وصولا الى لائحة طويلة من القضايا المعيشية والاقتصادية التي تستعر نارها تحت رماد تراخي المسؤولين. وبينما غاب أي مؤشر يوحي بانعقاد قريب لمجلس الوزراء، تواصل الضرب في غيب التسوية، وسط مد وجزر في التوقعات المتباينة، من دون ان يملك معظم "المبصرين" حتى الآن الخبر اليقين في شأن النقطة الفعلية التي بلغها المسعى السوري - السعودي، ما يوحي بان الضبابية المحلية ستظل سائدة الى حين انقشاع الرؤية الاقليمية وحسم اتجاه الازمة. وقال مصدر وزاري معارض لصحيفة السفير اللبنانية ان لا شيء في الأفق يوحي بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء قريبا، مؤكدا ان المعارضة ما زالت عند موقفها بضرورة حسم ملف شهود الزور قبل الخوض في أي بند آخر على جدول الاعمال، ومشددا على ان هذا الموقف ثابت ونهائي، ولا تراجع عنه او مساومة عليه برغم كل محاولات الفريق الآخر للقفز فوق هذا الملف وطيه. واستغرب المصدر الحساسية المفرطة التي تبديها بعض أوساط تيار المستقبل و14آذار حيال ما يتردد حول احتمال ولادة قريبة للتسوية، معتبرا انها تعكس إما جهلا بالمدى الذي بلغه النقاش السوري - السعودي حول التسوية، وإما سعيا من الرئيس الحريري الى تحسين موقعه التفاوضي في ربع الساعة الأخير الذي يسبق إنجاز الحل. وشدد المصدر على أهمية بلوغ التسوية قبل صدور القرار الاتهامي، منبها الى انه إذا كان الحريري يلعب لعبة الوقت، مفترضا ان مواصفات التسوية ستصبح أفضل له بعد القرار، فهو بذلك ينتحر سياسيا ويرتكب خطأ كبيرا في الحسابات، لانه في اللحظة التي تلي صدور القرار فإن أوان أي بحث يكون قد فات، ومشروع الفتنة يكون قد انطلق، مع ما يعنيه ذلك من زج للبلد في نفق المجهول، متمنيا ان يتخذ الحريري قراره الجريء في التوقيت المناسب. وفي سياق متصل، أبلغ مرجع في المعارضة السفير " ان مسؤولية الرئيس الحريري هي اكبر من مسؤولية سواه، لأنه يستطيع اتخاذ الموقف الوطني اللازم لمعالجة الازمة قبل استفحالها بصدور القرار الاتهامي المرتقب والمعروفة توجهاته، منبها الى خطورة التداعيات التي ستترتب على عدم المعالجة الاستباقية"، ومشيرا الى امكانية ان تواجه الحكومة أمرا واقعا صعبا، وان تحصل استقالات في العديد من المواقع، إضافة الى احتمال حصول تحرك في الشارع. من جهتها، قالت اوساط مقربة من رئيس الحكومة انها متفائلة لاسباب موضوعية بإمكانية الوصول قريبا الى تفاهم على أرضية مشتركة لكيفية التعامل مع مرحلة ما بعد القرار الاتهامي، لان البديل سيكون الانزلاق نحو المجهول، ولا نظن ان أحدا له مصلحة في ذلك. إلا ان الاوساط لفتت الانتباه الى انه إذا كان المقصود من التسوية ان يعلن سعد الحريري عن استسلامه من دون قيد او شرط، فهذا أمر لن يحصل، وما يتداوله البعض في المعارضة بهذا الشأن ليس سوى تعبير عما يرونه في المنام، مشددة على ان جوهر التسوية سيتمحور حول حماية الاستقرار الداخلي ومنع الفتنة، وهذا هو السقف الذي يلتزم به رئيس الحكومة. واستبعدت الاوساط ان يقبل الحريري بتسوية تنص على وقف التمويل للمحكمة وسحب القضاة اللبنانيين منها، لان خطوة كهذه تشكل انقلابا من لبنان العضو في مجلس الامن الدولي حاليا على محكمة أسست بقرار من هذا المجلس، منبهة الى ان لبنان لا يستطيع تحمل تبعات مثل هذا القرار الذي سيترك آثارا سلبية كبرى عليه في المجتمع الدولي. وتوقعت الاوساط ان ترسم التسوية المفترضة خريطة طريق للتعامل مع القرار الاتهامي، بمعزل عما إذا كان رئيس الحكومة سيعترف به أم لا، آملة في انجازها قبل صدور القرار، من دون ان يعني ذلك انه لا يمكن استكمال البحث بعد صدوره، في حال تأخر الوصول الى التفاهم المنشود.
وقالت الاوساط ان معلوماتها تؤكد ان الحريري لم يتبلغ خلال زيارته الاخيرة نيويورك للاطمئنان الى صحة الملك عبد الله، مشروع الحل من الملك، إلا انها أوضحت انه تم خلال الزيارة استكمال النقاش حول الامور العالقة، داعية فريق 8 آذار الى المساهمة في تأمين المناخ الملائم لولادة التسوية من خلال تسهيل العمل الحكومي وعدم تعطيل مجلس الوزراء، لا سيما ان ورقة شهود الزور قد جرى استهلاكها واستنفدت أغراضها وبالتالي لم تعد صالحة للاستخدام. وأوضحت الاوساط ان جهدا يبذل من أجل عقد جلسة لمجلس الوزراء، آملة في ان يثمر هذا الجهد قريبا. من ناحيته، اعتبر العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح انه ما من أحد يتنازل برضاه عن مكتســبات حتّى لو كانت غير شرعيّة، لذا يجب أن تمسكه من أذنه أو من أنفه، كي تقوى على أخذ حقّك منه. وردا على سؤال حول حقيقة التسوية التي يجري التداول بها، أجاب: لا أريد ان أتدخّل بموضوع لا تتمّ معالجة أحداثه معي مباشرة. أنا أريد ان أعلم من فبرك شهود الزّور ومن قتل الرّئيس الحريري، وانطلاقاً من هنا، أيّ حلّ آخر لن يعجبني. لكن هذا لا يعني أنّني أستطيع أن أرفضه وحدي. وردا على قول قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ان المصالحة المسيحيّة ـ المسيحيّة فشلت بسبب ارتباط القرار المسيحي المعارض بسوريا، رأى عون ان من هو فاقد الذاكرة ومن يجهل التاريخ والجغرافيا يقول كلاماً كهذا.
وحول تأكيد جعجع ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح يشكل خطرا على المسيحيين، رد عون ساخرا: سياسة التفاهم تشكل خطراً على المسيحيين، أمّا التعاون مع أميركا واسرائيل فيعطيهم الأمان المطلق. مع الأسف، الخيارات الخاطئة في السياسة التي تتناقض مع المحيط هي التي تشكّل خطراً على المسيحيين. الى ذلك، توقفت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة "أمام استمرار تعطل أعمال مؤسسات الدولة اللبنانية بفعل بعض المواقف السياسية السلبية التي تشترط تحقيق مطالب معينة في مقابل فك القيود التي يضعونها على عمل هذه المؤسسات، ما يؤدي إلى إضعاف الثقة بعمل المؤسسات بالبلاد ويؤثر سلبا على مصالح المواطنين، كما يسبب أضرارا بالغة الخطورة تلحق بهم وبالاقتصاد الوطني وتضيع على البلاد فرصا لا تعوض". ورأت "ضرورة أن تعود المؤسسات إلى العمل بشكل طبيعي والتواصل بين اللبنانيين على اختلاف وجهات نظرهم، وألا يتم تعقيد الأمور بربط موضوع بآخر، لأنه في هذه الحال فإن عجلة الاقتصاد ستصاب بالتعطيل والجمود".
انتهی/137