وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الجمعة

١١ مارس ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
231045

في آلیة التمهید لظهور الحجة المنتظر(ع)

ابنا: یقول ویل دیورانت في کتابه (بدأ عصر العقل ): ( ان التغییر أمر ضروري للحیاة، و الحس و الفکر. إن أي شيء جدید و مثیر قد یبدو بحاثته جمیلاً، حتی یعود الماضي المنسي علی عجلة الزمن فنرحب به کشيء غض جدید).

إننا نحتاج في مسألة التمهید لظهور صاحب الزمان (عج) إلی مساءلة النفس و الوجدان: عن نوعیة التمهید المقصود، او کمیة التمهیدات المرغوبة، التي من شأنها فرش الجادة التي یظهر فیها الإمام المنتظر(ع) کأنصع صورة من صور الظهور المعلن، بعد ان کان لأکثر من عشرة قرون في مرحلة الظهور المخفي.

و یأتي هنا التغییر النفسي و الجغرافي و الاجتماعي الذي قصده الکاتب (دیورانت) بفاعلیة جدیدة لظهور التمهید او لتمهید الظهور، بفواصل زمنیة یکون المفصل الحاکم فیها هو صاحب الزمان (عج) نفسه.

فإذا کانت عملیة التمهید لظهور صاحب الازم (عج) عملیة جماعیة، فهي تحتاج إلی أجهزة کما تحتاج إلی أفراد، و هي بما انها مشروع جماعي تفرض الوحدة الاجتماعیة، و الوحدة الاجتماعیة تفترض بدورها قیادة موحدة. و للنظر ما یقوله التوقیع الشریف: ( لو أن أشیاعنا وفّقهم الله لطاعته علی اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد علیهم لما تأخر عنهم الیمن بلقائنا....).

و المکاتبة المعصومة تتحدث عن شرط الظهور أولا بالدعاء الإلهي ( ... وفّقهم الله لطاعته...) و من ثم الدعوة إلی الوحدة الاجتماعیة الإسلامیة، و هو اجتماع القلوب و هو عین معنی الوحدة و الاجتماع... ثم یحکم الإمام المعصوم علی وجود ذلک التغییر المفضي للوحدة الاجتماعیة و القیادة بأن قوامها الوفاء بالعهد للإمام (عج)، أي الاجتماع علی قضیة المهدي(عح) لأجل الظهور المقدّس.

و من نافلة القول ان الانتماء العقائدي لمسألة الأطروحة المهدویة لا یکفي وحده لتصویب النظر لظهوره (عج) او التمهید له، لأنه لو کان هذا الشرط کافیاً لکان الخروج منه(عج) قد تحقق منذ زمن بعید.

إذن، فالمؤکد المحقق ان الوحدة و الاجتماع هما المقصودان في إطار العمل المهدوي، و من ثم صب الجهد في مشروع التمهید لا بشکل عشوائي بل یشکل منظم له قیادة، و له نظام . و لعل البعض یسدل: من هو قائد هذه الحرکة و هذات النظام؟

و الجواب ـ باعتقادنا ـ صرح به حدیث الإمام المهدي (عج) عندما حلّت مرحلة الغیبة الکبری: ( أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة حیدثنا....).

إذن، فالقائد لحرکة الممهدین لظهور الأمر هو الولي الفقیه، فالولي الفیه هو قائد تلک الحرکة الجماعیة و الموحدة التي تحمل توقاً إلی الإمام المهدي(عج) .. و من ثم یکون الإمام المهدي (عج) هو الذي یقوم برعایة الجماعات و الأفراد و الأجهزة و المؤسسات التي تعمل علی التهیؤ لاستقبال و استقدام الإمام (عج) من غیبته بما یحتاج إلیه من أفراد و أجهزة و مسؤسسات ذوي کفاءة و مهارات و جهوزیة للشروع في الحرکة الإصلاحیة العالمیظ تحت لواء الإمام (عج) ... ثم بناء و إدارة دولة العدل الإلهي علی کل الأرض، و قد ورد في ضفة أولئک الأولیاء و دورهم : (... هم النجباء و القضاة و الحکام...).

و یکفي ان نقرأ الروایة الواردة عن الإمام الرضا (ع) في حق العلماء: ( لو لا من یبقی بعد غیبة قائمکم منم العلماء الداعین إلیه و الدالین علیه و الذابین عن دینه بحجج الله و المنقذین لضعفاء عباد الله من شباک إبلیس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي احد إلا ارتد عن دین الله، و لکنهم الذین یمسکون أزمة قلوب ضعفاء الشعیة کما یمسک صاحب السفینة سکانها أولئک هم الأفضلون عند الله عزوجل...).

و اذا ربطنا بین الحدیثین المعصومین السابقین، فإننا نلاحظ انهما یشیران إلی کیفیة قیادة هؤلاء الأولیاء لجموع العامة من الشیعة، و خاصة عندما شبههم الرضا (ع) بأنهم ربان السفینة.

و قد یقال عن حاکمیة ولایة الفقیه في زمن الغیبة المقصودة في الحدیثین السابقین، بأن هناک وجهة نظر معینة للتاریخ تفسر علی أساس أن الإنسان عامل ثانوي فیه، و القوی الموضوعیة المحیطة به هي العامل الأساسي في حرکته الاجتماعیة، و هي إطار ذلک لن یکون الفرد أفضل الأحوال إلا التعبیر الذکي عن اتجاه هذا العامل الأساسي.

و الحقیقة أن التاریخ یحتوي علی قطبین : أحدهما الإنسان، و الآخر القوی المادیة المحیطة به.

و کما تؤثر القوی المادیة و ظروف الإنتاج و الطبیعظ في الإنسان، یؤثر الانسان أیضاً فیما حوله من قوی و ظروف.

و لا یوجد مسوغ لافتراض أن الحرکة تبتدیء من المادة و تنتهي بالإنسان، إلّا بقدر ما یوجد مسوغ لافتراض العکس، فالإنسان و المادة یتفاعلان علی مرّ الزمن.

و في هذا الإطار بإمکان الفرد أن یکون أکبر من ببغاء في تیار التاریخ، و بخاصة حینما ندذخل في الحساب عامل الصلة بین هذا الفرد و السماء، فإن هذه الصلة تدخل حینئذ کفوة موجهة لحرکة التاریخ.

و هذا ما تحقّق في تاریخ النبوّات، و في تاریخ النبوظ الخاتمة بوجه خاص، فإنه بحکم صلته الرسالیة بالسماء تسلم بنفسه زمام الحرکة التاریخیة، و أنشأ مدّاً حضاریاً لم یکن بإمکان الظروف الموضوعیة التي کانت تحیط به أن تتمخّصض عنه بحال من الأحوال.

و ما أمکن أن یقع علی ید الرسول الأعظم (ص) یمکن أن یقع علی ید القائد المنتظر من أهل بیته الذي بشّر به هو و نوّه عن دوره العظیم.

و ینتقل ذلک الدور إلی ولي الفقیه بالتبع إلی حین الظهور المقدس لصابح الأمر(عج).

إذن، فإن الأدوار الإنسانیة السابقة هي التي تتحکم في مسیرة التاریخ نحو وجهة معینة ترتأیها تشریعات الظهور المقدس لصاحب الزمان (عج) لأنه هو حجة علی أولیاء الفقه ، عندما یکون الاخیرون حجة علی الناس....

فتفاعل حرکة التاریخ الموضوعیة تکون عرضیة مع العوامل الإنسانیة. و لکن عندما تصل الحرکة تلک إلی الإمام المهدي (عج) ترتفع الحرکة إلی حرکة طولیة.

إذن، فإن الحرکة الاجتماعیة التي تقود أولیاء الفقه في تحدید مسار الظهور المقدس لإمامنا المنتظر(عج) هي التي أحیت هیبة الدین الإسلامي في النفوس العطشی للعدل المأمول.

و یکفي نظرة واحدة إلی حیاة مراجعنا العظام ـ الأموات منهم و الأحیاءـ تغني القلب بوابل من الطمأنینة الداعیة إلی التمسک بالدین الإسلامي الذي وحّد القیادظ الإنسانیة و الاجتماع التاریخي في طول الدنیا و عرضها.


انتهی/125