لم تدرك هذه الشعوب المسحوقة فضائل المدعو "زين العابدين بن علي" حتى ابتدأت انتفاضة الشعب المصري في الخامس والعشرين من كانون الثاني 2011 والتي قوبلت بصلفٍ ليس كمثله صلف وبتكبر وعناد لم يماثله حتى ما أبداه الملك الفرنسي لويس السادس عشر والملكة ماري أنطوانيت أيام الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789.
ثم ما لبث طاغية مصر إلا أن أرسل زبانيته وعبيده وأزلامه ليهاجموا شباب مصر الذين يثورون دفاعاً عن كرامتهم وعن لقمة عيشهم ويشبعوهم ضرباً وجرحاً وقتلاً وفتكاً... والطاغية الكرتوني ما يزال يصرّ على أنه الرئيس الشرعي لمصر وأنه لن يغادر أرضه وبلاده التي منحها إياه "توت عنخ مون" بما فيها من ماشية وزرع وضرع وبشرٍ عليهم أن يعيشوا ويعملوا ويموتوا صامتين مسبحين بحمد الإله القزم الذي لا يشبع والذي لا يخطر بباله مطلقاً أن شعبه قد يكون غير راضٍ عن حياة الشظف والجوع والحرمان هذه.
لاشك أن كل العرب، من الشرق وحتى الغرب، قد تابعوا، بحزن وأسى وغضب، مشاهد الاعتداء على شباب مصر وشيبه الذين يطالبون برحيل الطاغية الذي استمرأ استعباد ثمانين مليوناً من الشعب الصابر الضارع والجائع، والطاغية السادر في قصوره لا يستطيع أن يدرك أو يفهم لماذا يثور هذا الشعب ويغضب؟ وأي مبرر لصراخه وشكواه؟.
وبعدما سالت الدماء في ميدان التحرير وفي شوارع القاهرة المقهورة نزل الطاغية عن جحشته وقبل ألا يتقدم لتجديد انتخابه لمرة مقبلة بعد تشبثه بكرسي الرئاسة ما يزيد على ثلاثين عاماً بل ووعد ألا يسمح لابنه "جمال" أن يرث تلك الرئاسة... ولكن الشعب البطل أصر على رحيل الطاغية مبارك فوراً وقبل أي حديث عن الإصلاح والتغيير وبدء مرحلة تتسم بالديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد.... مسكين "فريعون مصر الـ ...مبارك" لأنه لا يطيق فراق بلده التي أورثه إياها "توت عنخ مون" آبد الذكر وهو بعد ذلك هو غير متأكد من أن ما يملكه في بنوك الغرب وأميركا قد يكفيه أن يعيش في رخاء وبحبوحة بقية حياته، إذ يقدّر العارفون بخفايا الأمور أنه يملك فقط سبعين ملياراً من الدولارات الأميركية على شكل عقارات في أميركا الحبيبة وعلى شكل أرصدة في مختلف البنوك العالمية، أميركية أو سويسرية أو غربية أخرى.. أما ابنه فلا يملك إلا قرابة النصف من المليارات السبعين وأما "سوزان" الزوجة والأم المخلصة والمحبة فلا تملك إلا قرابة ثلاثة عشر ملياراً لا غير وهذا مبلغ زهيد إن قيس بما يملكه ملوك البترول العرب من مللليارااااااااات بينما الشعوب العربية جائعة!...
ليس من الواضح تماماً كيف ستكون نهاية ثورة الشعب المصري الشجاع والأبي... وهل سيرحل الطاغية أم لا؟ أم هل سيُقتل هو وعائلته من أقرب المقربين له؟ لكي يرث الحسن الحسين!!! فلا يرتاح شعب مصر من اللامبارك حتى يخلفه "سليمان" أو "اسحاق" أو أي عبد آخر ليهوذا القرن الواحد والعشرين فيفعل أسوأ مما فعل سلفه ويعيث فساداً في البلاد والعباد...أم أن انتخابات نزيهة وحقيقية ستتم في القريب العاجل وسيأتي إلى الحكم أناس مخلصون وأشراف يكتفون من الحكم برواتبهم التي تمنحهم إياها الدولة دون نصب أو احتيال أو سلب أو نهب لثروات الشعب الفقير الجائع؟ ترجو مئات الملايين من العرب التائقين إلى الحرية والعدل والمساواة أن يكون حكام العرب قد تعلموا مما رأوا وشاهدوا وأن يعودوا إلى سواء السبيل بأن يقوموا بخدمة شعوبهم بإخلاص ونزاهة وحياد وهكذا سينالون من الحب والتقدير والاحترام من شعوبهم ما هو أغلى من كل المليارات التي سرقها أسلافهم الحكام الجشعون الطامعون والظالمون والذين لا يشبعهم تراب الأرض ، كل الأرض، إن انقلب إلى دولارات أسيادهم الأميركان ... هل مثل هذا الفجر المضيء والسعيد آتٍ عن قريب؟ أم أن الظلم والظلام والظلمات باقية إلى الأبد وحتى يرث الله هذه الأرض التي لم تعرف إلا فترات جدّ قصيرة من حياة العدل والحرية والرحمة والسلام والمحبة؟؟؟ سؤال كبير وأفضل جواب له هو أن يصبر الإنسان المكلوم ويأمل أن مثل هذا الفجر آت لا محالة... فالخير مزروع في أعماق قلب الإنسان مثلما هناك بذور من الشر فيه، ولابد للخير من أن ينتصر.
كل العرب ينظرون إلى "مصر" الأخت الكبيرة والرائدة في مجال الحضارة والدفاع عن الكرامة والحرية والعدالة لتكون رائدة في طريق الخير والتقدم والتغيير والديمقراطية وحفظ كرامة الشعوب.
انتهی/137