وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر :
الجمعة

١٠ ديسمبر ٢٠١٠

٨:٣٠:٠٠ م
216577

نور روح الله؛

سيِّد الشهداء(ع) سرّ البقاء

من خطاب ألقاه سماحة الإمام الخميني(قده)خلال لقائه جمعاً من علماء الدين وطلبته في 20/11/1979م.

ابنا : إنَّ الحكومات في البلاد الإسلاميَّة تحول دون تفاهم الشعوب؛ لأنَّ الشعوب ليست مختلفة فيما بينها بل الحكومات تحول دون تفاهم الشعوب، فلو تفاهمت الحكومات فإنَّ الشعوب سوف تتفاهم هي الأخرى. وإذا ما أزيلت هذه المشكلة من البلاد الإسلاميّة فلا يمكن لأية قوَّة أن تعلو قوّة الإسلام لأنّ المسلمين مليار نسمة ولهم ثروات كثيرة جداً. والآن نحن نواجه القوّة الكبرى. لذا، يجب أن نتّحد جميعاً ونسير في هذا الطريق، واطمئنّوا بأنّكم ستنتصرون. ولكن، يجب أن نبحث عن سرّ الانتصار، عن سرّ بقاء الشيعة طوال الأزمنة، منذ زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) وحتى الآن!‏

سرّ حفظ الدين‏

إنَّ أحد الأسرار الكبيرة الذي يفوق كلَّ سرّ هو قضية سيّد الشهداء الحسين بن علي(ع). إنَّ سيّد الشّهداء(ع) هو الّذي ضمن سلامة الدّين. فيجب الحفاظ على تلك النهضة التي قام بها ذلك الكريم وهزم بها الأمويين وغيرهم رغم مقتله! لو أردنا أن يكون بلدنا مستقلّاً وحرّاً فعلينا أن نحافظ على هذا السرّ، وعلى هذه المجالس، مجالس عزاء الحسين بن علي(ع) المقامة على مرّ التاريخ وبأمر من الأئمة(ع).‏

على بعض شبابنا ألّا يفكّر بأنّ هذه المجالس كانت مجالس بكاء وعلينا الآن ألّا نبكي، هذا تصوّر خاطئ! فالإمام الباقر(ع) عندما حضرته الوفاة أوصى باستئجار شخص يقوم بالبكاء عليه لمدّة عشر سنوات، على ما يبدو، في منى! فماذا يعني هذا؟! هل إنّ الباقر(ع) كان بحاجة إلى بكاء؟! ولماذا في أيَّام الحجّ وفي منى؟! إنّ النقطة الأساس هي سياسيّة ونفسيّة وإنسانيّة، وهي البكاء عليه عشر سنوات هناك! وعندئذٍ يأتي الناس ويتساءلون ما الخبر؟ فيخبَرون عن ذلك، وعند ذلك فإنهم يوجّهون نفوس الناس إلى هذه المدرسة ويحطّمون الظالم ويدعمون المظلوم. لقد قدّمت كربلاء شباباً ويجب الحفاظ على ذلك! إنكم تتصورون البكاء فقط؟! لا، ليست القضية قضية بكاء، إنها قضية سياسية ونفسية واجتماعية! ولو كانت قضية بكاء فماذا يعني «التباكي» إذن؟! وما هي حاجة سيّد الشّهداء إلى البكاء؟! إنّ إصرار الأئمة(ع)وتأكيدهم على التجمّع والبكاء إنّما هو للمحافظة على كيان ديننا.‏

 ما أعظم هذا التنسيق!‏

هذه المواكب التي تخرج في أيام عاشوراء إنّما هي مسيرات ولكن ذات مضمون سياسي كما كان فيما مضى، بل أفضل من ذلك. إنّ سرّ انتصارنا هو هذا اللّطم على الصدور وقراءة المراثي الحسينية؛ فلتعمّ مجالس العزاء على الحسين(ع) جميع الأنحاء! فليُقِم الجميع العزاء وليبكوا جميعاً!.‏

ما هو أعظم من هذا التنسيق؟! لقد نسّق سيّد الشّهداء(ع) بين هؤلاء. وإنّ تأسيس مثل هذه المواكب العظيمة من قبل شعوب الدول الإسلاميّة بأجمعها في أيّام عاشوراء وتاسوعاء وفي اليوم الثامن وغيره وبهذا المضمون - والتي يجب تطهيرها بالطبع من بعض الجوانب غير الشّرعيّة والمحافظة على أبعادها الشرعيّة فقط - (خير شاهد على ذلك)؛ فمن يستطيع أن يقوم بمثل هذا العمل؟! وفي أيّ مكان من العالم تجدون الناس يسودهم هكذا تنسيق؟! ففي الهند وباكستان وأندونيسيا والعراق وأفغانستان وأينما تذهبون تجدون هذه المراسم، فمن الذي نسّق بين هؤلاء جميعاً؟! لا تفرّطوا في هذا التنسيق!.‏

اليوم نحن نقترب من شهر محرّم ويقال إنّ بعض شبابنا ذوي القلوب الطّاهرة قد انخدعوا. فلو أراد خطيب أن يقرأ مجلس العزاء يقولون له: لا، ليست هناك من حاجة بعد إلى مجلس العزاء! إنَّ هؤلاء غافلون! إنّ الذين يعارضون مجالس العزاء هذه هم أنفسهم الذين كانوا يعارضون علماء الدين والجامعيين! وهم أنفسهم الذين كانوا يعارضون أيضاً العامل والفلاّح ويريدون استغلالنا! إنّ التنسيق الموجود بين أبناء شعبنا حول قصّة كربلاء يُعدّ أعظم أمر سياسي!‏

فالمساجد ومجالس العزاء الأسبوعية هذه توفر التنسيق. هكذا نسق بيننا سيد الشهداء(ع) أفلا نبكي عليه؟! إن هذا البكاء هو الذي حافظ علينا. فلا تنخدعوا بالشياطين الذين يريدون سلب هذا السلاح منكم! مسؤولية السادة هي قراءة المقتل والعزاء الحسيني، وواجب الناس هو تشكيل مواكب اللّطم العظيمة على الصّدور. إنهم يخدعون هؤلاء الشباب ذوي القلوب الصافية ويهمسون في آذانهم: فما حاجتنا إلى البكاء من بعد؟! إننا لو بكينا على سيد الشهداء(ع) إلى الأبد، فلا نفع له، بل نحن ننتفع من وراء ذلك! علينا ألّا نفرّط بهذا الخندق! يجب علينا أن نكون يقظين!

انتهی/158