ابنا : في السابق وعندما كانت (الجماعات الإسلامية) تنفرد بساحة الفكر والتوجيه ومن بينها جماعة الإخوان كان الشعار المرفوع (أبي الإسلام لا أبا لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم) وفي إطار تلك الحالة (الأممية) لم يجد مرشد الإخوان غضاضة في القبول برئيس ماليزي أو حتى صيني طالما أنه (سيحكمنا بما أنزل الله) وهو التصريح الذي أثار حالة من الضجيج المضاد ما زالت فاعلة حتى الآن.
إلا أن (فقه المواءمات والأكروبات البهلوانات) اقتضت من القرضاوي شيخ شيوخ خليجيا أن ينبذ تلك الحالة (الأممية الإسلامية) ليجعل الانتماء الخليجي مقدما على العروبة والإسلام حيث نراه يوجه سهامه نحو أحرار البحرين منددا بانعدام (خليجيتهم) قائلا: (وكأنهم ينتسبون إلى إيران ولا ينتسبون إلى البحرين، هم من أهل الخليج، فلماذا يخرجون عن الخليج؟! نحن نريد أن تكون المواطنة حقيقية).
المواطنة الحقيقية حسب (شيخ شيوخ خليجيا) تحتم على المواطن الخليجي الرضوخ لشروط المستوطنين القدامى (آل خليفة) والمستوطنين الجدد (السيخ والهندوس والقرضاوي) لا فارق بينها وبين المواطنة الإسرائيلية التي توجب على الفلسطيني الرضوخ لشروط المهاجرين الآتين من بولندا وأوكرانيا ليسكنوا هم في القصور ويسكن أبناء الأرض في العراء والمهم هو الطاعة والولاء لنظام الاحتلال الاستيطاني المدعوم بالأسطول السادس إسرائيليا والخامس خليفيا خليجيا!!!.
صحيح أن شيخ شيوخ الخليج ولد في قرية (شبرا النملة) الفقيرة على بعد كيلومترات قليلة من مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى حيث يمضي العمال ساعات النهار الطوال في العمل من أجل بضعة جنيهات حيث لا يوجد نفط ولا قواعد عسكرية يأوي إليها (الأسطول الخامس الأمريكي)، إلا أنه يرفع الآن شعار (خليجي وأفتخر) وهو تطور طبيعي لمن يؤمنون بمنطق القوة والقهر والغلبة وسطوة المال رغم أن الشيخ الذي حفظ القرآن يعرف جيدا أن هذا عرض زائل وأنه سبحانه وتعالى هو القائل: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾.
لا أدري أي انتماء خليجي يعني شيخ الشيوخ في بلدان يعيش بها الملايين من الهندوس والسيخ ومعهم ثقافتهم بخيرها وشرها في (مجتمعات شركات متعددة الجنسيات) يستخدم اصحابها في خدمتهم ملايين العاملين والعبيد ومن بينهم شيخ الشيوخ الذي إذا وهب!! (فتاويه) فلا تسألن عن السند أو السبب!!.
إنه منطق التحولات والتنقلات من أممية إسلامية إلى عنصرية إقليمية خليجية تماما كما فعل القذافي الذي انتهت به رحلة التيه والتخبط ليصبح (ملك ملوك أفريقيا) بعد تخليه عن منصب أمين (القومية العربية) ربما لأنه وجد أن تجاوب العرب مع شذوذه العقلي والفكري والأخلاقي لم يعد يفي له بما يريد من أوهام الصدارة والزعامة!!.
القذافي الذي نصب نفسه (قائدا للثورة) لا يرى في الثورة عليه ثورة بل عملا إرهابيا تقوده القاعدة حتى ولو كان الثائرون ليبيون مما يبيح له إبادتهم عبر القصف الجوي والمدفعي أما القرضاوي فلا يرى في انتفاضة أحرار البحرين ثورة ولا يحزنون لأنها ببساطة تمرد من طائفة مستعبدة يرى فخامته وجوب أن تبقى مستعبدة على ملاك (المجتمعات الشركات متعددة الجنسيات) الذين جاءوا به من شبرا النملة وجعلوا منه ديناصورا من ديناصورات دين الدنيا في عصر سطعت فيه شمس الإنسانية الحرة وليس شركات استعباد الإنسان وتجار الرقيق القدامى والمعاصرين.
القذافي المجنون يفتي من رأسه ومن كتابه الأسود كما يفعل شيخ شيوخ (خليجيا) الذي يفترض البعض أنه تابع للكتاب والسنة وعالم بما جاء فيهما إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك فهو واحد ممن وصفهم رب العزة بقوله ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾.
لو كان (شيخ شيوخ خليجيا) الآتي من شبرا النملة يقرأ القرآن ويحكم منه شيئا لما نفى: (أن يكون ما يحدث في البحرين "ثورة شعب، بل ثورة طائفية واستقواء بالخارج، وليست مطالب شعب بأكمله، وإنما خروج فئة عن فئة لفرض مصالحها بالقوة وتمادت إلى أن أصبحت ثورة طائفية وهذه مشكلتها".
هل قرأ شيخ شيوخ خليجيا قول الله تعالى ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾.
على أي أساس من القرآن والسنة النبوية المطهرة استند شيخ الشيوخ في رفضه ثورة أحرار البحرين لأنها (طائفية) حسب زعمه (ولأنها لا تمثل مطالب شعب بأكمله) في حين بعث الله تعالى موسى بن عمران عليه السلام من أجل إنقاذ طائفة استعبدها أحد الفراعنة وليس شعبا بأسره؟!.
منذ متى كان الإجماع أو نهوض شعب بأكمله شرطا من شروط النهوض في مواجهة الظلم؟!.
هل يستند هذا المنطق الخرف إلى أي نص ديني معتبر أم إلى الكتاب الأخضر سيء الذكر؟!.
متى كان التحرك من أجل إنقاذ طائفة مظلومة من البشر عملا مرفوضا في حين كان تحرك موسى عليه السلام من أجل إنقاذ (طائفة) استعبدها فرعون وهامان وقارون ﴿أن أرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم﴾؟!.
القرآن الكريم يقول أن فرعون وهامان لم يكونا يستعبدان شعب مصر بأسره بل كان جل تسلطهم وظلمهم واقعا على بني إسرائيل ﴿يستضعف طائفة منهم﴾ ولم يقل سبحانه يستعبد (أهل مصر) حتى وإن أدت السياسة الفرعونية لهلاك أهل مصر ممن عاونوا فرعون على ظلمه عملا بقوله تعالى ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
هل قرأ الشيخ آيات سورة الأعراف التي توجب على المؤمنين أن يصدعوا بالحق أيا كان عدد القائلين به ولو كانوا قلة قليلة؟!.
﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾.
ألم يلحظ شيخ شيوخ خليجيا أن الآيات القرآنية تتحدث عن (أمة منهم) رفضت الظلم في حين ظلت الغالبية على ولائها لقادة الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول قبل أن يأخذ العقاب الإلهي العصاة والمذنبين ويمسخ الطغاة المستكبرين ويقول لهم كونوا قردة خاسئين؟!.
نحن أمام نسخة جديدة معاصرة من بلعم بن باعوراء الذي رفعه الله بكتابه وكلامه ولكنه أخلد إلى الأرض وأصبح خادما لشركة (آل خليفة متعددة الجنسيات العاملة في خدمة الشركة الأم) التابعة للأسطول الخامس الأمريكي والتي تعمل جاهدة للحفاظ على مناطق نفوذها واستثماراتها في هذه المنطقة.
لهذه الأسباب كلف شيخ الشيوخ خليجيا بالدفاع عن مصالح آل خليفة التي هي في الواقع مصالح أسيادهم الأمريكان الذين اكتفوا بالتفرج على تلك المجازر الوحشية التي ارتكبها عملاؤهم ضد أحرار البحرين ظنا منهم أن هذا سيؤخر زمن اندحارهم وفرارهم من المنطقة بأسرها وهيهات هيهات!! أليس الصبح بقريب!!.
الآن وبعد أن ارتكب ( طواغيت هذه الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعُصبة الآثام، ومحرفي الكتاب ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء) جريمتهم بقتل أحرار البحرين المطالبين بحقوقهم وإطلاق الرصاص الحي عليهم من مسافة سنتيمترات رغم فتوى شيخ شيوخ خليجيا بتاريخ 27-1-2011 (بتحريم إطلاق الرصاص على المتظاهرين وأن "أي شرطي يطلق النار على متظاهر لم يبدر منه ما يستحق القتل مجرم وأثم"، مطالبا لهم بعدم الاستجابة لقادتهم" ومن يقول إنه عبد المأمور أقول له أنت عبد لله والقتل حرام"، نؤكد على ما قاله هو من: أن دماء شهداء البحرين لن تذهب سدى، وستتحول هذه الدماء إلى الشرارة التي تشعل النار، وقال "فليحذر من يعيش في القصور بعيداً عن مطامح الناس من تلك الشرارة".
أما سادته ملاك شركة (آل خليفة) التابعة للأسطول الخامس الأمريكي فنقول لهم ما قاله الإمام الحسين بن علي : ﴿ والله لا تلبثون بعدها إلا كريثما تركب الفرس حتى تدور بكم الرحى، عهداً عهده إليَّ أبي، فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم كيدوني جميعاً ولا تنظرون، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراطٍ مستقيم ، اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مرة، فلا يدع فيهم أحداً إلا قَتَله بقَتْلِه وضَرَبَهُ بضَرْبِه، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم، فإنهم غرونا وكذبونا وخذلونا، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ﴾.
إنها أيام لن تطول إلا ريثما يركب الفرس حتى يسقط الظلم والطغيان مهما تمسح بالإسلام الذي هو منهم ومن أشباههم براء.
انتهی/158