ابنا : ولو كان اللطم حراما في الاسلام كما يزعمون فكيف تقوم به زوجتي النبي ص ؟؟؟
بل إن نساء المسلمين من الصحابيات قد لطمن مع عائشة أيضا عند وفاة النبي ص وليس هي وحدها التي لطمت ...
وهنا سوف يطالبني القارئ الكريم بالدليل ولا أكتفي بمجرد الادعاء بذلك ...
فأقول له : حسنا فاستمع لما يتلى عليك من النصوص ...
أولا : عائشة تلطم على النبي ص عند وفاته مع صحابيات أخريات :
روى الإمام احمد بن حنبل في مسنده ج 6 ص 274 :
( عن عباد قال سمعت عائشة تقول :)
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ج 8 ص 62 - 63 حديث 4586 :( ..... عن عباد قال سمعت عائشة تقول : ....ان رسول الله ص قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي ) .
وروى هذا الحديث ايضا كل من المصادر التالية :1 - السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 477 .2 - والكامل في التاريخ لابن الأثير ج 2 ص 323 .3 - وتاريخ الطبري ج 2 ص 441 .4 - وسبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج 12 ص 267 .5 - ولسان العرب لابن منظور ج 12 ص 540 .6 - والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج 4 ص 245 .7 - و دلائل النبوة للبيهقي ج 7 ص 213 .8 - ومجمع النورين للمرندي ص 240 .9 - والسيرة النبوية لابن هشام ج 4 ص 1069 .وغيرها من المصادر ...
نقاش حول الرواية :
ألف - قد يقال لنا : بان عائشة قالت في نفس الرواية : ( فقمت من سفهي وحداثة سني ) .
اذن فكيف تستدلون علينا بعمل شخص يقول عن نفسه بأنه : سفيه حدث السن ؟؟؟
فنقول في الجواب :اولا : انكم اسقطتم دينكم بهذا الكلام ...
لانكم تروون عن النبي ص قوله : خذوا دينكم من هذه الحميراء ...
فكيف تأخذون دينكم منها بينما تزعمون أنها كانت سفيهة حدثة السن لا يؤخذ بعملها ، كما في هذا الحديث ؟؟؟
أليس هذا تناقض واضح ؟؟؟
فأيهما هو الصحيح عندكم اذن : هذا الحديث ، أم خذوا دينكم منها ؟؟؟
ثانيا : كيف تكون حديثة سن ، وانتم تقولون أن النبي ص تزوجها وعمرها تسع سنين ثم عاشت معه الى السنة الحادية عشر للهجرة ...
فيكون عمرها على أقل تقدير ثمانية عشر سنة ...
فكيف تكون حديثة سن وهي بهذا العمر ؟؟؟
ثالثا : ان الحديث يقول بأن نساء المسلمين كنّ يلطمن معها على رسول الله ص ، وليست هي وحدها ...
فلو سلمنا لكم بأنها كانت حديثة سن ولا يؤخذ بفعلها ...
فكيف بباقي نساء المسلمين اللواتي لطمن معها ؟؟؟
اليس تقولون بأن عمل الصحابي حجة وهؤلاء النساء صحابيات مسلمات ؟؟؟
ولا أظن بأنكم تعترضون وتقولون : لعلهن غير مسلمات ...
فلا أتصور أنه يوجد عاقل يقول بأنّ من كان يلطم حزنا على وفاة النبي ص مع عائشة في داخل بيتها هن من النساء الكافرات !!!
مع أن القضية في آخر حياة النبي ص وبعد الفتوحات الاسلامية ودخول الناس في دين الله افواجا وبعد اجلاء اليهود عن المدينة ...
باء - وقد يقال لنا : من قال لكم بأن الحديث صحيح السند ؟؟؟
فنقول لقد أخرجه أحمد في المسند بسند صحيح ، فلننظر الى سنده ...
فرجال هذا الحديث سبعة ...
وكلهم ثقات وعدول وليس فيهم من ضعفه ...
رجال سند أحمد :الأول عبد الله هو ابن أحمد بن حنبل وهو ثقة ...... إن رسول الله ص قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء واضرب وجهي
والثاني أبوه أحمد بن حنبل وهو ثقة أيضا .
والثالث يعقوب وهو أبو يوسف الزهري المدني ...قال ابن معين والعجلي : ثقة .
والرابع أبوه إبراهيم بن سعد الزهري ...قال ابن معين : ثقة حجة .
والخامس محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي ...قال ابن معين : كان ثقة وكان حسن الحديث واحتج بأحاديثه ابن المديني ، وهو حجة في المغازي ..وقال ابن تيمية : وأما ابن إسحاق إذا قال حدثني فحديثه صحيح عند أهل الحديث إنما يخاف عليه التدليس . وتكلم فيه مالك بلا حجة ...
والسادس يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ... قال ابن معين والنسائي والدارقطني : ثقة .
والسابع : أبوه عباد بن عبد الله بن الزبير ...قال النسائي والعجلي وابن سعد : ثقة .
بل يكفينا هنا شهادة الالباني حول هذا الحديث في كتابه ارواء الغليل ...
فقد قال الألباني: وإسناده حسن.
راجع : إرواء الغليل ج 7 ص 86 .
كما اعترف الذهبي بصحته أيضا في كتبه .
وكذلك اعترف شعيب الأرنئوط بأنه حديث حسن في تعليقه على مسند أحمد بن حنبل .
إذن لا قيمة لمن يحاول تضعيف الحديث سندا ...
جيم - ولعل متفلسفا يقول لنا : ومن قال لكم بأن معنى ( التدم ) هو لطم ؟؟؟
فنقول في جوابه :اولا : ان نفس الرواية تفسر كلمة التدم ، حيث قالت عائشة :
(قمت ألتدم مع النساء واضرب وجهي )...
فإن قولها (اضرب وجهي) واضحة ولا تحتاج الى تاويل المتفلسفين ...
ثانيا : ثم إنّ أهل اللغة قد كفونا مؤنة ذلك ،
وذكروا بأن معنى (التدم) هو بمعنى (لطم) ...
واليك شاهدين منكم :1 - قال الجوهري في الصحاح ج5 ص 2028 : ( ولَدَمَتِ المرأةُ وجهها: ضربته... والْتِدامُ النساء: ضربهُنَّ صدورهن في النِياحة ).
2 - وقال ابن منظور في لسان العرب ج 2 ص 539 : ( والتَدَمَ النساءُ: إِذا ضربْنَ وُجوهَهنّ في المآتم، واللَّدْمُ: الضرْبُ، والتِدامُ النساء من هذا، واللَّدْمُ واللّطْمُ واحدٌ ... والْتِدامُ النساء: ضَرْبهُنّ صُدورَهنّ ووجوهَهن في النِّياحة) .
وأخيرا فسوف يعترض البعض علينا ويقول :
فأين ما زعمت من أن حفصة زوجة النبي ص قد لطمت ؟؟؟
فنقول لهم : لا تعجلوا علينا فسوف نثبت لكم من مصادركم بانها لطمت مع باقي نساء النبي ص وليس وحدها ، حزنا على فراقه ص ...
فقد روى المتقي في كنز العمال ج 2 ص 534 حديثا عن عمر بن الخطاب قال:
( أتاني عبد الله بن عمر وأنا في بعض حشوش المدينة فقال:
إن النبي ص طلَّق نساءه ...
قال عمر: فدخلت على حفصة وهي قائمة تلتدم، ونساء النبي صلى الله عليه وآله قائمات يلتدمن ..
فقلت لها: أطلقك النبي ص ؟ لئن كان طلقك لا أكلمك أبداً، فإنه قد كان طلَّقك فلم يراجعك إلا من أجلي ...
ورواه السيوطي في جامع الاحاديث ج 28 ص 249 حديث 31037 ...
والعجيب كما أشرنا بأنه يذكر أنّ جميع نساء النبي ص قد لطمن حزنا على فراق المصطفى بسبب تطليقه ص لهن ...
فهو فراق للمصطفى ص ، وان لم يكن ذلك الفراق بسبب الموت ، ولكنه فراق له بسبب الطلاق ...
فلو كان اللطم حراما كما يدعون فكيف ترتكبه نساء النبي ص كلهن أجمعين أكتعين ؟؟؟
ولا نطيل النقاش فيه بعد ثبوت موضوع اللطم عن عائشة ونساء المسلمين بأحاديث صححها أو حسنها علماؤهم ، كما سبق في حديث وفاة النبي ص ...
انتهی/158