وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
السبت

٢ أبريل ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
234553

سیرة الإمام الشهيد آیة الله العظمی السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)

ولد رضوان الله علیه في الخامس و العشرین من شهر ذی القعدة عام 1353 هجریة الموافقة عام 1933 میلادیة في مدینة الکاظمیة بالعراق... و ینتهي نسبه الشریف إلی الامام السابع موسی بن جعفر " الکاظم" من أئمة أهل البیت(ع).

أما والده المرحوم العالم الفاضل السید حیدر بن السید اسماعیل بن السید صدر الدین بن السید صالح... فیعد من العلماء الکبار في علمي الأصول و الفقه و قد ذکر السید عبد الحسین شرف الدین في ترجمة حیاته فقال رحمه الله: " و الحق أن السید حیدر قد بلغ من الفقه و الأصول و ما إلیها علی حداثة سنه مبلغاً یستوجب أن یکون في الطلیعة من شیوخ الإسلام و مراجع العامة و لعلي لا أعرف ـ غیر مبالغ ـ من یرجح علیه بشيء في میزان من موازین الفقه الراجحة".

و أما والدته فهي التقیة البارة ابنة العالم الکبیر الشیخ عبد الحسین آل یاسین و شقیقة العالمین المحقق الشیخ محمد رضا آل یاسین و الشیخ مرتضی آل یاسین رحمها الله.

و کان الشهید رحمه الله ثاني إخوة ثلاثة هم :

ـ السید اسماعیل الصدر الذي کان من خیرة الفضلاء و العلماء في النجف الأشرف ثم رغب إلیه المرجع الکبیر السید محسن الحکیم أن یعود إلی الکاظمیة لیشرف علی شؤون المسلمین هناک فصار وکیلاً مطلقاً عن المراجع فیها.

ـ و السید الشهید رضوان الله علیه.

ـ و الشهیدة آمنة الصدر الکاتبة الإسلامیة المعروفة « ببنت الهدی» و التي قضت معه في وقت واحد.

و کان جده السید اسماعیل قد حاز المرجعیة العامة في العراق بعد وفاة سلفه المرجع السید حسن الشیرازی.

و تتحدر أسرة آل الصدر من أصول عاملیة، فقد عاش جدهم السید صالح في بلدة شحور من أعمال جبل عامل أیام الأتراک ثم هاجر إلی العراق لطلب العلم فآثر البقاء رغبة في التدریس و الإفادة.

نشأته و دراسته:

لم یکن عمر الشهید رحمه الله أکثر من أربع سنوات حین توفی المرحوم والده، فتولت السیدة الفاضلة والدته تربیته کما یذکر أفراد العائلة بهذا الصدد أحد الفضلاء و اسمه عبد الحسن الذي کان یقدم للعائلة الخدمات النبیلة کما کان یخص شهیدنا بعنایته متقربا بذلک إلی الله.

و في أجواء العلم و الفضیلة و ضمن الحوزة العلمیة أکب الشهید علی دراسة العلوم الفقهیة و الإسلامیة و بدت علیه منذ الصغر علامت النبوغ الممیز فتوسم فیه کل من عرفه مستقبلا مشرقا للعلم و الفکر. و کان أخوه المرحوم السید اسماعیل الصدر أول من تولی تدریسه المقدمات في العلوم العربیة و الفقه و الأصول فکان یدوّن ما یدرسه و یتوصل إلیه بعد التحقیق کما لا ینسی أن یسجل ملاحظاته و مناقشاته علی المؤلفین، روی أخوه السید أسماعیل أنه کان یشرح له مبحث الضد من کتاب معالم الأصول و هو في أوائل السنة الثانیة عشرة من عمره ـ و بحث الضد من أصعب مسائل علم الأصول ـ فأورد له رأي صاحب کتاب المعالم في المسألة و تقضي أن ترک أحد الضدین مقدمة للضد الآخر. فاعترض الشهید علی هذه المسألة بأن هذا الکلام یستلزم الدور، و الدور مرفوض علمیاً . و تظابق رأیه في هذا مع اعتراض کان قد سبق إلیه المحقق الکبیر صاحب الکفایة و لم یکن الشهید قد اطلع علی ذلک.

و عندما  أتم الدراسات التمهیدیة للعلوم الفقهیة و الأصولیة و الفلسفیة هاجر عام 1365 ـ 1945 إلی النجف الأشرف مع أخیه السید اسماعیل حیث بدأ بالدراسات العلیا وهو في السنة الثالثة عشرة من عمره علی ید أساطین علم الفقه و الأصول في حاضرة النجف الأشرف.

و في هذه المرحلة تلقی الدراسات العلیا علی ید عالمین شهرین من أعلام النجف الأشرف هما:

1ـ الشیخ محمد رضا آل یاسین خال الشهید الذی کان معروفاً لدی المحققین بالفقیه المدقق، و کانت أبحاثه تلقی علی نخبة من أکابر العلماء، لعق الأبحاث التي کان یطرحها، ولم یمنع صغر سن شهیدنا أن یستوعب هذه الدروس و یسجلها و یناقشها و یدرب نفسه لتحصیل رتبة الاجتها واضعا فتواه الخاصة علیها.

و قد شهد له الشیخ عباس الرمیثیي بالاجتهاد و هو دون العشرین و حرم علیه التقلید و ذلک بعد أن اشترک معه في مناقشة و استخلاص الرأي في فتاوی الشیخ محمد رضا آل یاسین و العلیق علی رسالته الفقهیة " بلغة الراغبین".

2ـ المرجع الإسلامي الکبیر السید أبو القاسم الخوئي  هو غني عن التعریف و اشتهاره بالأستاذیة و التحقیق في علمي الأصول و الفقه و رجال الحدیث غیر خاف، و قد استفاد الآلاف من العلماء في العالم الإسلامي من دروسه و أبحاثه و مؤلفاته.

و لم یکمل دورة الأصول علی الإمام الخوئي لإکتفائه بالحضور بعض الوقت و الاستماع الی المحاضرات ثم توجهه بنفسه لدراسة مؤلفات مراجع الفقه و الأصول و أبحایها العالیة المستوی المتوفرة في المعاهد الدینیة و التي ألفها کبار علماء المسلمین منذ ألف سنة من أمثال الشیخ الطوسي و ابن ادریس و المحقق الحلي و الشیخ البهائي و الشیخ آغا ضیاء الأراکي و الشیخ النائین و الأصفهاني و سواهم.

و قد امتاز الشهید رضوان الله علیه بخاصتین هما: الذکاء الخارق الذي یستوعب المسألة من جوانبها المتعددة لذلک کان علی غیر العادة من التحصیل العلمي في معاهد النجف فلم یدرس علی کثیر من الأساتذة سوی من ذکرنا.

أما الخاصیة الثانیة فهي العمل الدؤوب و الصبر علی التحصیل العلمي بالدراسة الذاتیة لکتب العلم المختلفة مع الاستغراق الکامل في مهمات البحث و التدقیق، فقد کان یعمل یومیا ست عشرة ساعة و لا یلتفت إلی صیاح أطفاله من حوله لدرجة أنه لم یکن یلتفت للوقت حتی تأتي والدته البارة بوقت الصلاة و الطعام.

مؤلفاته و إنتاجه الفکري

توفرت ملکة التألیف لدی الشهید رضوان الله علیه و هو ما زال في سن السادسة عشرة فألف کتاب « فدک في التاریخ» و عرض هذه المسألة من جوانبها السیاسیة المحضة و أبعادها علی مسار المسلمین منذ وفاة الرسول (ص) و ما تلاها من أحداث و لم یعالجها غیره بمثل ما أبدع هو فیها.

2ـ غایة الفکر في علم الأصول: یعتبر هذا الکتاب موسوعة في علم أصول الفقه و یتضمن جمیع مباحث الأصول و أراء أعلام هذا العلم منذ أکثر من ألف سنة مع مناقشة لتلک الآراء، و قد طور هذا العلم و منهج أبوابه بطریقة حدیثة مع اختلاف في طریقة التبویب التي کانت متبعة کما استعان بنظریات علمیة مستحدثة في معالجة بعض المباحث، و قد بدأ تألیف هذه الموسوعة منذ سن السادسة عشرة کذلک و باشر تدریسها بنفسه إلا أنه کان یعدل فیها فیحذف و یقدم و یؤخر حتی اکتملت عشرة أجزاء طبع منها فقط خمسة أجزاء.

3ـ فلسفتنا: و قد کتبه عام 1959 و هو ابن ست و عشرین سنة علی أثر انقلاب عبد الکریم قاسم عام 1958 و انتشار الشعارات المارکسیة و لم یکتف بدحض المزاعم المارکسیة بل أتی علی تفنید و نسف کل مباديء الفلسفات غیر الإسلامیة من جذورها، و انتشر هذا الکتاب و کتاب اقتصادنا بشکل واسع في العالم الإسلامي و ربی تیارا و جیلا إسلامیین ممیزین کما أقضی مضاجع الحکام في العراق علی عدة عهود بما تضمنه من مناقشات علمیة و منطقیة لکل الفلسفات الغربیة شرقیها و غریبها مع نسفها من من الأساس و تثبت الفلسفة الإسلامیة.

و قد قرّض هذا الکتاب عدد کبیر من مفکري العالم الإسلامي: یقول الدکتور أحمد عبدالستار ا