ابنا : السياسيون يفرون من العمل مع مبارك
ولا تزال كل من وزارة التربية والتعليم، ووزارة السياحة بدون وزير، في مشهد غير مسبوق في البلدان العربية، وهو ما يؤكد عزوف الشخصيات المصرية عن العمل في ظل نظام صارت أيامه معدودة في ظل الضغط الشعبي المسلط عليه من طرف الشارع، في حين علق متتبعون للشأن المصري، على هذا العزوف بالقول: إن عمر الحكومة الجديدة قصير جدا ولا يتعدى بضعة أيام في أحسن الأحوال. وفي غضون ذلك، أعلن عن تشكيل الحكومة الجديدة، وأظهر التلفزيون المصري صور الوزراء وهم يؤدون اليمين الدستورية أمام الرئيس محمد حسني مبارك، الذي بدا من خلال الصورة وهو منهار، بسبب استمرار المظاهرات المطالبة برأسه. وتبين من خلال الأسماء المكلفة، بقاء عدد من الوزراء المعروفون بولائهم لنظام مبارك، في مناصبهم، ومن بينهم أحمد أبو الغيط الذي حافظ على حقيبة الخارجية ومحمد حسين طنطاوي نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي، فيما تم تعيين اللواء محمد محمود وجدي وزيرا للداخلية، وسمير رضوان وزيرا للمالية ومحمود وجدي للداخلية وبقاء سامح فهمي وزيرا للبترول ومفيد شهاب وزير دولة للشؤون القانونية والمجالس النيابة. حتى الأرض والشجر ضد مبارك! وفي اليوم السابع من الانتفاضة التي يقوم بها الشعب المصري ضد نظام مبارك المترهل، احتشد مئات الآلاف من المصريين في ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة، مطالبين بإسقاط النظام، وذكرت قناة الجزيرة الفضائية، أن عدد المعتصمين بلغ قبل ساعة من بدء حظر التجوال، ما يزيد عن ربع مليون محتج.أما وكالة رويترز للأنباء فقد علقت على ما تعيشه مصر بعنوان طريف: "البشر والأرض والشجر في ميدان التحرير يطالبون برحيل مبارك"، وقالت إن الآلاف من المتظاهرين ظلوا يتوافدون من مختلف أرجاء مصر، على ميدان التحرير قبل ساعة من وصول موعد حظر التجوال، غير مبالين بمناشدات الجيش دعوتهم للعودة إلى بيوتهم. "يا مبارك صح النوم النهار دا آخر يوم" ونظم الجيش عملية الدخول ووقف جنود عند حواجز اسمنتية يفتشون الداخلين للميدان ويطلعون على بطاقات هوياتهم. وانتشر نشطاء عند أطراف الميدان يرفعون لافتات تطالب الجماهير بإبراز بطاقات هوياتهم لجنود الجيش، تفاديا لاندساس الشرطة بين المحتجين. وردد المتظاهرون شعارات معادية لمبارك ونظامه، بينها "يا مبارك صحّ النوم.. النهار دا آخر يوم" في تلميح إلى أن المظاهرة المليونية التي دعوا إليها اليوم الثلاثاء ستمثل آخر مسمار في نعش استمرار مبارك ونظامه على رأس السلطة في مصر، فيما رفع آخرون لافتة كتب عليها "يا مبارك يا سليمان.. الاثنان عملاء الأمريكان"، مجددين رفضهم لكل رموز النظام ومن عمل مع مبارك. محاولة يائسة لوأد المسيرة المليونية وتحاشيا لغرق القاهرة اليوم تحت تدفقات جحافل المتظاهرين الذين سييشاركون في "المسيرة المليونية" التي دعت إليها المعارضة، قررت الحكومة وقف حركة القطارات لعدم استعماله في تنقل المتظاهرين لميدان التحرير القريبة من مؤسسات الدولة الحساسة. وقال التلفزيون المصري إنه ردا على شكاوى وردت بشأن حركة القطارات "تأكد لدينا توقف حركة القطارات"، لكن دون أن يكشف عن طبيعة هذه التهديدات، غير أن هذا القرار يبدو غير ذي جدوى، ما دام أن القاهرة وحدها تحصي ما يقارب العشرين مليون نسمة. الداخلية تفشل في تجميع فلول الشرطة وبينما تحدثت وزارة الداخلية المصرية عن عودة الشرطة إلى العمل، بعد اختفائها نهائيا من الشوارع منذ يوم الجمعة الأخير، سجل حضور محتشم لها أمس، حيث لم يعثر لها على أثر في قلب العاصمة القاهرة، بالقرب من ميدان التحرير وبقية الساحات العمومية التي تغص بالمتظاهرين، في حين تحدث شهود عيان عن تواجد بعض عناصر الشرطة في نقاط ليست ذات أثر، وفسر متابعون هذه الاستراتيجية بخوف مصالح وزارة الداخلية من أن يؤدي ذلك لاستفزاز مئات الآلاف من المتظاهرين، بسبب الانتهاكات التي ارتكبها عناصر الشرطة في حق المحتجين فيما عرف بـ "جمعة الغضب"، والتي كان من نتائجها تبخر أعوان الأمن نهائيا. وفي هذا الصدد قررت اللجان الشعبية التي أنشئت لتأمين الأحياء من "البلطجية" منع رجال الشرطة من العودة إلى الأحياء، وهو الموقف الذي قوبل بتفهم من طرف قادة الجيش، بالنظر لما قامت به الشرطة من فظائع في حق الشعب. لهذا منعت الجزيرة في مصر! إلى ذلك، بثت قناة الجزيرة صورا فظيعة وغير مسبوقة لما عاشته القاهرة فيما عرف بـ "جمعة الغضب"، أظهرت الوحشية التي واجه بها عناصر الشرطة جحافل المتظاهرين، وتكشف إحداها كيف تراجعت عناصر مكافحة الشغب أمام إصرار المحتجين على التظاهر فوق جسر6 أكتوبر، ودفعت بعربتين مصفحتين لدهس الآلاف من المتظاهرين. وكشفت تلك الصور، الصمود منقطع النظير الذي أبداه المتظاهرون وهم يصدون هذه العربات بصدورهم العارية، وسط غابات من دخان القنابل المسيلة للدموع. خراطيم المياه في صدور المصلين كما كشفت صور أخرى قوات الشرطة وهي تهاجم المصلين بخراطيم المياه وهم يؤدون صلاة الجمعة، في مشهد درامي، زاد من تسويد صورة أعوان الداخلية لدى المواطن المصري، الذي لا زال يرفض عودة الشرطة إلى العمل حتى ولو كان ذلك سببا في تحملهم عناء السهر لحماية ممتلكاتهم، علما أن بث هذه الصور كان سببا في غلق مكتب الجزيرة بالقاهرة وسحب اعتماد مراسليها. إسرائيل في نجدة مبارك وفي سياق متصل، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا دعت من خلاله إلى دعم نظام الرئيس المصري حسني مبارك، المهدد بالسقوط. وقالت الصحيفة إن الدبلوماسية الإسرائيلية تحاول جاهدة أن تقنع حلفاء تل أبيب في الغرب بأن دعم استقرار النظام المصري يصب في مصلحتها.ويقول كاتب المقال باراك رافيد الذي يشغل منصب المراسل الدبلوماسي للصحيفة ومندوبها بمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل خاطبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تدعوها إلى لجم انتقاداتها لنظام مبارك. يديعوت: عمر سليمان خير لإسرائيلمن جهتها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس المصري حسني مبارك، أمر في صالح تل أبيب، مادام أنه أصبح الخليفة الحتمي لمبارك بعد رحيله الذي بات وشيكا. وكتبت الصحيفة "إذا ما حل عمر سليمان محل مبارك، فسيكون هذا، دون ريب، خيراً للعلاقات مع إسرائيل"، حتى وإن اعترفت بأن مرحلة ما بعد مبارك "ستكون خلالها مصر منشغلة البال في شؤونها ولن تكون مشاركة في المسيرة السلمية".وطمأنت الصحيفة الإسرائيليين بشأن نظام الملك عبدالله، وكذا رئيس السلطة الفلسطينية محمد عباس، الذي قالت بشأنه إنه "يدير حربا شاملة ضد "الجزيرة" التي كشفت عن تنازلاته بعيدة المدى في المفاوضات وعرضته بمثابة خائن لشعبه. وبالمقابل اعتبرت سقوط حكومة سعد الحريري وصعود حلفاء حزب الله خطرا على حدودها الشمالية.
انتهى/158