وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الأحد

٢٤ أبريل ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
238374

طبس .. صورة واضحة للدعم الألهي وصفعة مؤلمة للشيطان الأكبر

ولم تمض فترة طويلة بعد ذلك حتى تقاعد "بيكويث" بهدوء من الجيش. ولم يحاول قط إلقاء اللوم على "كارتر" في حينها أو في أي وقت لاحق. ومات "بيكويث" بعد ذلك بحوالي 14عاماً، وهو على قناعة بأن الجزء الأكبر من اللوم يقع على التنافس الداخلي بين فروع القوات المسلحة المختلفة.

ابنا : منذ اللحظة الأولى لانتصار الثورة الاسلامية المباركة وخروج ايران الستراتيجية من معسكر الاستعمار الاميركي الجديد والحليف الاقليمي القريب من الكيان الصهيوني الى معسكر التحدي  والمقاومة والتحرر والداعم للمستضعفين والمحرومين خاصة القضية الفلسطينية طبقاً للأسس التي رسمها مفجر الثورة ورائد مسيرتها المباركة الامام الخميني /قدس سره/ فكان انتصارها أول ضربة مهلكة لهيكلية الامبريالية الأميركية التي لم تترك مجالا إلا واستهدفت من خلاله النظام الاسلامي الفتي.‏‏"الشاه" الذي كان حليفا وخادما لأميركا في المنطقة وكان قد حول إيران إلى أكبر قاعدة أميركية – غربية إقليمية تتكامل مع القاعدة "الإسرائيلية" لمحاصرة حركات التحرر الوطني العربية من أجل الاستقلال والتحرير والوحدة، قد طرد من البلاد بصورة مذلة، وانهارت كافة المؤسسات التي كان تعقد عليها أميركا والغرب الأمل. وغيرت الثورة الاسلامية معالم الشرق الاوسط برمته وبثت الرعب في قلب أميركا والأنظمة الرجعية.إن أميركا التي شهدت إنتصار الشعب الايراني وهي غير مدهوشة، قد عقدت الأمل على المسيرة التي تتوجه نحوها الثورة وذلك لأسباب عديدة منها تركيبة الحكومة المؤقتة بعد إنتصار الثورة وعدم وجود شخصيات ايديولوجية في هذه الحكومة، وقد إستمر هذا الأمل حتى الاحتلال البطولي لوكر الجاسوسية الذي أيقظ أميركا من أحلامها الوردية وقضى على كافة آمالها.المواقف الأميركية ضد إيران الاسلامية تجاوزت حدود الخصومة السياسية باتجاه استهداف ايران بلدا ونظاما وشعبا, وباتجاه معاقبة ايران على سياستها, وهذا ما لا يندرج في خانة أي من القوانين والأعراف الدولية, من تجميد الأرصدة الايرانية التي كانت تقدر آنذاك بأكثر من تسعة مليارات دولار، الى رفض تسليمها المعدات العسكرية والزراعية والطبية التي كانت حكومة الشاه المهزوم قد دفعت مبالغها من قبل دون مبرر سوى أن ايران قد خرجت من الوصاية الأميركية .كما عمدت الادارة الأميركية على تحريك أياديها وعواملها وعملائها في داخل ايران الى افتعال الفوضى والاضطرابات هنا وهناك ضد الثورة وقادتها ، فيما اوعزت الى بعض المجموعات الارهابية القيام بعمليات اغتيال وانفجارات طالت الكثير من المدن الايرانية والعاصمة طهران .الاجراءات الأميركية العدائية الظالمة بحق الشعب الايراني الشجاع الذي أحس لتوه بفتوة الثورة الاسلامية المباركة طعم الحرية والديمقراطية قد أغضبت ابناء شعبنا كثيراً فاندفعت حشود الملايين الغاضبة الى الشوارع في مسيرات يومية تطالب أميركا وحكومته السلطوية الى الكف عن محاربة ايران والعمل بالاتفاقيات التجارية السابقة بين البلدين وتسليم الشاه الخائن وافراد عائلته الذي فروا من غضب الثورة واهلها باتجاه أميركا بغية محاكمته واعادة الأموال والثروات الكبيرة التي سرقوها من قوة الشعب وبيت ماله,لكن ادارة "كارتر" لم تستجب لتلك المطالب المشروعة والحقة للشعب الايراني المظلوم مما دفع ذلك ببعض طلبة الجامعات في البلاد الى القيام بمهاجمة وكر التجسس الأميركي (السفارة) في صبيحة يوم 4  تشرين الأول / نوفمبر عام 1979واحتجاز العاملين فيه كرهائن حتى تجبر الحكومة الأميركة الطاغية الى الاستجابة لمطاليب الشعب الايراني المشروعة . فبعد احتلال وكرها التجسسي في طهران من قبل الطلاب الايرانين حاولت أميركا بمختلف السبل دفع إيران الى التراجع عن موقفها هذا ، فقامت ومن يدور في فلكها، بفرض الحصار الاقتصادي والسياسي رسمياً على إيران، وابتدأت الجماهير مرحلة مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي مستلهمة بيانات وتوجيهات رائد مسيرتها ومفجر ثورتها الامام الخميني /قدس سره/، دون ان تفكر في الاستسلام.احتلال وكر التجسس الاميركي ادى الى العديد من الاحداث المتوالية. وها هو الرئيس الأميركي آنذاك "جيمي كارتر"يصف الحادث بقوله :"الرابع من نوفمبر1979 هو التاريخ الذي لن انساه. حيث أبلغني برجينسكي صباحا، ان سفارتنا في طهران قد أُحتلت من قبل حوالى 3000 مقاتل، وتم حجز حوالى 50 الى 60 رهينة من العاملين الاميركيين. تباحثت فورا مع "فانس" حول تطمينات الحكومة الايرانية... فقد حاول بازركان الوفاء بوعده حول المحافظة على سلامة الدبلوماسيين لكن بعد ساعات من الحدث وبدون أن يحدث أي شيء طارئ شعرنا بالمزيد من القلق وقمنا باتصالات مع حكومة بازركان والمجلس الثوري، وقد باءت كافة محاولاتنا بالفشل. فقد تحول المقاتلين بين ليلة وضحايا إلى أبطال، وأعرب الامام الخميني /طاب ثراه/ عن تقديره لهؤلاء، ولم يكن هناك اي مسؤول حكومي على استعداد لمعارضتهم".فقبل 32 عاماً من الآن، وفي 24 نيسان / أبريل 1980، قامت ست طائرات أميركية عسكرية سمتيه بالهبوط في صحراء "طبس" شرقي البلاد،حيث كان مقرراً أن تقوم الطائرات هذه وبعد التزود بالوقود والتحاق ثماني سمتيات عسكرية اخرى بها ـ بالتوجه الى العاصمة طهران، لقصف منزل الامام الخميني /طاب ثراه/ والمراكز الهامة الأخرى بالتعاون مع بعض العملاء  وإطلاق سراح الرهائن ألأميركيين غير أن عاصفة مفاجئة هبت في الصحراء فارتطمت أحداهما بالأخرى وانهارت العملية الأميركية السرية في ايران التي كانت تهدف في الظاهر الى إنقاذ 53 رهينة محتجزين في السفارة الاميركية بطهران لتنتهي بكارثة اخرى وسط الصحراء الإيرانية.وكان الفشل الكبير الذي اصاب العملية  للغاية محرجاً وقد أطلق عليها اسم عملية "مخلب النسر" التي كتبت بخط عريض وواضح على طول التأريخ بأنها وصمة عار للادارة الأميركية ورئيسها آنذاك "جيمي كارتر" ولقواتها المسلحة التي كانت لاتزال تناضل للنهوض على قدميها في أعقاب الهزيمة النكراء التي لحقت بها في فيتنام.وقد قتل ثمانية ضباط وجنود أميركيين خلال هذا الهجوم الغاشم اثر تصادم مروحية من طراز"آر إتش – 53" تابعة لمشاة البحرية وطائرة حربية من طراز "إي سي – 130" هي الاخرى تابعة لسلاح الجو الأميركي ومشاركة في العملية ذاتها على الأرض.وما كان للرئيس الأميركي "كارتر"حيلة إلآ اصداره  الأوامر بإجهاض المهمة عندما لم يتبق سوى عدد قليل جداً من المروحيات الصالحة للاستخدام بعد دخولها ايران محلقة على ارتفاع منخفض انطلاقاً من حاملة طائرات اميركية في عرض البحر.واثر فشل هذا الهجوم الغاشم الذي خططت له القيادة السياسية والعسكرية الأميركة ولأشهر طويلة تم تدريب القوات المشاركة وفي عدة قواعد أميركية داخل أميركا وخارجها وحتى في مصر "السادات" آنذاك ، أتيحت الفرصة للعالم أن يقف  ولأول مرة على العمليات الخاصة الأميركية التي كانت محاطة بأقصى درجات السرية وعلى قائدها المؤسس الاسطوري الكولونيل "تشارلي بيكويث"، المحارب المخضرم من الوحدات الخاصة والفرقة المجوقلة 101 والذي خدم لفترتين متعاقبتين في فيتنام وأرتكب ما أرتكب من مجازر وقتل وترويع للشعب الفيتنامي.فقد أعلن الرئيس الأميركي " كارتر" بنفسه فشل العملية وتحمل المسؤولية كاملة، والتي كانت السبب الأول والأخير في سقوطه من سدة الحكم وعدم تمكنه من البقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية اخرى كما هو المتعارف لرؤوساء جمهوريات أميركا السابقين واللاحقين . بعد أن كان "كارتر" هو نفسه من أدار العملية بكل تفاصيلها من البيت الأبيض وانحنى أمام الضغوط من فروع القوات المسلحة كافة للقيام بعمل جسور يمجّد أميركا.ولم تكن قوات "بيكويث" الأميركية الخاصة تملك وسائل نقل خاصة بها، ولذلك تعهد سلاح الجو بنقل الجنود الى منطقة الانطلاق وإعادة التزود بالوقود وسط الصحراء الايرانية "طبس" وذلك على متن طائرتي نقل ذات محركات مروحية طوربينية من طراز "سي – 130" في حين كلفت مروحيات من سلاح مشاة البحرية الأميركية "المارينز" بنقل جنود قوة العمليات الخاصة "دلتا" من المهبط الجوي المؤقت في صحراء "طبس" الى العاصمة طهران، ودخلت هذه المروحيات الأجواء الايرانية قادمة من البحر.واضطر المشرفون على العملية الى تجميع طواقم المروحيات على عجالة وبطريقة خرقاء مستخدمين طيارين من المارينز والاسطول البحري وسلاح الجو بعد ان اكتشفوا في الدقيقة الأخيرة ان بعض طياري المارينز يفتقرون للمهارات اللازمة للقيام بمثل هذه المهمة.وكان عدد من عناصر وعملاء القوة "دلتا" الأميركية قد تسللوا من قبل الى داخل الاراضي الايرانية للمساعدة في تنفيذ الهجوم لانقاذ الرهائن الأميركيين الـ 53 وجميعهم من الدبلوماسيين وحراس "المارينز" الذين احتجزوا عندما استولى حشد من طلبة الجامعات الايرانيين على وكر التجسس الأميركي (السفارة) في طهران في 4  تشرين الأول / نوفمبر عام 1979.فقد نظم "بيكويث" ومؤيدوه في البنتاغون، حملة ضغط على ادارة "كارتر" ومنعه من القيام بحل المشكلة القائمة بهذا الخصوص مع طهران عبر الطرق السياسية وما تمليه المقررات الدولية أي الرضوخ لمطالب الشعب الايراني المشروعة في اعادة الاموال المجمدة والشاه وافراد عائلته وفسح المجال امام المعدات الايرانية المحجوزة في اميركا ، ودفعوه نحو القيام بمهمة انقاذ خاصة ينفذها خبراء من قوة "دلتا" المتخصصون في مهام "تحرير الرهائن"، والذي كان قد بدأ بالتخطيط لعملية الانقاذ بعد ساعات من احتجاز الرهائن الاميركيين.لكن كل ذلك التخطيط انهار بصورة كارثية في موقع الانزال بصحراء "طبس" الايرانية بعد ان انهالت عليهم طيور أبابيل الألهية بعاصفة رملية غير متوقعة بعد أن كانت مؤسسة الارصاد الجوية الاميركية قد أكدت مراراً أن مناخ ايران وخاصة منطقة الهبوط في صحراء "طبس" مناسب جدا وانها تستبعد حدوث طقس رديء أو هبوب الرياح ، مما رسم لوحة رائعة لمشهد اشتعال الطائرتين العسكريتين الأميركيتين المتصادمتين على المهبط السري، ولم يكن أمام الضباط والجنود وطواقم الملاحة الأميركيون سوى حزم معداتهم والخروج بأسرع ما يمكن على متن طائرات "سي – 130" المتبقية ويبقى سواد العار وظلمته يلاحق ادارة "كارتر" والادارات الأميركية التي تلته حتى يومنا هذا.فأصدرت لهم الأوامر بتدمير المروحيات المتروكة على المهبط، لكن وسط حالة الإرباك الشديدة لم يتم تنفيذ هذه الأوامر. ووقعت الخطط السرية في أيدي الإيرانيين، وبالكاد استطاع العملاء المتعاونون مع الولايات المتحدة في طهران الفرار.ويؤكد المحللون السياسيون والعسكريون الغربيون والاميركيون ان هذا الفشل الذريع شلّ الادارة الأميركية في حينها وكان السبب المباشر لهزيمة "كارتر" أمام "رونالد ريغان" في انتخابات تشرين أول / نوفمبر التالي.وفي النهاية قام الطلبة الايرانيون بتحرير الرهائن في يوم تسلم "ريغان" ادارة البيت الأبيض بعد مضي 444 يوماً على احتجازهم وذلك طبقاً لاتفاقية الجزائر التي وقعها الطرفا