وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

٢١ فبراير ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
227609

الانتفاضات من "باباي" الحكومات الى "باباي" الزعماء

لم يخطر بتاتاً على بال شهيد الانتفاضات الأول الشاب التونسي الفقير والعاطل عن العمل (محمد البوعزيزي) ان إحراق نفسه والتضحية بروحه ستؤدي الى إسقاط معظم أنظمة المنطقة و تزلزل عروش و أركان اعتى الدول دكتاتورية و أكثرها استبداداً ، و ربما كان (البوعزيزي) يتصور و ينوي نيل لقمة العيش الكريم او الحصول فقط على رخصة لبيع الخضار او على افضل حالة السماح له بالعمل عتالاً او منظفاً في إحدى الشركات والمصانع الحكومية التونسية.

ابنا :  و نعترف نحن معشر الإعلاميون و الصحفيون و الى جانب قادة الأحزاب السياسية والمنظمات والتجمعات والاتحادات بأنواعها و سائر القوى الذاتية وغير الذاتية لو خططنا وحرضنا و دعونا ليس للإطاحة بأنظمة عتيدة واستخباراتية حديدية مثل نظام بن علي و مبارك و القذافي و حكام اليمن و البحرين و الاردن و المغرب والجزائر و سائر الدول التي تشهد انتفاضات و اعتراضات جماهيرية واقعية، بل وحتى لو أردنا تشويه سمعة ومكانة هذه الأنظمة المستبدة و الاستخباراتية و إجبارها على الأقل لاحترام حقوق الإنسان فقط لما استطعنا تحقيق ذلك و لما تمكنا من تحريك ذرة من مشاعر و شجاعة الجماهير المنتفضة في المنطقة، لكن الحركات العفوية و الإرادة الجماهيرية هي أقوى من كل قدرة وسلطة على الأرض، و نقر هنا بالقول الشائع: ( يضع سره في اضعف خلقه) فقد وضع الخالق قدرته التي ذرة منها تفوق ملكوت الأرض والسماء و قدرة كل أنظمة العالم مجتمعة، في دم شهيد الانتفاضة التونسية (محمد البوعزيزي) الذي يجب علينا ان نطلق عليه بحق شهيد انتفاضات الأمة و مفجر غضب الجماهير و معطي الدروس لهاالتجربة التي قدمها لنا مفجر الانتفاضات هو ان الشباب لهم مطالب على حق تتأطر بأي يكون لكل شخص عمل شريف و حياة كريمة و تامين على الأقل القوت اليومي وتمكن اي أسرة من دفع الإيجار او تملك بيت او شقة و باستطاعة كل أسرة شراء المواد الغذائية و تسديد فواتير الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء (إذا وجدت بالأساس!) . و لكن ماذا نفعل مع حالات و أساليب الأنظمة القمعية و المستبدة في المنطقة التي قسمت أبناء شعوبها الى موالين للنظام و معارضين له، و إلى خدام و عبيد الحكومة و فئة المغضوب عليهم من عدم الموالين للنظام او رفض المواطنين تحمل أساليب كتاب تقارير و عملاء استخبارات النظام، و من المؤسف ان مجتمعات معظم او بالأحرى جميع دول المنطقة تشهد إعطاء مزايا و مخصصات لفئة او جماعة خاصة و حرمان على الاقل90% من أبناء الشعب من مثل هذه المزايا، و يسمح للخواص و الموالين للأنظمة الحصول على عقود التجارة والتراخيص بالاستيراد و التصدير و تأسيس شركات و مصانع و القيام بسائر النشاطات الاقتصادية و غير الاقتصادية و مكانة هؤلاء هي فوق الجميع، في حين يحرم أبناء معظم المواطنين حتى من الحصول على وظيفة محترمة او عمل كريم بالرغم من ان معظم هؤلاء يملكون شهادات عليا و خبرات و مؤهلات لا يملكها بالأساس اي من أبناء المسئولين و الموالين و الخواص بل وان شهاداتهم الدراسية أتت عن طريق التزوير او الحصول عليها بهتاناً من أركان الحكومة او شراؤها من جامعات أجنبية غير معترف بها

اما الجماهير و بشكل عام كانت و لازالت تطالب باحترام إرادتها و عدم تحقيرها من قبل أركان الأنظمة والسماح لها بالمشاركة الحرة في اي انتخابات شفافة و نزيهة و المساهمة في حل معضلات البلاد و تحسين الأوضاع المعيشية عن طريق المؤسسات المدنية، و لكن خلافاً لارادة الجماهير فان الحكام المستبدين و كأنهم البلاد ملكاً لهم و ارثاً من أسلافهم الشحاذين او عملاء الاستعمار احتكروا السلطة بشكل لا يقبل بها الشرع و العقل و القانون، فالحاكم هو القائد الأعلى و نجله او شقيه نائباً او وريثاً له في الحكم و أفراد أسرته وعائلة زوجته يسيطرون على أركان النظام و الحكومة و يمنع اي مواطن عادي حتى من ان يكون محافظاً او حاكماً لاي مقاطعة الا اذا كان من الخواص والموالين و من المهازل في هذا السياق ان والدة فلان حاكم هي الان رئيسة جميع المؤسسات التعليمية والمنظمات الاجتماعية و زوجته التي أصبحت فجاءة خبيرة في كافة المجالات وحاصلة على عشرات الشهادات العليا تدير كل النشاطات الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية، و في الأنظمة الجمهورية المزعومة الوضع اكثر سخافة حيث مثلاً اذا افترضنا ان المواطنين اختاروا اي شخص ليكون رئيساً للجمهورية او للحكومة (مع ان جميع الانتخابات في هذه الدول مزورة 100 بالمئة) فقد اختاروا شخصاً معيناً واحداً و لم يختاروا جميع أشقائه او أفراد أسرته وعشيرته و سكان المكان الذي ولد فيه ليتصدوا جميع مراكز السلطة و النظام والحكومة و لينهبوا 95% على الأقل من عائدات البلاد لصالحهم و يلقون في النهاية بفتات و نفايات العائدات لشعوبهم او بالأحرى الى أنصارهم و المصفقين لهم في السراء و الضراء! بالله عليكم، هل كان محمد البوعزيزي يطلب اكثر من رخصة لبيع الخضار او غير شغل شريف يطعم أسرته الفقيرة. بالله عليكم ان إصرار الجماهير على إجراء انتخابات واقعية والمشاركة في بناء مؤسسات مدنية و ضرورة محاربة الفساد المالي والاقتصادي و التصدي لنهب و خيرات البلاد بواسطة أحقر الخلق من كبار المسئولين و ذويهم ، وضرورة تقليص أسعار السلع الغذائية و الخدمات الحكومية و محاربة الفقر و الحرمان و الكبت و القمع في المجتمع، هي مطالب غير قانونية او غير قابلة للتطبيق و ان يجب معاملة المواطنين بكل قسوة و يقمعون في معظم دول المنطقة بل و يتهمون بالخيانة العظمى والعمالة لدول أجنبية و يواجهون بالرصاص الحي و القذائف الانشطارية و إنزال الدبابات في الشوارع و تحليق الطائرات الحربية بهدف قصفهم و إرعابهم و قتلهم بأسلحة شملت ايضا مضادات الطائرات كما فعلها النظام الهمجي في ليبيا و خرج علينا نجل الطاغية سيف القذافي ليهدد ابناء الشعب الليبي بقتلهم جميعا اذا واصلوا الانتفاضة وقال بهذا المعني من التهديد: ان والدي و انا وعشيرتي قررنا قتل ثلثي الشعب الليبي من اجل الحفاظ على وحدة البلد و النظام الجماهيري في ليبيا! لقد أكدنا دوما من ان الأنظمة المستبدة في المنطقة غير قابلة للإصلاح و لابد من إسقاطها و تغييرها و خير دليل على ذلك ان هذه الأنظمة رفضت الإصلاحات و محاربة الفساد على مدى عدة عقود من الزمن فكيف تغير موقفها فجأة و ترضخ لارادة الشعوب و قبلت بالإصلاحات وإجراء بعض التغييرات بشكل محدود؟ أليس هذه خطة خبيثة من جانب هذه الأنظمة لكي تستقوي مرة اخرى و تعيد بناء مؤسساتها القمعية لإرهاب المواطنين و قتل  او سجن جميع الذين شاركوا في الاعتراضات ضد هذه الأنظمة المستبدة. والأكثر استغرابا في هذا السياق ان بعض الأنظمة الطاغية و المبنية أركانها على الحقد و السلاح و التزوير لازالت لا تعترف بحقوق المواطنين و لا تقر بوجود معارضة في بلدناها و تزعم من ان الاعتراضات الهائلة ضدها هي مؤامرات أجنبية و مخططات صهيونية و إمبريالية وان هؤلاء (اي 90 بالمئة من أبناء الشعب) هم عملاء للأجانب و ان كل ما يحدث داخل هذه البلدان مجرد أكاذيب و من صنع خيال المناوئين للنظام. اننا و بحكم الاستلهام من التجارب في تونس و مصر و ما يجري الان في ليبيا واليمن ودول أخرى ننصح كافة الأنظمة التي تشهد انتفاضات و اعتراضات شعبية حتى و لو بشكل مختصر او في مواقع الإنترنت او في بعض المناطق الصغيرة او معارضات شبه علنية يعرفها جيدا قادة الأمن و الاستخبارات، ننصح هذه الأنظمة التعجيل بقبول بإرادة الجماهير و التنحي الفوري السلطة و ترك المجال لإجراء انتخابات حرة و غير مزورة و ان يترك الملوك و ما شابههم من أنظمة جمهورية و لكنها أسوء في الحكم الاستبدادي و التوريث من الأنظمة الملكية، ننصحهم ان يتركوا مناصبهم فورا و من اليوم دون ان يتمكنوا لاحقا من الحكم او التدخل في شئون كافة السلطات والمؤسسات الحكومية وعلى الأنظمة الجمهورية المزعومة و غير الجمهورية ان تباشر بنقل السلطة الى ممثلي الجماهير و الانصياع الطوعي او القسري لكافة مطالب الشعب و الا  فمن المؤكد نقولها بدراية و بملأ الفم: ان جميع الأنظمة المستبدة و الدكتاتورية سوف تسقط و تندثر قريبا جدا و ان هذه الحقيقة أوضح للجميع من نور الشمس وسط النهار. ونقول لهم من ان مطالب الجماهير في الوقت الرهن محدودة و مختزلة في إطار ضيق و يمكن تلبيتها دون حدوث انتفاضة او على الأقل تأخيرها لعدة سنوات قادمة و لكن كلما ازداد إصرار قادة الأنظمة الطاغية و المحتكرة للسلطة على عدم القبول بالإصلاحات فان مطالب الجماهير سوف تتسع و تطالب بتغييرات جذرية و تدعو الى إسقاط قادة الأنظمة و كافة المسئولين ومحاكمتهم وربما إعدامهم على ما اقترفوه من جرائم القتل و المجازر ضد الإنسانية و نهب أموال و عائدات البلاد. لقد كان مطلب الشاب التونسي البوعزيزي رخصة لبيع الخضار فاذا كان نظام مبارك قد هيأ أساليب العيش الكريم لامثال البوعزيزي لما انتفض التونسيون من المحتمل جدا . الشعب المصري كان يريد في بداية الأمر إلغاء تزوير الانتخابات التشريعية و إسقاط الحكومة و إصلاح الأوضاع السياسية و الاقتصادية على ابعد تقدير و لكن وبعد إصرار مبارك على عدم صلاح الأخطاء و محاربة الفساد تم إسقاطه هو بنفسه، و الشعب الان مستعد لإسقاط اي شخص او جماعة على شاكلة مبارك و أسرته وحزبه. القذافي كان يوهم الرأي العام بقوله: لو تظاهر 10 أشخاص في ليبيا ضدي فسوف استقيل من منصبي فورا لأنني لا اقف ضد إرادة اي من الجماهير في الجماهيرية العظمى!. لكن رأينا كيف اقدم هذا الزعيم الطاغية على قتل مئات و آلاف من الأبرياء و العزل و بمساندة المرتزقة من دول اخرى و هو يقف الان ضد إرادة الملايين من أبناء الشعب الليبي لمجرد انهم طالبوا بالإصلاحات و عدم توريث الحكم و يزعم القذافي كذبا من ان عشيرة واحدة في ليبيا انتفضت ضده و هم يريد القضاء عليها بالدبابات والمدافع و الطائرات،في نظام كان القذافي يقول ان ليبيا ليس فيها نظاما ليس عشائريا او طائفيا.مثل هذا القول كرره الحاكم العسكري لليمن عبدالله صالح بقوله:لن أتنحى من السلطة الا عن طريق صناديق الاقتراح!، ويقصد بالتأكيد هنا المزيد من توابيت أبناء الشعب اليمني المحروم. في السابق و نظرا لنقصان الحمير في بعض الدول العربية و الإسلامية اضطرت هذه الدول استيراد الحمير من جزيرة قبرص المعروفة بتصدير الحمير الى العالم، ننصح قادة و زعماء الأنظمة المستبدة في المنطقة التعجيل بالهروب الى قبرص و ترك الشعوب تقرر مصيرها بنفسها لان قبرص باعتقادنا افضل مكان و مرتع لهم و لأعوانهم و ربما في يوم ما يحالف هؤلاء الحظ و النصيب ويشح عدد الحمير في العالم خلال العقود القادمة وعندها قد يتم تصدير و إرسال هؤلاء الزعماء والقادة و المسئولين بعنوان حمير و بغال لهم أصول و انساب وتاريخ الى دول في العالم ليعملوا و يبقوا فيها لاننا في دول المنطقة من الآن و صاعدا لم نعد بحاجة لمزيد من الحمير في بلداننا!

انتهی/158