وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالات
الجمعة

٤ مارس ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
229618

هنيئا للشعب الأمريكي غباء الحكام العرب

ابنا : غباء الحكام العرب نقمة على شعوبهم، ونعمة للأمريكان خصوصا وللغرب عموماً. غباء الحكام العرب يحرم الشعوب العربية حتى من النعم التي أنعم الله تعالى بها عليهم، وليس للحكام اللصوص فيها دخل إلا الاستحواذ بالقوة الغاشمة على تلك النعم والثروات، والاستعانة بأعداء الامة لاستثمارها والمحافظة على العائدات الكبيرة في بنوكهم - اي في بنوك الغرب، إذ تتحول هذه النعم إن كانت بترولا أو موقعا إستراتيجياً أوغير ذلك، إلى عزبة خاصة للحاكم وأسرته وبعض المنافقين من حوله، الذين ينعمون بالفتات، ذلك الذي يتفاوت حجمه بين حاكم وآخر في ضوء حجم الغباء الظاهر أو المدفون الخفي.
طالعتنا الأنباء مؤخرا أن أمريكا حركت سفنا على مقربة من ليبيا، كما منعت وزارة الخزانة الأمريكية - وليس البيت الأبيض ـ الزعيم الليبي القذافي وأسرته من التصرف في أموال ليبية قيمتها نحو 30 مليار دولار في الولايات المتحدة، كما جمدت بريطانيا 10 مليارات جنيه استرليني لاسرة القذافي.
والزعيم هنا يعني زعيم اللصوص من الحكام وسماسرة الشعوب. شعوبنا بعضها لا يجد ماء ً للشرب ولا دواء للعلاج، وبعضها لم تصله دعوة العروبة ولا الاسلام، والبعض الاخر كما هو معلوم يعيشون في المقابر يأكلون ويشربون ويتناسلون مع الأموات، وأموالهم التي أنعم بها الله تعالى عليهم وأخذها الحكام اللصوص، ينعم بها الشعب الأمريكي في بلد القوة والرفاهية بكل الطرق والوسائل الشفافة وغير الشفافة، وبمصادرة وتجميد ما يعرف بأموال الحكام العرب الأغبياء، وهي بالتاكيد ليست أموالهم، بل هم اللصوص الذين سرقوا أموال شعوبهم، وسلبوا كرامتهم وحافظوا على تخلفهم.
ماذا يعني كلام أو تصريحات الكولونيل الأمريكي ديفيد لابان المتحدث باسم البنتاغون، 'نقوم بتحريك سفن على مقربة من ليبيا في حالة الاحتياج لها'، هل يعني ذلك أن تصبح ليبيا مثل العراق، ساحة حرب تجرب فيها أمريكا الأسلحة المحرمة دولياً، وتحافظ على ما تسميه المصالح الغربية وأولها (النفط)، وكأن الله تعالى أعطانا نحن العرب هذه النعم، وفي مقدمتها النفط لتنعم به أمريكا - استكشافاً واستخراجاً وتسعيراً وتصريفاً، وما أعطوه لحكامنا الأغبياء سيأتي اليوم المناسب لهم لتجميده في البنوك الغربية.
قد يفرح بعض المجاهدين أو الثوار ضد الحكام، أو بعض السياسيين والدبلوماسيين المستقيلين من العمل مع القذافي زعيم اللصوص، بهذا التحرك الأمريكي، وربما يفرح بعضهم بالتدخل الأمريكي، بل يستعجله بالطلب وبالدعاء للقيام بطرد القذافي أو قتله، كما فرح بعض الأغبياء باحتلال العراق وقالوا الاحتلال أهون من صدام حسين، وجاءوا مع بريمر لتحرير العراق من صدام. وفعلو أشياء أخرى ولم يحرروا العراق من الفساد ولا الظلم ولا الطائفية ولا التخلف. وبقوا في العراق بعد صدام وفي الخليج كله، ولا أحد يعرف متى سيذهبون ولا أحد ينادي بذلك إلا القليل، وبعضهم يقول أقوالا سخيفة لا معنى لها من الاعراب في قضايا معقدة مثل فلسطين وغيرها، وسيقول بعض الليبيين إن الوجود الأمريكي أهون من الزعيم، زعيم اللصوص، وأقول لهؤلاء وهؤلاء لقد كان شاه إيران أسوأ حكام المسلمين، وكانت السافاك أسوا أجهزة المخابرات في العالم الاسلامي، ولكن الامام الخميني رحمه الله تعالى، قاد أعظم الثورات المعاصرة، ثورة القضاء على شاه إيران، وثورة القضاء على الهيمنة الأمريكية والنفوذ الصهيوني في إيران، حتى قضى على النفوذ الأجنبي وأعطى السفارة الاسرائيلية في طهران للفلسطينيين.
وكلنا يتذكر حبس الرهائن الأمريكان 444 يوما حتى تم الافراج عنهم، وتم إقامة معسكر لهم للنقاهة في ألمانيا قبل العودة الى أهليهم في أمريكا ـ وهذه سمة ضعف وترف أمريكي وليست سمة قوة - حكام العرب الأغبياء يعتقلون ويسجنون المواطنين الشرفاء بلا حكم ولا محكمة، وإن خرجوا من السجون بعد سنوات طويلة لا يحتاجون الى فترات نقاهة ولا معسكرات نقاهة. هل يقدر حكام العرب الأغبياء هذا الصبر، وهل يفهمون أن لكل شي نهاية أو حدودا؟ وللحق أقول ان شهداءنا وسجناءنا السياسيين ضحوا كثيرا، ومن الظلم أن تضيع تضحياتهم سدى أو يستفيد منها أهل الغرب.
ماذا لو أن هذه المليارات من الدولارات كانت قد استثمرت في ليبيا، لا أقول في العالم العربي والاسلامي؟ ألم تكن هذه المليارات المصادرة حاليا تكفي لعمل مراكز أبحاث وتخريج ليبيين يقومون باستكشاف النفط واستخراجه وبيعه في السوق العالمي، من دون حاجة الى مساعدة الأمريكان الفنية. ألم تكن تكفي لتصنيع السلاح بدلا من استيراده للدفاع عن أوطاننا من المظالم العديدة؟ ألم تكن تكفي لتصنيع الدواء المطلوب في العالم العربي والاسلامي وأفريقيا وسد حاجات ملايين المواطنين العاجلة؟ ألم تكن تكفي عشرين سنة لمساعدة مصر بدلا من الاعتماد على ما يسمى بالمعونات الأمريكية السنوية، وهي في الواقع معوقات أمريكية ضد التنمية والتقدم؟ أقول هذا وأنا ضد المساعدات الأمريكية لمصر، لأن ثمنها ضخم، وحجم المساعدات الأمريكية لمصر هو حجم ما سرقه مبارك وأسرته طول مدة حكمه 30 سنة، بل ما سرقه كان أكثر .
أين دور الجامعة العربية، وبعض أهل مصر يريدون أن يترأس عمرو موسى، مع فشل النظام العربي وهو على رأسه، مصر في المستقبل، مصر الثورة؟ واين دور منظمة المؤتمر الاسلامي وأين دور منظمة الوحدة الأفريقية، وأين دور رؤساء وملوك أفريقيا؟ وماذا هو موقفهم من ملك الملوك؟ ولماذا يسمحون للمرتزقة من بلادهم بمساعدة نظام زعيم العصابة في القتل والتشريد والإبادة؟
أتذكر مستشارا ماليا امريكيا جاء الى السعودية سنة 1984 في مهمة رسمية لتوجيه النصح الى الملك فهد وحكومته، وقد ذهب هذا المستشار بمصاحبة وزير المالية آنئذ 'ًأبا الخيل' إلى الملك للنصح في كيفية استثمار الأموال الزائدة عن الحاجة. وقد جمعني بالرجل لقاء سريع وسألته سؤالا مباشراً هل تظن أن هذه الاموال ستعود يوما ما الى أصحابها؟ ودهشت لأن الرجل كان صريحاً وأمام مجموعة محدوده جداً من العلماء السعوديين، إذ قال: لا أظن. وانتهى اللقاء وذهب الرجل لينصح وزير المالية السعودي والملك والأسرة آنذاك في كيفية استثمار الأموال الزائدة عن الحاجة. هنيئاً للشعب الأمريكي أموال العرب والمسلمين، وتباً لحكامنا الأغبياء الأقوياء على شعوبهم، الضعفاء أمام شهواتهم وأسيادهم من الأمريكان خصوصا، والغربيين عموما، ورحم الله تعالى البوعزيزي وشهداءنا جميعا في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي البحرين وفي اليمن، ونتمنى أن يكون مستقبل العالم العربي والاسلامي أحسن من حاضره وماضيه البائس .
كلمة اخيرة ابتغاء وجه الله تعالى، على كل القوى السياسية في الدول التي قامت فيها هذه الثورات الشبابية المباركة المعاصرة، أن تراجع برامجها وأهدافها وغاياتها لتكون في خدمة شعوبها ومصلحة الوطن الواسع، قبل المصالح الضيقة، وأن تسعى إلى استخدام الموارد والمصادر البشرية والمادية التي تحت أيديها وتنظماتها السياسية والدعوية استخداما أمثل، والاستماع إلى الشباب أصحاب الفضل في التغيير، ومنهم لا شك من يصلح للقيادة في شتى التيارات السياسية أكثر وأفضل ممن جمدوا على كراسيهم ومراكزهم الحزبية مثل مبارك، ومن المهم جداً أن يدرس الشباب كيفية المحافظة على المكتسبات التي تحققت أو التي ينبغي أن تتحقق مستقبلا عاجلا أو آجلا، وفق أولويات مدروسة جيدا وباستشارة أهل العلم المخلصين المستقلين، وعلى القوى السياسية والنخبة أن ترتقي بآرائها حتى تخرج بلادنا من التخلف الى التقدم، ومن الضيق والكبت الى الحرية، ومن الاستغلال الى الاستقلال، ومن الضعف الى القوة، ومن الانانية والمصالح الشخصية أو الحزبية الضيقة الى التضحية والمصالح الوطنية الواسعة، كما علمنا هؤلاء الشباب.
ونصيحة للشباب المجاهد في مصر وغيرها ضد الاستبداد والفساد والظلم أن يحركوا الشعوب في كل البلاد المستضعفة، وتأسيس ميادين للحرية والتحرير في كل مركز أو بلد أو حتى قرية، لتكون ضماناً للاستمرارية، وأن تقف سداً منيعا ضد انتهازية أي طرف أو ضد أي شلة من المنافقين من حول الثورة اليوم، الذين سرعان ما تلونوا بلون الثورة. ندعو الله تعالى أن يحمي بلادنا وثوراتنا من المرتزقة والمستغلين والمنافقين، خاصة في الاعلام الفاعل ومراكز السلطة والقرار ومن الطغاة ومن الأمريكان خصوصا.
د. كمال الهلباوي كاتب مصري

انتهى/158