وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وکالات
الجمعة

٤ فبراير ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
224521

دراسة :

استثمارات اليهود في مصر

ان "إسرائيل" حينما أعلن علماؤها أنهم لم يعثروا جدية على أي أثر يهودي بالقدس، عملت على هدم المسجد الأقصى والسطو على الآثار الإسلامية العربية بالمدينة ، بل والأكثر خسة هو دفع ملايين الشيكلات لإغراء عرب القدس ترك منازلهم ، لتتم عملية تهويد المدينة المقدسة . وهو ما تفعله إسرائيل مع أهالي سيناء ، المحافظة الشرقية المصرية ، لتستولي عليها خطوة بخطوة .

 واستنكرت أن تحتفل مصر بترميم وافتتاح معبد يهودي في حين تنتهك الآثار الإسلامية على أيديهم بفلسطين . الأمر لن يقتصر فقط على "كنيس الخراب" فاليهود أطماعهم كبيرة في القدس قبل أن تقوم إسرائيل بكثير، ففي اوائل القرن العشرين حدث خلاف على منطقة "حارة المغاربة" التي زعم اليهود أنها لهم وبها جدار المعبد الخاص بهم، لكن العرب اعترضوا ولجأوا للتحكيم الدولي الذي أثبت أنها ملك لهم. وحارة المغاربة هذه التي يقوم اليهود الآن ببناء المنشآت بها هي عربية منذ الدولة الفاطمية وكان يسكن بها المغاربة، وعندما حرر صلاح الدين بيت المقدس عاد المغاربة للسكنى بها مرة اخرى ، ان القدس عربية وفقا للوثائق التاريخية التي يضمها الحرم المقدسي والتي توجد في تركيا وهي تثبت أملاك المسلمين في القدس.

 وفي القرن الـ16 وفقا للتعداد العثماني كان عدد اليهود في القدس 40 أسرة فقط، وحين جاء الصليبيون طردوا اليهود ونظرا للتسامح الإسلامي في عهد صلاح الدين عادوا مرة أخرى إلى القدس، ومن ثم عمليات التهويد هذه غير منطقية أو مشروعة ولكنهم يريدون هدم المسجد الأقصى بكل وسيلة ممكنة، وكثيرا ما أتساءل بأي حق يسطو اليهود على تراث الآخر ويضموا إلى تراثهم المزعوم آثارا إسلامية لا يعرفون عنها شيئا مثلما فعلوا مع الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رياح، وقد اعترف اليهود أنهم لم يجدوا أي آثار لهم في القدس ولذلك قرروا السطو على الآثار الإسلامية العربية. إن الأرض عربية قبل أن يوجد اليهود وهم دخلاء عليها ونظرا لتبجحهم السافر يغتصبون الأرض ويطردون سكانها ويغيرون على مقدساتها الموجودة فيها منذ آلاف السنين. وما يهمهم الآن هو تفريغ القدس من سكانها العرب حيث قرأت مؤخرا في إحدى الصحف الإسرائيلية أن ثري أمريكي يهودي يدفع ملايين الجنيهات من أجل إغراء عرب القدس بالتنازل عن مساكنهم لشرائها وهدمها وبناء مستوطنات جديدة مكانها، لتصبح القدس دون عرب.

 فعملية الاستيطان مدروسة وتتم بشكل موسع، أذكر حين كان أولمرت عمدة لمدينة القدس أنه كان يستولى على الأراضي العربية ويحولها إلى مستوطنات زاعما أن العرب لا يملكون وثائق تثبت ملكيتهم للأرض، وأتساءل :من منا يحتفظ بالوثائق وإذا احتفظ بها هل ستظل موجودة وممتدة لعدة أجيال؟ والخلاصة أنه مخطط استيطاني ذكي من شأنه الاستيلاء على أراضي القدس بأكملها. وقد أوضح سابقا أحد كتاب اليسار الإسرائيلي المتعاطفون مع القضية الفلسطينية أن إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين بدعوى إصلاح الطرق أو مد مشروعات جديدة والهدف من ذلك هو إزالة البيوت العربية لتصبح القدس الشرقية كلها يهود وخالية من العرب.

 إن النبوءات هذه لا أصل لها لكنها تستغل فقط من أجل الترويج لأفكار اليهود الذين يتبنون سياسة "خطوة خطوة" ليحصلوا على ما يريدون شراء مستثمرين يهود لشركات ومؤسسات مصرية إلى جانب العقارات بسيناء وغيرها ، هل يمهد لاحتلال ثاني ؟إسرائيل يشغلها الآن تحقيق حلم الدولة اليهودية الخالصة، لكن نسبة الإنجاب لدى العربيات أضعاف ما عند اليهود، ولذلك يزيد عدد العرب ولا تعرف إسرائيل كيف تقلص هذه الأعداد، ولذلك يضيقون عليهم الحصار فنجد دعواهم الآن أن غزة تضيق بسكانها وهم يدفعونهم تجاه مصر، ويحاولون الضغط على الحكومة المصرية لتقبل أن تعطي لهم جزء من سيناء لسكان غزة مقابل حصولنا على شريط ضيق في صحراء النقب يصلنا بالأردن. وإذا حدث ذلك فلن يكون هناك مطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين وكأن إسرائيل تجد لهم وطنا بديلا عن الذي اغتصبته منهم، وبالتالي تحصل إسرائيل على سيناء كلها ويصل لها مياه نهر النيل، بالإضافة إلى حقها في التدخل والدفاع عن نفسها إذا تم الاعتداء عليها من قبل حماس.

 هكذا يفكر اليهود الذين يرغبون في الوصول إلى سيناء بشتى الطرق عبر الاستثمارات وشراء الأراضي التي كثير منها يكون باسم عربي مستعار، وهنا يجب أن تنتبه الحكومة المصرية لسياسات إسرائيل وأن تقف لها دائما بالمرصاد، ويكفي أن نعرف أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لم تضع حدودا لدولتها إلى الآن لأنها ترغب في ضم المزيد دون توقف. هو قانون شاذ لا أفهمه، ليته كان يخص فقط عدم التعرض للدين اليهودي لأن هذا مقبول، فاحترام الأديان حق مشروع، لكنه يمتد ليشمل أي حديث عن إسرائيل بالنقد أو التعرض إلى المحرقة ليصبح سلاحا يشهر في وجه من يقترب من هذه النقاط لاتهامه بمعاداة السامية والعنصرية.

 إن الإسلام يسب في الغرب وتنتهك حرماته ويصور نبيه بشكل مفزع تحت دعاوى الديمقراطية وحرية التعبير، لكننا حين نقترب من إسرائيل يطل علينا هذا القانون الغريب، ولذلك يتردد بين جوانحي دائما هذا الصوت وأجدني أتساءل هل الديمقراطية تظهر فقط حين يسب الإسلام وتختفي حين تمس إسرائيل؟وبنفس ذلك المنطق لا يجرؤ أحد على التشكيك في أعداد المحرقة وإلا تعرض للنبذ والتجريح والتهديد بالقتل، كما أنه جريمة يعاقب عليها القانون الأوروبي ، وقانون "معاداة السامية " إرهابي يهدف لمزيد من التوسع الإسرائيلي وتحقيق طموحات إسرائيل التي لا تتوقف. بن ميمون كان طبيب لابن صلاح الدين الأيوبي، وتمتع برعاية الدولة الإسلامية، وكانت تربطه صلات بكثير من أفرادها حتى أنه كتب واصفا كيف كان يستقبل في داره كثير من طوائف الشعب ودياناته ، واشتهر كثيرا في مصر.

 خرج هذا الرجل مطرودا من إسبانيا خائفا ولذلك اعتنق الإسلام خوفا من البطش به، وحين وصل إلى مصر وسوريا عاد يهوديا مرة أخرى وحين تعرف عليه أحد أصدقائه ووجده يهوديا طالب بأن يقام عليه حد الردة نظرا لارتداده عن الإسلام، لكن الدولة حينذاك لم تطبق عليه الحد لأنه كان مكرها حينما اعتنق الإسلام نتيجة خوفه من البطش باليهود، وحين بلغ مأمنه عاد لدينه هكذا تعامل معه الإسلام والدولة بسماحة . لكن كشفت وثيقة صادرة عن "المجمع العلمي اليهودي الأمريكي" ترجمها أستاذ يهودي أن ابن ميمون كتب ليهود اليمن قائلا: " غدا سيخسف الزمن الأرض بالمسلمين والمسيحيين ولن يبقى على الأرض سوى اليهود " ، وسب بألفاظ قبيحة الديانتين . ومصر افتتحت له معبد جاء به اليهود واحتفلوا بشكل صاخب كما أعلن د.زاهي حواس في الوقت الذي كانت الآثار الإسلامية تنتهك في فلسطين.

 مصر لم تمنع اليهود من زيارة أي مكان، فالإسرائيلي يتجول في مصر بحرية دون أن يتعرض لهم أحد، ولكنهم مع ذلك لم يعاملوا العرب بالمثل، فماذا لو أن احد الجماعات لدينا اقتحموا معبدا يهوديا واستولوا عليه، هل ستصمت إسرائيل مثلما يفعل العرب حين تقتحم قوات الاحتلال المسجد الأقصى؟هناك يهود مصريين يتمنون الخير لها، ولكنهم قلة مثل " شحاتة هارون " الذي رفض أن يهاجر من مصر، لكن أكثرهم لم يحرص على الحصول على جنسيتها، فحين انتهت الدولة العثمانية بدأت مصر عام 1929 تعطي الجنسية لمن يتقدم بالحصول عليها ولم يتقدم أحد من اليهود حتى يتمتعوا بالامتيازات الأجنبية، رغم كثرة عددهم في ذلك الوقت وتغلغلهم في الاقتصاد المصري، لأن اليهود أذكياء فيما يتعلق بالأموال والتجارة. وحين اتبع محمد علي سياسة الانفتاح على أوروبا أصبحت مصر مركز ثراء لليهود الذين تدافعوا للتجارة في أسواقها خاصة في مجال البنوك والصرافة، فكانوا يقرضون الخديوي إسماعيل أموالا طائلة ولأن اليهود يسعون وراء مصالحهم دائما فقد طالبوا بالحصول على الجنسية المصرية عام 1947 عندما أعلنت الشركات المصرية ضرورة ان يكون العاملون بها مصريين، ورفضت الحكومة آنذاك إعطاءها لليهود بسبب اقتراب حرب 1948.

 وبالفعل بدأ عناصر من اليهود المصريين التعاون مع إسرائيل، وتغلغل الموساد بفضلهم داخل مصر، وذلك باعتراف أحد العاملين في الموساد أن هناك شخصيات يهودية مرموقة كانت تعيش في مصر تعاونت معنا منهم أعضاء في البرلمان آنذاك!، وأيضا نسيم موصيري صاحب بنك موصيري وهو أحد مؤيدي الصهيونية الكبار الذي أصدر جريدة تأييدا للصهيونية وكتب بها " بن جوريون " مقالا يتحدث عن الإخاء والمودة والسلام وعن خوف العرب غير المبرر من إسرائيل!. ولذلك كانت مصر تتعامل بحذر بالغ مع اليهود في مصر وتدقق كثيرا قبل منحهم الجنسية المصرية، ومن ثم بدأ اليهود يتركون مصر نظرا لقلة فرص الاستثمار بها وخوفهم من دخول الألمان مصر، وعند حرب 1948 هاجر كثير منهم.

 وبعد الثورة قام محمد نجيب بزيارة معابد اليهود، وفي عام 1945 قام يهود مصر بعمليات تخريبية مثل "عملية سوزانا" حيث تدرب مجموعة منهم في إسرائيل لتخريب مصر حيث وضعوا القنابل في عدد من السينمات والجامعة الأمريكية ومن هنا بدأ الشك بهم. وبعدها بقليل بعثوا بكثير من الرسائل المفخخة إلى الألمان الذين استعان بهم الرئيس عبد الناصر لصنع صواريخ "القاهر" و"الظافر" من أجل تهديدهم لترك التعاون مع مصر، وكثير منهم شارك ضدنا في حرب 56. كثير من الاتهامات وجَّهت للدولة العثمانية بالسماح لصهاينة بدخول فلسطين والحفر في المدينة المقدسة . ؟تم ذلك دون وعي من الدولة العثمانية، ففي البداية لم تكن فكرة الصهيونية واضحة إلى هذا الحد ولا مفهومة، بدليل أن الفلسطينيين باعوا أرضهم دون فهم لخطورة ما يفعلون، واليهود كان لهم نفوذ كبير في الدولة العثمانية، ولذلك لا يمكننا اتهام الدولة العثمانية مباشرة لأنها لم تفطن للمخطط الصهيوني الكبير. ؟الحكومات العربية تشجب وتندد ولا شئ جديد لديها، وهذا هو أقصى ما لديها والشعوب لا تنتظر منهم شيئا. إسرائيل مرتبطة بأوروبا الآن وليست أمريكا فقط ؛ فاللوبي اليهودي متغلغل ومؤثر في أوروبا بأسرها ولذلك هي تفعل ما تريد دون أن يعترضها أحد، حتى المنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة واليونسكو لا يخفى علينا سيطرة أمريكا عليها.

 ولنا فيما حدث في لبنان مثال، فرغم علاقة لبنان القوية بفرنسا إلا أنها تخلت عنها في حرب حزب الله مع إسرائيل ولم تتدخل القوى الكبرى إلا حين أصبح موقف إسرائيل حرجا ولم تحقق م تسعى إليه وهو القضاء على "حزب الله" ، ولا ننسى حين خرجت علينا كونداليزا رايس تقول : دعوهم يستمروا فهذه هي الفوضى الخلاقة؟ أين الضمير الأوروبي وكل يوم عشرات الأطفال والنساء والشيوخ يموتون دون وجه حق. اسرائيل لن تتوقف أبدا فهي تسير نحو مخططها ، وأطماعها خارج فلسطين وتسعى للسيطرة على الشرق الأوسط وهو ما أعلنه بوضوح شيمون بيريز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" مؤكدا أن " إسرائيل تسعى لتصبح القوة الاقتصادية الرئيسية في المنطقة، وعلى العرب أن يوقنوا أنهم لن يتقدموا إلا بتكنولوجيا إسرائيل ".

 دعا نواب ينتمون لمختلف التيارات السياسية في البرلمان المصري الحكومة الى تقديم حصر كامل بالاستثمارات الإسرائيلية في مصر تمهيدا لتصفيتها.

وطالب عدد من النواب الحكومة بحصر شامل لحجم مساهمات رؤوس الأموال اليهودية والاسرائيلية في المشروعات الاستثمارية المصرية وتقديم تقرير مفصل بذلك الى البرلمان، في الوقت الذي دعوا فيه الى اقرار جلسات خاصة بالبرلمان، لمناقشة هذا الموضوع من كل جوانبه، وإصدار القرارات التي تتفق فيها الحكومة والبرل