وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وکالات
الجمعة

١٤ يناير ٢٠١١

٨:٣٠:٠٠ م
221232

شهادة عمار بن ياسر رضوان الله عليه قتيل الفئة الباغية

نسبه هو عمار بن ياسر بن عامر الكناني المذحجي العنسي القحطاني، أبو اليقظان، حليف ‏بني مخزوم. أحد السابقين في الإسلام والجهر به. صحابي من الولاة الشجعان ذوي ‏الرأي. أسلم هو وأبوه ياسر وأمه سمية، فذاقوا العذاب من حلفائهم بني مخزوم، ومات ‏أبوه في العذاب، وطعن أبو جهل أمه بحربة فقتلها حين كانت تعذب، وهي أول ‏شهيدة في الإسلام. هاجر إلى الحبشة وعاد إلى المدينة وأبلى بلاء حسنا في وقعة بدر ‏ووقعة الخندق وغيرها. ولاه عمر بن الخطاب على الكوفة ثم عزله عنها، حارب مع ‏علي بن أبي طالب في صفين وقتل في معركتها، وكان عمره 94 سنة. ‏

ابنا : إسلامهأسلم قديما وكان من المستضعفين الذين يعذبون بمكة ليرجعوا عن دينهم. أحرقه ‏المشركون بالنار وشهد بدرا ولم يشهدها ابن مؤمنين غيره وشهد أحد والمشاهد كلها ‏مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وسماه الطيب المطيب. ‏

صفاتهعن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، وكان رسول الله ‏صلى الله عليه واله وسلم يمر به ويمرر يده على رأسه ويقول: يا نار كوني بردا ‏وسلاما على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام. وعن عثمان بن عفان قال: ‏أقبلت أنا ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم آخذ بيدي نتماشى في البطحاء حتى ‏أتينا على أبي عمار وعمار وأمه وهم يعذبون. فقال ياسر: الدهر هكذا. فقال له ‏النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اصبر اللهم أغفر لآل ياسر. قال: وقد فعلت. عن ‏أبي عبيدة بن محمد بن عمار قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى ‏سب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وذكر آلهتهم بخير. فلما أتى رسول الله ‏صلى الله عليه واله وسلم قال: ما وراءك؟ قال شر يا رسول الله، ما تركت، حتى ‏نلت منك وذكرت آلهتهم بخير فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكيف تجد ‏قلبك؟ قال: أجد قلبي مطمئنا بالإيمان. قال: فان عادوا فعد. وعن ابن عباس أن ‏النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: إن عمار ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه. ‏ وعن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال: ائذنوا ‏له، مرحبا بالطيب المطيب. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‏واله وسلم: إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان، وقال هذا حديث حسن ‏غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن صالح. وعن خالد بن سمير قال كان عمار ‏بن ياسر طويل الصمت، طويل الحزن والكآبة، وكان عامة كلامه عائذا بالله من ‏فتنة. ‏ وعن عامر قال: سئل عمار عن مسألة فقال: هل كان هذا بعد؟ قالوا: لا. قال ‏فدعونا حتى يكون، فإذا كان تجشمناها لكم. وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ‏عن أبيه، عن عمار ابن ياسر أنه قال: وهو يسر إلى صفين إلى جنب الفرات: ‏اللهم لو علم أنه أرضى لك عني أن أرمي بنفسي من هذا الجبل فأتردى فأسقط فعلت، ‏ولو اعلم أنه أرضى لك عني أن ألقي نفسي في الماء فأغرق نفسي فعلت، وإني لا ‏أقاتل إلا أريد وجهك وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك.

قتال الإنس والجنقال عمّار بن ياسر: (قد قاتلت مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الإنس ‏والجن). فقيل له: ما هذا؟ قاتلت الإنس فكيف قاتلت الجنَّ؟ قال: (نزلنا مع رسول ‏الله (صلى الله عليه واله وسلم) منزلاً فأخذتُ قِرْبَتي، ودَلْوي لأستقي، فقال لي ‏رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (أما أنه سيأتيكَ آتٍ يمنَعُكَ مِنَ الماء) فلمّا ‏كنتُ على رأس البئر إذا رجلٌ أسودٌ كأنه مَرَسٌ فقال: (لا والله لا تستقي منها ذَنوباً ‏واحداً) فأخذته فصرعتَهُ، ثم أخذتُ حجراً فكسـرتُ به أنفه ووجهـهُ، ثم ملأتُ ‏قِرْبَتـي فأتيتُ بها رسـول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: هل أتاك على ‏الماء من أحد؟ فقلتُ: عبدٌ أسودٌ. فقال: ما صنعت به؟ فأخبرته فقال: أتَدْري ‏مَنْ هو؟ قلتُ: لا. قال: ذاك الشيطان، جاء يمنعُكَ من الماء.‏

حب الرسول لعمّاراستقر المسلمون بعد الهجرة في المدينة، وأخذ عمار مكانه عاليا بين المسلمين، ‏وكان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يحبه حبا عظيما، يقول عنه (صلى الله ‏عليه واله وسلم) (إن عمّارا مُلِىء إيمانا إلى مُشاشه - تحت عظامه-) وحين كان ‏الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأصحابه يبنون المسجد بالمدينة إثر نزولهم، ‏إرتجز علي بن أبي طالب أنشودة راح يرددها ويرددها المسلمون معه، وأخذ عمار ‏يرددها ويرفع صوته، وظن بعض أصحابه أن عمارا يعرض به، فغاضبه ببعض ‏القول فغضب الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وقال: (ما لهم ولعمّار؟ يدعوهم ‏الى الجنة ويدعونه الى النار، إن عمّارا جِلْدَة ما بين عيني وأنفي). وعن أبي سعيد قال: كنّا نحملُ في بناء المسجد لبنةً لبنةً، وعمار يحمل لبنتَين ‏لبنتَين، فرآهُ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فجعل ينفُض التراب عنه ويقول: (‏ويْحَ عمّار يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار). وحين وقع خلاف عابر بين خالد بن الوليد وعمّار قال الرسول: (من عادى عمّارا ‏عاداه الله، ومن أبغض عمّارا أبغضه الله) فسارع خالد إلى عمار معتذرا وطامعا ‏بالصفح كما قال - عليه أفضل الصلاة والسلام-: (اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة: إلى علي، ‏وعمّار وبلال).

ولاية الكوفةلفضائله (عليه السلام) سارع عمر بن الخطاب واختاره والياً للكوفة وجعل ابن ‏مسعود معه على بيت المال، وكتب الى أهلها مبشرا: (إني أبعث إليكم عمَّار بن ‏ياسر أميرا، وابن مسعود مُعَلما ووزيرا، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد ومن ‏أهل بدر) يقول ابن أبي الهُذَيْل وهو من معاصري عمار في الكوفـة: (رأيت عمار ‏بن ياسر وهو أميـر الكوفة يشتري من قِثائها، ثم يربطها بحبـل ويحملها فوق ‏ظهـره ويمضي بها الى داره) كما ناداه أحد العامة يوما: (يا أجدع الأذن) فيجيبه ‏الأمير: (خَيْر أذنيّ سببت، لقد أصيبت في سبيل الله). ‏

وفاتهحمل الإمام علي عماراً فوق صدره الى حيث صلى عليه والمسلمـون معه، ثم دفنه ‏في ثيابه، ووقف المسلمون على قبـره يعجبون، فقبل قليـل كان يغـرد: (اليوم ‏ألقى الأحبة محمدا وصحبه)... وتذكروا قول الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): ‏‏(اشتاقت الجنة لعمّار). وقد قال عليّاً (عليه السلام) حين قُتِلَ عمّار: (إنّ امْرأً من المسلمين لم يَعْظُمْ عليه ‏قتلُ ابن ياسر وتدخلُ به عليه المصيبةُ الموجعةُ لغيرُ رشيد، رحِمَ الله عمّاراً يوم ‏أسلمَ، ورحِمَ الله عمّاراً يوم قُتِلَ، ورحِمَ الله عمّاراً يوم يُبْعث حيّاً، لقد رأيتُ عمّاراً ‏وما يُذْكَرُ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أربعةٌ إلا كان رابعاً ‏ولا خمسةٌ إلا كان خامِساً، وما كان أحدٌ من قدماء أصحاب رسول الله (صلى الله ‏عليه واله وسلم) يشكُّ أن عمّاراً قد وجَبَتْ لهُ الجنّة في غير موطن، ولا اثنين، ‏فهنيئاً لعمّار بالجنّة، ولقد قيل: إنّ عمّاراً مع الحقِّ والحقُّ معه، يدور عمّارٌ مع ‏الحقّ أينما دار، وقاتِلُ عمّار في النّار). ‏ وعن عبد الله بن سلمة قال: رأيت عمار بن ياسر يوم صفين شيخا آدم في يده الحربة ‏وإنها لترعد، فنظر إلى عمرو بن العاص معه الراية فقال: إن هذه الراية قد قاتلتها مع ‏الرسول صلى الله عليه واله وسلم ثلاث مرات وهذه الرابعة، والله لو ضربونا حتى ‏يبلغونا سعفات هجر لعرفت أن صاحبنا على الحق وأنهم على الضلالة. وعن أبي سنان ‏الدؤلي صاحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رأيت عمار بن ياسر دعا ‏بشراب فأني بقدح من لبن فشرب منه ثم قال: صدق الله ورسوله، اليوم ألقى الأحبة ‏محمدا وحزبه، إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: إن آخر شئ يرويه من ‏الدنيا صبحة لبن ثم قال: والله لو هزمونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على حق ‏وأنهم على باطل. قال أهل السير قتل عمار بصفين مع علي بن أبي طالب عليه ‏السلام، قتله أبو الغادية. ودفن في سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وقبل أربع وتسعين ‏سنة.‏

انتهی/158