وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وکالات
الاثنين

١٤ فبراير ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
226442

عصر التحولات الإستراتيجية في الشرق الأوسط!!

حرمت الأحداث والتطورات الجارية في مصر وسقوط نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، القمتين اللتين عقدتا هذا الأسبوع في كلّ من دمشق وطهران من بعض الاهتمام اللتان تستحقانه.

فمنذ عقود وربما أكثر، لم يحدث أن وصل التفاهم بين الدول الأربعة الفاعلة والمهمة في الشرق الأوسط ـ تركيا، إيران، العراق، سورية ـ ما وصله في هذه المرحلة. ومنذ عقود لم يعمل قادة هذه الدول على بناء علاقاتهم الثنائية بتأنّ وعناية كما يجري اليوم. وإذا نظرنا إلى هذه الدول نجد أن هناك علاقات إستراتيجية ثنائية تقوم بين معظمها. فمثلاً، تقوم بين سورية وتركيا علاقات إستراتيجية تعتبر نموذجا للتعاون في العلاقات بين الدول. ومثلها العلاقات بين سورية وإيران. وقد أثبتت هذه العلاقات أهميتها ورسوخها رغم الكثير من العقبات التي اعترضتها والتحديات التي حاولت فصم عراها.

 وبالأمس أكد الرئيس العراقي جلال الطالباني من دمشق، التي عاش فيها سنوات طويلة إثناء حكم سلفه المعدوم صدام حسين، «رغبة العراق في إقامة علاقات إستراتيجية تخدم الشعبين الشقيقين وبلدان المنطقة وأمنها واستقرارها»، مشددا على «استعداد العراق لتطوير العلاقات مع سورية على كافة الصعد». والواقع العملي يبيّن أن البدء بإقامة هذا النوع من العلاقات بدأ يسير قدماً إلى الأمام وبخطوات عملية وملموسة. والملاحظ أن الطالباني أكد على أن تخدم هذه العلاقات ليس سورية والعراق فقط، ولكن بلدان المنطقة وأمنها واستقرارها. وهذا طبيعي ومنطقي لأن استقرارَ أيٍ من الدول الإقليمية وأمنها يؤثر على استقرار الدول الأخرى وأمنها. أما علاقات العراق مع كلّ من إيران وتركيا فهي لا تقلّ تطوراً عن علاقات سورية مع هذين البلدين. طبعاً، هذا بالإضافة إلى دخول كلٍّ من لبنان والأردن في مجال هذا التحوّل الكبير، وبدء العمل على إقامة علاقات إستراتيجية مماثلة.

 وبالأمس بدأ الرئيس التركي عبد الله غل، زيارة تستغرق 4 أيام إلى إيران، هي الأولى لرئيس تركي منذ 9 سنوات، وسيلتقي خلالها نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد. وفي هذا السياق، وعلى هامش الزيارة، أكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني حسني نقوي حسيني أن «الشرق الأوسط الإسلامي الجديد» يتشكل بمحورية إيران وتركيا؛ فكرةٌ كان الرئيس بشار الأسد قد أكد عليها مراراً، أي أن يتشكل الشرق الأوسط الجديد بيد أبناءه، بعيداً عن التعليمات والتوجيهات والتأثيرات التي تأتي أو تفرض من وراء البحار. وكان الرئيس الأسد أيضاً أول من تحدث عن ربط البحار الخمسة في المنطقة، وما يعني ذلك من تغيرات في موازين القوى لصالح دول هذه المنطقة وخلق فضاءات جديدة ورحبة من التعاون والتنسيق الإقليمي والوصول "ربما" إلى قوة اقتصادية وجيوسياسية وإستراتيجية تفرض دورها وتحتل مكانتها على الصعيد الدولي، إلى جانب التكتلات الكبيرة ومنها الاتحاد الأوروبي..

 ومع التحوّل الذي حدث في مصر لصالح هذا "الشرق الجديد"، بدا أن العقبات والتحديات أصبحت أقل، بعد أن خسر المعارضون لهذا "الشرق الجديد" دور الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونظامه ودوره التعطيلي. وقد رأينا أن البكاء والقلق والخوف من رحيل مبارك والأسف عليه لم يأتِ سوى من إسرائيل، نظراً إلى الدعم والشرعية التي كان يؤمنها لها في كلّ ما تقوم به. وقد عبّر عن هذا القلق والخيبة كثير من المحللين والكتّاب والمسؤولين الإسرائيليين.

 وإذا ما استطاعت الثورة المصرية نقل موقع مصر إلى مكان ـ أكثر توازناًـ على الأقل ـ بعيداً عن إسرائيل، إن لم نقل عودة مصر بالكامل إلى محيطها العربي والإسلامي وإلى ممارسة دورها الفعال في بناء هذا "الشرق الجديد"، فإن هذا التحوّل سيقوّي ويعزز فرصة إقامة هذا "الشرق الجديد" للمرة الأولى في التاريخ.

 إن التحولات الأخيرة التي تعصف بالمنطقة، تحتّم المضي في مشروع الشرق الأوسط الجديد وربط البحار الخمسة مع بعضها. وهذه التحولات تعطي وتوفّر مزيداً من "الفرص" للانتقال إلى التنفيذ العملي اقتصادياً وسياسيا واجتماعيا وثقافياً...الخ. فهل يسارع القادة المعنيون باتخاذ القرارات السريعة وغير المتسرعة والعمل وفق جهود مكثفة لخلق قوة تعيد شيئاً من التوازن الدولي بعد انكفاء الأحادية الأميركية، مستفيدين من الإمكانات الهائلة التي تختزنها دولهم وشعوبهم؟!

انتهی/137