وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : اختصاصی ابنا
الثلاثاء

١٥ فبراير ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
226536

خيار الأنظمة المستبدة بين يوم الغضب و ميدان التحرير

من المؤكد ان ان انتصار الانتفاضات في الدول المستبدة و سقوط الأنظمة التوريثية والحكام الطغاة الواجد تلو الآخر في دول المنطقة و العالم يشكل عرسا رائعا و انتصارا باهرا للجماهير المنتفضة خاصة و ان الشعوب الثائرة و المتحررة بدأت تدرك قدرتها و صارت تتحدى بثبات وشجاعة الحكومات البوليسية و الأنظمة المحتكرة للسلطة، و خلافا لمزاعم المنظّرين وبعض السياسيين والإعلاميين الذين ظلوا و لازالوا يشككون بإمكان انتصار اي انتفاضة و ثورة في حال افتقادها لقيادة معروفة و بارزة او حتى لنهج معروف و فكر مدون فان الجماهير لوحدها استطاعت قيادة الانتفاضات و حققت ما لم تحققه الأحزاب و التجمعات و الشخصيات و انتصرت إرادتها و عزمها و صمودها على أقوى الأنظمة الاستخباراتية و سوف تنتصر قريبا المزيد من الجماهير على الحكام المحتكرين للسلطة بشكل أكيد و لا ريب فيه لان أوراق جميع الزعماء و المسئولين المستبدين قد انكشفت و سقطت ورقة التوت عن عراهم و اتضح مدى نهبهم للمال العام و قمعهم لارادة المواطنين و إصرارهم غير القانوني للبقاء في السلطة و المسئولية لمدى الحياة او على الأقل حتى اندلاع انتفاضة الجماهير الجارفة للحكام الطغاة و الأنظمة المستبدة

ابنا : و بالرغم من ان الانتفاضة في تونس ظلت مبتورة و لم تحقق كافة أهدافها المرجوة حتى الان لاسيما ضرورة إسقاط النظام الحاكم و إنزال العقوبات برموز النظام السابق،وبالرغم من ان الانتفاضة العارمة و الشجاعة في مصر لم تنتصر بالكامل على أركان نظام مبارك القمعي و المستبد الا انه من المؤكد هاتين الانتفاضتين شكلتا انعطافا هاما و مسيرا منارا في إطار تحفيز شعوب المنطقة للقيام بثورة هادرة على الأنظمة الطاغية و ضرورة إلزام كافة الأنظمة و الحكومات بقبول قرار إرادة أكثرية الشعب و التحول من دول توريثية او مستبدة او حكومات محتكرة و متفردة بالسلطة الى دول دستورية و حكومات مبنية على تشريعات قانونية و أسس مدنية و إنهاء قرارات حكام و مسئولي الأنظمة الداعية دوما تحقير و إذلال المواطنين من خلال مصادرة حقوقهم و تقليص حرياتهم و رفع أسعار السلع الأساسية و الخدمات الحكومية لملأ جيوب المنتفعين من الأنظمة الناهبة لخيرات و عائدات البلدان ان من ابرز المهازل السياسية و الإعلامية التي رافقت انتفاضة تونس وبعدها انتفاضة مصر، هو زعم بعض الشخصيات و المسئولين في هذين البلدين و دول أخرى من انهم كانوا وراء اندلاع و استمرارا الانتفاضات في المنطقة وانهم توقعوا حدوثها منذ عدة عقود لكنهم لم يفصحوا عن ذلك حتى حين انتصارها!.والأكثر سخرية في هذا السياق زعم أولئك الذين قالوا من ان الانتفاضات التي تحدث الان هي نسخة مقتبسة من بعض الثورات و الأنظمة في المنطقة و العالم او الادعاء زيفا من ان أفكار و مناهج شخصيات هذه الأنظمة كانت الحافز الرئيسي لاندلاع الانتفاضة في تونس و بعد أيام ما شهدناه من تدرج سريع لاندلاع شرارة الثورة الجماهيرية في مصر و حتى هروب مبارك المذل الذي كان يترأس اعتى و أقوى الأنظمة البوليسية و القمعية في المنطقة و كان يعد ركيزة أساسية للمخططات الأمريكية و السبّاق للمساومة مع إسرائيل للرد على مثل هذه المزاعم لابد من التذكير هنا من ان الانتفاضة في تونس حدثت بشكل عفوي جدا و انطلقت شرارتها على اثر إحراق شاب عاطل عن العمل نفسه و انتشار صوره و أخباره على الإنترنت مما أوجد حالات من السخط و الغضب على نظام بن علي،وكذلك انتفاضة الشعب المصري اتسعت على اثر نجاح الانتفاضة في تونس و إقدام العديد من الشباب بإحراق أنفسهم لفضح سياسة نظام مبارك الرامية لتجويع الشعب و نهب الثروات و تكديس الأموال في حساب أسرة مبارك طيلة العقود الماضية. و قد ساهم الإنترنت بشكل مباشر في تواصل الشباب في مصر للتجمهر في ميدان التحرير و رفع شعارات الإصلاح و التغيير التي تحولت بعد ذلك الى إصرار جماهير لاسقاط النظام،ومع هذا لا يمكن الزعم من ان الإنترنت او فيس بوك او موقع كوكل او اي من التقنيات الرقمية و الاتصالات كانت وراء اندلاع هذه الانتفاضة لان نظام مبارك و منذ اليوم الاول للانتفاضة سارع لقطع الإنترنت والاتصالات و فرض حصار إعلامي على كل البلاد و مع هذا لعبت أجهزة الإعلام المرئية و نقصد القنوات الفضائية دورا أساسيا في فضح أساليب النظام و عجلت بسقوطه،و ايضا لايمكن الجزم من ان هذه القنوات كانت الدافع الأساسي و راء استمرار الاعتراضات و الانتفاضات ،فكيف يسمح البعض لأنفسهم بالزعم انهم او أفكارهم كانت وراء الانتفاضتين في تونس ومصر بل و التباهي بأنهم قادتها الواقعيون و أصحاب الفضل على الجماهير في تونس و مصر،حسب زعم هؤلاء الذين لا شغل و لا عمل لهم سوى التدخل غير الإنساني و غير الأخلاقي في شئون الدول و الأمم الأخرى دون إصلاح الأوضاع في بلدانهم و كما أكدنا في السابق و نؤكد دوما ان اي انتفاضة تحدث قريبا في اي بلد و هي متوقعة اندلاعها خلال أيام مقبلة في اليمن و الجزائر و من ثم الأردن و ليبيا و العراق و دول أخرى تخص البلد ذاته و هي انتفاضة مستقلة و ذاتية الحركة و لشعب شجاع وثوري و لبلد ذات سيادة و لا يحق لاي مسئول سياسية و إعلامي من دول أخرى التدخل و حشر انفه الطويل قسرا في شئون و مسير الانتفاضات الجماهيرية لانها ستشمل قريبا جميع الأنظمة المستبدة و المحتكرة للسلطة و ان الدور آت على جميع الحكام الطغاة ، ونقترح هنا على الجماهير المنتفضة بان تواصل انتفاضاتها دون توقف او ركون مع الأخذ بعين الاعتبار هذه النصيحة وهي ان يكون اندلاع كل انتفاضة شعبية به انتهاء تحقق مطالب و إرادة الانتفاضة التي سبقتها في دولة أخرى و بعبارة أدق ان لا تكون الانتفاضات فجائية في آن واحد في عدة دول لان الإعلام الإقليمي و الدولي سيكون مجبرا التركيز على واحدة منها فقط و يتجاهل الانتفاضات الأخرى او يتعمد بعدم نقلها و وضعها تحت المجهر الإعلامي خاصة من خلال الفضائيات كما حدث مؤخرا في الأردن و اليمن و دول عدة حيث تزامنت الاعتراضات في هذه البلدان مع انتفاضة الشعب المصري فإختار الإعلام الإقليمي و العالمي التركيز على هذه الانتفاضة دون سواها و عدم التوجه او إعارة اي اهتمام واقعي للاعتراضات التي اندلعت في الدول المشار إليها  و لكن مع هذا فانه و بعد تحقق إرادة الشعب المصري و لو على الظاهر بتنحي مبارك عن السلطة،فإننا ندعو الجماهير المستعدة و المتحفزة لخوض المواجهة مع الأنظمة المستبدة في الدول التي فيها أرضية مناسبة للانتفاضة،البدء فورا بالتنظيم و التنسيق والتجمهر و اختيار المكان المناسب للمعترضين على غرار ميدان التحرير ليكون رمزا لانطلاق الاعتراضات والتمدد بالانتفاضة الى مدن و مناطق أخرى، و نتحدى اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية كافة الأنظمة في المنطقة خاصة تلك الزاعمة زيفا و بهتانا من ان الشعب يقف الى جانبها و يعبد المواطنون قادتها صبحا و عشية ان تسمح هذه الأنظمة للجماهير مرة كل أسبوع او كل شهر او حتى مرة كل عام في يوم محدد بنيل الحرية كاملة للتجمهر في ساحة عامة مثل ميدان التحرير ليكون منبرا حرا لبيان وجهات النظر و إبداء اعتراضات الجماهير و رفع لافتات و إطلاق شعارات تعبر عن إرادة المواطنين و ما يجول في نفوسهم من آراء و أفكار و مواقف،شريطة ان لا يتم قمع او احتواء مثل هذه الاعتراضات السلمية و الحضارية و ان لا يقطع الإنترنت و الاتصالات و لا يتم التشويش على القنوات الفضائية و ان يسمح لأجهزة الأعلام المحلية و العالمية بتغطية هذه الاعتراضات و ان يتعهد النظام الحاكم و المنفرد بالسلطة بان لا يتعقب او يعتقل اي من المعترضين و المطالبين بحقوقهم او حتى الذين يعرضون وجهة نظرهم بشكل منتقد للسلطة و هو أمر مقبول و دارج في العديد من الدول العصرية و المتقدمة في مجال حقوق الإنسان و الحفاظ على موقف المعارضة و احترام رأي الناقدين للحكومة من المؤكد ان مثل هذا الاقتراح الذي هو في الواقع لصالح الجميع بما فيهم الحكام و المواطنين والمعارضين لانه يعطي الفرصة من جهة للمواطنين والمعارضين الحضور في ساحة عامة للتعبير عن آرائهم و تقديم مقترحات مفيدة و طرح المعضلات في إطار مدني و حضاري، و من جهة أخرى يستفيد النظام الحاكم كثيرا من معرفة مطالب الشعب او جزءا منها مباشرة و ليس عبر القنوات الأمنية المغرضة و يطلع على حقيقة الأزمات و المعضلات القائمة و التي يغطيها او يحورها التافهون الإعلاميون من عملاء النظام و المسئولون غير الأكفاء بالمسئولية،وثانيا ان النظام سوف يحظى بفرصة كبيرة لتنفيس المواطنين و المعارضين عن أنفسهم شهريا او مرة كل عام من خلال الحضور في ساحة مخصصة لطرح المعضلات و الشكاوى بدلا من تكدس الاعتراضات و الانتقادات و تحولها الى بالون من الغضب الجماهيري الذي قطعا له حجم محدود مهما كبر و اتسع و سوف ينفجر في النهاية مع او شرارة تنطلق من اي معترض او فئة فاضت بها الاعتراضات و صارت ترجح الموت على البقاء في وطن مليء بالمذلة للنظام و مقيدة بأصفاد سياسية و أغلال أمنية و إجراءات قمعية من هنا ندعو كافة الأنظمة خاصة تلك التي انتفخت جيوب و حسابات حكامها ومسئوليها بأموال و عائدات الشعوب و تلك الدول التي تفتقد لقوانين و أسس دستورية و ليست فيها انتخابات واقعية و نزيهة او يتم تزوير نتائج الانتخابات و التلاعب بأصوات الناخبين و الإصرار على مواقف غير مقبولة من جانب أغلبية الجماهير و الاختباء وراء متاريس و ادعاءات غير مدنية و غير قانونية لتبرير التمسك بالسلطة و الانفراد بالحكم،وتلك الأنظمة المبنية على أرضية هشة للنظام الشخص الواحد و أنظمة توريث الحكم دون إرادة المواطنين والأنظمة التي تفتقد او فيها سلطات تشريعية و قضائية و تنفيذية شكلية و خاضعة لقدرة الحاكم المستبد او تلك الأنظمة الخاضعة لسلطة السلاح و بطش القوات المسلحة و المراكز الأمنية والعسكرية وتلك الأنظمة المستبدة التي تعتبر أعضاء القوات المسلحة و الميليشيات و المنتفعين ماديا من النظام بأنهم أبناء الشعب و ان هؤلاء يمثلون إرادة المواطنين من خلال الزج بهم دوما في الشوارع للدفاع عن مواقف النظام و تبرير سياساته الخاطئة و لاستمرار نظام الفرد الواحد لعقود من الزمن حتى يتذكره ملك الموت عزرائيل،وتلك الأنظمة التي لا تعترف بتاتا و لا باي شكل من الأشكال بموقف المعارضة و القوى الناقدة و الأفكار البناءة و المفيدة أساسا لاصلاح أركان البلاد،وتعارض ايضا دعاة الإصلاح و أصحاب الآراء الناقدة و تعتبرهم خارجين عن القانون و دعاة للفوضى و الشغب و تصر عللا قمعهم و تصفيتهم ،على هذه الأنظمة ان تدرك من ان عهد أنظمة انا ربكم الأعلى قد انتهى و عهد إستغباء و إستحمار الناس و خدعهم بالشعارات و الخطابات قد تلاشى و عهد الاستفراد بالسلطة و تحكم شخص واحد بمصير الملايين قد سقط الى دون رجعة و ان الشعوب اليوم باتت حرة و واعية و هي تصر على تعيين مصيرها بنفسها و لا تسمح من الان وصاعدا التلاعب بإرادتها و نهب ثرواتها و إذلالها او تجويعها و تقييدها بأغلال الكبت و الاستبداد ومن البديهي القول هنا ان الذي كان يحول او يبطأ حركة اندلاع انتفاضة الشعوب وعدم تحقق مطالب المواطنين كان هو حاجر الخوف من قمع الأنظمة المستبدة التي أسست لها خلال العقود الماضية جيشا من المرتزقة و المنتفعين المسلحين الذين أوهمهم النظام بضياع مصالحهم و احتمال محاكمتهم و قتلهم في حالة سقوط رأس النظام الحاكم،فإذا سقط حاجز الخوف او تبدد جزء منه فمن المؤكد ان الجماهير سوف تنزل الى الشوارع وتزداد قوة و عددا خلال أيام فقط،فاذا سمح اي نظام مستبد بإيجاد ميدان تحرير في بلاده فانه قد ينجو من تحول الانتفاضة السلمية الى ثورة غضب شعبية كاسحة لا يمكن التكهن بمصير اي من المسئولين و الحكام و أسرهم و لا يمكن التصدي او احتواء اي عمليات ثأر و انتقام، وغير ذلك فان هذه الأنظمة عليها ان تعلم من ان النصر آت لا ريب فيه على يد الجماهير و ان ليس هناك اي نظام محصن او مستثنى من قاعدة ثورة الغضب و العصيان المدني و إجبار رأس النظام المستبد الرحيل عن السلطة او التنحي الفوري و الركوع أمام إرادة الأحرار من الجماهير الغاضبة و الثائرة في المنطقة

انتهی/158