وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
السبت

١٦ أبريل ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
237041

في ذکرى رحيل بضعة الرسول، فاطمة البتول (س)

يصادف الثالث عشر من جمادى الاولى استنادا لبعض الروايات، الذکرى السنوية لرحيل أم ابيها وريحانة الرسول الاکرم (ص) وبضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

ابنا : وبهذه المناسبة الاليمة ، تقدم الوحدة المرکزية للانباء باحرَ التعازي للامام صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر (عج ) ولسماحة قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي وللامة الاسلامية جمعاء .

فقد قال سيد الکونين وخاتم الرسل المصطفى الاکرم (ص) : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أعضبني .

إنه اسم عظيم ومقدس ارتبطت به العظمة والقداسة منذ ان ارتبط هذا الاسم بشخصية هذه السيدة الطاهرة الزکية بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

ان قدسيتها عليها السلام ذاتية نابعة من اعمال کيانها النواراني الذي فطرها لله تعالى عليها .. هي الكوكب الدّري والكوثر الفيّاض... تزهرُ لأهل السماء كما تزهرُ النجومُ لأهل الأرض .

لقد آثرت الاحداث بعد وفاة الرسول الاکرم (ص) وماتعرضت له فاطمة (ص) من اذىَ ، اشتدَ عليها الحزن والاسى ، ازداد بها المرض حتى غدت نحيلة سقيمة وبقيت تعاني من شدة المرض أربعين ليلة .

وعلى الرغم من اشتداد الالم ، فان فاطمة سلام الله عليها کانت تبدو في اليوم الاخير من حياتها وکانها تتماثل للشفاء وغسلت ولديها الحسن والحسين عليهما السلام ألبستهما ثيابهما ثم طلبت منهما ان يزورا قبر جدهما الرسول الاکرم (ص) . 

وعلى الرغم مما بدا عليها من تحسن في صحتها ونشاطها ،إلا انها کانت تستعد للرحيل وتسرع الخطى بابيها صلى الله عليه وآله وسلم ، فطلبت من اسماء بنت عميس ان تحضر لها ماء لتغتسل به ، فاغتسلت ولبست احسن ثيابها .

وعندما احست بالاجل يدنو وبانها تنعي الى نفسها طلبت من اسماء ان تضع لها فراشا وسط البيت ، فاضطجعت وهي مستقبلة القبلة ثم دعت اسماء وام أيمن فطلبت إحضار الامام علي بن ابي طالب عليه السلام فحضر، فقالت عليها السلام : ( ياابن العم إنه قد نعيت الىَ نفسي وانني لاأرى مابي إلا انني لاحقة بابي ساعة بعد ساعة وانا اوصيک باشياء في قلبي ). 

قال لها علي عليه السلام : ( اوصيني بما احببت يابنت رسول الله ).

فجلس عن راسها واخرج من کان في البيت ثم قالت عليها السلام : ياابن العم ماعدتني کاذبة ولاحائنة ولاخالفتک منذ عاشرتني ).

فقال عليه السلام : معاذ الله ،أنت أعلم وأبر وأتقى وأکرم وأشد خوفا من الله من ان أوبخک بمخالفتي وقد عزَ على فراقک إلا انه امر لابدَ منه . والله لقد جدَدت علىَ مصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقدعظمت وفاتک وفقدک فإنا لله وإنا اليه راجعون من مصيبة ما افجعها وآلمها وأحزانها هذه والله مصيبة لاعزاء عنها ورزية لاخلف لها .

وبکيا ، ثم قال ( اوصيني بما شئت فانک تجدينني وفيَا أمضي کلما امرتيني به واختار امرک على امري ).

فقالت عليها السلام : جزاک الله عني خير الجزاء ، ياابن العم اوصيک اولا ان تتزوج بعدي بابنته اختي امامة فانها تکون لولدي مثلي فان الرجال لابد لهم من نساء ).اوصيک ياابن العم ان تتخذ لي نعشا ...ثم قالت :اوصيک ان لايشهد احد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني ولاتترک ان يصلَي عليَ احد منهم وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الابصار .... ).  المجالس السنية  السيد ممد الامين ج 2 .

وتودع فاطمة سلام الله عليها عليا عليه السلام واهل بيته وترتفع روحها الطاهرة الى عالم الخلد والنعيم ويصوَت الناعيَ بفقد فاطمة وتضطرب المدينة وتروَع القلوب المؤمنة بفقد فاطمة بقية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفرع النبوة وتجتمع نساء بني هاشم ونساء المهاجرين والانصار ويحتشد اهل المدينة بباب علي عليه السلام وقد ذکَر الخطب بيوم رسول الله (ص) فأحيط بيت فاطمة بالعبرات وآهات الحزن والاسى . 

وکان الحشد ينتظر ان يشيع الجسد الطاهر الى مثواها الاخير ، إلا ان عليا اخرج اليهم سلمان اوابا ذر وامره ان يصرف الجميع فان فاطمة اوصت ان لايشيعها الناس وان لايدخل علي جناتها احد .   وبقي الجثمان الطاهر حتى هجعت العيون وعطي الليل سماء المدينة الحزينة فوضعها على عليه السلام على نعش صنعته اسماء بنت عميس وحمل الجثمان الى البقيع والمشيَعون : علي والحسنان وعمار ومقداد وعقيل والزبير وابو ذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم واودع الجثمان الطاهر هنا وغطى اثره لئلا يُعرف !!! .   

روي ان عليا عليه السلام حين انزل فاطمة هاجت به الاحزان وازدحمت في نفسه الهموم وعظم عليه الفراق وکبر عليه الموقف ، فحوَل وجهه الى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبثه الشکوى معبرا عما في نفسه من حبَ  لها ووفاء لابيها رسول الله (ص) وحزن لفراقها ولوعة مما جرى عليه وعليها . 

وقد قال الامام زين العابدين عليه السلام : لمّا قبضت فاطمة ( عليها السلام ) دفنها امير المؤمنين عليه السلام سرّاً ، وعفى على موضع قبرها ، ثمّ قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ثمّ قال : ( السلام عليك يا رسول الله عنّي ، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي ، إلاّ أنّ في التأسّي لي بسنّتك في فرقتك موضع تعزّ ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت نفسك بين نحري وصدري .

بلى ، وفي كتاب الله لي أنعم القبول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة ، وأُخذت الرهينة ، واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء . يا رسول الله ، أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، وهمّ لا يبرح من قلبي ، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم ، كمد مقيّح ، وهمّ مهيّج ، سرعان ما فرّق بيننا ، وإلى الله أشكو ، وستنبّئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها ، فاحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها ، لم تجد إلى بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين .

والسلام عليكما سلام مودّع ، لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين ، واهاً واهاً ، والصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً ، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية . فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً ، وتهضم حقّها ، ويمنع إرثها ، ولم يتباعد العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، وإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء ، صلّى الله عليك وعليها السلام والرضوان ) .هکذا طوت الزهراء فاطمة سلام الله عليها صفحة الحياة لتبدأ مرحلة الخلود في عالم الفردوس ولتحيا ابدا في ضمير التاريخ ودنيا الاسلام مثلا اعلى وقدوة حسنة وشامخة تتطلع اليها الانظار وتسمو في رحابها النفوس .

انتهی/158