب منها، فلما قضي صلاته جاء فسلم علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) وعلي القوم، فقال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ويلك، إرجع فصلّ، فإنك لم تصلّ، وذكر ذلك مرتين أو ثلاثاً، فقال الرجل: ما أدري ما عبت عليّ من صلاتي، فقال: رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إنّها لا تتم صلاة أحدكم حتي يسبغ الوضوء كما أمره اللّه فيغسل وجهه ويديه إلي المرفقتين، ويمسح رأسه ورجليه إلي الكعبين ثم يكبّر ...».